«حزب الله» يستفيد من طبيعة الصخور اللبنانية لتسهيل حفر الأنفاق

يسعى لشل فاعلية سلاح الجو ومنعه من المناورة

TT

«حزب الله» يستفيد من طبيعة الصخور اللبنانية لتسهيل حفر الأنفاق

أرشيفية لنفق أغلقته إسرائيل في 2019 على الحدود مع لبنان (إعلام إسرائيلي)
أرشيفية لنفق أغلقته إسرائيل في 2019 على الحدود مع لبنان (إعلام إسرائيلي)

يستفيد «حزب الله» من طبيعة الصخور في لبنان لحفر الأنفاق داخل الجبال والوديان، وذلك للاحتماء من سلاح الجو الإسرائيلي، ولشن هجمات من بقعات يُفترض أنها آمنة.

وبغياب معلومات دقيقة عن آليات حفر الأنفاق ووجهات استخدامها، يلجأ الحزب إلى هذا النوع من السلاح، لتوفير بديل عن القتال المكشوف تحت الطائرات الإسرائيلية، حسبما يقول خبراء، ليستدرج إسرائيل إلى قتال الأنفاق، وهو «من أصعب أنواع القتال في المعارك والعلوم والدراسات العسكريّة»، كما يقول العميد الركن المتقاعد فادي داود لـ«الشرق الأوسط»، ووضعها ضمن إطار «التجهيزات التقنية التي تعد أساساً في كل حرب».

ويقول داود إن شبكة الأنفاق في العلوم العسكرية «تحرم العدو من ميزات أساسية في القتال»، موضحاً: «على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يملك أهم سلاح استراتيجي وهو الطيران الذي يستطلع من خلاله ويضرب أهدافه جواً، فإن الأنفاق تحرمه من الرؤية»، شارحاً: «الأنفاق شلّت فاعلية سلاح الجو بالدرجة الأولى، أما في الدرجة الثانية فتمنعه من المناورة، ويصبح من دون أي قدرة على حركات الالتفاف».

ويشير داود إلى أن الجيش الإسرائيلي «كان مجهّزاً لحرب الأنفاق، فلديه أم القنابل التي تحمل اسم MOAB، كما يمتلك القنابل الإسفنجية، وقنابل Bunker buster التي تفجّر الأنفاق إلى عمق ستين متر»، بصرف النظر عن الظروف التي تدفع لاستخدام تلك القنابل أو الإحجام عن استخدامها.

7 كيلومترات

وعن شبكة أنفاق «حزب الله»، يقول داود: «لا معلومات دقيقة عن شبكة أنفاق الحزب، ولكن المراقب يستنتج أن البقعة الواقعة بين الحدود وحتى عمق 7 كم داخل الأراضي اللبنانية، لديها خصوصية تميّزها، وهي على الأرجح واقعة على شبكة أنفاق تحت الأرض، لهذا السبب يطالب الجانب الإسرائيلي بدفع (حزب الله) إلى ما وراء الليطاني، كأن المعلومات التي يمتلكها الإسرائيلي أن خلف الليطاني لا أنفاق»، رغم تأكيده أن «تلك المعلومات هي عبارة عن تقديرات؛ لأنه لا أحد يمتلك معلومات بهذا الخصوص».

مدخل نفق حدودي دمره الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان في 2019 (أ.ف.ب)

طبيعة الأرض اللبنانية

وفيما تقول مراكز الدراسات الإسرائيلية إن الحزب أنشأ شبكة أنفاق تحت الأرض تمتد إلى عدة كيلومترات بطريقة أخطبوطية، تشير تقديرات أخرى إلى أن الحزب استفاد من طبيعة الأرض في لبنان التي تسهل حفر الأنفاق، رغم أن معدّات حفر الأنفاق الحديثة مكلفة جداً، وحتى الدولة اللبنانية لا تمتلكها، وتحتاج بعض الأنفاق لسنوات كي تُنجز. وعن طبيعة الصخور في لبنان، ومن الناحية الجيولوجية، يقول الباحث في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر، إن صخور لبنان كلسية، وعملياً عندما تأتيها المياه المشبعة بثاني أكسيد الكربون، تصبح المياه «كاربونيك أسيد» الذي يتفاعل مع الكلس ويجعل الصخر يتجوّف، مضيفاً: «من هنا نرى الكثير من المغاور في لبنان». ويوضح نمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «طبيعة الأرض الكلسية تجعل الحفر في الصخر سهلاً، ولا سيما الصخر الكارستي»، لافتاً إلى أن غالبية الصخور في لبنان «هي صخور كلسية، وهناك طبقة رملية أيضاً، فضلاً عن القليل من الصخور البركانية في الجنوب والشمال، وهي تكوّن فقط ما نسبته 15 إلى 20 في المائة من صخور لبنان، أما باقي الصخور فهي كلسية بمجملها، ومن هنا تصبح عمليّة تكوين الأنفاق الطبيعية سهلة».

ويتحدّث نمر عن الأنفاق الاصطناعية التي حفرت لمدّ شبكات المياه الضخمة، وعلى سبيل المثال نفق القرعون الذي يمتد من بحيرة القرعون في البقاع الغربي في شرق لبنان، حتى جزّين، ومنها إلى معامل الكهرباء في وادي بسري وجون، وقد حفرته شركات أجنبية. ويؤكد أن هذه الأنفاق صنعت بالأدوات الحديثة أو التقليدية، لافتاً إلى أن المعدّات الحديثة لا يمتلكها الأفراد، وهي معدّات تستعمل للمناجم. أما الحفر على مستوى صغير فيحصل بمعدات تقليدية وقديمة.

وعن الوقت الذي يستغرقه حفر الأنفاق يدويّاً، يؤكد نمر أن الحفر يستغرق سنوات في حال كانت المعدات يدوية وتقليدية، ويختلف الوقت بحسب طبيعة الأرض.


مقالات ذات صلة

الأردن يحذر من «حرب إقليمية شاملة» بعد هجوم الجولان

المشرق العربي جانب من الدمار جراء الهجوم على مرتفعات الجولان الذي خلف 12 قتيلاً (أ.ب)

الأردن يحذر من «حرب إقليمية شاملة» بعد هجوم الجولان

حذر الأردن، اليوم (الأحد)، من خطر وقوع «حرب إقليمية شاملة» بعد الهجوم الدامي في مرتفعات الجولان، الذي خلف 12 قتيلاً ونسبته إسرائيل إلى «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يشيّعون مقاتلاً قضى في الجنوب السبت (أ.ب)

إسرائيل تختبر توسيع الحرب باستهداف محيط صور في جنوب لبنان

مثّلت الغارات الإسرائيلية على القرى المحيطة بمدينة صور، للمرة الأولى، رسالة إسرائيلية لمساحة العمليات الجغرافية على الأراضي اللبنانية في حال توسع الحرب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض (أ.ف.ب)

أميركا تحمّل «حزب الله» مسؤولية الهجوم على الجولان

قال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة تحمل «حزب الله» اللبناني مسؤولية الهجوم الصاروخي الذي أدى إلى مقتل 12 طفلاً وفتى بهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل أمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ف.ب)

بلينكن: لا نريد تصعيداً بعد الهجوم على الجولان

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأحد، إنه لا يريد تصعيد الصراع بعد اتهام إسرائيل «حزب الله» اللبناني بقتل 12 طفلاً في الجولان السورية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مجدل شمس تشيّع أطفالها الذين قضوا في قصف على ملعب كرة قدم في البلدة (متداولة)

إدانة لبنانية لاستهداف المدنيين... وواشنطن تسعى للجم التهديد الإسرائيلي

أجمعت الأطراف اللبنانية على إدانة استهداف مدنيين في بلدة مجدل شمس، كما نفى «حزب الله» علاقته بالحادث، بينما تكثفت الاتصالات الدولية لمنع الانزلاق إلى حرب موسعة.

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تختبر توسيع الحرب باستهداف محيط صور في جنوب لبنان

مناصرون لـ«حزب الله» يشيّعون مقاتلاً قضى في الجنوب السبت (أ.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» يشيّعون مقاتلاً قضى في الجنوب السبت (أ.ب)
TT

إسرائيل تختبر توسيع الحرب باستهداف محيط صور في جنوب لبنان

مناصرون لـ«حزب الله» يشيّعون مقاتلاً قضى في الجنوب السبت (أ.ب)
مناصرون لـ«حزب الله» يشيّعون مقاتلاً قضى في الجنوب السبت (أ.ب)

مثّلت الغارات الإسرائيلية على القرى المحيطة بمدينة صور، للمرة الأولى منذ بدء الحرب في جنوب لبنان، وعلى البقاع في شرق لبنان، رسالة إسرائيلية لمساحة العمليات الجغرافية على الأراضي اللبنانية في حال توسعت الحرب، في مقابل استنفار لـ«حزب الله»، وتدابير أمنية اتخذها عقب هجوم على هضبة الجولان المحتلّة اتهمت إسرائيل الحزب بالمسؤولية عنه، وهو ما نفته الجماعة اللبنانية، في حين أعلنت قوات «اليونيفيل» أن قائدها على اتصال بالسلطات اللبنانية والإسرائيلية بشأن واقعة مجدل شمس؛ سعياً للحفاظ على التهدئة.

وتصاعدت المخاوف في لبنان من احتمال انزلاق التوتر على الحدود الجنوبية إلى حرب أوسع، وهو ما فعّل الاتصالات الدبلوماسية الغربية، في حين حثت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس-بلاسخارت، وقائد قوة حفظ السلام، التابعة للمنظمة الدولية «يونيفيل»، الجنرال أرولدو لاثارو، على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وطالب المسؤولان، في بيان مشترك، الأمم المتحدة «بوضع حد للتبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار بين إسرائيل و(حزب الله)». وقالا إن تبادل القصف قد يشعل صراعاً أوسع نطاقاً من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها.

الدخان يتصاعد جراء غارة إسرائيلية استهدفت بلدة شيحين الحدودية في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تهديدات متبادلة

وبعدما توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الأحد، «بضرب العدو بقوة»، أعلن الجيش الإسرائيلي أن رئيس الأركان، الجنرال هرتسي هاليفي، عقد اجتماعاً لتقييم الوضع، وللمصادقة على الخطط العسكرية للجبهة الشمالية، بمشاركة نائب رئيس الأركان، وقائد المنطقة الشمالية، ورئيس هيئة العمليات، وقائد سلاح الجو، وقادة آخرين من منتدى هيئة الأركان العامة.

في المقابل، أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» (حزب الله)، النائب محمد رعد، أن «نهاية الكيان الصهيوني ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان، الذي ربما ينزلق إليه العدوّ، والمقاومة له بالمرصاد».

وبين التهديدات السياسية، نقلت «رويترز»، الأحد، عن مصدرين أمنيين قولهما إن «حزب الله» في حالة استنفار شديد. ولفتا إلى أن الحزب «بادر بإخلاء بعض المواقع المهمة في جنوب لبنان وفي سهل البقاع، شرق البلاد؛ تحسباً لشن إسرائيل هجوماً».

تصعيد عسكري

وظهرت معالم التصعيد، فجر الأحد، بقصف إسرائيلي استهدف قريتين بمحيط مدينة صور، للمرة الأولى منذ الحرب، لم يسفر عن سقوط قتلى. ورأت مصادر، من جنوب لبنان، أن القصف غير المسبوق على محيط مدينة صور، التي تستقبل نازحين من القرى الحدودية، «يحمل رسالة خطيرة بأن إسرائيل قد تكون عازمة على قصف هذه المنطقة الحيوية التي لم تتأثر، سياحياً وتجارياً، بالتطورات الأمنية على مسافة 10 كيلومترات منها».

وشنَّ الجيش الإسرائيلي، فجر الأحد، سلسلة غارات استهدفت عدداً من المناطق في الجنوب والبقاع، بينها منطقة الأبراج في بلدة البرج الشمالي المحاذية لمدينة صور، حيث تحركت فرق الإسعاف، وعملت على إسعاف خمس إصابات في محيط المكان المستهدَف نتيجة تطاير الزجاج، كما أفيد باستهداف مبنى في بلدة العباسية، الواقعة على مدخل مدينة صور الشمالي.

وفي البقاع بشرق لبنان، أغار الطيران الإسرائيلي، فجراً، بصاروخين استهدفا المنطقة الواقعة بين بلدتي طاريا وشمسطار، واقتصرت الأضرار على الماديات، كما شنّ غارات جوية استهدفت بلدتي الخيام وكفركلا الحدوديتين.

وتبنَّى الجيش الإسرائيلي 7 غارات نفّذها على الأراضي اللبنانية فجراً، قائلاً، في بيان، إنه نفّذ الغارات بشكل متزامن في سبع مناطق مختلفة، واستهدفت «مخازن أسلحة وبنى إرهابية في مناطق شبريحة وبرج الشمالي والبقاع وكفركلا ورب ثلاثين والخيام وطير حرفا».

وواصل «حزب الله» قصف أهداف إسرائيلية، إذ أعلن استهداف «تموضع لجنود إسرائيليين في مستعمرة المنارة، بالأسلحة المناسبة، ‏وأصابه إصابة مباشرة، ما أدى إلى احتراقه وإصابة مَن فيه»، كما استهدف «تموضعاً آخر، ونقاط انتشار للجنود الإسرائيليين في مستعمرة شتولا ومحيطها بالأسلحة المناسبة، وأصاب أهدافهم بشكل دقيق».

وفي سياق الخطوات الدولية الاحترازية، دعت فرنسا مواطنيها إلى تجنّب السفر إلى لبنان وإسرائيل. كذلك، أصدرت وزارة الخارجية النرويجية بياناً دعت فيه المواطنين النرويجيين إلى مغادرة لبنان.

مسافرون يدفعون حقائبهم على مدخل مطار بيروت (رويترز)

وفي لبنان، أعلنت شركة «طيران الشرق الأوسط – الخطوط الجوية اللبنانية» تأخير عودة بعض رحلاتها إلى بيروت، من مساء الأحد إلى صباح الاثنين، وهي رحلات قادمة من لندن وكوبنهاغن وجدة والدمام والدوحة ودبي.