50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

حكومة بغداد تحقق في تسرب زائري المراقد الدينية إلى سوق العمل

باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)
باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)
TT

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)
باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم خلال زيارتهم المراقد الدينية في البلاد بمناسبة شهر محرم.

ونقلت صحيفة «الأمة» الباكستانية عن وزير الشؤون الدينية، شودري حسين، أن عدداً كبيراً من الزائرين الباكستانيين اختفوا في العراق خلال السنوات الماضية.

وقال الوزير، إن حكومة إسلام آباد تتخذ خطوات للتحقق من الأشخاص الذين يسافرون إلى الخارج بوسائل غير قانونية.

وأُبلغت اللجنة الدائمة للشؤون الدينية والوئام بين الأديان في البرلمان الباكستاني أن نحو 50 ألف زائر باكستاني اختفوا في العراق حتى الآن.

ونتيجة لذلك، اقترحت اللجنة «سياسة جديدة للرحلات إلى الأماكن المقدسة في بلدان مختلفة»، من بينها العراق، وقد تم إرسالها إلى مجلس الوزراء الفيدرالي للموافقة عليها.

بدورها، كشفت صحيفة «أخبار العالم» الباكستانية، أن «جوازات سفر الباكستانيين يتم جمعها وحجزها عند المنافذ الحدودية من العراقيين، قبل أن ينتظموا في قوافل تنقسم إلى 136 مجموعة».

إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

مخاوف عراقية

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بشتى التعليقات بين ساخر وساخط، وعاد من جديد الحديث عن ملف العمالة غير الشرعية في البلاد.

وكتب السياسي العراقي، مشعان الجبوري، في منصة «إكس»، إن ما أعلنه الوزير الباكستاني يتطلب من الحكومة العراقية التعليق، «لما يُمكن أن يشكله هؤلاء من مخاطر على الأمن وتأثير على سوق العمالة».

وتزامن تصريح المسؤول الباكستاني مع إعلان الشرطة العراقية اعتقال 6 باكستانيين في إحدى مناطق بغداد يقومون بأعمال التسليب.

وكانت الاستخبارات العسكرية أعلنت مؤخراً الإطاحة بعصابة خطف وابتزاز مكونة من 9 باكستانيين في منطقة الشعب ببغداد، مبينة أنها تخطف أجانب وتساومهم على مبالغ مادية.

وقالت الاستخبارات في بيان صحافي: «إنه بعد استحصال الموافقات القضائية اللازمة، تمكنت مفارز مديرية استخبارات وأمن بغداد التابعة إلى المديرية العامة للاستخبارات والأمن بوزارة الدفاع، من إلقاء القبض على عصابة متخصصة بعمليات خطف وابتزاز بمنطقة الشعب في بغداد، تتكون من (9) متهمين من جنسيات باكستانية، كانت تقوم بخطف أشخاص من جنسيات أجنبية أخرى وابتزازهم مقابل مبالغ مالية، وأحيلوا إلى الجهات المختصة أصولياً لإكمال أوراقهم التحقيقية».

حشد من الزوار على الطريق من النجف إلى كربلاء (أ.ف.ب)

العراق يحقق

وفي أول تعليق حكومي، أعرب وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، عن قلقه واستنكاره لتزايد عدد العمالة غير القانونية في البلاد، مؤكداً أن وزارته ستحقق في اختفاء آلاف الباكستانيين في العراق، وأن هذا الأمر «سيكون محل اهتمام للتحقق واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بحقهم».

وقال الأسدي في بيان صحافي: «إن العراق شهد توافد سياح من مختلف البلدان خلال الأيام الماضية، من بينهم الباكستانيون، إلا أن العديد منهم بدأوا بالانخراط في سوق العمل دون التصاريح القانونية المطلوبة».

وأوضح الوزير أن «هذه الظاهرة تؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني وتنافسية سوق العمل»، مؤكداً أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين».

وشدد الأسدي على «التعاون بين الجهات المعنية لضمان تطبيق القوانين واللوائح الخاصة بالعمالة لمختلف الوافدين الأجانب للبلاد».

وأكد الوزير أن «العراق يرحب بجميع السياح، سواء للسياحة الدينية أو غيرها، من جميع أنحاء العالم، لكنه يشدد على ضرورة احترام القوانين والأنظمة المحلية».

ويتوافد سنوياً، خلال شهر المحرم، الملايين من الزوار المسلمين الشيعة من العراق وخارجه إلى المراقد الدينية في النجف وكربلاء، وتقدر السلطات الأمنية في البلاد عددهم بنحو 20 مليون زائر، خمسة ملايين منهم من دول مختلفة.

وعادة ما تمنح السلطات العراقية لهؤلاء تسهيلات لدخول البلاد بتأشيرات دخول ميسرة.

حملة اعتقالات

وفي تطور لاحق، أعلنت الشرطة العراقية، في مدن مختلفة، اعتقال العشرات من الباكستانيين، يبدو أنهم من الذين تسربوا خلال زيارتهم المراقد الدينية.

وطبقاً لمصدر في الشرطة العراقية، فقد ألقي القبض على 33 باكستانياً لا يحملون سمات دخول رسمية داخل مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني، وسط العاصمة بغداد.

وفي محافظة بابل، قال مصدر أمني محلي، إن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على 47 باكستانياً مخالفاً لشروط الإقامة، دون المزيد من التفاصيل.


مقالات ذات صلة

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

المشرق العربي عراقيون يسيرون في أحد شوارع بغداد (رويترز)

لأول مرة منذ 1997... تعداد عام لسكان العراق في 20 و21 نوفمبر

دعت السلطات العراقية سكان البلاد، اليوم (الأحد)، إلى ملازمة منازلهم يومي 20 و21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بهدف إجراء تعداد عام للسكان والمساكن.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مسافرون داخل مطار بغداد الدولي (أرشيفية - أ.ف.ب)

«فوضى» تضرب مطار بغداد... والحكومة تتدخل بالتحقيق

قالت مصادر حكومية إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني «أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في أسباب فوضى شهدها مطار بغداد الدولي»، جراء التضارب والتأخير في مواعيد الرحلات.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة من قاعدة عين الأسد في الأنبار بالعراق 29 ديسمبر 2019 (رويترز)

أحزمة ناسفة وقيادات «صف أول»... تفاصيل الغارة على «داعش» غرب العراق

كشفت واشنطن وبغداد عن غارة مشتركة على مواقع لمسلحي «داعش» في الصحراء الغربية بالأنبار، أسفرت عن مقتل «قيادات» في التنظيم.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية موقع سقوط المسيّرة التركية في كركوك (إكس) play-circle 00:24

أنقرة تتحرى مع بغداد عن مسيّرة «أُسقطت» في كركوك

أكدت تركيا أنها والعراق لديهما إرادة قوية ومشتركة بمجال مكافحة الإرهاب كما عدّ البلدان أن تعاونهما بمشروع «طريق التنمية» سيقدم مساهمة كبيرة لجميع الدول المشاركة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
المشرق العربي متظاهرون عراقيون يتجمعون للاحتفال بذكرى احتجاجات مناهضة للحكومة في بغداد (أرشيفية - رويترز)

دعوات أميركية لتشريع قانون يُجرِّم الاختطاف في العراق

دعت الولايات المتحدة الجهات المعنية في العراق إلى إجراء تعديلات تشريعية بشأن ضحايا الاختفاء القسري، بعد 3 موجات من الخطف والتغيب.

حمزة مصطفى (بغداد)

مع بدء الهدنة الإنسانية... كيف تجري حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة؟

طفل يتلقى التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في مركز دير البلح الصحي (د.ب.أ)
طفل يتلقى التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في مركز دير البلح الصحي (د.ب.أ)
TT

مع بدء الهدنة الإنسانية... كيف تجري حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة؟

طفل يتلقى التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في مركز دير البلح الصحي (د.ب.أ)
طفل يتلقى التطعيم ضد فيروس شلل الأطفال في مركز دير البلح الصحي (د.ب.أ)

أكدت السلطات الصحية في قطاع غزة تسجيل أول إصابة بشلل الأطفال منذ 25 عاماً، هذا الشهر.

وساهمت إصابة عبد الرحمن أبو الجديان البالغ من العمر ما يقرب من عام بالفيروس وشلل جزئي في وقت لاحق في تسريع خطط حملة تطعيم واسعة للأطفال في شتى أنحاء القطاع الفلسطيني، بدايةً من الأول من سبتمبر.

واتفقت إسرائيل وحركة «حماس» على ثلاث هدن منفصلة في وسط وجنوب وشمال القطاع تستمر الواحدة منها ثلاثة أيام، وذلك للسماح لآلاف العاملين بالأمم المتحدة بتطعيم الصغار.

* من أين جاءت العدوى؟

اكتُشفت السلالة، المعروفة باسم «فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح من النمط 2»، في يوليو (تموز)، في ست عينات من مياه الصرف الصحي جُمعت من خان يونس ودير البلح.

وتم رصد السلالة أيضاً في مياه الصرف الصحي ببعض البلدان المتقدمة في السنوات القليلة الماضية، وهي نفسها التي أصابت عبد الرحمن أبو الجديان.

ولم تتضح بعد كيفية وصول السلالة إلى غزة، لكن التسلسل الجيني أظهر تشابها مع متحور اكتُشف في مصر، وربما دخل إلى القطاع في سبتمبر الماضي، بحسب «منظمة الصحة العالمية».

وتقول «منظمة الصحة العالمية» إن تقلص حملات التطعيم المعتادة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك غزة، ساهم في إعادة ظهور المرض.

وقُدرت تغطية حملات التطعيم الاعتيادية ضد فيروس شلل الأطفال بنحو 99 بالمائة في 2022 قبل تراجعها إلى 89 بالمائة خلال العام الماضي.

ويقول عاملون في قطاع الصحة إن توقف العديد من المستشفيات في غزة عن العمل، غالباً بسبب الهجمات الإسرائيلية أو القيود المفروضة على الوقود، ساهم في انخفاض معدلات التطعيم. وتُحمّل إسرائيل حركة «حماس» مسؤولية إغلاق المستشفيات قائلة إنها تستخدمها لأغراض عسكرية.

ويقول موظفو إغاثة إن تدهور الأوضاع الصحية في غزة حيث تنتشر المجارير المكشوفة وأكوام القمامة بعد ما يقرب من 11 شهراً من اندلاع الحرب، ما هيَّأ ظروفاً مواتية لانتشار الفيروس.

* كيف يتم تنظيم حملة التطعيم؟

اتفقت إسرائيل و«حماس» على ثلاث هدن منفصلة في ثلاث مناطق تستمر الواحدة منها ثلاثة أيام، وذلك للسماح بإجراء الجولة الأولى من حملة التطعيم.

ومن المقرر أن تبدأ الحملة في وسط غزة يوم الأحد ثم تنتقل إلى الجنوب يليه شمال القطاع. وهناك اتفاق على تمديد الهدنة في كل منطقة ليوم رابع إذا لزم الأمر.

ووصلت اللقاحات التي تم صرفها من مخزون الطوارئ العالمي إلى غزة. ومن المقرر استخدامها لتطعيم 640 ألف طفل دون العاشرة.

وذكر موظفو إغاثة تابعون للأمم المتحدة أن نحو 2700 عامل في مجال الرعاية الصحية سيشاركون في تطعيم الأطفال باللقاح الفموي في مراكز طبية، إضافة إلى فرق متنقلة ستزور آلاف النازحين جراء الحرب.

وذكرت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق التابعة للجيش الإسرائيلي أن حملة التطعيم ستتم بالتنسيق مع الجيش «في إطار الهدن الإنسانية التي ستسمح للسكان بالوصول إلى المراكز الطبية التي ستقدم التطعيم».

ومن المقرر إجراء جولة ثانية من الحملة في أواخر سبتمبر.

* ما مخاطر تفشي شلل الأطفال؟

الحالة التي تم اكتشافها في غزة، للطفل الذي حُرم من التطعيم، تعتبر انتكاسة لجهود مكافحة شلل الأطفال على مستوى العالم التي نجحت في خفض حالات الإصابة بنسبة تزيد عن 99 بالمئة منذ عام 1988، بفضل حملات التطعيم الشاملة.

وشلل الأطفال البري متوطن حالياً في باكستان وأفغانستان فقط، لكن أكثر من 30 دولة، من بينها مصر وإسرائيل، لا تزال مدرجة على قائمة منظمة الصحة العالمية باعتبارها عُرضة لتفشي المرض.

وحذرت المنظمة من انتشار شلل الأطفال بشكل أكبر داخل غزة وعبر الحدود بسبب تردي الظروف الصحية وتلك المتعلقة بلوازم النظافة الشخصية هناك.

وشلل الأطفال فيروس شديد العدوى قد يصيب الجهاز العصبي، ويسبب الشلل والوفاة للأطفال الصغار، ويكون الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين الأكثر عرضة للخطر. ولا تظهر أي أعراض على كل الحالات تقريباً، مما يجعل اكتشافه صعباً.