الحلبوسي يضع «شروطاً صعبة» لحسم أزمة البرلمان في العراق

اجتماع عاصف للإطار الشيعي مع قادة أحزاب سنية ينتهي بالصمت

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
TT

الحلبوسي يضع «شروطاً صعبة» لحسم أزمة البرلمان في العراق

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)
الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (رويترز)

للمرة الأولى منذ إقالة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، عقدت قوى «الإطار التنسيقي» اجتماعاً حول أزمة المرشح البديل دون الإعلان عن مخرجات، ورغم أن أجواء الخلاف بين «الحشد الشعبي» وزعيم حزب «تقدم» طغت على الاجتماع، فإن الحلبوسي فاجأ القوى الشيعية بثلاثة شروط «صعبة» لحل الأزمة.

ومضى أكثر من 7 أشهر لم تتمكن خلالها القوى السياسية العراقية من اختيار بديل للحلبوسي، بينما تعمق الخلاف السني – السني نتيجة تحالفات جانبية مع القوى الشيعية.

وكانت قوى سنية منافسة للحلبوسي تحاول منذ أشهر تقديم مرشحين بالتنسيق مع قوى الإطار التنسيقي في محاولة لإبعاد «تقدم» عن المنصب الذي أقره العرف السياسي لأحزاب المكون السُّني.

وكان التحالف الشيعي عقد اجتماعه في بغداد، أمس الأربعاء، بحضور رئيس حزب «تقدم» محمد الحلبوسي، ومثنى السامرائي، زعيم تحالف «العزم»، إلى جانب سالم العيساوي أحد المرشحين لرئاسة البرلمان.

الأحزاب العراقية فشلت مرات كثيرة في اختيار بديل لرئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي (أرشيفية - رويترز)

اجتماع بلا نتائج

وبعد انتهاء الاجتماع الذي استمر نحو ساعتين وشهد نقاشات حامية حول إمكانية التوصل إلى مرشح توافقي، لم يصدر الإطار التنسيقي أي بيان صحافي أو توضيح بشأن نتائج اجتماعه.

وقال مصدر سياسي مطلع، لـ«الشرق الأوسط»، إن «قادة الإطار التنسيقي طلبوا من ممثلي القوى السنية خلال الاجتماع إبداء رأيهم في كيفية حل الأزمة»، ومع ذلك فإن القوى الشيعية أظهرت «عدم رغبتها في تحمل مسؤولية تأخير انتخاب الرئيس الجديد، وفي الوقت نفسه شددت على أن يكون المرشح السني مستوفياً لشروط الإطار التنسيقي».

ونقل المصدر أن قادة في الإطار التنسيقي شددوا لممثلي القوى السنية على أنهم لا يرغبون في استمرار النائب الأول الشيعي، محسن المندلاوي، في المنصب بالوكالة، ونفوا أنهم «يتعمدون تأخير انتخاب الرئيس للإبقاء على المنصب في حوزة شخصية من الإطار».

.

شروط الحلبوسي

بعد الاجتماع، سرب ناشطون مزاعم بشأن شروط قدمها الحلبوسي لقادة القوى الشيعية مقابل حل أزمة البرلمان. وقال إياد السماوي، وهو كاتب مقرب من أجواء الإطار، إن زعيم حزب «تقدم» طرح 3 مقترحات، الأول يتمثل في أن يقدم له الطرف السني المعارض (ويضم قوى السيادة، الحسم، العزم) 3 مرشحين لرئاسة البرلمان وهو من يختار أحدهم مع منحه وزارة التجارة مقابل التنازل عن منصب الرئيس.

أما الاقتراح الثاني وطبقاً للسماوي، فينص على «يرشح الحلبوسي ثلاثة أسماء لخصومه السنة وهم من يختاروا أحدهم لرئاسة البرلمان مقابل تنازله عن وزارة التجارة، بينما يقضي المقترح الثالث بأن يجري الاتفاق على ثلاثة أسماء من النواب السنة الأكبر سناً في مجلس النواب لاختيار أحدهم رئيساً».

ورأى السماوي أنه «في الوقت الذي تبدو المشكلة في هذه الاقتراحات أنها صعبة ومخالفة للدستور ولقرار المحكمة الاتحادية، لكن بعض قيادات الإطار التنسيقي رأت أن فيها ما هو جدير بالمناقشة».

وقد يفسر هذا لماذا تجنب «الإطار التنسيقي» إصدار بيان صحافي – كما جرت العادة – بعد اجتماع مهم كهذا، وقد يكون بحاجة إلى الوقت لدراسة مقترحات الحلبوسي، بحسب مصادر شيعية.

وكانت تقارير صحافية أفادت بأن الإطار التنسيقي أمهل القوى السنية 3 أيام فقط لحسم مرشح توافقي للمنصب، لكنها ليست المهلة الأولى وقد يستغرق حسم الخلافات والنظر في مقترحات حلها وقتاً أكثر من ذلك.

صورة نشرتها منصات مقرَّبة من «الإطار التنسيقي» لأحد اجتماعاته في بغداد

أزمة قانونية

وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن أول المعارضين لتنفيذ مقترحات الحلبوسي «مهما كانت» هم القوى السنية المعارضة له، وهي تريد إكمال جلسات التصويت التي عقدت منها جلستين خلال شهري يناير (كانون الثاني) ومايو (أيار) الماضي.

ودون مواصلة الجلستين السابقتين، سيحتاج البرلمان إلى فتح باب الترشيح مجدداً لعقد جلسة انتخاب جديدة، لكن هذا يتطلب تعديلاً للنظام الداخلي في البرلمان.

وطبقاً للمصدر، فإن اجتماع الإطار التنسيقي شهد انقساماً بشأن تعديل المادة 12 من النظام الداخلي خوفاً من مخالفة قرار المحكمة الاتحادية، إلى جانب تعميق الخلاف السني – السني.

وشارك الحلبوسي في اجتماع الإطار بينما كان الخلاف بينه وبين «الحشد الشعبي» بلغ ذروته هذا الأسبوع، حين اتهم رئيس الهيئة فالح الفياض باستغلال منصبه في المناطق السنية وهو ما يتعارض مع مبدأ استقلالية الأجهزة العسكرية والأمنية الذي نص عليه الدستور.

خلاف الحلبوسي والحشد

وردت هيئة «الحشد الشعبي» على الحلبوسي في بيان غاضب من شأنه أن يؤثر على محاولات الحلبوسي كسب ود أطراف شيعية إلى جانبه لحل أزمة رئاسة البرلمان.

وقالت هيئة الحشد في بيان صحافي: «نرفض ما صدر من رئيس مجلس النواب المقال محمد الحلبوسي ضد قانون الخدمة والتقاعد الخاص بمجاهدي الحشد الشعبي وما تضمنه من اتهامات ومغالطات ضد الهيئة ورئيسها».

وأكدت الهيئة أنها «تعمل بموجب القوانين التي حددت العلاقة بالأطراف السياسية والحزبية والاجتماعية، حيث نص بشكل واضح على فصلها عن الأطر السياسية والحزبية والاجتماعية». وتابعت: «من يتجاوز على الدستور والقانون ويدان بالتزوير غير مؤهل أن ينصب نفسه واعظاً وناصحاً للآخرين».

وسارعت حركة «عطاء» التي يقودها الفياض بنفي صلتها بـ«عمل الحشد»، وأعلنت أن رئيس الهيئة انسحب من زعامة الحركة.

وأعلن البرلمان أنه سيناقش مشروع قانون جديد لـ«الحشد» يتعلق بالخدمة والتقاعد، من المفترض أن يتضمن امتيازات مالية جديدة.

وبحسب أرقام وإحصاءات أوردتها موازنة البلاد الاتحادية لعام 2024، فإن «الحشد الشعبي» يضم 238 ألفاً و75 منتسباً، وقد تضخم العدد في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، رغم تراجع أعمال العنف، وانحسار وجود عناصر تنظيم «داعش» في البلاد.


مقالات ذات صلة

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

المشرق العربي القضاء العراقي طالب الأشخاص الذين يشعرون أنهم عرضة لعملية «تنصت» باللجوء إلى القضاء لإنصافهم (أ.ف.ب)

«حرب التسريبات» الصوتية تفاقم مخاوف الأوساط السياسية في العراق

تؤكد مصادر نيابية متطابقة قيام القضاء العراقي بإرسال كتب رسمية إلى البرلمان وجميع مؤسسات الدولة لملاحقة المتورطين بالتنصت والتسريبات الصوتية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

استمرار الخلافات السياسية يحُول دون انعقاد البرلمان العراقي

رغم انتخاب رئيس جديد له بعد شغور المنصب لمدة سنة وتمديد الفصل التشريعي لمدة شهر، لم يتمكن البرلمان العراقي من عقد جلساته.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني (أرشيفية - رويترز) play-circle 02:01

العراق: رئيس برلمان «سُني» بأجندة «الإطار التنسيقي»

بعد انتخابه رئيساً للبرلمان العراقي، تعهد محمود المشهداني بإكمال ما تبقى من الدورة التشريعية والتمهيد للانتخابات المقبلة، نهاية عام 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نواب عراقيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس البرلمان يوم 31 أكتوبر 2024 (إعلام المجلس)

«توافق نادر» بين المالكي والحلبوسي يسهّل انتخاب رئيس البرلمان العراقي

بعد جولتي اقتراع امتدتا لساعات، انتخب أعضاء البرلمان العراقي السياسي المخضرم محمود المشهداني، رئيساً جديداً للمجلس.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
خاص محمود المشهداني (أرشيفية - البرلمان العراقي)

خاص من هو محمود المشهداني الرئيس الجديد للبرلمان العراقي؟

عاد محمود المشهداني، الطبيب ذو الخلفية الإسلامية، إلى الواجهة بعد مرور نحو 16 عاماً على إقالته من منصب رئيس البرلمان العراقي.

حمزة مصطفى (بغداد)

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
TT

بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل

رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)
رئيس البرلمان العراقي خلال «منتدى السلام» في دهوك (إكس)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أمس، إنَّ بغداد تلقّت «تهديداً واضحاً» من إسرائيل.

وأكد حسين، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك في إقليم كردستان، أنَّ «القوات المسلحة تلقّت أوامر من رئيس الحكومة بمنع أي هجمات تنطلق من الأراضي العراقية»، وشدد على أن بلاده «لا تريد الحرب، وتسعى لإبعاد خطرها»، وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية.

من جهته، قال رئيس البرلمان محمود المشهداني، إنَّ «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن تسميته المجالَ الحيوي للنكبة الثانية».

بدوره، حثّ الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، الدول الكبرى على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب». ودعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني، إلى «إبعاد العراق عن الحرب».