أوساط «حزب الله» تقلل من مخاوف توسعة الحرب في لبنان

هوكستين يأمل بوقف النار... وزيارة نتنياهو لواشنطن محطة لاختبار الموقف الأميركي

مواطن لبناني يقف أمام منزله المدمّر بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة عدلون الجنوبية ليل الجمعة - السبت الماضي (أ.ب)
مواطن لبناني يقف أمام منزله المدمّر بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة عدلون الجنوبية ليل الجمعة - السبت الماضي (أ.ب)
TT

أوساط «حزب الله» تقلل من مخاوف توسعة الحرب في لبنان

مواطن لبناني يقف أمام منزله المدمّر بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة عدلون الجنوبية ليل الجمعة - السبت الماضي (أ.ب)
مواطن لبناني يقف أمام منزله المدمّر بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة عدلون الجنوبية ليل الجمعة - السبت الماضي (أ.ب)

يتعامل مصدر نيابي لبناني بارز مع الغارة الإسرائيلية على مستودع للسلاح يعود لـ«حزب الله»، ويقع في بلدة عدلون الساحلية الجنوبية، على أنها تأتي في سياق إصرار إسرائيل على «استدراج» الحزب لتوسعة الحرب.

وهذا «لن يحدث»، كما يقول المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً أن «رد الحزب يبقى تحت سقف الضغط على إسرائيل لمنعها من تجاوز قواعد الاشتباك التي يحرص على الحفاظ عليها من دون أن يسمح لها بالتمادي في عدوانها باستهدافها بلدات لبنانية غير مشمولة بمنطقة جنوب الليطاني، وقيادات وكوادر عسكرية على امتداد منطقة البقاع».

ويلفت إلى أن استهداف الحزب للعمق الإسرائيلي يأتي رداً على استهداف تل أبيب للعمق اللبناني، ويقول إن «المواجهة المشتعلة في الجنوب لا تزال محكومة بمعادلة توازن الردع، وأن الحزب سيرد بالمثل على خرقها قواعد الاشتباك».

مواطن لبناني يقف أمام منزله المدمّر بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة عدلون الجنوبية ليل الجمعة - السبت الماضي (أ.ب)

ويكشف المصدر نفسه أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ينطلق في استبعاده لتوسعة الحرب راهناً، من أن الوسيط الأميركي أموس هوكستين، بتواصله معه، ولا يزال يأمل بالتوصل إلى وقف للنار على الجبهة الغزاوية، ويُفترض أن ينسحب تلقائياً على جنوب لبنان، ما يسمح له بالانتقال إلى بيروت للتفاوض معه للبحث في التسوية التي تعيد الهدوء والاستقرار إلى الجبهة الشمالية على قاعدة تطبيق القرار 1701.

خطة نتنياهو الأميركية

ويؤكد المصدر أن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الذي يستعد للتوجه في الساعات المقبلة إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، وإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي، يسعى إلى فرض أمر واقع في الجنوب لتحسين شروطه، سواء بالتفاوض غير المباشر مع «حماس» للتوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة، أم من خلال الوسيط الأميركي المكلف بتهدئة الوضع في جنوب لبنان. ويقول إن الجميع ينتظرون النتائج التي ستؤول إليها حصيلة المحادثات التي سيجريها نتنياهو مع كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، وستكون موضع مواكبة دقيقة على المستوى الرسمي. ويرى أن وجود نتنياهو في واشنطن يشكل محطة لاختبار مدى استعداد الإدارة الأميركية لترجمة ما تعهّدت به لجهة استبعادها توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان، وهذا ما تنصح به القيادات اللبنانية و«حزب الله»، وإنما بالواسطة، سواء عبر باريس أم من خلال التواصل بين الحزب وألمانيا ممثلة بنائب مدير مخابراتها.

عينة من التوسعة

وفي هذا السياق، يؤكد مصدر سياسي بارز أن الحزب يبلّغ كل من يتواصل معه، بدءاً بقيادة القوات الدولية «يونيفيل» في جنوب لبنان وانتهاءً بفرنسا، بأنه لا نية لديه لتوسعة الحرب، لكنه لن يبقى صامتاً في حال تجاوزت تل أبيب الخطوط الحمر، وسيضطر للتعامل معها بالمثل. ويقول إن ما يشهده الجنوب حالياً ما هو إلا عيّنة من توسعة الحرب، رغم أن جهات رسمية رفيعة تستبعد تدحرج الوضع نحو التوسعة الشاملة، وإن كانت تبدي ارتياحها للتطمينات، وتحديداً الأوروبية والأميركية منها بعدم توسعتها، مع أنها ليست قاطعة، على الأقل من وجهة نظرها.

وتراهن هذه الجهات، كما تقول مصادرها لـ«الشرق الأوسط»، على قدرة الحزب في ضبطه للمسار العام للمواجهة العسكرية مع إسرائيل تقديراً منه لدقة الوضع، وبالتالي فإن قيادته الميدانية لن تقدم في ردّها على تمادي إسرائيل في عدوانها على سوء تقدير يمكن أن يؤدي إلى تدحرج الوضع نحو توسعة الحرب.

ولم تستبعد هذه المصادر أن يشهد الجنوب، مع استعداد نتنياهو للتوجه إلى واشنطن، تصعيداً غير مسبوق، انطلاقاً من إصراره على اتباع الدبلوماسية الساخنة لفرض شروطه على جبهتي غزة والجنوب، هذا في حال أنه لن يجنح نحو توسعة الحرب لافتقاده الغطاء السياسي الأميركي، ما دامت واشنطن لا تحبذها، كما تقول، لقطع الطريق على زعزعة الاستقرار في المنطقة، إلا إذا أعادت النظر في موقفها.

نقطة تلاقٍ إيرانية ــ أميركية

فالحفاظ على عدم زعزعة الاستقرار في المنطقة يشكل نقطة للتلاقي مع إيران من موقع الاختلاف، وإن كانت تستخدم أذرعها في المنطقة للضغط من أجل التوصل لوقف النار في غزة، لأنه لا مصلحة لها، كما تقول الجهات نفسها، في اتباع سياسة حرق الأوراق، بينما تمر واشنطن حالياً بمرحلة انتقالية استعداداً للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

هوكستين وبري خلال لقاء سابق في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

لذلك، فإن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت ميناء الحديدة اليمني لا تهدف فقط للرد على جماعة الحوثي التي أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق مسيّرة أصابت مبنى في تل أبيب، وإنما أرادت تل أبيب، وبغطاء أميركي، تمرير رسالة أولية إلى طهران على خلفية دعمها هذه الجماعة، وصولاً للضغط عليها لمراجعة حساباتها لمنعها من استخدام أذرعها في المنطقة.

وعليه، فإن طبيعة المواجهة المشتعلة في الجنوب تبقى مفتوحة على نتائج الزيارة المرتقبة لنتنياهو إلى واشنطن، ولا يمكن عزلها عن المسار العام الذي يُفترض أن تبلغه؛ لأن هناك ضرورة لاستقراء مدى استعداد الإدارة الأميركية لتزخيم تدخلها، الذي لن يكون في متناول اليد ما لم يعمّ أولاً قطاع غزة، وهذا ما يسمح لهوكستين بمعاودة تشغيل محركاته للتوصل إلى تسوية على الجبهة الجنوبية.


مقالات ذات صلة

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

المشرق العربي لبنانيون يعودون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 نوفمبر 2024 إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ (أرشيفية - إ.ب.أ)

تجمّع سكني لـ«حزب الله» في شرق لبنان يطرح تساؤلات أمنية وسياسية

تقدمت النائبة غادة أيوب بسؤال إلى الحكومة «حول قيام (حزب الله) بإنشاء هذا المجمع خارج أي إجراء رسمي واضح» في وقت لا تزال فيه المعلومات بشأنه ساكنيه غير واضحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مستقبلاً رئيس الحكومة نواف سلام (رئاسة البرلمان)

تحييد لبنان وحصرية السلاح يتصدران الحراك السياسي نهاية العام

تشهد الساعات الأخيرة من عام 2025 حراكاً سياسياً يتمحور بشكل أساسي حول تحييد لبنان جولة جديدة من الحرب واستكمال خطة حصرية السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الضابط المتقاعد من «الأمن العام اللبناني» أحمد شكر الذي خُطف من شرق لبنان (أرشيف العائلة - الشرق الأوسط)

أدلة جديدة تعزز فرضية خطف «الموساد» الضابط اللبناني المتقاعد أحمد شكر

يوماً بعد يوم، تتعزز الأدلة المستقاة من التحقيقات الأمنية والقضائية التي ترجّح خطف جهاز «الموساد» الإسرائيلي النقيب اللبناني المتقاعد أحمد شكر.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (أ.ف.ب)

رئيس الحكومة اللبنانية مدافعاً عن قانون الانتظام المالي: سيعيد أموال المودعين

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن مشروع القانون المتعلق بالانتظام المالي الذي أقره مجلس الوزراء سيدفع أموال المودعين من دون نقصان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون مستقبلاً وفداً من قيادة الجيش بقيادة العماد رودولف هيكل (رئاسة الجمهورية)

عون: المؤسسات العسكرية والأمنية تشكل خط الدفاع الأول عن لبنان

أكد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون أن المؤسسات العسكرية والأمنية تشكّل خط الدفاع الأول عن لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
TT

مفوضة أوروبية: خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة المساعدات

شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)
شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية تعبر إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم (د.ب.أ)

قالت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات حاجة لحبيب، اليوم الأربعاء، إن خطط إسرائيل لحظر المنظمات الإنسانية الدولية في غزة تعني عرقلة وصول المساعدات المُنقذة للحياة إلى القطاع.

وأضافت لحبيب، في حسابها على منصة «إكس»: «كان موقف الاتحاد الأوروبي واضحاً، فلا يمكن تطبيق قانون تسجيل المنظمات غير الحكومية بصيغته الحالية».

وأكدت المفوضة الأوروبية ضرورة إزالة كل العراقيل التي تحول دون وصول المساعدات الإنسانية، قائلة: «القانون الدولي الإنساني لا يترك مجالاً للالتباس، فالمساعدات يجب أن تصل إلى محتاجيها».

كانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نقلت عن الحكومة قولها، أمس الثلاثاء، إنها تعتزم سحب تراخيص عشرات المنظمات الإنسانية؛ منها «أطباء بلا حدود»، و«أكشن إيد»، و«أوكسفام»، بدعوى «صلتها بالإرهاب».

ويواجه عدد من منظمات الإغاثة الدولية خطر إلغاء تسجيلها، مما قد يُجبرها على الإغلاق أو يفرض قيوداً على عملها في غزة والضفة الغربية في غضون 60 يوماً إذا لم تمتثل بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي للمعايير الجديدة التي وضعتها السلطات الإسرائيلية.


مقتل طفلتين فلسطينيتين إحداهما بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون في شوارع مدينة غزة مروراً بمخيمات النازحين (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شوارع مدينة غزة مروراً بمخيمات النازحين (أ.ب)
TT

مقتل طفلتين فلسطينيتين إحداهما بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون في شوارع مدينة غزة مروراً بمخيمات النازحين (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شوارع مدينة غزة مروراً بمخيمات النازحين (أ.ب)

قُتلت طفلتان فلسطينيتان؛ إحداهما برصاص الجيش الإسرائيلي الذي يواصل القصف المدفعي وتدمير المنازل، إضافة إلى شن سلسلة غارات جوية على مناطق متفرقة في قطاع غزة.

ونقل المركز الفلسطيني للإعلام عن مصادر طبية قولها إن «طفلة (11 عاماً) استُشهدت على أثر إصابتها برصاص جيش الاحتلال في منطقة الزرقاء شمال شرقي مدينة غزة».

وذكرت مصادر محلية أن «الطفلة الثانية استُشهدت جراء سقوط جدار على خيمة نازحين في منطقة المواصي بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، بالإضافة إلى وقوع إصابات».

ووفق المركز: «أطلق طيران الاحتلال المروحيّ، فجر اليوم الأربعاء، بشكل مكثف، نيرانه باتجاه مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، في إطار التصعيد العسكري المتواصل على مناطق جنوب القطاع».

وشنّت قوات الجيش الإسرائيلي قصفاً مدفعياً تَرافق مع إطلاق نار مكثف من الآليات العسكرية شرق مدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة.

كما نفّذ طيران الحربي غارة جوية استهدفت مدينة رفح جنوب القطاع، وأطلقت آليات الجيش نيرانها باتجاه المناطق الجنوبية الشرقية من مخيم البريج والمغازي، وسط قطاع غزة.


مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مسؤولان يمنيان لـ«الشرق الأوسط»: قرارات العليمي لحماية سيادة الدولة

اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لمجلس الدفاع الوطني اليمني برئاسة العليمي (سبأ)

أكَّد مسؤولانِ يمنيان أنَّ القرارات الأخيرة الصادرة عن رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، تمثل تحولاً سياسياً مفصلياً يهدف إلى حماية المركز القانوني للدولة ومنع تفكّكها، في لحظة إقليمية وأمنية بالغة الحساسية.

وقالَ بدر باسلمة، مستشار رئيس المجلس، إنَّ اليمن يشهد محاولة جادة لـ«هندسة عكسية» تعيد للدولة زمام المبادرة بدعم إقليمي، وفي مقدمته الموقف السعودي.

من جهته، شدّد متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني على أنَّ القرارات استندت إلى صلاحيات دستورية لمواجهة أخطار داهمة تهدّد وحدة البلاد، محذراً من تكرار نماذج استخدام السّلاح خارج إطار الدولة.

وأكّد بازياد أنَّ دعم السعودية يأتي في سياق حماية الاستقرار، وخفض التصعيد، وصون الأمن يمنياً وإقليمياً، بما يتَّسق مع مخرجات الحوار الوطني ومسار السلام.