الرئاسة الفلسطينية ترفض نشر أي قوات أجنبية في غزة

قالت إن الترتيبات التي تناقشها واشنطن مع أطراف أخرى لن يقبل بها الفلسطينيون

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
TT

الرئاسة الفلسطينية ترفض نشر أي قوات أجنبية في غزة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (رويترز)

رفضت الرئاسة الفلسطينية نشر أي قوات غير فلسطينية في قطاع غزة، قائلة إن «الأولوية» لوقف العدوان الإسرائيلي، و«ليس الحديث عن اليوم التالي للحرب».

وأكّد الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أنه «لن تكون هناك شرعية لأي أحد على قطاع غزة أو الضفة الغربية أو القدس، لا للاحتلال ولا لغيره، ولا شرعية لأي خطوة على الأرض الفلسطينية لم يقبل بها شعبنا وقيادته، وليس أحد سواهم، وأن الأنباء المسرّبة، التي تشير إلى أن واشنطن تناقش خُططاً حول مستقبل قطاع غزة مع بعض الأطراف، لن يكون لها أي شرعية، ولن يقبل بها الشعب الفلسطيني».

وأضاف: «الأولوية الآن هي وقف العدوان الإسرائيلي، والمجازر التي يتعرض لها شعبنا، وليس الحديث عن اليوم التالي للحرب فقط».

دمار في خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وتابع: «الشعب الفلسطيني وقيادته، الممثّلة بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي صاحبة الحق الوحيد بتقرير مصير شعبنا وأرضنا».

وأردف: «وجود الاحتلال في قطاع غزة غير شرعي وغير قانوني، كما هو الحال في الضفة الغربية، ودولة فلسطين هي صاحبة الولاية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة، والضفة بما فيها القدس، والاحتلال إلى زوال، والدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية حسب الشرعية الدولية هي المدخل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها».

واتهم أبو ردينة الإدارة الأميركية بـ«الانحياز الأعمى غير المبرّر المخالف للشرعية الدولية، الداعم لإسرائيل بالمال والسلاح وسياساتها العدوانية»، وقال إنه لولا ذلك «لما استطاع الاحتلال مواصلة عدوانه وجرائمه بحق شعبنا وأرضنا، وتَماديه على الشرعية الدولية، وآخرها قرار محكمة العدل الدولية».

وجاء بيان الرئاسة بعد تسريبات متتالية حول منقاشات تُجريها الولايات المتحدة مع حلفاء وشركاء، بينهم دول عربية، من أجل وضع خطة لليوم التالي في غزة.

مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الخميس (أ.ف.ب)

وحتى الآن لا يوجد خطة واضحة متفَق عليها، لكن النقاشات تركّزت على قوات متعددة فلسطينية وعربية ودولية، ودور محتمل لمسؤولين فلسطينيين في الخارج ومستشارين أميركيين.

وآخر خطة تم الكشف عنها في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، ناقشها وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في واشنطن، مع مسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن، وتقضي بتسلّم قوة فلسطينية، بشكل تدريجي، المسؤولية عن الأمن داخل القطاع، بعد أن تخضع لتدريبات خاصة أميركية.

وحسب الخطة التي استعرضها غالانت مع الأميركيين، فإنه سيجري تشكيل لجنة خاصة برئاسة الولايات المتحدة، وبمشاركة قوة دولية تضم جنوداً من دول عربية، ستكون مسؤولة عن الأمن في غزة، بحيث يتولى الأميركيون النواحي اللوجستية، وذلك حتى يتم تسليم قوة فلسطينية المسؤولية عن الأمن داخل القطاع، وذلك بعد أن تخضع لتدريبات خاصة.

ويفترض أن تنفّذ الخطة على مراحل، بحيث يبدأ تنفيذها شمال القطاع، وتتّسع جنوباً بقدر ما يسمح الوضع.

ويريد غالانت، وفق خطته هذه، تقسيم قطاع غزة إلى 24 منطقة إدارية.

أبنية مدمّرة جرّاء الغارات الإسرائيلية على خان يونس بجنوب قطاع غزة الجمعة (أ.ف.ب)

وقال مسؤولون أميركيون إنهم يؤيدون خطة غالانت، لكن ثمة تشاؤماً حول إمكانية نجاحها لأسباب عدة؛ أولها: أن الدول العربية لن تؤيد خطة لا تكون السلطة الفلسطينية ضالعة فيها بشكل مباشر، علماً بأن الدول العربية تريد رؤية أفق سياسي لدولة فلسطينية، وهو أمر تعارضه إسرائيل بشدة.

ولا يثق الأميركيون بأن الخطة يمكن أن تمتد إلى بقية القطاع بسرعة.

وتريد السلطة الفلسطينية أن تتسلّم قطاع غزة بالكامل، ضمن دفع مسار سياسي نحو الدولة الفلسطينية، بحيث تكون صاحبة الولاية. وعملياً يحتاج ذلك إلى اتفاق مع «حماس»، وهي مسألة ممكنة ويجري نقاشها، ودعم دولي، وهو أمر متاح، وموافقة إسرائيلية، وهي المسألة التي تبدو أكثر تعقيداً.

ويرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تسليم قطاع غزة للسلطة، ويعمل مع أطراف في حكومته على إضعافها أكثر وأكثر في الضفة الغربية، فيما ينادي وزراء مثل إيتمار بن غفير؛ وزير الأمن القومي، وبتسلئيل سموتريتش؛ وزير المالية، بفرض سيادة إسرائيل على الضفة الغربية.


مقالات ذات صلة

عباس يطالب باتفاق على غرار لبنان... و«حماس» تؤكد أنها «جاهزة»

شؤون إقليمية عائلات وأنصار المحتجزين الإسرائيليين يحملون ملصقات أثناء مناقشة الموضوع في الكنيست الإسرائيلي في القدس 18 نوفمبر 2024 (رويترز)

عباس يطالب باتفاق على غرار لبنان... و«حماس» تؤكد أنها «جاهزة»

طالبت الرئاسة الفلسطينية بوقف إطلاق نار في قطاع غزة على غرار الاتفاق في لبنان، فيما أعادت إسرائيل مركز الثقل إلى قطاع غزة، معلنة أن استعادة المحتجزين من القطاع…

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اجتماع في سوتشي بروسيا 23 نوفمبر 2021 (رويترز)

السلطة الفلسطينية ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان

رحبت الرئاسة الفلسطينية، اليوم الأربعاء، بالإعلان عن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أثناء ترؤسه جلسة للحكومة الفلسطينية في رام الله... الثلاثاء (وفا)

مصر تحاول مجدداً دفع آلية لإعادة فتح معبر رفح 

حركتَا «فتح» و«حماس» تجاوبتا مع محاولة مصرية لإعادة فتح معبر رفح، لكن لا يوجد اختراق كامل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.


«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
TT

«الضاحية» تستقبل أبناءها بالرصاص الطائش… والدمار «غير المسبوق»

لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)
لبنانية تمر أمام ركام أحد الأبنية بالضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

تحت زخات من رصاص الابتهاج وأمطار الخريف اللبناني، عاد سكان الضاحية الجنوبية لبيروت مع ساعات الصباح الأولى التي تلت سريان وقف إطلاق النار، لتعود معهم زحمة السير التي لطالما طبعت أيام الضاحية ذات الكثافة السكانية العالية.

لكن حيوية العودة لا تعكس حقيقة المشهد، فالغارات الإسرائيلية حولت المئات من المباني إلى «أشلاء» متناثرة وأكوام من الحجارة التي طحنتها الصواريخ التي أطلقتها الطائرات الإسرائيلية. نحو 450 مبنى دمرتها الغارات خلال مدة الحرب، وفق إحصاءات غير رسمية، يضاف إليها أكثر؛ من مثيلاتها من الأبنية المجاورة التي تضررت بفعل الغارات. ورغم أن عدد الأبنية المدمرة في الضاحية لم يصل إلى ما وصل إليه عام 2006 الذي بلغ حينها 720 مبنى، فإن توزع الغارات على رقعة جغرافية أوسع من ساحة الحرب السابقة، رفع عدد المباني المتضررة.

ولا يكاد يخلو شارع من شوارع الضاحية من آثار الدمار الكبير، حيث بدت واضحة آثار القصف في كل زوايا المنطقة التي تفوح منها روائح كريهة من آثار الحرائق، وما يقول الأهالي إنها مواد غريبة احتوتها صواريخ الطائرات الإسرائيلية.

يقف عابد، وهو شاب سوري يعمل حارساً لأحد هذه المباني، يجمع ما تبقى من أثاث غرفته التي تأثرت بصاروخ أصاب 3 طبقات من مبني مرتفع تعرض لغارة لم تسقطه، لكنها هشمت الطبقات الأولى من المبنى، فعزلت الطوابق العليا ومنعت الصعود إليها بعد أن دمرت الدرج وغرف المصاعد. يقول عابد إن ثمة لجنة من المهندسين تفحصت المبنى ورجحت عدم القدرة على ترميمه بشكل آمن. ويشير إلى أن لجنة أخرى رسمية ستكشف على المبنى نهاية الأسبوع لاتخاذ قرار نهائي بالترميم... أو «الموت الرحيم». حينها سيتاح لسكان الطبقات العليا سحب ما يمكن من أثاثها ومقتنياتها قبل الشروع في الهدم.

وحال هذا المبنى تشبه أحوال كثير من مباني الضاحية، فقرب كل مبنى منهار ثمة مبنى آخر تضررت أعمدته أو فُقدت أجزاء منه بفعل عصف الانفجار. وهو أمر من شأنه أن يفاقم أزمة النازحين. يقول محمد هاشم، وهو ستيني من سكان الضاحية، إن منزله تضرر شديداً بعد سقوط مبنى ملاصق لمبناه في آخر يوم من أيام القصف. يضيف: «عندما نرى مصيبة غيرنا (جيرانه) تهون علينا مصيبتنا. لكن في جميع الأحول لا نستطيع أن نسكن المنزل قريباً، فدرج المبنى متضرر، وفي داخل المنزل لا يوجد زجاج سليم ولا نوافذ صالحة لأن تقفل، والشتاء قاسٍ وبدأت تباشيره اليوم بنزول قياسي للحرارة». يقيم محمد في منزل مستأجر بـ1500 دولار شهرياً، ودفع الإيجار حتى أواخر الشهر المقبل، لكنه يتوقع أن يحتاج شهراً إضافياً قبل أن يتمكن من العودة للسكن في منزله.

وخلافاً لما حدث في عام 2006، عندما سارع «حزب الله» إلى الكشف على الأضرار ودفع تعويضات سخية لإصلاح الأضرار الخفيفة، ودُفعة بلغت 12 ألف دولار لكل من فقد منزله لشراء أثاث للمنزل، ومن ثم تكفله بالإيجارات الشهرية... لم يتصل أحد بالنازحين بعد. ومحمد كما غيره، متردد، ولا يعرف إن كان سوف يباشر الإصلاحات أم لا.

وقرب المباني المتضررة، كان ثمة إصرار على إبداء المظاهر الاحتفالية. يقول أحد المعنيين بملف الأمن إن «حزب الله» باشر قبل 3 أيام من وقف النار طباعة آلاف اللافتات والأعلام لنشرها في الضاحية، وغيرها من المناطق التي تعرضت للتدمير والقصف. وقد أثمر هذا المجهود، على ما يبدو، مشهداً «سوريالياً» لمواطنين يتجولون بالسيارات رافعين أعلام لبنان ورايات «حزب الله» محتفلين بـ«النصر» وسط ركام مدينتهم التي لن يقدر معظمهم على أن يبيتوا ليلتهم فيها بانتظار تأمين بدائل لشققهم المدمرة، أو إصلاح تلك المتضررة.

أجواء الاحتفال هذه انعكست في إطلاق رصاص غزير بمعظم أوقات النهار، مما دفع بكثيرين إلى الهرب تلافياً لسقوط الرصاص الطائش، ويقول شاب مسرع على دراجة نارية شاتماً مطلقي النار: «لقد نجونا من صواريخ إسرائيل، ويريدون أن يقتلونا برصاصهم الغبي...».