كيف عزل البنك المركزي في عدن الحوثيين عن العالم؟

المعبقي: ماضون في تنفيذ القرار بكل مراحله وفقاً للخطة المقررة

حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية في مقر البنك المركزي اليمني بعدن (رويترز)
حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية في مقر البنك المركزي اليمني بعدن (رويترز)
TT

كيف عزل البنك المركزي في عدن الحوثيين عن العالم؟

حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية في مقر البنك المركزي اليمني بعدن (رويترز)
حزم من الأوراق النقدية التي أصدرتها الحكومة اليمنية في مقر البنك المركزي اليمني بعدن (رويترز)

قبل 40 يوماً، وتحديداً في 30 مايو (أيار) 2024، تفاجأ الحوثيون بصدور القرار رقم 20، الذي اتخذه البنك المركزي اليمني في عدن، بوقف التعامل مع 6 من أكبر البنوك اليمنية العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات.

«منذ عام 2016 إبان نقل مقر البنك المركزي من العاصمة اليمنية صنعاء بعد سيطرة جماعة الحوثيين عليها بقوة السلاح، والمحاولات مستمرة لإقناع الجماعة للإيفاء بالتزامات البنك المركزي وتوفير الشروط الملائمة لممارسة النشاط المصرفي بكل حيادية وشفافية في المناطق التي يسيطرون عليها»، وفقاً للدكتور أحمد المعبقي محافظ البنك المركزي اليمني.

عضو مجلس القيادة اليمني عيدروس الزبيدي مجتمعاً في عدن مع إدارة البنك المركزي (سبأ)

يضيف الدكتور أحمد: «البنك المركزي صبر على كثير من التجاوزات والاستفزازات والانتهاكات لعل الطرف الآخر يسمع لنصح محبيه، وهم كثر في المجتمع الدولي، ويوفر الحد الأدنى من الظروف الملائمة لعمل القطاع المصرفي».

لكن المعبقي، الحاصل على بكالوريوس في العلوم المالية والاقتصادية من جامعة البترول والمعادن قبل نحو 4 عقود، يعبِّر عن أسفه لعدم التزام ميليشيات الحوثيين، ويقول: «للأسف الميليشيات تجاوزت كل الخطوط الحمراء، التي لا يمكن السكوت عليها، التي باتت تهدد الاقتصاد الوطني والنظام المصرفي بأكمله، وتهدد تعاملاتنا مع العالم».

وشمل قرار وقف التعامل البنوك التالية: «التضامن»، و«اليمن والكويت»، و«اليمن البحرين الشامل»، و«الأمل للتمويل الأصغر»، و«الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي»، و«اليمن الدولي».

تجفيف العرض النقدي

من جانبه، يؤكد رشيد الآنسي، وهو خبير اقتصادي يمني، أن قرارات البنك المركزي اليمني الأخيرة قطعت اتصال جماعة الحوثيين بالعالم من الناحية المالية، كما أدت إلى تجفيف العرض النقدي الدولاري الذي كان يتدفق عبر الحوالات الدولية لمناطق سيطرتها سابقاً. وقال في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن «إجراءات البنك المركزي في عدن لم تكن تستهدف البنوك بحد ذاتها، بل اقتصاد الجماعة الحوثية. هم (الحوثيون) يعلمون أنهم استفادوا من القطاع المصرفي منذ انقلابهم حتى الآن استفادةً كبيرةً في تهريب الأموال وتمويل السلع، وحتى في استيراد قطع غيار الأسلحة والطائرات المسيّرة».

وأضاف الآنسي: «سحب البساط من الجماعة الحوثية بالنسبة للبنوك له تبعات عدة، من ناحية أولى قطع الاتصال مع العالم من الجانب المالي، وأصبح لا يمكنهم الاتصال مع العالم أو إجراء حوالات قانونية ضمن النظام المالي العالمي». وتابع: «الأمر الثاني، هو أن معظم الحوالات الواردة من الخارج كانت تصل إلى مناطق سيطرة الحوثيين التي تضم وكلاء التحويلات الدولية الرئيسيين مثل ويسترن يونيون وموني غرام وغيرهما، الآن بعد هذه العقوبات ومنع الحوالات الدولية سوف تتحول كل الحوالات الواردة لمناطق الشرعية، وبالتالي لن يكون لدى الحوثيين أي عرض نقدي من الدولار سوى ما يتم تحويله من مناطق الحكومة الشرعية، ولذلك نسمع هذا الصراخ من الحوثيين لأنهم يعرفون مدى تأثير ذلك فيهم».

ووصف الآنسي القرارات الأخيرة بـ«القوية والاستثنائية»، وقال: «منذ الانقلاب الحوثي ونقل البنك المركزي إلى عدن، لم تُتَّخذ مثل هذه القرارات (...) بعد تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية والقرصنة في البحر الأحمر واستهداف السفن تَغيَّر المزاج الدولي».

المزاج الدولي تغيَّر بعد هجمات البحر الأحمر وتصنيف الحوثيين جماعةً إرهابيةً (د.ب.أ)

وفي معرض تفسيره لهذه القرارات الحاسمة، أشار الدكتور أحمد المعبقي إلى أن «تصنيف جماعة الحوثيين إرهابيةً خلق وضعاً صعباً للقطاع المصرفي برمته، وليس البنوك الواقعة تحت سيطرة الميليشيات فقط، مما حتَّم على البنك المركزي التحرك لتوفير الحد الأدنى من المعايير المصرفية، التي يقبل بموجبها العالم التعامل مع أي بلد».

قرار سيادي... لا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي

وشدد المعبقي الذي عُيِّن محافظاً للبنك المركزي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، خلال حديث إعلامي في عدن فور إصدار القرار رقم 20، على أن «القرار يمني سيادي، ذو طابع نقدي ومصرفي، ولا علاقة له بالوضع الإقليمي أو الدولي».

وأشار إلى أن «أخطر الانتهاكات والتجاوزات (للحوثيين) الإقدام على سك عملة مزورة بواسطة كيان غير شرعي ولا قانوني وإنزالها للتداول، وهنا بات محتماً على البنك المركزي وضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما لقي تفهماً ودعماً إقليميَّين ودوليَّين». على حد تعبيره.

وتابع: «البنك المركزي يعمل وفقاً للقانون وليس وفقاً للتوجيهات والتوجهات»، محذراً الحوثيين بقوله: «ماضون في تنفيذ القرار بكل مراحله، وفقاً للخطة المقررة، كما أننا منفتحون للحوار للوصول إلى حلول، ولا نرغب في التصعيد ولا التعقيد، ولكن لن نسمح باختراق المعايير وتجاوز الخطوط الحمراء».


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية ناقلة نفط في البحر الأحمر (رويترز)

أنقرة تدين هجوم الحوثيين على سفينة شحن تركية

أدانت وزارة الخارجية التركية، اليوم (الأربعاء)، الهجوم الصاروخي الذي شنّه الحوثيون المتحالفون مع إيران على سفينة الشحن ذات الملكية التركية «أناضولو إس».

«الشرق الأوسط» (أنقرة )

قصف إسرائيلي يستهدف بلدتين في ريف حمص وسط سوريا

صورة عامة أرشيفية تظهر مباني مدمرة في حمص، سوريا 5 مارس 2013 (رويترز)
صورة عامة أرشيفية تظهر مباني مدمرة في حمص، سوريا 5 مارس 2013 (رويترز)
TT

قصف إسرائيلي يستهدف بلدتين في ريف حمص وسط سوريا

صورة عامة أرشيفية تظهر مباني مدمرة في حمص، سوريا 5 مارس 2013 (رويترز)
صورة عامة أرشيفية تظهر مباني مدمرة في حمص، سوريا 5 مارس 2013 (رويترز)

استهدف قصف إسرائيلي، مساء الثلاثاء، قريتين في ريف حمص في وسط سوريا وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأوردت سانا «أنباء أولية عن عدوان إسرائيلي استهدف قريتين في ريف حمص الشمالي والغربي»، كما أفاد التلفزيون الرسمي أن «أصوات الانفجارات التي سُمعت في حمص ناجمة عن عدوان إسرائيلي استهدف قرية الأمينية».

وأفادت وسائل إعلام سورية في وقت سابق بسماع دوي الانفجارات بقوة في سماء حمص بغرب البلاد.