الحكومة المصرية الجديدة لـ«نيل ثقة» البرلمان ببرنامج من أربعة محاور

مدبولي تعهد بحل «أزمة الكهرباء» وعدم التفريط في «مياه النيل»

رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام مجلس النواب بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام مجلس النواب بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء)
TT

الحكومة المصرية الجديدة لـ«نيل ثقة» البرلمان ببرنامج من أربعة محاور

رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام مجلس النواب بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام مجلس النواب بمقر البرلمان بالعاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء)

تحت عنوان: «معاً نبني مستقبلاً مستداماً»، عرضت الحكومة المصرية الجديدة، الاثنين، برنامج عملها للسنوات الثلاث المقبلة، أمام مجلس النواب (البرلمان)، في خطوة دستورية تستهدف «نيل ثقته». وتعهد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بحل «أزمة الكهرباء» وعدم التفريط في حصة بلاده من مياه النيل.

وكانت الحكومة المصرية الجديدة أدّت اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأربعاء الماضي، بعد شهر من المشاورات للاستقرار على تشكيلها الذي شهد دمج وزارات واستحداث أخرى وتعيين نائبين لرئيس الوزراء، إضافة إلى تغيير ثلاث حقائب سيادية هي الدفاع والخارجية والعدل.

وحضرت الحكومة الجديدة بكامل هيئتها أمام مجلس النواب لاستعراض برنامجها. وقال مدبولي، في بيانه، إن برنامج الحكومة للفترة (2024/ 2025 – 2026/ 2027)، «يضمن حاضراً أفضل ومستقبلاً مستداماً للأجيال المقبلة»، مشيراً إلى أن «الحكومة ستعمل على أربعة محاور رئيسية وهي: حماية الأمن القومي وسياسة مصر الخارجية، وبناء الإنسان وتعزيز رفاهيته، وبناء اقتصاد تنافسي جاذب للاستثمارات، وأخيراً تحقيق الاستقرار السياسي والتماسُك الوطني».

وأوضح أن «الحكومة ستعمل على تحقيق الأمن القومي بمفهومه الشامل، بما يضمن حماية أمن واستقرار الحدود، ودعم القدرات العسكرية للجيش، وتعزيز أمن البحر الأحمر وقناة السويس، وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود والاتجار بالبشر، فضلاً عن تطوير السياسة الخارجية لمصر، وتعزيز دورها في محيطها العربي والأفريقي والدولي».

وشدد مدبولي على أن «أمن مصر المائي، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والأمن السيبراني؛ يعد جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي»، مشيراً إلى أن «المحور الرئيسي الأول من برنامج الحكومة يشمل العمل على حماية أمن مصر المائي من خلال تعزيز التعاون الثنائي مع دول حوض النيل والقرن الأفريقي، وعدم التفريط في حصة مصر من مياه النيل».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع مائي ممتد لأكثر من عشر سنوات بسبب «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن «يؤثر على حصتها من مياه النيل».

وأكد مدبولي أن الحكومة «تضع هموم المواطن ومعاناته في بؤرة الاهتمام، وتعمل على معالجتها»، مشيراً إلى «السعي لفتح صفحة جديدة للعلاقة بين المواطنين والإدارات المحلية والحكومية بهدف خلق تواصل بنّاء وإيجابي».

وفيما يتعلق بأزمة الكهرباء، تعهد مدبولي بـ«العمل بكل عزم وإصرار على القضاء على هذه المشكلة نهائياً خلال نصف العام الأول من برنامجها». كما قال إن «الحكومة بذلت جهوداً كبيرة لضبط الأسواق والحد من ارتفاع الأسعار، عبر ضخ كميات من السلع، ما أسفر عن تراجع معدلات التضخم في الشهرين الأخيرين».

وتعاني مصر أزمة كهرباء تسببت في وضع الحكومة خطة لتخفيف الأحمال يتم خلالها قطع الكهرباء وفق جدول زمني ومناطقي لمدد وصلت إلى ثلاث ساعات. كما يشكو المصريون من موجات متتالية من ارتفاع الأسعار ترافقت مع تراجع سعر صرف العملة المحلية.

وتطرق رئيس الوزراء المصري إلى «طبيعة التحديات التي تُواجه بلاده»، والتي قال إنها «ذات وجوه متعددة»، مشيراً إلى أن الوجه الأول يرتبط بإكمال المسيرة التي بدأتها مصر منذ عشر سنوات، «لا سيما في تطوير البنية التحتية، والطاقة، واستصلاح الأراضي، والصناعة، وتطوير العشوائيات، وتحسين خدمات الصحة والتعليم».

أما الوجه الثاني فيرتبط، بحسب مدبولي، بـ«تحديات جديدة خلقتها الأزمة الاقتصادية العالمية التي ترتبت على الحرب الروسية - الأوكرانية»، لافتاً إلى أن «المصريين تحملوا تداعيات الأزمة بقوة وصلابة».

وأضاف أن «الوجه الثالث للتحديات يرتبط بالصراعات التي يشهدها الإقليم، الذي تقف مصر في قلبه»، مشيراً إلى الحرب في غزة التي كان لها «تداعياتها شديدة السلبية على موارد الاقتصاد المصري، وعلى رأسها إيرادات قناة السويس».

وأكد مدبولي حرص حكومته على «زيادة فرص العمل وخفض معدل البطالة»، مشيراً إلى «سعيها لتحفيز بيئة الأعمال وتحسين فرص العمالة المصرية في الخارج».

وتعهد رئيس الوزراء بـ«تعزيز المشاركة السياسية والحكم الرشيد، من خلال دعم اللامركزية وتمكين المجتمع المحلي».

ووعد مدبولي بـ«العمل على تعزيز التواصل السياسي مع كافة مكونات المجتمع المصري كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الشمولية والوحدة الوطنية»، مشيراً إلى «فتح قنوات حوار فعالة مع جميع الأطياف والفئات المجتمعية لضمان مشاركة واسعة في عملية صنع القرار وتعزيز التفاهم المشترك، ويشمل هذا التواصل: الاجتماعات الدورية مع مجلس أمناء الحوار الوطني، وممثلي المجتمع المدني، والنقابات، والأحزاب السياسية، والشباب، والمرأة، والمجموعات المهمشة».

وأشار مدبولي إلى أن «الحكومة ستضع بين أيدي مجلس النواب وثيقةً تفصيليةً لبرنامج عمل الحكومة تضم أكثر من 300 صفحة توضح بشكل جلي مسارات وبرامج عملها»، متعهداً بـ«رفع تقارير متابعة الأداء والنتائج إلى البرلمان بشكل دوري؛ لضمان الشفافية والمساءلة وتحقيق الأهداف المنشودة». وقال إن «الحكومة ستعمل على عقد مؤتمرات صحافية مُنتظمة لإعلان النتائج وتوضيحها للرأي العام».

بدوره، أعلن رئيس مجلس النواب المستشار الدكتور حنفي جبالي، تشكيل لجنة خاصة برئاسة وكيل أول المجلس المستشار أحمد سعد الدين، و42 عضواً بينهم ممثلون عن المعارضة والمستقلين؛ لدراسة برنامج عمل الحكومة، وإعداد تقرير عنه خلال عشرة أيام، وعرض تقريرها على المجلس في أول جلسة تالية لانتهاء هذه المدة.


مقالات ذات صلة

ما المنتظر من البرلمان المصري في دور الانعقاد الخامس؟

العالم العربي رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

ما المنتظر من البرلمان المصري في دور الانعقاد الخامس؟

تنطلق الثلاثاء أولى جلسات دور الانعقاد الخامس والأخير لمجلس النواب المصري (البرلمان).

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماعات مجلس الحوار الوطني المصري خلال مناقشة قضية الحبس الاحتياطي (الحوار الوطني المصري)

مصر: «الحوار الوطني» على خط أزمة قانون «الإجراءات الجنائية»

دخل «الحوار الوطني» المصري على خط أزمة قانون «الإجراءات الجنائية» الذي قُوبل بـ«تحفظات» نقابية وحقوقية واسعة، خلال الأيام الماضية.

عصام فضل (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

مصر: مشروع قانون «الإجراءات الجنائية» يثير مخاوف بشأن «الحريات»

نصوص القانون المقترحة حملت «عبارات مطاطة قابلة للتأويل بما يتنافى مع النصوص الدستورية».

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب خلال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد (البرلمان المصري)

البرلمان المصري يناقش تعديل «الإجراءات الجنائية» وسط «اعتراضات»

فجرت مناقشات تجريها لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب (البرلمان) بشأن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية اعتراضات وتحفظات واسعة من أطراف عدة.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

تحالفات الانتخابات البرلمانية تعمّق خلافات المعارضة المصرية

تعمّق الانتخابات البرلمانية المرتقبة في مصر، نهاية العام المقبل، من الخلافات داخل «الحركة المدنية الديمقراطية»، أكبر التجمعات المصرية المعارضة.

أحمد عدلي (القاهرة)

نتنياهو يحبط مساعي وقف إطلاق النار في لبنان

لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يحبط مساعي وقف إطلاق النار في لبنان

لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)
لبنانيون يسيرون فوق الركام المتطاير من مبنى دمرته غارة إسرائيلية على طريق المطار الدولي (د.ب.أ)

أحبط رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، المساعي الدبلوماسية اللبنانية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وبدا أن الجهد الدبلوماسي يُقاد من جهة واحدة، وسط تضارب في تفسير المبادرة التي أطلقتها الحكومة اللبنانية قبل أسبوعين، والقائمة على التزام لبنان بالنداء الذي صدر في الاجتماعات التي جرت إبان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.

وفُهم من المبادرة التي أعلن عنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن المطالبة بوقف إطلاق النار تتضمن فصلاً لجبهتي غزة وجنوب لبنان، خلافاً لموقف «حزب الله» السابق، الذي كان يصرّ على وقف إطلاق النار في الجبهتين بشكل متزامن.

وازداد الأمر غموضاً في تصريحات لمسؤولين في «حزب الله»، من بينهم النائب حسين الحاج حسن، الذي قال إن الأولوية الآن لوقف إطلاق النار، ودفع للاعتقاد بأن الحزب وافق على فصل الجبهتين.

لكن مصادر مقربة من «حزب الله»، نفت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن يكون هناك تغيير في موقف الحزب، وأكدت أن الإيحاء بالموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة «غير صحيح بتاتاً»، وأوضحت أن ما يتم تداوله يعد «تأويلاً متعسفاً للتصريحات»، في إشارة إلى تصريح الحاج حسن.

صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ)

ولا يبدو أن هناك أي تقدم في الملف، فرغم المحاولات الفرنسية للدفع باتجاه تطبيق وقف إطلاق النار، ودفع دولي آخر باتجاه تطبيق النداء الصادر في نيويورك فإن تلك الجهود «اصطدمت بتعنت إسرائيلي»، حسبما قالت مصادر لبنانية مطلعة على الحراك السياسي والدبلوماسي، مشيرة إلى أن موقف نتنياهو الذي أعلنه مساء السبت، «أحبط الجهود، وأعطى أولوية للمعركة العسكرية التي يمضي بها في الداخل اللبناني».

تطبيق القرار 1701

في هذا الوقت، تسعى الحكومة اللبنانية إلى الدفع باتجاه مبادرة لتطبيق القرار 1701، ووقف إطلاق النار. وهذا ما عبَّر عنه ميقاتي خلال استقباله المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إذ رحب بالجهود المبذولة من «المفوضية» للتخفيف عن النازحين.

وشدد على أن «الحل الوحيد لوقف هذه المعاناة هو الوقف الفوري لإطلاق النار، ووقف العدوان الإسرائيلي، وتطبيق القرار 1701 الذي يؤسس لعودة النازحين إلى مناطقهم ولحفظ الاستقرار في المنطقة».

وطلب ميقاتي من غراندي العمل الجدي مع السلطات السورية والمجتمع الدولي لحل أزمة النازحين السوريين في لبنان، وتأمين عودتهم إلى سوريا؛ «لأن آلاف اللبنانيين باتوا نازحين في وطنهم، ولم يعد لبنان قادراً على تحمّل أعباء النازحين السوريين».

وكان ميقاتي أثنى على ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال إنه «يعبر خير تعبير عن القيم الإنسانية السامية التي تعبر عنها فرنسا، والرئيس ماكرون شخصياً في مناصرة الحق ووقف العنف، واللجوء إلى الحلول السلمية التي تبعد شبح الحروب والقتل، وليس مستغرباً أن يقابل هذا الموقف بعداء واضح من نتنياهو الذي يشكل عاراً على الإنسانية جمعاء».

وقال: «إننا في لبنان، علمنا بالمواقف المشرفة للرئيس ماكرون في دعم لبنان واستقراره وسيادته، وسعيه الدؤوب لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا وأرضنا، ونجدد تأييد النداء المشترك الذي أصدرته فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، بدعم من الاتحاد الأوروبي ودول عربية وأجنبية، ونطالب بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 1701 فوراً».

لبنانيون يقفون بجوار منزل دمرته غارة إسرائيلية في الجية بساحل الشوف (إ.ب.أ)

كما التقى وزير الإعلام زياد المكاري، وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي، على هامش القمة الفرنكوفونية الـ19 في باريس، التي يترأس فيها وفد لبنان. ودار بينهما حديث مطول عن تطورات الأوضاع في المنطقة، وشدد الجانبان على ضرورة وقف إطلاق النار وإدانة إسرائيل.

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (د.ب.أ)

ورغم أن هناك محاولات لتفعيل الحراك السياسي الداخلي باتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية، انطلاقاً من المبادرة التي أعلنها رئيس الحكومة اللبنانية بدعم من رئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط،، فإن هذا الملف أيضاً لم يطرأ عليه أي تقدم، رغم الدعوات المتواصلة لإنهاء هذا الشغور، وجاء آخرها على لسان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي أكد أن «السلطة توجب على المسؤولين توطيد الاستقرار، والمطلوب تناسي نقاط الخلاف والعمل على انتخاب رئيس يحظى بالثقة الداخلية والخارجية، ويسعى إلى تنفيذ القرار 1701 ووقف إطلاق النار».

وشدّد الراعي على أن «انتخاب الرئيس لا يتحمّل بعد اليوم أي تأخير، وعدم انتخابه لمدة سنتين كان جرماً من المجلس النيابي».