سابقة قضائية ألمانية بالحكم على عنصرين من «حزب الله» بالسجن 5 سنوات

أدانتهما بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي

عبد اللطيف وهبي (يسار الصورة) لدى مثوله أمام المحكمة الألمانية (الشرق الأوسط)
عبد اللطيف وهبي (يسار الصورة) لدى مثوله أمام المحكمة الألمانية (الشرق الأوسط)
TT

سابقة قضائية ألمانية بالحكم على عنصرين من «حزب الله» بالسجن 5 سنوات

عبد اللطيف وهبي (يسار الصورة) لدى مثوله أمام المحكمة الألمانية (الشرق الأوسط)
عبد اللطيف وهبي (يسار الصورة) لدى مثوله أمام المحكمة الألمانية (الشرق الأوسط)

أصدرت المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ حكماً غير مسبوق على عنصرين من «حزب الله» وأدانتهما بالانتماء لتنظيم إرهابي، استناداً لتصنيف الحزب إرهابياً في ألمانيا عام 2020.

وحكمت المحكمة بالسجن 5 سنوات ونصف السنة على المتهم الأول، و3 سنوات على المتهم الثاني، وهو ما كان طلبه الادعاء العام.

وانطلقت القضية مطلع العام، واستغرق الإعداد لها شهوراً طويلةً بقي خلالها المتهمان الذين ألقي عليهما القبض العام الماضي، قيد الحبس الاحتياطي. وقالت القاضية التي تلت الحكم إن المتهمين حسن محسن البالغ من العمر 50 عاماً المولود في طير حرفا بلبنان، وعبد اللطيف وهبي البالغ من العمر 56 عاماً المولود في قرية حاروف، كانا عضوين فاعلين في «حزب الله» منذ سنوات. وتحدثت عن أدلة تثبت ارتباطهما بالحزب كان قدمها الادعاء، من بينها صور لهما يرتديان اللباس العسكري التابع لـ«حزب الله» في مدينة القصير بسوريا عام 2015 و2016، وقالت إن من بين الأدلة الأخرى أشرطة فيديو تظهر أحدهما وهو يمتدح حسن نصر الله زعيم «حزب الله».

وقالت القاضية إن الرجلين كان يعملان على تجنيد شبان في ألمانيا للانضمام لـ«حزب الله»، وكانا ينشران البروباغندا التابعة للحزب من خلال «جمعية المصطفى» في بريمن، التي تم حظرها عام 2022 وأغلقت. واستند المدعي العام هلموت غراور لأدلة رُفعت من الجمعية التي تمت مداهمتها، لإصدار مذكرات التوقيف بحق الرجلين. وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن قراره تقديم الأدلة بحق الرجلين ومحاكمتهما «غير مرتبط بالسياسة»، وإنه عندما «توفرت الآليات القانونية لمحاكمتهما» تحرك على أثرها، وهو يقصد بذلك قرار الداخلية عام 2020 تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية. وبعد صدور الحكم، قال المدعي العام لـ«الشرق الأوسط» رداً على سؤال عما إذا كان الحكم خطوة أولى باتجاه المزيد من المحاكمات لعناصر «حزب الله»، إن الحكم «شكل سابقةً في القضاء الألماني، وهذا سيسهل من دون شك أي قضايا أخرى شبيهة في المستقبل».

ومنذ تصنيف «حزب الله» إرهابياً لم تعتقل السلطات الألمانية أحداً قبل محسن ووهبي، ما يفتح الباب الآن أمام محاكمات إضافية لعناصر من الحزب. وتقدر المخابرات الألمانية الداخلية عدد عناصر «حزب الله» في ألمانيا بـ1200 عنصر.

وكان المتهمان قد نفيا الاتهامات الموجهة لهما، وقالا إنهما لا ينتميان لـ«حزب الله»، وقال محاميهما إن صورهما بلباس عسكري لا تثبت بالضرورة انتماءهما لمنظمة عسكرية. وناقش دفاعهما بأن الأدلة المقدمة بانتمائهما إلى «حزب الله» تعود إلى ما قبل عام 2020 حين لم يكن «حزب الله» صُنف منظمة إرهابية في ألمانيا بعد. لكن القاضية رفضت الدفاع، وتحدثت عن حيثيات تصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، وقالت إنه يدعو «لتدمير إسرائيل». وتحدثت كذلك عن ارتباط بين محسن ومسجد هامبورغ الإسلامي الذي تقول المخابرات الألمانية إنه مرتبط بإيران، وإنه ينشر البروباغندا التابعة للملالي في ألمانيا وأوروبا. وقالت إن محسن زار المسجد مراراً في السنوات الماضية.

وكان البرلمان الألماني صوّت لقرار يدعو الحكومة الألمانية لإغلاق مسجد هامبورغ، لكن الداخلية تقول إنها ما زالت لا تملك أدلة كافية لذلك. وداهمت الشرطة العام الماضي المسجد، ودفعت أدلة يأمل المحققون أن تثبت تورط المسجد بدعم الإرهاب، ولكن حتى الآن لم تتحرك الداخلية لإغلاقه.

ويأتي الحكم على عنصرين في «حزب الله» في وقت تشدد فيه الحكومة الألمانية من قوانينها لمواجهة ما تقول إنه «تمجيد الإرهاب المتصاعد منذ عملية 7 أكتوبر». ووافقت الحكومة قبل يومين على اقتراح من الداخلية الألمانية لترحيل أي شخص «يمجد الإرهاب» عن طريق «إعجاب» على وسائل التواصل الاجتماعي. والقانون الحالي أكثر تعقيداً، ويستوجب إثبات خروج تصريحات تمجد الإرهاب عن الأشخاص قبل ترحيلهم. وما زال يتعين على البرلمان الموافقة على المشروع قبل أن يدخل حيز التنفيذ.

ويعرض القانون ألمانيا لانتقادات من الناشطين في حقوق الانسان، خصوصاً أن الحكومة تتعرض منذ عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) لاتهامات بأنها «تقمع الآراء» المغايرة لها، التي تبدي تأييداً لفلسطين. وتعد ألمانيا من أكثر الدول تأييداً لإسرائيل بسبب تاريخها، وهي كانت كذلك من الدول الأكثر تشدداً ضد المظاهرات التي خرجت دعماً لسكان غزة وفلسطين.


مقالات ذات صلة

تصعيد جنوب لبنان يسابق محادثات أممية في تل أبيب

المشرق العربي امرأة من جنوب لبنان تسير أمام آليات لـ«يونيفيل» في مدينة صور خلال تقديم رعاية صحية للنازحين من جنوب لبنان (إ.ب.أ) play-circle 00:42

تصعيد جنوب لبنان يسابق محادثات أممية في تل أبيب

يسابق التصعيد العسكري في جنوب لبنان، الذي بلغ مدى أعمق على ضفتي الحدود، المساعي الدبلوماسية التي تقوم بها الأمم المتحدة؛ لمعالجة البنود العالقة في القرار 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يشيعون في بيروت القيادي في الحزب محمد نعمة ناصر الذي قتل في غارة إسرائيلية (د.ب.أ)

مقتل عنصر من «حزب الله» بغارة إسرائيلية على شرق لبنان

قُتل عنصر في «حزب الله» جراء غارة إسرائيلية بطائرة مسيّرة استهدفت سيارة في شرق لبنان، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من الحزب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ تم إطلاقها من جنوب لبنان (إ.ب.أ)

هل كان جنوب لبنان فعلاً جبهة «دعم وإسناد» لغزة؟

في 8 أكتوبر بدأ «حزب الله» عمليات عسكرية ضد إسرائيل تحت شعار «دعم وإسناد غزة». فهل نجح فعلاً في ذلك؟

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دخان يتصاعد من موقع استهدفه القصف الإسرائيلي في قرية بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

إسرائيل تقصف أهدافاً لـ«حزب الله» في جنوب لبنان

ذكر متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن طائرات ومقاتلات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي هاجمت خلال الليلة الماضية عدة أهداف تابعة لـ«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة وزعها المكتب الإعلامي لحزب الله في 28 يونيو 2024، تظهر اجتماع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مع الأمين العام للجماعة الإسلامية محمد طقوش بحضور عضو المجلس السياسي لحزب الله عبد المجيد عمار في مكان غير معلوم في لبنان (أ.ف.ب)

أمين عام «حزب الله» يلتقي وفداً من «حماس» لبحث أوضاع غزة

قالت جماعة «حزب الله» اللبنانية في بيان، اليوم (الجمعة)، إن الأمين العام حسن نصر الله التقى وفداً من حركة «حماس»، برئاسة خليل الحية لبحث الأوضاع في غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

توغلات تركية متواصلة في دهوك... وصمت ببغداد وأربيل

أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)
أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)
TT

توغلات تركية متواصلة في دهوك... وصمت ببغداد وأربيل

أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)
أنقرة تقول إنها تهدف لمنع «العمال الكردستاني» من استخدام العراق لشن هجمات (رويترز)

رغم تواتر الأخبار عن عمليات قصف وتوغل متصاعدين للقوات التركية، تركزت في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراقي، فإن السلطات؛ سواء الاتحادية في بغداد، أو الإقليمية في أربيل، التزمت الصمت حيال ذلك، بينما عبّرت قوى سياسية عراقية عن رفضها لتوغلات أنقرة، ودعت إلى ردعها.

لكن مصدراً أمنياً عراقياً قال لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك اعتقاداً بوجود «اتفاق مضمر» بين أنقرة من جهة، وبغداد وأربيل من جهة أخرى، يتضمن «السماح للقوات التركية بملاحقة عناصر (حزب العمال الكردستاني)، (تصنفه تركيا إرهابياً) داخل الأراضي العراقية».

ونفّذت القوات التركية عمليات قصف بالطائرات والمدفعية، الأحد، على مواقع تابعة لـ«العمال الكردستاني» في وادي «رشافة» شمال دهوك.

ومع ذلك، لا يرى المصدر الأمنى العراقي أن «التوغل التركي يمثّل جديداً؛ إذ يستمر منذ سنوات، وعادةً ما ينشط بين أشهر يونيو (حزيران)، وأكتوبر (تشرين الأول) من كل عام؛ لأن الأجواء المناخية تسمح بذلك، وفي الشتاء تتراجع القوات التركية بسبب سوء الأحوال الجوية».

وطبقاً للمعلومات التي نشرتها شبكة «رووداو» الإعلامية الكردية، فإن القوات التركية أقامت في 24 يونيو الماضي، نقطة تفتيش على مفرق طريق «كاني بلافي وبيليزاني»، الواقع على الطريق الرئيسي بين ناحيتَي «بامرني وكاني ماسي» في محافظة دهوك.

تدريبات لمقاتلي حزب «العمال الكردستاني» في شمال العراق (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتؤكد معلومات الشبكة أن «جنود الجيش التركي يتجوّلون في المنطقة رفقة أسلحتهم الثقيلة»، مضيفةً أن تركيا نفّذت خلال العامين الماضيَين عمليتين في قضاءَي «باتيفا» و«العمادية»، وأقامت حتى الآن «150 نقطة عسكرية بعمق 35 كيلومتراً داخل أراضي إقليم كردستان».

كما أفادت وسائل إعلام كردية، الأحد، بنصب القوات التركية نقاطاً عسكرية جديدة شمال محافظة دهوك؛ لبسط المزيد من سيطرتها على المناطق الحدودية، بذريعة ملاحقة «العمال الكردستاني»، الذي تعتقد أنقرة أنه ينشط في تلك المناطق المتاخمة لحدودها مع العراق.

وتقول مصادر، إن «القوات التركية نفّذت تحركات عسكرية جديدة في منطقة (نهلي)، التابعة لقضاء العمادية شمال دهوك، حيث نصبت عدة نقاط عسكرية بين وادي (سركلي) ووادي (رشافة) على سفوح جبل (متين)، وتم تجهيز هذه النقاط بالأسلحة والعربات العسكرية، إضافةً إلى الآليات اللازمة لفتح الطرق، وإنشاء القواعد العسكرية».

300 دبابة

وتحدثت المصادر الكردية عن قيام منظمة «فرق صناع السلام» الأميركية (CPT)، نهاية يوينو الماضي، برصد دخول الجيش التركي صوب إقليم كردستان العراق بـ300 دبابة ومدرعة، وإقامة حاجز أمني ضمن حدود منطقة بادينان.

ووفقاً لتقرير المنظمة، فإن تركيا تسعى إلى رسم خط أمني، يبدأ من منطقة (شيلادزي)، ويمتد إلى قضاء «باتيفا»، وسيمرُّ عبر ناحية «ديرلوك»، و«بامرني»، «وبيكوفا»، بحيث تكون جميع القرى والبلدات والأقضية والنواحي والوديان والأراضي والسماء والماء، خلف هذا الخط تحت السيطرة العسكرية للجيش التركي.

وتعليقاً على عدم إصدار الحكومة الاتحادية وسلطات الإقليم بيانات بشأن التدخل التركي، يقول كفاح محمود المستشار الإعلامي لزعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحصل من تحركات تركية ليس جديداً، ويمتد لسنوات طويلة ماضية، هناك عشرات القواعد التركية المنتشرة شمال دهوك وأربيل أيضاً، بسبب تواجد قوات (العمال الكردستاني) في أراضي كردستان للأسف الشديد».

ويضيف أن «الطرفين التركي والعمالي يريدان نقل صراعهما خارج الأراضي التركية، سواء في كردستان العراق، أو في سوريا، وربما في مناطق أخرى من محافظة نينوى، وضمنها القاعدة العسكرية في منطقة بعشيقة».

ويعتقد كفاح أن «هناك تعاوناً استراتيجياً بين حزب العمال، وأطراف مؤثرة في الحكومة و(الحشد الشعبي)، وهذا ما يفسّر صمت الحكومة الاتحادية، وحتى زيارة الرئيس التركي الأخيرة إلى بغداد لم تُنتج شيئاً، بسبب طبيعة العلاقة بين (الحشد) و(العمال) في منطقة سنجار ومناطق أخرى».

ويتابع، أن «ما يحدث حالياً في دهوك وشمال أربيل بنحو 40 كيلومتراً من تدخّل تركيا بسبب صراعها مع حزب العمال، وهو تدخل مدعوم ربما باتفاقية قديمة بين أنقرة وبغداد، يتيح لكلا الطرفين التدخل بعمق نحو 5 كيلومترات في جانبي الحدود».

خيم «مام رشان» قرب مدينة دهوك في العراق (أ.ب)

ويرى كفاح أن «حكومة الإقليم لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال التدخلات التركية؛ لأنها لا تمتلك قوات عسكرية تضاهي القوات التركية، فقوات البيشمركة غير مكلّفة بالاشتباك مع القوات التركية أو غيرها، وهذه من المهام السيادية المرتبطة بالحكومة الاتحادية التي لديها 3 فرق عسكرية منتشرة بين المثلّث العراقي التركي السوري، إلى المثلث العراقي الإيراني التركي، لكن هذه القوات غير مجهّزة بالأسلحة المناسبة».

وفي وقت سابق أعربت السيدة الأولى العراقية شاناز إبراهيم أحمد، عن قلقها من التطورات التي تحدث في دهوك، وقالت إن «سيادة العراق في خطر، ولا أحد يتكلم؟ في انتهاك صارخ للقانون الدولي، تقيم القوات المسلحة التابعة لدولة مجاورة (...) نقاط تفتيش ودوريات على أراضينا في دهوك».

رفض سياسي

من جهته، دعا تحالف «قيم»، الذي يضم معظم الحركات والأحزاب المدنية، وضمنها «الحزب الشيوعي العراقي»، الأحد، إلى اتخاذ مواقف مناسبة وقوية، لحماية المواطنين من القصف التركي لقضاء العمادية بمحافظة دهوك.

وقال تحالف «قيم» المدني في بيان: «تستمر القوات التركية، منذ فترة ليست قصيرة، بانتهاك السيادة العراقية، وتُواصل توغلها العسكري، والقصف شبه المستمر لمحافظة دهوك، وبشكل خاص لقضاء العمادية، مع تواصل الاستهتار حد إقامة معسكرات ونقاط تفتيش ثابتة ومتحركة، وتهجير عدد من المواطنين من قراهم، مما يدحض حجة الحكومة التركية، وادّعاءها بأنها تلاحق حزب العمال الكردستاني».

وأضاف: «حتى الآن لم يجرِ اتخاذ أي إجراء رادع لوقف هذه الانتهاكات، سواءً من القوات التركية، أو من حزب العمال الكردستاني، الذي يستخدم الأراضي العراقية في أنشطة تضر باستقرار وأمن بلدنا»، وأكّد التحالف رفضه التام «لعدوان القوات التركية، وانتهاكها المستمر للسيادة».