العراق: ليلة عاصفة في مقر «الحشد الشعبي»

تراجع عن إقالة «أبو زينب اللامي» بعد تهديد «كتائب حزب الله»

السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)
السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)
TT

العراق: ليلة عاصفة في مقر «الحشد الشعبي»

السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)
السوداني يتوسط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (إعلام حكومي)

بعد ليلة عاصفة داخل هيئة «الحشد الشعبي»، تراجعت الأخيرة عن قرار إقالة مسؤول جهازها الأمني المعروف بـ«أبو زينب اللامي»، وأفادت مصادر مختلفة بأن «كتائب حزب الله» أجبرت الهيئة على عدم تنفيذ الإقالة بعدما طوق مسلحوها مقرها في بغداد.

وكانت مصادر عراقية أفادت، صباح أمس الخميس، بأن رئيس «الحشد الشعبي» أقال مدير أمن الهيئة من منصبه، وعيّن علي الزيدي في محله بشكل مؤقت، قبل أن تتراجع الهيئة عن قرارها، في ظروف غامضة.

وتداولت وسائل إعلام محلية أن مسلحين تابعين لـ«كتائب حزب الله» حاصروا بعجلات وأسلحة متوسطة مقر الحشد في بغداد، حيث مكتب اللامي، وحذرت من تنفيذ قرار إقالته.

صورة نشرتها منصات مقربة من «الحشد الشعبي» يظهر فيها «أبو زينب اللامي» إلى يسار الفياض

أجواء متوترة بين قادة الفصائل

وقالت مصادر متقاطعة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في تلك الأثناء جرت اتصالات مكثفة بين مسؤولين حكوميين وأمنيين وقادة فصائل طغى عليها التوتر بسبب أجواء التهديد بين أطراف مختلفة».

ووفقاً للمصادر، فإن «الكتائب» أرسلت 15 عجلة تحمل أسلحة ثقيلة للسيطرة على مقر «الحشد»، بالتزامن مع اتصالات أجريت بين رئيس أركان «الحشد»، أبو فدك ومسؤولين حكوميين انتهت بالتراجع عن قرار إقالة أبو زينب.

وينتمي أبو فدك وأبو زينب اللامي إلى «كتائب حزب الله»، ويميل كثيرون إلى الاعتقاد بأن قرار الإقالة استهدف نفوذ الفصيل في المؤسسات الأمنية.

وتداولت منصات في مواقع التواصل، أن «عجلات الكتائب استقرت في المرآب الخلفي لمقر مديرية الأمن بعد أن سيطر المسلحون على البناية».

وتسرب مع وقت الإعلان عن الإقالة، أن اللامي كان «يتخذ قرارات حاسمة من دون العودة إلى رئيس الهيئة فالح الفياض أو القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني».

وأشارت أنباء عن أن قرار الإقالة صدر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن مصادر مطلعة تميل إلى الاعتقاد بأن «عصائب أهل الحق» وراء ذلك، وهي «من صك أمر الإقالة وبتوقيع رئيس الوزراء».

ويعود أصل الإقالة إلى «خلافات عميقة بين (كتائب حزب الله) و(عصائب أهل الحق)، والأخيرة ترغب في السيطرة على هيئة (الحشد) بالكامل»، على ما تقول المصادر.

عنصر في «الحشد الشعبي» يحرس بوابة عليها صورة أبو مهدي المهندس في بغداد (أ.ف.ب)

ماذا يحدث الآن؟

خلال الساعات الماضية، تداول ناشطون منشوراً لحساب يزعم أنه لأبو زينب اللامي، ويحمل اسم «الفريق الركن حسين فالح اللامي»، وقال إن «قرار إقالته جاء بأمر من الاحتلال الأميركي».

وكان هذا بالتزامن مع حملة «كتائب حزب الله» للضغط على قادة هيئة «الحشد» للتراجع عن إقالة اللامي.

ويوم الجمعة، سافر رئس هيئة «الحشد الشعبي» إلى نينوى للاجتماع مع قادة عمليات «الحشد الشعبي» في المنطقة الشمالية، لكن مراقبين شككوا بتوقيت بالاجتماع، ورأوا أن الفياض حاول الابتعاد عن الجو المشحون في الهيئة بعد إصدار القرار والتراجع عنه.

وقالت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأمور معلقة الآن»، وإنه «ليس من الواضح إلى أين تتجه الأمور: إلى تنفيذ القرار أو الإبقاء على اللامي في منصبه».

وأوضحت المصادر أن ما حدث ليلة الخميس انتهى إلى انقسام حاد بين قادة هيئة «الحشد الشعبي»، وأنهم بحاجة إلى وقت طويل لتجاوز الشرخ الذي حدث، وربما إلى تدخل طهران في الأمر».

وكان قيادي في «تحالف الإطار التنسيقي» أبلغ «الشرق الأوسط» أن «إقالة اللامي كانت على الطاولة حتى قبل مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد أبو مهدي المهندس، بسبب قلق مرجعيات سياسية دينية شيعية من (توغله في ملفات فساد)، على حد تعبيره، لكن لا أحد يدري لماذا تأخر الأمر ونفذ الآن في هذا التوقيت».

«أبو فدك» (يسار) رئيس أركان «الحشد الشعبي» (إكس)

من هو اللامي؟

وبرز اللامي، واسمه حسين فالح، أيام اندلاع حركة الاحتجاج في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وقالت مصادر حينها إنه مسؤول عن فرقة قناصة اغتالت ناشطين في الاحتجاج.

ويرأس اللامي جهاز الأمن في قوات «الحشد الشعبي» منذ عدة سنوات، وهو الجهاز المسؤول عن معاقبة قادة الحشد في حال خالفوا الأوامر أو التعليمات، وفقاً لمركز «أبحاث مكافحة الإرهاب» في «الأكاديمية العسكرية الأميركية».

وإضافة لوظيفته في «الحشد الشعبي»، يعد اللامي أحد أبرز قادة «كتائب حزب الله» في العراق، المصنف على لائحة الإرهاب الأميركية، كما أن واشنطن فرضت عليه عقوبات لدوره المزعوم في احتجاجات تشرين.

ووصف تقرير لوكالة «رويترز»، نشر أواخر 2019، اللامي بأنه «شخصية قوية للغاية، ومخيفة على نطاق واسع، وكان له خط اتصال مباشر مع قائد (الحرس الثوري الإيراني) قاسم سليماني، بشكل مستقل عن أبو مهدي المهندس».

ونقلاً عن «رويترز»، فإن سياسيين عراقيين قالوا إن جهاز أمن الحشد برئاسة اللامي يدير فرعاً يسمى «الاستخبارات التقنية»، يرأسه شخص يدعى أبو إيمان، ويركز على إدارة عمليات مساومة بحق سياسيين ومسؤولين في وزارات عراقية مختلفة وقادة أمنيين.

وتشمل مهام مديرية أمن الحشد عمليات جمع أموال فاسدة، والسيطرة على الحدود العراقية السورية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وإنشاء وتطوير قواعد تابعة لهم خارج إطار سيطرة الدولة العراقية.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تحمل الحكومة العراقية مسؤولية الهجمات ضدها

المشرق العربي عناصر فصيل مسلح في جنازة رفاق لهم قضوا في ضربة أميركية بمحافظة بابل مؤخراً (أ.ب)

إسرائيل تحمل الحكومة العراقية مسؤولية الهجمات ضدها

يبدو أن مصير المواجهة بين إسرائيل والفصائل العراقية المسلحة المنخرطة فيما يعرف بـ«محور المقاومة» في طريقه إلى المزيد من التصعيد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي Iraklı Şii din adamı Ali es-Sistani bugün Birleşmiş Milletler Genel Sekreteri'nin Irak Özel Temsilcisi ve Birleşmiş Milletler Irak Yardım Misyonu (UNAMI) Başkanı Muhammed el-Hasan ve beraberindeki heyeti kabul etti. (INA)

السيستاني يدعو لحصر السلاح بيد الدولة

في أول ظهور له بعد نشر قناة إسرائيلية صورةً له ضمن قائمة استهداف بالاغتيال، دعا المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني إلى حصر السلاح بيد الدولة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها مكتب السيستاني من استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى العراق العماني محمد الحسان (أ.ف.ب)

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة ورفض التدخلات الخارجية

حدد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، 7 عوامل لتحقيق «استقرار العراق»، خلال لقائه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية ونائب زعيم «حزب الله» نعيم قاسم وقائد «الجهاد الإسلامي» زياد النخالة والناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام خلال تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، ويبدو خلف قاسم نائب الرئيس السوري فيصل المقداد (رويترز)

خاص «وحدة الساحات» غادرها الأسد وقلّصها السوداني وعارضها ميقاتي

قالت مصادر في بغداد لـ«الشرق الأوسط» إن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تشعر بقلق كبير من الذيول التي يمكن أن تترتب على ضربة إسرائيلية لأهداف في إيران.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي دعوات برلمانية لرفع الحصانة عن نائب اتهم «المقاومة» بالانتهازية (موقع البرلمان)

«المقاومة» تقاضي نائباً عراقياً اتهمها بـ«سفك الدماء»

أحدثت تصريحات أدلى بها النائب المعارض رئيس «تحالف قيم المدني»، سجاد سالم، حول ما تُعرف بـ«المقاومة العراقية»، غضباً داخل أوساط هذه الجماعات وأتباعها.

فاضل النشمي (بغداد)

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي يشدد على التزام بلاده «حلاً دبلوماسياً في لبنان»

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماع سابق مع مسؤولين إسرائيليين (أ.ب)

كرر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، اليوم (السبت)، «التزام» الولايات المتحدة التوصل إلى «حل دبلوماسي في لبنان»، وذلك خلال مباحثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي أكد أن بلاده ستواصل التحرك «بحزم» ضد «حزب الله».

ويأتي هذا الإعلان فيما تتصاعد الحرب بين إسرائيل والحزب، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي ضربات في قلب بيروت، وكذلك في جنوب وشرق لبنان؛ ما أدى إلى مقتل العشرات، وفق السلطات اللبنانية.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن «جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً في لبنان يمكّن المدنيين الإسرائيليين واللبنانيين من العودة الآمنة إلى ديارهم على جانبي الحدود».

من جانبه، أكد كاتس أن إسرائيل «ستواصل التحرك بحزم»، حسبما قال المتحدث باسمه في بيان، نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكرر كاتس التزام بلاده «باستهداف البنية التحتية الإرهابية لـ(حزب الله)، والقضاء على قادة الإرهابيين»؛ للسماح لسكان شمال إسرائيل بالعودة إلى ديارهم.

وبعد عام من القصف المتبادل بين الحزب وإسرائيل عبر الحدود بالتزامن مع حرب غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي، أواخر سبتمبر (أيلول)، نقل مركز ثقل عملياته العسكرية إلى جبهته الشمالية مع لبنان، حيث يشن مذّاك حملة غارات جوية مدمرة تتركز على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي شرق لبنان وجنوبه، وباشر بعد ذلك عمليات برية في جنوب لبنان.

وأسفر التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عن مقتل أكثر من 3650 شخصاً على الأقل في لبنان، وفق وزارة الصحة اللبنانية.

على صعيد متصل، حضّ لويد أوستن «الحكومة الإسرائيلية على مواصلة اتخاذ إجراءات بهدف تحسين الوضع الإنساني المزري في غزة، كما جدّد التأكيد على التزام الولايات المتحدة فيما يتّصل بتأمين الإفراج عن جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

يأتي ذلك رغم إعلان واشنطن، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل لا تنتهك القانون الأميركي فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية لغزة، بعد شهر من التهديد بتعليق قسم من مساعداتها العسكرية.

وتندّد الأمم المتحدة، ومنظّمات أخرى، بتدهور الأوضاع الإنسانية، خصوصاً في شمال غزة، حيث قالت إسرائيل، الجمعة، إنها قتلت قياديَّين ضالعَين في هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنّته حركة «حماس» على إسرائيل، وأشعل فتيل الحرب الدائرة حالياً في القطاع الفلسطيني.

وفي المحادثة الهاتفية مع كاتس، جرى أيضاً التباحث في العمليات الإسرائيلية الحالية، وقد جدّد أوستن التأكيد على «الالتزام الراسخ» لواشنطن بـ«أمن إسرائيل»، وفق «البنتاغون».