مقاطعة شيعية للقاء مع أمين سر الفاتيكان يبحث الملف الرئاسي اللبناني

قوى مسيحية ترفض هجوم قبلان على الراعي بعد انتقاداته لـ«المقاومة»

بارولين والراعي يتوسطان الحاضرين في لقاء بكركي (الشرق الأوسط)
بارولين والراعي يتوسطان الحاضرين في لقاء بكركي (الشرق الأوسط)
TT

مقاطعة شيعية للقاء مع أمين سر الفاتيكان يبحث الملف الرئاسي اللبناني

بارولين والراعي يتوسطان الحاضرين في لقاء بكركي (الشرق الأوسط)
بارولين والراعي يتوسطان الحاضرين في لقاء بكركي (الشرق الأوسط)

غاب ممثلو «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» والنواب الشيعة عن لقاء رؤساء الطوائف والكتل النيابية مع أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين في مقر البطريركية الماروني في بكركي، الذي بحث ملف الشغور الرئاسي بشكل أساسي، وأكد فيه بارولين أن «النموذج اللبناني يجب المحافظة عليه في هذه المنطقة التي تشهد أكثر من صراع».

وشارك رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في «اللقاء الجامع»، الذي دعا إليه البطريرك الماروني بشارة الراعي، وشهد لقاء بين رئيسي «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وتيار «المردة» الوزير الأسبق سليمان فرنجية المرشح للانتخابات الرئاسية، فيما أرسل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ممثلاً عنه، هو النائب بيار أبو عاصي، كما أرسل رئيس حزب «الكتائب»، سامي الجميل، النائب نديم الجميل ممثلاً عنه.

باسيل وفرنجية على درج بكركي بعد اللقاء مع بارولين (الشرق الأوسط)

بارولين والراعي

تصدر الملف الرئاسي قائمة المباحثات في زيارة بارولين، واللقاء الديني السياسي في بكركي، إضافة إلى الحفاظ على النموذج اللبناني، وهو ما عبّر عنه أمير سرّ الفاتيكان بالتأكيد على أن «النموذج اللبناني يجب المحافظة عليه في هذه المنطقة التي تشهد أكثر من صراع»، وأمل «بتعاون الجميع للوصول إلى مخارج من الأزمة وإيجاد حلول تحمل الأمل للبنان وشعبه».

وقال متوجهاً للحاضرين: «أحمل لكم تحيات قداسة البابا فرنسيس، الذي يتابع بدقة تطورات الوضع في لبنان، لبنان الذي لطالما حظي باهتمام الفاتيكان باعتباره وطن الرسالة من خلال تمكّن جميع مكونّاته من العيش سوياً والعمل من أجل خير لبنان».

وأضاف: «اليوم يجب أن يبقى لبنان نموذج تعايش ووحدة في ظل الأزمات والحروب الحاصلة، وأنا هنا اليوم في محاولة للمساعدة في التوصّل إلى حلّ لأزمة لبنان المتمثّلة بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، من خلال محاولة التوصل إلى حلول تناسب الجميع، وأتمنى أن نتمكن جميعنا اليوم من التوصّل إلى حل للأزمة الحاصلة».

وكان البطريرك الراعي رحّب في بداية اللقاء بالمشاركين، وأشار إلى أنه «اجتماع العائلة اللبنانية التي تعيش اليوم مرحلة صعبة جداً، وأتمنى أن نطلق تذكيراً بأهمية الصلاة من أجل السلام وانتهاء الحروب التي لم تعد المنطقة ولا لبنان قادرين على تحملها». وتمنى أن تكون الزيارة «مناسبة لإحلال السلام في لبنان».

بارولين يصافح المفتي عبد اللطيف دريان ويبدو باسيل إلى جانبه (الشرق الأوسط)

موقف معنوي

ولم يحضر ممثل عن الطائفة الشيعية بالرغم من دعوة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى اللقاء. وقالت مصادر مطلعة على ملفات «الشيعي الأعلى» لـ«الشرق الأوسط» إن الغياب عن اللقاء هو «مسألة معنوية»، بعد «خطاب البطريرك الراعي يوم الأحد: إن المقاومة ضد إسرائيل في الجنوب حوّلته إلى منطلق لأعمال إرهابيّة تزعزع أمن المنطقة واستقرارها»، وأضافت المصادر: «هذا التصريح هو السبب وراء مقاطعة اللقاء»، مشددة على أنه «لا موقف من الفاتيكان، ولا مشكلة معه... بدليل أن بارولين سيجتمع مع رئيس البرلمان نبيه بري الأربعاء، وخلال الأسبوع الماضي كان هناك لقاء بين السفير البابوي وبري، وبحثا الملف الرئاسي وزيارة أمين سر الفاتيكان».

قبلان يهاجم الراعي

وجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان نداء إلى أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، انتقد فيه موقف الراعي من دون أن يسميه، قائلاً إن «بعض الرؤساء الروحيين في بلدي يرون ما تقوم به طائفة الفداء الأكبر وجماعة مقاوميها إرهاباً ممقوتاً لا بد من ردعه ومنعه، ولا يفتأ هذا الصوت يطالب بتطبيق قرارات دولية عملياً تلزم لبنان دون إسرائيل بقرارات أممية مطبوخة بسمّ الظروف، وأكبر الممكن لتمنع فدائيي هذا البلد وقديسي هذا الوطن من القيام بواجب منع الفظاعات والمذابح عن المظلوم والمحروم والمنكوب والمعذب بهذه الناحية من الأرض».

وإذ رفض قبلان «الحياد»، أكد أن «لبنان بلد الشراكة الروحية والسياسية، ونحن المسلمين نتلهف للشراكة الأهلية والروحية»، وتابع: «لا نقبل بتوظيف الكنيسة مواقف تخدم الإرهاب الصهيوني والإجرام العالمي».

وفي خصوص انتخاب رئيس جمهورية للبنان، أكد قبلان: «إننا نريد رئيساً مسيحياً للمسلمين بمقدار لهفة المقاومة المسلمة وتضحياتها في سبيل كنائس المسيحيين، وهذا لا يكون إلا بالتوافق الضامن لوطن المسلمين والمسيحيين».

رفض مسيحي لموقف قبلان

وسرعان ما جاء الرد من قوى مسيحية على خطاب قبلان، إذ رأى المكتب السياسي لحزب «الكتائب» أن كلام قبلان الموجه إلى بارولين «فيه تحريض واضح على دور بكركي، وفيه من الطائفية البغيضة ما لم نسمع مثيلاً له في عز الحرب اللبنانية». وأكد أن «هذا الكلام مرفوض ومردود، ويؤكد مرة جديدة أن أسلوب كم الأفواه وإخضاع الآراء المعارضة هو سيد الموقف».

وأكد «الكتائب» أن «وضع الخلافات في إطار طائفي هو تضليل ما بعده تضليل، فالخلاف قائم بين مشروعين؛ الأول يريد خطف لبنان وتسليمه إلى المحاور وأخذه إلى الخراب، بينما المشروع الثاني هو تحرير لبنان واستعادة سيادته وجعله وطناً لكامل أبنائه يتساوون فيه في الحقوق والواجبات، فلا يكون فيه مواطنون درجة أولى وآخرون درجة ثانية».

من جهته، كتب النائب غياث يزبك، عبر منصة «إكس»: «ما كنا نتصور أن (طحشته) من أجل اعتلاء موقع ديني شَغله في الماضي حكيمان، الإمامان الصدر وشمس الدين، يمكن أن تقود المفتي قبلان، وريث رجل التقوى والاعتدال، إلى خطاب موتور يعتمد إغواء المتطرفين عبر رجم الموارنة وبطريركهم بأقذع الكلام، ولو مغلّفاً باحترام المسيح». وسأل: «مَن يصحِّح من يَنصح، مَن يعقلِن من يعتذر؟»


مقالات ذات صلة

أمين عام «حزب الله» يحذر بعض اللبنانيين بالتجاوب مع إسرائيل

المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم (أ.ب)

أمين عام «حزب الله» يحذر بعض اللبنانيين بالتجاوب مع إسرائيل

قال نعيم قاسم، الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، الاثنين، إنه إذا كان البعض يعتقدون أنهم قادرون على إخراج الحزب من المعادلة عن طريق الضغط «فهم واهمون».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح مجتمعاً مع الرئيس اللبناني جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

قمة لبنانية - كويتية تؤكد تعزيز العلاقات

اختتم الرئيس اللبناني جوزيف عون زيارته إلى الكويت حيث عقد قمة مع أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي أكد حرص الكويت على دعم لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام، نائب الرئيس طارق متري، والوزير أحمد الحجار، يشرفون على إقفال مراكز الاقتراع وانطلاق عملية فرز الأصوات في محافظتي لبنان الشمالي وعكار، من غرفة العمليات المركزية (وزارة الداخلية)

توقيف عشرات المتورطين في حوادث شابت انتخابات شمال لبنان

طغى مشهد المشكلات الأمنية على الانتخابات البلدية في محافظتي الشمال وعكار يوم الأحد.

كارولين عاكوم (بيروت)
تحليل إخباري لقاء سابق بين رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه برّي (الرئاسة اللبنانية)

تحليل إخباري «حزب الله» أمام استحقاق ترميم علاقاته اللبنانية والتسليم بحصرية السلاح

ترصد الأوساط السياسية اللبنانية المراحل التي قطعتها العلاقة بين رئيس الجمهورية جوزيف عون و«حزب الله» والتي بدأت تتسم بتبادل رسائل إيجابية يراد منها طمأنة الحزب.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي أمير الكويت مستقبلاً الرئيس اللبناني لحظة وصوله إلى الكويت (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني في الكويت

وصل الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى الكويت في زيارة رسمية تستمر يومين، تلبية لدعوة من أمير الدولة الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

منظمة حقوقية إسرائيلية تحذّر من استخدام عملية مسح أراضٍ «لضمّ» الضفة الغربية

المركبات العسكرية الإسرائيلية تتخذ مواقعها خلال غارة للجيش في الضاحية الشرقية لمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
المركبات العسكرية الإسرائيلية تتخذ مواقعها خلال غارة للجيش في الضاحية الشرقية لمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

منظمة حقوقية إسرائيلية تحذّر من استخدام عملية مسح أراضٍ «لضمّ» الضفة الغربية

المركبات العسكرية الإسرائيلية تتخذ مواقعها خلال غارة للجيش في الضاحية الشرقية لمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
المركبات العسكرية الإسرائيلية تتخذ مواقعها خلال غارة للجيش في الضاحية الشرقية لمدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

ندّدت منظمة حقوقية إسرائيلية أمس (الاثنين) بقرار تل أبيب إطلاق برنامج ضخم لمسح الأراضي في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، محذّرة من إمكانية أن يستخدم لضمّ أراضٍ فلسطينية.

وقرّرت الحكومة الأمنية الإسرائيلية أول من أمس (الأحد)، إطلاق عملية تسجيل الأراضي في المنطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة في الضفة الغربية، والتي تغطي أكثر من 60 في المائة من مساحة الضفة.

والضفة الغربية التي احتلّتها إسرائيل في 1967 ليس لديها سجل كامل للأراضي تعترف به إسرائيل.

وعلى سبيل المثال، فإنّ بعض سكّان الضفة لديهم سندات ملكية تعود لما قبل الاحتلال الإسرائيلي، ولا يتم تسجيلها دائماً لدى السلطات الإسرائيلية.

جنود إسرائيليون يسيرون بالقرب من أنقاض منزل فلسطيني بعد أن هدمه الجيش في نابلس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

وتعليقاً على قرار المجلس الأمني المصغّر، قال يوناتان مزراحي من منظمة «السلام الآن» الإسرائيلية غير الحكومية، إنّ الخطوة قد تكون «وسيلة ضمّ»، لأنّ قسماً من الفلسطينيين قد يخسرون أراضيهم إذا لم تعترف السلطات الإسرائيلية بحقوقهم.

وحذّرت المنظمة الحقوقية من أنّ المشروع الإسرائيلي قد يؤدّي إلى «سرقة واسعة النطاق لأراضٍ»، مضيفة أنه قد يؤدي إلى «نقل ملكية الغالبية العظمى من المنطقة (ج) إلى الدولة» الإسرائيلية.

ونبّهت المنظمة المناهضة للاستيطان إلى أنّه «لن تكون للفلسطينيين وسائل ملموسة لتأكيد حقوقهم في الملكية».

ويدعو بعض الوزراء الإسرائيليين إلى ضمّ الضفة الغربية، حيث يعيش نحو 3 ملايين فلسطيني إلى جانب ما يقرب من 500 ألف إسرائيلي يقيمون في مستوطنات يعدّها القانون الدولي غير قانونية.

وسبق لوزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي يقيم في مستوطنة، أن أكّد أنّ عام 2025 سيكون العام الذي ستوسّع فيه إسرائيل سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية.

من جانبه، أشاد وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، بخطة الحكومة، ووصفها بأنها «قرار رائد يحقق العدالة للمستوطنات اليهودية في يهودا والسامرة» أي الضفة الغربية. وأضاف أنّ هذه العملية ستؤدي إلى «تعزيز وإنشاء وتوسيع» المستوطنات.

بالمقابل، قال محمد أبو الرب، مدير الاتصال في مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ هذه الخطوة تشكّل «تصعيداً خطراً في سياسات إسرائيل غير القانونية التي تهدف إلى تعزيز احتلالها وتعزيز الضمّ الفعلي». ولفت أبو الرب إلى أنّ المنطقة (ج) «جزء لا يتجزأ» من بقية الأراضي الفلسطينية، داعياً المجتمع الدولي إلى «رفض هذا القرار غير القانوني واتخاذ إجراءات فورية وملموسة لمنع تنفيذه».