​تقرير دولي: موظفو لبنان يعانون من «التوتر والغضب»

بتأثير الفجوة بين المداخيل المتدنية والمتطلبات المعيشية «المدولرة»

مظاهرة احتجاجية لأساتذة لبنانيين أمام وزارة التربية والتعليم (أرشيفية - أ.ب)
مظاهرة احتجاجية لأساتذة لبنانيين أمام وزارة التربية والتعليم (أرشيفية - أ.ب)
TT

​تقرير دولي: موظفو لبنان يعانون من «التوتر والغضب»

مظاهرة احتجاجية لأساتذة لبنانيين أمام وزارة التربية والتعليم (أرشيفية - أ.ب)
مظاهرة احتجاجية لأساتذة لبنانيين أمام وزارة التربية والتعليم (أرشيفية - أ.ب)

أرخى الشلل المستمر في الإدارات والمؤسسات العامة غير العسكرية بتداعياته على تصنيف لبنان، على القوائم الإقليمية والدولية لقياس أداء الموظفين وقسوة المعاناة في بيئة العمل، في حين تتواصل سلسلة الإضرابات، بالامتناع عن الحضور والدوام الجزئي المتقطّع، اعتراضاً على توسع الفجوة بين المداخيل المتدنية جراء تدهور سعر الصرف، وبين المتطلبات المعيشية «المدولرة» بكاملها.

وحلّ لبنان في المرتبة ما قبل الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من حيث معيار مشاركة الموظّفين في بيئة العمل، بعدما تدنّت النسبة إلى 8 في المائة وفق معايير القياس الدولية، بينما اقتصر مؤشر «الحياة المزدهرة» على نسبة 4 في المائة فقط من إجمالي المواطنين.

توتر وحزن وغضب

وكشف تقرير دولي أصدرته أخيراً مؤسسة «غالوب»، وهي شركة استشاريّة عالميّة لإدارة الأداء، عن أن أكثر من ثلثي الموظفين (68 في المائة) يعانون من التوتر اليومي في بيئة عملهم، ويندرج نحو 41 في المائة في حالة «الحزن» اليومي، لترتفع بذلك حالة «الغضب» في صفوف العاملين إلى نحو 40 في المائة، وهي ثالث أعلى نسبة في المنطقة، والمترجمة رقمياً برغبة أكثر من نصف إجمالي الموظفين بترك العمل والبحث عن وظائف بديلة.

وتسلط النتائج المبنية على استطلاعات ميدانية أوردتها مؤسسة «غالوب» في «تقرير حالة مكان العمل العالميّة لعام 2024»، الأضواء على حالة الموظّفين في مكان عملهم وحياتهم، من أجل تقييم أداء ومتانة المؤسّسات، ويجري استخلاص البيانات عبر مقابلات، سواء كانت وجهاً لوجه أو عبر مكالمة هاتفيّة، وهي تشمل أكثر من 160 بلداً وتستهدف ألف موظف على الأقل في كل بلد.

ويتم الارتكاز في توثيق البيانات على أربعة مقاييس، تشمل: مشاركة الموظّفين لقياس حماسهم في مكان عملهم، والمشاعر السلبيّة اليوميّة الشاملة لتقصي وجود حالة توتّر وغضب في مكان العمل، وسوق العمل المستهدفة لتحديد وجهة نظر الموظّفين حول مناخ العمل واستعدادهم لترك عملهم أو الانضمام إلى مؤسّسة جديدة، ومؤشر تقييم الحياة الرامي إلى معرفة مدى رضا المشاركين في الاستطلاعات عن وضعهم الحياتي، إضافة إلى رؤيتهم حول حالتهم الحاليّة والمستقبليّة.

عسكريون متقاعدون يحتجون على تردي أوضعهم في مدينة صيدا الجنوبية (أرشيفية - المركزية)

ضعف الأجور

وكانت إضرابات موظفي القطاع العام في لبنان شلّت في الأشهر الماضية الإدارات الرسمية، التي أقفلت أبوابها احتجاجاً على عدم قيام الحكومة بصرف «زيادة مقبولة على الأجور»، و«التمييز بين موظفي القطاع العام»، في ظل معاناة الموظفين الذين تراجعت قيمة رواتبهم كثيراً، وتصرف لهم الحكومة مساعدات من غير زيادة على أصل الراتب.

وبهدف احتواء هذه الأزمة، رفعت الحكومة المساعدات الاجتماعية، حيث بات الموظفون يقبضون ما يماثل 10 أضعاف الراتب بالسعر الرسمي السابق، الذي فقد أكثر من 98 في المائة من قيمته إزاء السعر الفعلي للدولار، بعد تدهور قيمة الليرة من 1500 ليرة للدولار الواحد إلى 90 ألف ليرة للدولار الواحد، لكن هذه الزيادات لم تدخل في أصل الراتب، كما أنها بالكاد تكفي حاجات الموظفين المعيشية اليومية، ودفع الفواتير والالتزامات، مثل فواتير الطاقة والتعليم والتأمين الصحي وغيرها.

وجاءت أرقام تقرير «غالوب» اللبنانية ضمن أرقام أخرى، كشفت أنّ 14 في المائة من الموظّفين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تم إدراجهم ضمن فئة المشاركين في بيئة العمل، بينما توسعت النسبة إلى 61 في المائة للمدرجين في حالة «عدم المشاركة»، وبلغت نحو الربع من الإجمالي لمن هم في حالة «فكّ الارتباط» بنشاط الشركات التي يعملون فيها.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ 52 في المائة من الموظّفين في المنطقة يعانون من حالة توتّر يوميّ، مقابل نسبة 32 في المائة منهم في حالة غضب يوميّ، و26 في المائة في حالة حزن، و23 في المائة بحالة وحدة.

8.9 تريليون دولار تكلفة العمل من دون شغف

عالمياً، ووفق تقرير مؤسسة «غالوب»، فإنّ نسبة 23 في المائة من الموظّفين المشمولين في الاستطلاعات تم تصنيفهم في خانة «المشاركين» الإيجابية، وهي أعلى نسبة منذ إطلاق التقرير في عام 2009؛ وفقاً لمتابعة دائرة الأبحاث في مجموعة «الاعتماد اللبناني»، في حين تبيّن أنّ 62 في المائة من الموظّفين هم في حالة «عدم المشاركة»، أي ضمن فئة الموظّفين الذين يعملون من دون شغف، بموازاة نسبة 15 في المائة من الموظّفين الذين يعدّون غير راضين عن عملهم ويعيقون إنجازات زملائهم.

وتكتسب هذه الخلاصات أهمية كبيرة في التخطيط وإدارة الموارد البشرية للمؤسسات، حيث يؤكد التقرير أنّه إذا كان مستوى مشاركة الموظّفين في عملهم متدنياً، فإنّه يؤثّر بشكلٍ سلبي كبير على الاقتصاد العالمي، بتكلفة تصل لنحو 8.9 تريليون دولار، أي ما يشكّل 9 في المائة من الناتج المحلّي الإجمالي العالمي.


مقالات ذات صلة

الجيش الأردني يعلن سقوط صاروخ من طراز «غراد» أطلق من جنوب لبنان

المشرق العربي ضابط من الجيش الأردني خلال إحدى التدريبات (صفحة الجيش الأردني على فيسبوك)

الجيش الأردني يعلن سقوط صاروخ من طراز «غراد» أطلق من جنوب لبنان

قال الجيش الأردني، في وقت متأخر من يوم أمس (السبت)، إن صاروخاً من طراز غراد أطلق من جنوب لبنان هذا المساء سقط في منطقة صحراوية خالية من السكان في الموقر.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث للصحافيين أثناء مغادرته كنيسة سانت إدموند الرومانية الكاثوليكية بولاية ديلاوير (ا.ب)

بايدن: حان الوقت لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، إلى وقف إطلاق النار بعد حملة القصف الإسرائيلي الواسعة على معاقل «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جانب من عملية استهداف لمسيّرة في الشمال الإسرائيلي (إ.ب.أ)

إسرائيل: دويّ صفارات الإنذار في القدس والضفة الغربية بعد قصف من لبنان

أفادت تطبيقات التنبيه الإسرائيلية بأن صفارات الإنذار دوت في ضواحي القدس والضفة الغربية المحتلة اليوم السبت للتحذير من قصف من لبنان وفقا لما قاله الجيش الإسرائيل

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله play-circle 01:46

مَن «الناجي الوحيد» مِن القيادة العسكرية العليا لـ«حزب الله»؟

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أنه قام بتصفية قيادة «حزب الله» العسكرية، في ضربة غير مسبوقة للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي متظاهرون يحملون صور حسن نصر الله خلال وقفة احتجاجية في مدينة صيدا بجنوب لبنان بعد إعلان مقتله (أ.ف.ب)

أعيرة نارية في الهواء ونُواح وعدم تصديق في بيروت بعد مقتل نصر الله

أطلق مسلّحون أعيرة نارية في الهواء، وأمروا أصحاب المتاجر في أجزاء من بيروت بإغلاقها، وقال أنصار «حزب الله» إنهم في حالة من عدم التصديق بعد مقتل حسن نصر الله.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

TT

تقرير: إسرائيل تطلب من الولايات المتحدة ردع إيران بعد اغتيال نصر الله

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - رويترز)

كشف مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، لموقع «أكسيوس» الأميركي، السبت، أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لردع إيران عن مهاجمة إسرائيل رداً على الغارة الجوية الإسرائيلية في بيروت التي قتلت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله، وجنرالاً إيرانياً كبيراً.

وأوضح الموقع أهمية الطلب لأن الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» يتصاعد بالفعل إلى حرب شاملة في المنطقة.

وكانت إيران حريصة على تجنب أي هجوم على إسرائيل يمكن أن يجرها إلى مثل هذه الحرب، لكن المسؤولين في واشنطن وتل أبيب قلقون من أن اغتيال نصر الله قد يدفع طهران إلى حافة الهاوية.

ويأتي الطلب الإسرائيلي للدعم الأميركي بعد أن تراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» وشن الهجوم الضخم دون التشاور المسبق على الرغم من حث الولايات المتحدة على خفض التصعيد.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته على عدم علمهم المسبق بالهجوم الذي أدى إلى مقتل نصر الله، لكنهم لم ينتقدوه أيضاً وأصدروا بيانات تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.

وقال أحد المسؤولين الأميركيين لـ«أكسيوس»: «كان نصر الله رجلاً سيئاً، لكن من المحبط أن يفعل الإسرائيليون هذا دون استشارتنا ثم يطلبون منا الدعم عندما يتعلق الأمر بردع إيران».

وذكر ثلاثة مسؤولين أميركيين لـ«أكسيوس» أن إدارة بايدن تدعم مقتل نصر الله، لكنها تشعر بالإحباط إزاء الافتقار إلى التشاور والشفافية من الجانب الإسرائيلي.

وقال المسؤولون الأميركيون إن أوستن ومدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز وقائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا تلقوا إحاطة من نظرائهم الإسرائيليين، حيث كانت العملية جارية بالفعل، دون إمكانية حقيقية للتدخل أو التعبير عن آرائهم.

وأضاف أحد المسؤولين الأميركيين أن الأولوية القصوى لإدارة بايدن الآن هي تجنب قيام إسرائيل بعملية برية في لبنان، فضلاً عن منع التدخل الإيراني المباشر في القتال والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للمدنيين على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية بالعودة إلى ديارهم.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، هاجمت إيران إسرائيل بشكل مباشر لأول مرة في التاريخ، رداً على غارة جوية إسرائيلية قتلت أعلى جنرال إيراني في سوريا، وأحبط الهجومَ تحالف دولي وإقليمي بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتعهدت إيران بالرد على اغتيال إسرائيل لزعيم «حماس» إسماعيل هنية في طهران قبل شهرين، لكنها لم تفعل ذلك بعد.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت طلب في محادثة مع نظيره الأميركي لويد أوستن بعد اغتيال نصر الله اتخاذ خطوات عملية وإصدار بيانات لردع إيران عن شن هجوم ضد إسرائيل، بحسب مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.

وأصدرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) السبت بياناً قالت فيه إن أوستن «أعرب عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران، وإن الولايات المتحدة عازمة على منع إيران والشركاء والوكلاء المدعومين منها من استغلال الوضع أو توسيع الصراع».

وقال المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، إن أوستن أوضح أن الولايات المتحدة «تظل على استعداد لحماية القوات والمرافق الأميركية في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل».