خطة سموتريتش للسيطرة المدنية على الضفة تعزز مخاوف انهيار السلطة

الهدف منع إقامة الدولة الفلسطينية

سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
TT

خطة سموتريتش للسيطرة المدنية على الضفة تعزز مخاوف انهيار السلطة

سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)
سموتريتش يشارك في يوم القدس الذي تحتفل به إسرائيل سنوياً بذكرى احتلالها المدينة في 5 يونيو عام 1967 (رويترز)

عزّز تسجيلٌ مسرّبٌ لوزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، حول خطة حكومية رسمية لفرض السيطرة المدنية على الضفة الغربية، اتهامات فلسطينية لإسرائيل بالعمل على تفكيك السلطة الفلسطينية، في ظل تحذيرات دولية وعربية وحتى إسرائيلية، من أن السلطة على وشك الانهيار بفعل الخطوات الإسرائيلية ضدها.

وقال سموتريتش، لأنصاره من المستوطنين، إن الحكومة منخرطة في جهود سرية لتغيير الطريقة التي تحكم بها إسرائيل الضفة الغربية، بحسب تقرير نُشر في صحيفة «نيويورك تايمز» استشهد بتسجيل لزعيم «الصهيونية الدينية» اليميني المتطرف.

وقالت الصحيفة الأميركية إن التسجيل كان من حدث أُقيم في وقت سابق من الشهر، حيث قال سموتريتش، وهو أيضاً وزير إضافي في وزارة الدفاع، لمناصريه إن الهدف هو منع الضفة الغربية من أن تصبح جزءاً من الدولة الفلسطينية.

وأضاف سموتريتش: «أنا أقول لكم، إنه أمر دراماتيكي ضخم. مثل هذه الأمور تغيّر الحمض النووي للنظام».

وأكد متحدث باسم سموتريتش صحة التسجيل الذي حصلت عليه الصحيفة من باحث في منظمة «سلام الآن» المناهضة للاستيطان، الذي كان حاضراً في الحدث الذي أُقيم في 9 يونيو (حزيران) الحالي.

سموتريتش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل التصويت على الميزانية في الكنيست في مايو العام الماضي (أ.ف.ب)

وتحكم السلطة الفلسطينية اليوم المنطقة «أ» في الضفة الغربية، وتشارك الحكم في المنطقة «ب» مع إسرائيل التي تسيطر، من جهتها، على المنطقة «ج» وهي تشكل ثلثي مساحة الضفة.

وكان يفترض أن يكون هذا الإجراء مؤقتاً عند توقيع اتفاق أوسلو بداية تسعينات القرن الماضي، حتى إقامة الدولة الفلسطينية خلال 5 سنوات، لكن الوضع تحوّل إلى دائم، قبل أن تتخذ إسرائيل خطوات ممنهجة ضد السلطة أدت إلى إضعافها بشكل كبير.

وقال مسؤول فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن خطة سموتريتش ليست مفاجئة. وأضاف: «في الحقيقة، إن إسرائيل تعمل على تفكيك السلطة. إنهم يعملون بشكل واضح على جعل السلطة تنهار من تلقاء نفسها، وأي كلام آخر هو ذر للرماد في العيون».

وتابع المسؤول: «وصلنا إلى مرحلة يمكن القول فيها إنه إذا استمر الوضع نعم ستنهار (السلطة)».

بائع فاكهة في رام الله بالضفة الغربية يوم 9 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

وتستعد الحكومة الإسرائيلية للتصويت على إجراءات عقابية جديدة تستهدف السلطة الفلسطينية، وتهدد بقاءها، في الوقت الذي ارتفع فيه مستوى التحذير، عالمياً ومحلياً، من إمكانية انهيار هذه السلطة.

ويقف سموتريتش خلف اتخاذ إجراءات عقابية أخرى ضد السلطة مثل إقامة مستوطنات، وشرعنة بؤر استيطانية، وإلغاء تصاريح الشخصيات المهمة للمسؤولين الفلسطينيين (VIP)، التي يمكنهم من خلالها التحرك بحرية نسبية، حتى خارج المناطق الفلسطينية، وإمكانية فرض عقوبات مالية إضافية ضد السلطة ومسؤوليها، وإبقاء منع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، كما ينوي الاستمرار في منع تحويل الأموال إلى السلطة في رام الله.

وتعزز إجراءات سموتريتش نهجاً كان بدأه من فترة طويلة على طريق إضعاف وتفكيك السلطة الفلسطينية.

والشهر الماضي، قرر سموتريتش أنه لن يحوّل بعد الآن أموال المقاصة إلى السلطة، ولن يمدد التعويض للبنوك الإسرائيلية التي لديها معاملات مع بنوك فلسطينية، اعتباراً من نهاية الشهر المقبل، وذلك رداً على قرارات النرويج وإسبانيا وآيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين.

وقبل ذلك، احتجز سموتريتش بالكامل أموال المقاصة الفلسطينية وخصم من أموال الضرائب الخاصة بالسلطة لصالح عائلات إسرائيلية قُتل أفراد منها بهجمات فلسطينية.

وتقول السلطة الفلسطينية إن إجمالي الأموال المحتجزة من أموال المقاصة لدى إسرائيل وصل إلى 6 مليارات شيقل (الدولار 3.70 شيقل).

وتعاني السلطة الفلسطينية في الضفة من وضع مالي حرج دفعت معه نصف راتب فقط لموظفيها، قبل عيد الأضحى، على غرار الشهر الماضي.

ومنذ عامين تدفع السلطة رواتب منقوصة للموظفين في القطاعين المدني والعسكري، بسبب اقتطاع إسرائيل نحو 50 مليون دولار من العوائد الضريبية، تساوي الأموال التي تدفعها السلطة لعوائل مقاتلين قضوا في مواجهات سابقة، وأسرى في السجون الإسرائيلية، إضافة إلى بدل أثمان كهرباء وخدمات طبية.

ويثير هذا الوضع مخاوف من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية في النهاية، وبالتالي إحباط إقامة دولة فلسطينية.

وقال سموتريتش في التسجيل الجديد: «هدفي وهدف الجميع هنا كما أظن، هو أولاً وقبل كل شيء منع إقامة دولة إرهاب في قلب أرض إسرائيل».

وفي التسجيل، وصف سموتريتش بشكل مطول كيفية تخطيطه لنقل السلطة من الجيش إلى المدنيين تحت سلطته في وزارة الدفاع، حيث حصل على صلاحيات واسعة بحسب ما طالب في الاتفاق الائتلافي.

وقال سموتريتش: «لقد أنشأنا نظاماً مدنياً»، مضيفاً أنه من أجل صرف الانتباه الدولي، سمحت الحكومة لوزارة الدفاع بالبقاء منخرطة في العملية.

وتابع: «سيكون من الأسهل تقبّل ذلك في السياقين الدولي والقانوني، حتى لا يقولوا إننا نقوم بالضم هنا».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب يوم 18 يونيو الحالي (أ.ف.ب)

وبحسب سموتريتش، فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «معنا تماماً»، لكن مكتب نتنياهو ردّ، في بيان على تصريحات سموتريتش، قائلاً إن «الوضع النهائي لهذه المناطق سيتم تحديده من قبل الطرفين في مفاوضات مباشرة. هذه السياسة لم تتغير».

وجاء تقرير الجمعة عن التسجيل بعد أن كشفت الصحيفة الشهر الماضي عن وثيقة داخلية اتهم فيها رئيس القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، اللواء يهودا فوكس، سموتريتش بتقويض جهود إنفاذ القانون الإسرائيلية لكبح جماح البناء الإسرائيلي غير القانوني في الضفة الغربية.

وكتب فوكس أن إنفاذ القانون على البناء غير القانوني قد تضاءل «إلى الحد الذي اختفى فيه»، مسلطاً الضوء على دور سموتريتش. وقال أيضاً إن سموتريتش وحلفاءه يعرقلون التدابير التي وعدت الحكومة المحاكم الإسرائيلية بتنفيذها، لكبح البناء غير القانوني في الضفة الغربية.

ويعيش في الضفة الغربية نحو 2.8 مليون فلسطيني ونحو 750 ألف مستوطن.


مقالات ذات صلة

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

العالم العربي ضباط أمن فلسطينيون يتخذون مواقعهم خلال مواجهات مع مسلحين في مخيم جنين بالضفة الغربية (د.ب.أ)

ضحايا بينهم قتيل في الحرس الرئاسي الفلسطيني في «مواجهات جنين»

أخذت الاشتباكات الداخلية الفلسطينية في مخيم جنين بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، منحى خطيراً، بعدما قتل مسلحون عنصراً في الحرس الرئاسي الفلسطيني.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مخيم جنين (د.ب.أ)

مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين في اشتباك بجنين

أعلنت قوى الأمن الفلسطيني، الأحد، مقتل أحد عناصرها وإصابة اثنين آخرين في إطلاق نار في جنين بشمال الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الشرطة الفلسطينية تفرق متظاهرين يحتجون على الاشتباكات بين قوات الأمن والمسلحين في مدينة جنين... السبت (أ.ف.ب)

«السلطة» الفلسطينية تعمّق عمليتها في مخيم جنين: لا تراجع ولا تسويات 

بدأت السلطة الفلسطينية، قبل نحو أسبوعين، عمليةً واسعةً ضد مسلحين في مخيم جنين، في تحرك هو الأقوى منذ سنوات طويلة، في محاولة لاستعادة المبادرة وفرض السيادة.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لجلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» حول التزامات إسرائيل بشأن المساعدات للفلسطينيين

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، على مشروع قرار لطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل بتسهيل المساعدات للفلسطينيين من المنظمات الدولية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي فلسطينيان ينقلان بسيارة إسعاف جثث قتلى سقطوا بضربة إسرائيلية في جباليا الخميس (أ.ف.ب)

مقتل العشرات بهجمات في قطاع غزة

تستغل إسرائيل المماطلة بإبرام اتفاق لوقف النار في قطاع غزة لشن هجمات تُودي بحياة العشرات كل يوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
TT

مستشفى «كمال عدوان» بغزة: الأمر الإسرائيلي بالإخلاء «شبه مستحيل»

جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)
جريح فلسطيني يتلقى العلاج بمستشفى «كمال عدوان» في شمال قطاع غزة (رويترز)

أمرت إسرائيل، اليوم (الأحد)، بإغلاق وإخلاء أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل جزئياً في منطقة محاصرة في شمال قطاع غزة، مما أجبر المسعفين على البحث عن طريقة لإجلاء مئات المرضى والموظفين بأمان، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وقال مدير مستشفى «كمال عدوان» في بيت لاهيا، حسام أبو صفية، للوكالة في رسالة نصية إن الامتثال لأمر الإغلاق «شبه مستحيل» بسبب نقص سيارات الإسعاف اللازمة لنقل المرضى. وأضاف: «لدينا حالياً ما يقرب من 400 مدني داخل المستشفى، بما في ذلك الأطفال في وحدة حديثي الولادة الذين تعتمد حياتهم على الأكسجين والحاضنات. لا يمكننا إجلاء هؤلاء المرضى بأمان دون المساعدة والمعدات والوقت». وأوضح: «نرسل هذه الرسالة تحت القصف الشديد والاستهداف المباشر لخزانات الوقود، والتي إذا أصيبت ستتسبب في انفجار كبير وإصابات جماعية للمدنيين في الداخل».

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق على تصريحات أبو صفية. وكان الجيش قال، أول من أمس، إنه أرسل وقوداً وإمدادات غذائية إلى المستشفى، وساعد في إجلاء أكثر من 100 مريض ومقدم رعاية إلى مستشفيات أخرى في غزة، بعضهم بالتنسيق مع الصليب الأحمر، حفاظاً على سلامتهم. والمستشفى هو أحد المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل جزئياً في شمال قطاع غزة، وهي منطقة تحاصرها إسرائيل منذ ثلاثة أشهر تقريباً في واحدة من أكثر العمليات قسوة في الحرب المستمرة منذ 14 شهراً.

وقال أبو صفية إن الجيش الإسرائيلي أمر بإجلاء المرضى والموظفين إلى مستشفى آخر وضعه أسوأ. وأظهرت صور من داخل المستشفى تكدس المرضى على أسرّة في الممرات لإبعادهم عن النوافذ. ولم يتسنَّ للوكالة التحقق من صحة هذه الصور بعدُ.

وتقول إسرائيل إن حصارها لثلاث مناطق في شمال غزة، وهي بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا، يأتي في إطار عملية لاستهداف مسلحي «حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» (حماس). ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالسعي إلى إخلاء المنطقة بشكل دائم لإنشاء منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قتال من أماكن قريبة

وبثت حركة «حماس»، اليوم، مقطعاً مصوراً قالت إنه جرى تصويره في شمال قطاع غزة. وظهر في المقطع مقاتلون متمركزون داخل مبانٍ مدمرة ووسط أكوام من الحطام، وكانوا يرتدون ملابس مدنية ويطلقون مقذوفات على قوات إسرائيلية. وقال الجيش الإسرائيلي، اليوم، إن القوات التي تنفذ عمليات في بيت حانون قصفت مسلحين وبنى تحتية تابعة للحركة. وقالت حركتا «حماس» و«الجهاد» إنهما تسببتا في خسائر بشرية في صفوف القوات الإسرائيلية.

من جهة أخرى، ذكرت البطريركية اللاتينية في القدس ووحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وحدة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أن إسرائيل سمحت لبطريرك القدس للاتين بدخول غزة اليوم. وجاء ذلك بعد أن قال البابا فرنسيس بابا الفاتيكان أمس إن البطريرك مُنع من الدخول.

وفي مناطق أخرى في قطاع غزة، قال مسعفون إن غارات عسكرية إسرائيلية في أنحاء قطاع غزة أسفرت عن مقتل 24 فلسطينياً على الأقل. وقُتل ثمانية، بعضهم أطفال، في مدرسة تؤوي عائلات نازحة في مدينة غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن الضربة استهدفت مسلحين من «حماس» يعملون من مركز قيادة داخل المدرسة. وتنفي «حماس» وجود مقاتليها بين المدنيين.

وكثف الوسطاء جهودهم في الأسابيع القليلة الماضية للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة بعد أشهر من تعطل المحادثات. وشنت إسرائيل الحملة العسكرية على غزة بعد أن اقتحم مقاتلون بقيادة «حماس» بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ويُعتقد أن نحو نصف عدد الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، وعددهم 100، لم يلقوا حتفهم بعدُ. وتقول السلطات في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة قتلت حتى الآن أكثر من 45259 فلسطينياً، وأسفرت عن نزوح معظم السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتدمير أغلب القطاع الساحلي.