صيف عراقي بنصف درجة الغليان... وغضب من تراجع الكهرباء

خبير: الحكومة خصصت لإنتاج الطاقة الكهربائية أكثر من 14 مليار دولار

عراقيون هاربون من انقطاع الكهرباء في منازلهم إلى المسابح الخاصة (رويترز)
عراقيون هاربون من انقطاع الكهرباء في منازلهم إلى المسابح الخاصة (رويترز)
TT

صيف عراقي بنصف درجة الغليان... وغضب من تراجع الكهرباء

عراقيون هاربون من انقطاع الكهرباء في منازلهم إلى المسابح الخاصة (رويترز)
عراقيون هاربون من انقطاع الكهرباء في منازلهم إلى المسابح الخاصة (رويترز)

تجددت الانتقادات الشعبية اللاذعة للحكومة العراقية مع تراجع إمدادات الطاقة الكهربائية في ظل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.

وأعلنت هيئة الأنواء الجوية، السبت، عن تجاوز درجات الحرارة في 6 محافظات وسط البلاد وجنوبها حاجز الخمسين درجة مئوية، الأمر الذي يفاقم معاناة المواطنين ويجعلهم يوجهون سهام الغضب نحو السلطات الحكومية ويحمّلونها مسؤولية الإخفاق المزمن في ملف إنتاج الطاقة رغم الوعود المتكررة منذ سنوات بمعالجة هذه المشكلة، ورغم الأموال والتخصيصات المالية الضخمة التي تخصص سنوياً لملف الكهرباء.

موازنة الكهرباء

وبحسب أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، فإن «موازنة الكهرباء عام 2024 تبلغ 14.443 مليار دولار وهي تعادل موازنة دولة مثل الأردن وأكثر من ثلاثة أضعاف الموازنة العامة في سوريا».

وتشير بعض الأرقام الاقتصادية إلى إنفاق العراق أكثر من 75 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين على ملف الطاقة الكهربائية من دون الوصول إلى معدلات إنتاج تغطي حاجة البلاد.

ومع الحجم الهائل من الإنفاق المالي، تبدو أزمة الكهرباء غير قابلة للحل على المديين القريب والمتوسط مع معدلات الطلب التي تتصاعد كل عام، وخاصة في فصل الصيف شديد الحرارة، ورغم حديث وزارة الكهرباء عن تجاوز معدلات إنتاجها سقف الـ25 ألف ميغاواط، فإن التقديرات تشير إلى حاجة البلاد إلى نحو 40 ألف ميغاواط لتلبية احتياجاتها من الكهرباء.

ومثلما يحدث كل عام تقريباً، لم تمر أزمة الكهرباء المتجددة دون خسائر للوظائف في وزارة الكهرباء، حيث أعلن عن إقالة أكثر من 10 مسؤولين في هذا القطاع الأسبوع الماضي نتيجة الأزمة التي تعاني منها البلاد، وهي محاولة على ما يبدو من السلطات لامتصاص النقمة الشعبية.

وتمثل أزمة الكهرباء في كل عام الشرارة التي تتسبب في اندلاع الاحتجاجات الشعبية وكان الشاب منتظر الحلفي الذي لقي حتفه خلال مظاهرات يوليو (تموز) 2015، من بين أوائل الشباب الذين راحوا ضحية المظاهرات المطالبة في توفير الطاقة الكهربائية بمحافظة البصرة الجنوبية.

وخلافاً للهجمات التي كانت تشنها عصابات ومجاميع خارجة عن القانون خلال السنوات الماضية على شبكات نقل الطاقة، توقفت تلك الأعمال الإجرامية خلال السنتين الأخيرتين بعد تولي محمد السوداني رئاسة الوزراء، الأمر الذي يضع مزيداً من الضغوط على حكومته.

معدل تجهيز الكهرباء ينخفض إلى مستويات قياسية مع حلو موسم الصيف (رويترز)

إيران وانخفاض الطاقة

وحاولت «الشرق الأوسط» استطلاع رأي المسؤولين في وزارة الكهرباء حول أسباب التراجع الأخير في إنتاج الطاقة، لكنها لم تحصل على إجابة.

وغالباً ما يؤتى على ذكر إيقاف إيران لصادرات الغاز إلى العراق التي تشغل بعض محطاته، بوصفها أحد الأسباب الرئيسية لنشوب الأزمة، إلى أجانب أسباب أخرى، وضمنها عدم كفاية الطاقة الإنتاجية لمعدلات الاستهلاك حتى لو عملت بأقصى طاقة لها، إضافة إلى المشكلات البنيوية المزمنة المتعلقة بضعف منظومة الإنتاج والنقل وتهالك عمرها بجانب إخفاق الوزارة في استيفاء أجور الكهرباء المجهزة للمنازل وخاصة التي تقع في مناطق العشوائيات.

وكان رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي (2014 - 2018) سعى لخصخصة قطاع الكهرباء لكن محاولته باءت بالفشل نتيجة الرفض والممانعة السياسية والشعبية لهذا التوجه.

وتشهد مواقع التواصل المختلفة انتقادات لاذعة للسلطات الحكومية نتيجة أزمة الكهرباء في ظل الظروف المناخية الحارة شديدة القسوة، ويلاحظ معظم المنتقدين للحكومة ووزارة كهربائها، أن التراجع في تجهيز الطاقة يصل إلى نحو 10 – 12 ساعة في اليوم.

ويرافق ذلك عادة سوء نوعية الطاقة المجهزة وتذبذبها حتى صار من الشائع تشبيهها بـ«الإشارات الضوئية» الموجودة عند تقاطع الطرق، ما يحبط قدرة المواطنين على تشغيل أجهزة التبريد بشكل منتظم.

غالباً ما تنسب السلطات الحرائق المتزايدة خلال الصيف إلى ارتفاع درجات الحرارة

الصحة تحذر

من جهتها، ونتيجة الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، أصدرت وزارة الصحة، أول من أمس، توصيات طبية للمواطنين وحذرت المصابين بأمراض مزمنة وكبار السن والأطفال من التعرض المباشر لأشعة الشمس، خاصة في أوقات الظهيرة التي تشهد ذروة الارتفاع

وأوصت الوزارة المواطنين بـ«ارتداء الملابس المناسبة والألوان المناسبة وغطاء للرأس والنظارات الشمسية مع شرب كميات كافية من المياه».


مقالات ذات صلة

مصادر: فصائل عراقية بانتظار تعليمات طهران لدعم «حزب الله»

المشرق العربي عناصر من كتائب «حزب الله» في جرف الصخر (أ.ف.ب)

مصادر: فصائل عراقية بانتظار تعليمات طهران لدعم «حزب الله»

تفيد مؤشرات في بغداد بأن الفصائل العراقية تنتظر تعليمات من طهران لدعم «حزب الله» اللبناني بعد تأكيد اغتيال أمينه العام حسن نصر الله.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مع الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن (أرشيفية - أ.ف.ب)

مهمة «التحالف الدولي» انتهت في العراق... ومستمرة في سوريا

بعد نحو 9 أشهر من المفاوضات، أعلنت كل من واشنطن وبغداد رسمياً عن انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق خلال 12 شهراً.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني خلال لقائه أنطونيو غوتيريش في نيويورك (إعلام حكومي)

مصادر عراقية: إيران لا تريد إحراج السوداني في حرب لبنان

رغم أن الحكومة العراقية انخرطت في الجهود الدولية الهادفة إلى وقف النار في لبنان، فإنها تجاهلت إعلان الفصائل المسلحة الموالية لإيران استعدادها للمشاركة في الحرب.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح (الشرق الأوسط)

برهم صالح لـ«الشرق الأوسط»: العراق أفضل شاهد على العنف... والمنطقة قريبة من الهاوية

دشّنت «الشرق الأوسط» سلسلة جلسات حوارية مع صنّاع القرار حول العالم، بدأت مع الرئيس العراقي السابق برهم صالح، الذي قدّم تصوراته عن مستقبل التصعيد في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الاجتماع بين نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يتعاقد مع شركات عالمية لإعادة هيكلة المصارف الحكومية

تسعى الحكومة العراقية والاتجاهات المالية والمصرفية القريبة منها إلى تسويق فكرة «الإصلاح المالي» وتجاوز العقبات التي تواجهها البلاد جرّاء تخلف نظامها المصرفي.

فاضل النشمي (بغداد)

مَن «الناجي الوحيد» مِن القيادة العسكرية العليا لـ«حزب الله»؟

TT

مَن «الناجي الوحيد» مِن القيادة العسكرية العليا لـ«حزب الله»؟

الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله
الصورة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (السبت)، أنه قام بتصفية قيادة «حزب الله» العسكرية، في ضربة غير مسبوقة للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.

ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، شجرة لسلسلة القيادة العسكرية لـ«حزب الله» بعد اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الجمعة، وقد حمل كل من فيها علامة «تم القضاء عليه»، باستثناء فرد واحد هو أبو علي رضا «قائد وحدة بدر» التابعة لجبهة الجنوب.

فمن هو أبو علي رضا؟

يُلقب بـ«الحاج أبو حسين»، ويتولى قيادة وحدة «بدر» أحد أبرز التشكيلات العسكرية في «حزب الله»، وأشارت تقارير إسرائيلية إلى توليه قيادة وحدة «الرضوان» النخبوية، خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل يوم 20 سبتمبر (أيلول) الحالي.

لا يُعرف عنه الكثير، وتشير التقارير إلى أنه يبلغ من العمر 60 عاماً، وينحدر من بلدة باريش في قضاء صور جنوب لبنان.

حسب التقارير، نجا أبو علي رضا في تسعينات القرن الماضي من محاولة اغتيال مع إبراهيم عقيل، وتدرج في مناصب عسكرية متعددة ضمن هيكلية «حزب الله»، ليصبح من أبرز ضباط العمليات في محور الجنوب.

يُصنف ضمن الجيل الثالث من قيادات الحزب، وتلقى تدريبات عسكرية متقدمة في إيران. قليل الخروج للعلن، وعندما يظهر يكون متستراً أو مغطى الوجه ليشرح مهام أو أهدافاً أو معلومات عسكرية تخص الحزب.