جعجع لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله» يأخذ لبنان إلى المجهول... والمصيبة الكبرى قادمة

لا يتوقع انتخاب رئيس للبلاد قريباً «لأن أولوية الممانعة في مكان آخر»

جعجع (القوات اللبنانية)
جعجع (القوات اللبنانية)
TT

جعجع لـ«الشرق الأوسط»: «حزب الله» يأخذ لبنان إلى المجهول... والمصيبة الكبرى قادمة

جعجع (القوات اللبنانية)
جعجع (القوات اللبنانية)

حذر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع من أن «حزب الله»، ومن خلفه إيران، يأخذان لبنان إلى أماكن خطرة، لافتاً إلى أن السلطة اللبنانية، التي هي بمثابة الأم والأب، تخلت عن لبنان وتركته فريسة السياسات الخطرة لإيران في المنطقة. ويتهم جعجع «محور الممانعة» بتعطيل انتخابات الرئاسة الشاغرة منذ نحو سنتين؛ «لأن أولوياتهم في مكان آخر»، كاشفاً عن اتصالات جادة تجريها «القوات» مع نحو 25 نائباً يشكلون قوة تستطيع ترجيح الكفة في داخل البرلمان؛ لإقناعهم باتخاذ موقف واضح من الانتخابات، معبراً عن «إيجابية بطيئة نسبتها نحو 30 في المائة».

جعجع: محور الممانعة يقول إما أن تنتخبوا مرشحي... وإما لا رئيس (القوات اللبنانية)

وفيما يتوقع جعجع، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «يذهب الوضع في جنوب البلاد حيث المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل، إلى مزيد من التفجر، وأن نكون على أبواب تصعيد أكبر من التصعيد الذي نراه راهناً، يأسف لغياب الحكومة عما يجري من التصعيد والتحركات، ومن الرسائل الدبلوماسية والرسائل السياسية وغيرها، كأنه لا يوجد أي حكومة في لبنان، وبالتالي عندما يكون أبوك وأمك؛ أي حكومتك الشرعية، غائبَين هذا يعني أنه ممكن أن يتم أخذك إلى أي مكان، وللأسف هناك من يأخذ لبنان إلى المجهول».

جعجع يعتقد أن حرب الجنوب اللبناني لا ترتبط بحرب غزة وحدها، فنحن «الآن، وبسبب ارتباطات (حزب الله)، مربوطون من البحر الأحمر إلى مضيق باب المندب، إلى مضيق هرمز والعراق وسوريا، وصولاً إلى لبنان». وهذا الترابط يضع البلاد في موقع خطر - كما يقول جعجع – لافتاً إلى أنه إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه فنحن أمام «حرب استنزاف لئيمة تكبّد لبنان أرواحاً بشرية من جهة، وخسائر اقتصادية من جهة أخرى، واستنزاف على المستويات كافة». أما «إذا تم التصعيد بشكل أكبر فالله أعلم أين سنصبح وماذا سيحصل وكيف ستكون الخسائر»، ليخلص إلى القول إن «لبنان خاسر في كلتا الحالتين، ومن المفترض أن يعتني بلبنان، هو لا يعتني به، أو من يجب أن يعتني به هو الحكومة، وأكثريتها من محور الممانعة، وبالتالي هذا المحور يأخذ لبنان إلى الأماكن التي نحن فيها الآن».

ويرد جعجع ما يصفه بأنه «الاستسلام الرسمي»؛ أي انكفاء الدولة، إلى أن العدد الأكبر في (أعضاء) الحكومة الحالية هو من محور الممانعة أو هم مؤيدون لهذا المحور، لذا هم فرحون بما يحصل. وهم يرتكبون جريمة كبيرة بحق لبنان. ويقول: «برأيي كل لبنان يسقط في الوقت الحاضر في الجنوب، وهم يتحملون مسؤوليته، وأي خراب سيطول لبنان لاحقاً هم يتحملون مسؤوليته». ويغمز من قناته بقية أعضاء الحكومة، ومن بينهم رئيسها نجيب ميقاتي، بقوله: «لا يستطيع أي شخص أن يأخذ مسؤولية رسمية ويقول إنه مغلوب على أمره، مَن هو مغلوب على أمره؟ عليه بالاستقالة».

وينبه رئيس «القوات» إلى أن التهديدات التي وجهها أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله إلى دولة قبرص المجاورة، والسيناريو الناجم عنها، مخاطرة كبيرة جداً، ولفت إلى أن الشعب اللبناني لم يعد يقوم بردات فعل كبيرة لسبب بسيط؛ إذ إنه موجود بالمصيبة. ولا يوجد مصيبة إلا وهناك أخرى أكبر منها، وبتقديري أن الأمور تسير نحو مصيبة أكبر». ويقول: «لا أستطيع أن أفهم لماذا نهاجم اليوم دولةً كقبرص... إنها تصرفات غير محسوبة وغير مسؤولة. قبرص هي دولة الجوار الوحيدة من دون مشاكل معها».

ويستنتج جعجع من مسار الحوار أن «هناك حساباً واحداً في لبنان اليوم، عنوانه: ما هو الأفضل للمصلحة الاستراتيجية لإيران». ويقول: «أنا أفهم أن يقوم الإيرانيون بحسابات على أساس ما هو الأفضل لمصالحهم، وهذا أمر طبيعي، ولكنّ فريقاً لبنانياً (حزب الله) يجرّ كل لبنان نحو ما فيه مصلحة لإيران، هذا أمر غير مقبول».

ولا يرى جعجع وجود هامش حركة فاعلة للمعارضة اللبنانية حيال ما يحصل، «نحن نعارض كما يجب، ولهذه الغاية عقدنا مؤتمراً في معراب، الشهر الفائت، تناولنا فيه موضوع الجنوب، وركزنا على تطبيق القرار 1701». ويقول: «إن كان الأمر هو للحفاظ على الجنوب وعلى أرض لبنان، فنحن بالطليعة للدفاع عن هذا الأمر، و1701 يؤمّن حماية الجنوب. فإن انتشر الجيش اللبناني مكان (حزب الله) في الجنوب أفلا نؤمّن لبنان بهذه الطريقة؟ بالتأكيد». أما لماذا يقومون بكل ما يقومون به؛ فـ«لأنه من الضروري أن تبقى يد إيرانية على البحر الأبيض المتوسط»، لافتاً إلى تصريح لأحد مستشاري (مرشد الجمهورية الإسلامية) أية الله علي خامنئي، قال فيه: «وصلنا 3 مرات إلى شاطئ البحر المتوسط؛ مرتين منها في عهدي الملكَين الأخمينيين؛ قورش الأول، وأحشويروش أو خشايارشا الأول، وآخر مرة بواسطة (حزب الله) اللبناني».

ملف رئاسة الجمهورية

لا جديد في ملف الرئاسة المعطلة من نحو سنتين أو أقل. يرى جعجع أن الانتخابات كان يجب أن تحصل قبل شهرين من نهاية ولاية الرئيس ميشال عون... ولكن للأسف، من جديد محور الممانعة، وأمام أعين العالم، يعطل الجلسات ولا يزال يعطلها حتى اليوم». ولا يتوقع جعجع طبعاً حصول اختراقات في الملف الرئاسي قريباً؛ «لسبب بسيط هو أن لدى محور الممانعة أولويات أخرى. وهو يعطل انتخاب الرئيس من خلال رئاسة المجلس، ومن خلال انسحاب نوابه من جلسات الانتخاب». ولا يقبل جعجع بأي مقاربة تحمّل المعارضة مسؤولية ما في تعقيدات الملف، فنحن «لم نترك مقاربة إلا وجربناها، آخر مرة عندما كان الموفد الفرنسي في لبنان طرحت عليه ثلاث مقاربات، أخذها بعين الاعتبار، ورأى أنها منطقية. المقاربة الأولى أن نقبل جميعنا بمبادرة تكتل (الاعتدال الوطني)، المقاربة الثانية أن ينزل لودريان شخصياً إلى المجلس النيابي للاجتماع بممثلين عن كافة الكتل النيابية؛ لوضعهم بأجواء الخلاصة التي توصل لها بعد جولته على كل الفرقاء. وبعدها يتركهم ليتشاوروا، وعلى الأثر يدعو الرئيس بري لجلسة في المجلس النيابي بدورات متعددة حتى انتخاب رئيس، والمقاربة الثالثة أن يدعو الرئيس بري لجلسة انتخاب رئيس كالعادة، وإن أفضت الجلسة الأولى إلى رئيسٍ كان به، وإن لم تفض يعلق الجلسة ولا يقفل المحضر، ويترك مجالاً للكتل النيابية للتشاور، وبعدها يعقد جلسة ثانية، وهلم جراً، لانتخاب رئيس. يقول جعجع إن «لودريان أخذ هذه الاقتراحات وأرسل موفدين، وتواصل مع جماعة الممانعة، وطرح عليهم كل هذه المقاربات، فلم يقبل بأي مقاربة».

وفي المقابل، لا يوافق جعجع على مقولة إنه لا يوجد أكثرية تأتي برئيس في البرلمان الحالي، لافتًا إلى أنه يجب ترك «العملية الرئاسية تسير بالجدية المطلوبة، لترى إن كان هناك أكثرية أم لا»، ليستنتج أنه «آخر جلسة عقدت في 14 يونيو (حزيران) من العام الماضي، لو تركوا الدورة الثانية من الانتخابات تنعقد لكان لدينا رئيس جمهورية منذ ذاك الوقت».

وعن تمسك المعارضة برفض الحوار حول الانتخابات، قال جعجع: «الحوار قائم كل لحظة وكل ساعة، وأعطيتك ثلاث مقاربات تؤدي للحوار، لا أحد يغش الرأي العام. ونحن كنا وما زلنا مع كل حوار ممكن أن يؤدي إلى نتيجة. وطرحنا ثلاث طرق لحوار جدي، ورُفضت الطرق الثلاث. ما نحن ضده هو طاولة حوار رسمية؛ لأنها تخالف للدستور. ومن جهة أخرى، إذا قبلنا بها نكون قد خلقنا عرفاً نصبح ملزمين به إلى أبد الآبدين».

المعادلة التي يضعها محور الممانعة واضحة برأي جعجع، «فهو يقول لنا إما أن تنتخبوا مرشحي لرئاسة الجمهورية أو ما يوازيه، وإما أن تبقوا من دون رئيس جمهورية. ونحن بالطبع لن ننتخب مرشحه بعد كل ما مر به لبنان. نحن نضغط قدر الإمكان، نجرب، نبتدع خطوات ونتحاور، ولكن لن نقفز فوق الدستور. نجرب أي أمر آخر لكي نخرق هذا الحصار، ولكنني أشك؛ لأن محور الممانعة أولوياته أخرى، ولا يهتم بلبنان ولا بالرئاسة».

ويقلل جعجع من أهمية حراك رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في الملف الرئاسي، ولا يرى له أفقاً أو جدوى. مجيباً عن السؤال حوله بسؤال مضاد: «هل قام باسيل بأمر جدي في يوم من الأيام»، ليستطرد قائلاً: «ما يقوم به باسيل من خطوات هو لكي يقول إنه لا يزال على المسرح السياسي، وهو يتحرك. باسيل يحاول بيع الرئيس نبيه بري موقفاً ربما يقبل الرئيس بري بأن يتفاهم معه على مرشح (خنفشاري) على شاكلة الوزير باسيل لرئاسة الجمهورية».

مع كل هذه السوداوية، يحاول جعجع إضفاء بعض من التفاؤل، فرغم كل ما يحصل تبقى الروح اللبنانية، ويجب أن نحمل الشعلة دائماً. ويقول: «هناك 25 نائباً في المجلس النيابي باستطاعتهم أن يميلوا الدفة، ولكن حتى اللحظة هم لا يريدون الدخول بمواجهة مع أحد. هذا واحد من الحلول الممكنة. ونحن نعمل في هذا الاتجاه». وعن وجود بوادر إيجابية، قال: «لا بأس، التقدم بنسبة 30 في المائة. نحن نجرب».


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».