تصريح الجيش الإسرائيلي عن «حماس» يغضب نتنياهو ويعقّد أزمة الحكومة

الحركة تعدّه «توثيق هزيمة وبداية نصر»

جانب من الدمار في مدينة خان يونس يوم 20 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في مدينة خان يونس يوم 20 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
TT

تصريح الجيش الإسرائيلي عن «حماس» يغضب نتنياهو ويعقّد أزمة الحكومة

جانب من الدمار في مدينة خان يونس يوم 20 يونيو 2024 (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في مدينة خان يونس يوم 20 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

عدّت حركة «حماس» أن تصريحات الناطق العسكري الإسرائيلي، دانييل هاغاري، حول استحالة القضاء على الحركة، واحدة من المتغيرات التي فرضها هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومقدمة انتصار للحركة، وتوثيق هزيمة ميدانية واستراتيجية، لإسرائيل. كما أثارت التصريحات جدلاً داخل الحكومة والمجتمع الإسرائيلي، قبل أن يضطر مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتدخل والتعليق على تصريحات الجيش.

وقال القيادي في «حماس»، عزت الرشق، يوم الخميس: «إن كلمة متحدث الجيش الصهيوني والتوضيح الذي تلاها، واحدة من المتغيرات الاستراتيجية التي فرضها (طوفان الأقصى) يوم السابع من أكتوبر المجيد». وأضاف مستخدماً عبارات لهاغاري: «(حماس) فكرة في قلوب الجماهير، والقضاء عليها وهمٌ وذرٌّ للرماد في عيون الإسرائيليين... صدق هاغاري وهو كذوب». وتابع الرشق قائلاً: «الفكرة التي تحدث عنها هي المقاومة التي تنشأ كلما وُجِد المحتل، وتظل تتصاعد وتتجدد على قدر أهل العزم حتى تنتصر على عدوها، أي حتى تدحر الاحتلال وتطهر البلاد من رجسه».

وعدّ الرشق أن تصريح هاغاري يُمثل إقراراً صريحاً بفشل كل محاولات القضاء على فكرة المقاومة منذ أكثر من مائة عام، إبان الانتداب، ثم الاحتلال، قائلاً: «هذا الإقرار توثيق لهزيمة نفسية وفكرية واستراتيجية، تتزامن مع هزيمة ميدانية غير مسبوقة، وهو المقدمة لانتصارنا الكبير بإذن الله».

جنود إسرائيليون بجوار دبابة (أ.ف.ب)

«هدف بعيد المنال»

وكان هاغاري قد وصف هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حركة «حماس» بأنه «بعيد المنال»، ما سلّط الضوء أكثر على الخلافات والتوترات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والجنرالات في الجيش بشأن إدارة الحرب في غزة. وقال هاغاري لـ«القناة 13»، في مقابلة: «إن تدمير (حماس)، وجعلها تختفي هو ببساطة ذرٌّ للرمال في عيون الناس»، مضيفاً: «(حماس) فكرة، (حماس) حزب، إنها متجذرة في قلوب الناس، ومن يعتقد أننا نستطيع القضاء عليها فهو مخطئ». وحذّر هاغاري أيضاً من أنه: «إذا لم تجد الحكومة بديلاً فإن (حماس) ستبقى».

وشكّل تصريح هاغاري ضربة أخرى من قبل الجيش لنتنياهو وحكومته، في ظل خلافات متصاعدة متعلقة بالحرب على القطاع وأهدافها وأولوياتها، بما في ذلك مفهوم النصر على الحركة.

وتحوّل تصريح هاغاري إلى خبر رئيسي في إسرائيل، وأثار جدلاً، ما دفع مكتب نتنياهو إلى الرد الفوري بتوضيح أن «المجلس الأمني ​​حدّد تدمير قدرات (حماس) العسكرية والحكومية بصفتها أحد أهداف الحرب». وأضاف في بيان: «أن قوات الدفاع الإسرائيلية ملتزمة بذلك بالطبع».

وبعد بيان مكتب نتنياهو، أصدرت وحدة المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بياناً قالت فيه: «إن الجيش ملتزم بأهداف الحرب المعلنة للحكومة، بما في ذلك تدمير قدرات (حماس) الحكومية والعسكرية». وأضافت أن هاغاري تحدث في المقابلة عن «القضاء على (حماس) بصفتها أيديولوجية وفكرة، وأن أي ادعاء بخلاف ذلك يعد إخراجاً للتصريحات من سياقها».

خيام لاجئين في جنوب غزة 20 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

ضغط الجيش على الحكومة

ويضغط الجيش على الحكومة من أجل إنهاء الحرب في غزة، ووضع خطة لليوم التالي، خشية تآكل «الإنجازات» التي حققها الجيش. كما حث وزير الدفاع، يوآف غالانت، نتنياهو على تطوير خطط للحكم ما بعد الحرب في غزة، محذراً من أن الفشل في إيجاد بديل لحركة «حماس» سيقوض الإنجازات العسكرية الإسرائيلية، «إذ ستتمكن الحركة من إعادة تنظيم صفوفها، وإعادة بسط سيطرتها على القطاع». كما دعا غالانت رئيس الوزراء نتنياهو إلى «استبعاد الحكم العسكري والمدني الإسرائيلي في غزة بعد الحرب»، وهو ما يدعو إليه بعض أعضاء اليمين المتطرف في الائتلاف الحكومي الذي يرأسه نتنياهو.

وذكرت تقارير تلفزيونية إسرائيلية أن رئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز «الشاباك» رونين بار، اختلفا مؤخراً مع نتنياهو بشأن التخطيط الاستراتيجي، وذلك في أعقاب استقالة زعيم حزب «الوحدة الوطنية»، بيني غانتس، الأسبوع الماضي من حكومة الطوارئ، بعد أن رفض رئيس الوزراء تقديم خطة بحلول الموعد الذي حدده غانتس.

ويقول جنرالات كبار متقاعدون في إسرائيل إن الحرب استنفدت نفسها، وأن نتنياهو يقود إسرائيل إلى كارثة. وعدّت وسائل إعلام إسرائيلية ومراقبون أن تصريحات هاغاري تعزز الاتهامات من قبل الجنرالات لنتنياهو بأنه يواصل الحرب في غزة لأغراض شخصية وسياسية.

وقال موقع «تايمز أوف إسرائيل» إن تصريح هاغاري علامة أخرى على وجود خلافات بين الجيش ونتنياهو في الآونة الأخيرة، بما في ذلك حول «التوقف التكتيكي» للقتال على طول طريق في جنوب غزة، والذي انتقده نتنياهو، في حين قال الجيش إن الخطوة تتماشى مع تعليماته لزيادة المساعدات التي تدخل القطاع.

من جانبه، انتقد نتنياهو، يوم الأحد، الجيش قائلاً: «لدينا دولة مع جيش، وليس جيشاً مع دولة». وانضم أعضاء اليمين الإسرائيلي لنتنياهو في مهاجمة الجيش أكثر من مرة.

وقال وزير الاتصالات الإسرائيلي، شلومو كرعي، إن تصريحات هاغاري ليست إلا إشارة إلى «الروح القيادية المتراخية والضعيفة لرئيس الأركان هرتسي هاليفي، ووزير الدفاع يوآف غالانت». وأضاف: «إذا كان غالانت وهاليفي غير قادرين على الانتصار، فليذهبا، ولا يكونان سبب خسارتنا». وأضاف أن على المتحدث باسم الجيش أن يركز على تقوية ودعم المقاتلين.

دبابة إسرائيلية تعمل وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة «حماس» (رويترز)

تراجع ثقة الإسرائيليين

لكن بعيداً عن الخلافات الرسمية المتصاعدة، أظهرت نتائج استطلاع أجراه معهد «دراسات الأمن القومي»، تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بقدرة الجيش على تحقيق «النصر» في غزة، أو على الجبهة الشمالية مع لبنان منذ بداية الحرب. وأشار الاستطلاع إلى أن غالبية الجمهور الإسرائيلي لا تعتقد أن أهداف الحرب في غزة ستتحقق بالكامل أو حتى إلى حد كبير.

ورداً على سؤال: «إذا اندلعت حرب على الحدود الشمالية، هل تعتقد أن الجيش الإسرائيلي سينتصر أم لا؟»، أجاب 67 في المائة من اليهود في إسرائيل بـ«نعم»، مقارنة مع 91 في المائة اعتقدوا ذلك في أكتوبر (تشرين الأول)، عندما اندلعت الحرب. وتراجعت ثقة الجمهور بقدرة الجيش الإسرائيلي على الانتصار على «حزب الله» تدريجياً منذ اندلاع الحرب. ويعتقد 46 في المائة من المستطلعين بوجوب شن إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في الشمال، حتى لو كان ذلك على حساب حرب إقليمية.

وفيما يتعلق بالحرب في غزة، فإن 12 في المائة فقط من الجمهور اليهودي في إسرائيل يعتقدون أن أهداف الحرب في غزة سوف تتحقق بالكامل، ويعتقد 36 في المائة أنها «ستتحقق إلى حد كبير، إلى حد ما». وأجاب ثلث الإسرائيليين بأنهم يعتقدون أن أهداف الحرب لن تتحقق إلا بدرجة قليلة، ويعتقد 10 في المائة أن الأهداف لن تتحقق على الإطلاق.

وأظهرت إحصائية أخرى، أن 29 في المائة فقط من اليهود الإسرائيليين يشجعون أطفالهم على الخدمة في الجيش، و57 في المائة فقط يشجعون أطفالهم على القيام بنوع من الخدمة العسكرية. كما أجاب 15 في المائة من المستطلعين اليهود بأنهم يفكرون في مغادرة إسرائيل.


مقالات ذات صلة

«الموساد»: إسرائيل تدرس رد «حماس» على اقتراح وقف النار بغزة

شؤون إقليمية دخان يتصاعد داخل غزة (رويترز)

«الموساد»: إسرائيل تدرس رد «حماس» على اقتراح وقف النار بغزة

أعلن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، في بيان، أن إسرائيل تدرس رد حركة «حماس» على اقتراح يتضمن اتفاقاً على إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا معبر رفح (رويترز)

معبر رفح: خطر المجاعة يصعّد المطالب الدولية بإعادة فتحه

تصاعدت مطالب دولية بإعادة فتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، خشية خطر المجاعة الذي قد يجتاح غزة منتصف يوليو (تموز) الحالي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)

التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

تُولي مصادر دبلوماسية وسياسية لبنانية أهمية خاصة لزيارة بنيامين نتنياهو واشنطن، 24 يوليو (تموز)، متوقعةً أن يرفع شروطه للموافقة على التهدئة في غزة ولبنان.

محمد شقير (بيروت)
شؤون إقليمية تصاعد الدخان نتيجة غارة جوية إسرائيلية على بلدة الخيام في جنوب لبنان كما شوهد من سنير شمال إسرائيل في 25 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

إطلاق عشرات الصواريخ من لبنان على شمال إسرائيل

ذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن عشرات الصواريخ أُطلقت على شمال إسرائيل من لبنان، اليوم (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية متمركزة عند الحدود مع قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يواصل قصف غزة... والآلاف يفرّون في الجنوب

واصل الجيش الإسرائيلي قصف مناطق عدة في قطاع غزة، الأربعاء، مع استمرار القتال في الشمال خصوصاً، فيما فرّ آلاف الفلسطينيين من جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة )

مقتل 5 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة

فلسطينيون يحملون جثمان عضو في حركة «الجهاد» قُتل في غارة جوية إسرائيلية بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
فلسطينيون يحملون جثمان عضو في حركة «الجهاد» قُتل في غارة جوية إسرائيلية بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

مقتل 5 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائيلي في الضفة

فلسطينيون يحملون جثمان عضو في حركة «الجهاد» قُتل في غارة جوية إسرائيلية بالضفة الغربية (إ.ب.أ)
فلسطينيون يحملون جثمان عضو في حركة «الجهاد» قُتل في غارة جوية إسرائيلية بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

قُتل خمسة شبّان فلسطينيين في عمليتين عسكريتين منفصلتين للجيش الإسرائيلي في مدينتي طولكرم وجنين في شمال الضفة الغربية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ومصادر إسرائيلية، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتزايدت العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة في مخيّم نور شمس للاجئين الفلسطينيين الواقع قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية.

وفي منشور على «تلغرام»، قال الجيش الإسرائيلي ليل الثلاثاء إنّه قصف من الجوّ «خلية في منطقة نور شمس أثناء قيامها بتجهيز عبوة ناسفة».

من جهتها، قالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان إنّ «أربعة شبّان قضوا في قصف إسرائيلي لمخيّم نور شمس».

ونشرت الوزارة أسماء القتلى الأربعة وهم أربعة شبّان تراوح أعمارهم بين 20 و25 عاماً.

وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا»، فإنّ الشبّان الأربعة «قتلوا متأثّرين بإصاباتهم بعد استهدافهم بصاروخ من طائرة مسيّرة إسرائيلية، أثناء وجودهم وسط مخيّم نور شمس».

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن «ما لا يقل عن مائتي منزل أصيبت بأضرار خلال العملية التي نفذتها القوات الإسرائيلية في مخيم نور شمس للاجئين»، ما أدى أيضاً «إلى نزوح 11 عائلة تضم 47 فرداً».

وأضاف المكتب أن «الطريق الرئيسية التي تربط مدينة طولكرم بمحافظتي نابلس وجنين تعرضت أيضاً لأضرار كبيرة، مما تسبب بقطع إمداد المياه واضطراب مؤقت في خدمات الكهرباء والإنترنت في المخيم».

وفي مدينة جنين القريبة، قتلت قوات إسرائيلية بعد ظهر الأربعاء «الشاب نضال زياد العامر (23 عاماً)»، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان مقتضب.

وقال مصدر أمني إسرائيلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن العامر «قتل أثناء محاولة الجيش الإسرائيلي اعتقاله بسبب نشاطه العسكري».

وكان طفل وامرأة قتلا الاثنين شمال الضفّة الغربية خلال عملية توغّل نفّذها الجيش الإسرائيلي في نور شمس.

والأحد، أعلنت منظمة «الجهاد» الفلسطينية أنّ مقاتلاً من جناحها المسلّح قُتل في المخيّم في غارة نفّذتها طائرة مسيّرة إسرائيلية.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إصابة خمسة أشخاص بالهجوم، اثنان منهم إصابتهم خطرة.

وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ عام 1967 تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلعت الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قتل 14 شخصاً في عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم نور شمس استمرت نحو ثلاثة أيام.

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أنّ عمليات التوغّل هذه تستهدف مجموعات فلسطينية مسلّحة، لكن غالباً ما يسقط فيها مدنيون أيضاً.

وقتل ما لا يقلّ عن 561 فلسطينياً على الأقلّ في الضفّة بأيدي القوات الإسرائيلية أو المستوطنين منذ اندلاع حرب غزة، بحسب مسؤولين فلسطينيين.