عيد ثانٍ بلا مظاهر فرحة في غزة... والأضاحي مفقودة

سكان القطاع قضوا عيد الفطر في أجواء مماثلة من القصف والدمار والتجويع

يستعد الغزيون للاحتفال بعيد الأضحى... لكنَّ مظاهر العيد مفقودة في القطاع المنكوب (إ.ب.أ)
يستعد الغزيون للاحتفال بعيد الأضحى... لكنَّ مظاهر العيد مفقودة في القطاع المنكوب (إ.ب.أ)
TT

عيد ثانٍ بلا مظاهر فرحة في غزة... والأضاحي مفقودة

يستعد الغزيون للاحتفال بعيد الأضحى... لكنَّ مظاهر العيد مفقودة في القطاع المنكوب (إ.ب.أ)
يستعد الغزيون للاحتفال بعيد الأضحى... لكنَّ مظاهر العيد مفقودة في القطاع المنكوب (إ.ب.أ)

لم ينتظر الغزيون من عيد الأضحى هذا العام إلا أن يأتي لهم باتفاق هدنة إنسانية أو اتفاق يُنهي الحرب، ومن دون ذلك لا توجد أي مظاهر تشير إلى العيد في القطاع المنكوب. فالمشاهد الوحيدة «الثابتة» حالياً هي مشاهد الدمار الهائل، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في مناطق مختلفة.

وهذا هو العيد الثاني الذي يقضيه سكان القطاع في ظل أطول حرب عرفوها وأكثرها دموية وتكلفة، بعد أن قضوا عيد الفطر في أجواء مماثلة من القصف والدمار والتجويع.

ويختبر سكان القطاع وضعاً غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، عندما بدأت إسرائيل حرباً واسعة على القطاع، وهو وضع ممتد إلى عيد الأضحى الحالي من دون أن يتضح في الأفق ملامح اتفاق قريب.

وفيما اختفى المتسوقون إلى حد كبير وفرغت الشوارع من البضائع المكدسة، لم يفكر غالبية السكان في ذبح أي أضحية كما جرت عليه العادة، لأسباب مختلفة بينها الحرب والفقر وعدم وجود أضاحٍ كافية، أو لوجود اقتناعات لدى بعض الغزيين بأن التضحيات غير المسبوقة من البشر ربما لا تستوجب تقديم مزيد من الأضاحي.

أطفال في خان يونس بجانب حظيرة للماشية عشية عيد الأضحى (إ.ب.أ)

وقال راغب التتري، من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة: «لا توجد حياة هنا حتى يكون هناك عيد». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لقد سرقت الحرب كل شيء. الناس والأحبة والفرح والبيوت والذكريات. أيُّ عيد هذا! بأيِّ حال عاد؟».

وبالنسبة إلى التتري فإنه حتى وقت طويل قد لا يكون ممكناً العودة إلى حياة طبيعية، تسمح بالاحتفال بالعيد في قطاع غزة.

ويعاني معظم سكان القطاع فقدان أحبائهم أو بيوتهم، ويعيشون في مراكز إيواء أو في بيوت كثير منها غير صالح للسكن، ولا يجدون طعاماً كافياً، فيما تقطعت بهم السبل بعدما قسمت إسرائيل قطاع غزة إلى أجزاء.

وبالكاد تذكرت نهى عابد، من سكان حي الزيتون جنوب مدينة غزة، النازحة إلى أحد مراكز الإيواء غرب المدينة بعدما دمرت إسرائيل منزلها، أن العيد اقترب. قالت نهى لـ«الشرق الأوسط»: «موت وبهدلة وجوع وعيد! لا يمشي الحال (في مثل هذا الوضع)». وأضافت: «لم يعد هناك طعم ولا لون ولا رائحة لأي شيء. أخذوا كل شيء منّا، حتى ضحكتنا وفرحتنا بأعيادنا».

وبخلاف السنوات السابقة، يزيد العيد أحزان نهى التي فقدت ابنها أحمد البالغ من العمر 13 عاماً، في قصف مدفعي طال منزلها في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

قالت وهي مثقلة بالحزن: «لم يبقَ هناك معنى للعيد... حتى للذين من الممكن أن يعيّدوا. اذهب وشاهد الأسواق (الخالية). الجوع قتلنا».

ورصد مراسل «الشرق الأوسط» أسواقاً في شمال قطاع غزة خالية من الملابس والخضار واللحوم، ولا توجد أي مظاهر أخرى للعيد.

واشتكى تجار الملابس الذين بقيت محالهم سليمة ولم يطلها القصف، من ركود غير مسبوق، وقالوا لـ«الشرق الأوسط» إنه لا أحد يشتري أي شيء لأطفاله.

وقال سعيد الشرفا، أحد تجار الملابس، إن الإقبال معدوم.

وأضاف: «لا يتوافر لدى المواطنين المال، كما أن الظروف الصعبة بسبب الحرب أفقدت العيد بهجته».

حظيرة للمواشي في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأكد الشرفا أنه لولا أن المؤسسات اتفقت مع بعض أصحاب المحال لكسوة الأطفال الأيتام والفقراء في أثناء العيد لكان العيد «صفرياً» من حيث البيع والشراء، مشيراً إلى أنه رغم ذلك فإن هذا لم يسهم في تحسين وضع السوق المحلية التي بقيت راكدة تماماً.

وقال بكر السري، وهو أب لعدد من الأطفال: «لا توجد بهجة لأي شيء. أطفالنا نسوا كل شيء... التعليم والحياة والأعياد».

لكن حتى ما لا يتعلق بالبهجة، اختفى تقريباً في قطاع عزة.

فقد افتقدت الأسواق بشكل خاص توفر المواشي التي يبحث عنها بعض المقتدرين أو حتى مؤسسات إغاثية، من أجل شرائها وتقديمها للمعوزين.

واضطر بعض الغزيين إلى شراء معلبات من الفول والحمص والجبنة والبازلاء والفاصولياء. وهو المتوفر من أجل إعداد غداء العيد.

وقال محمد صلاح، أحد تجار المواشي في شمال القطاع، لـ«الشرق الأوسط»: «المواشي غير موجودة... المتوافر أقل من 30 رأساً من الجديان، وبسبب قلة وجود طعام لها، الكثير منها ضعيف وهزيل، وبالتالي ليست مطلوبة».

ويطلب مربي الماشية في كل كيلوغرام (كيلوغرام الخروف قبل الذبح) 180 شيقلاً أو ما يعادل نحو 50 دولاراً، وهو مبلغ ضخم مقارنةً بالأسعار قبل الحرب والتي كانت تصل فقط إلى نحو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 12 دولاراً).

وأوضح صلاح: «بسبب كل ذلك، الناس لم تشترِ (ماشية). هناك مؤسسات حجزت بعض المواشي المتوافرة من العجول الكبيرة في السن، لمحاولة توزيعها على المواطنين في مراكز الإيواء».

وبشكل عام حتى في الضفة الغربية التي بدت فيها الحركة قوية قبل العيد، عزف كثير من الفلسطينيين هناك عن إظهار أي بهجة بالعيد، ولم يشتروا الحلويات والمكسرات، كما جرت عليه العادة سابقاً.

كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد دعا إلى اقتصار فعاليات عيد الأضحى المبارك على الشعائر الدينية فقط «وذلك نظراً للظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا جراء استمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها من قوات الاحتلال في قطاع غزة، وكذلك العدوان في الضفة الغربية بما فيها القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية».

وأعرب عباس عن أمله أن يأتي العيد القادم وقد «تحقق ما يصبو إليه شعبنا» من حرية واستقلال، وتجسيد إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين.


مقالات ذات صلة

وزاري عربي - إسلامي الأحد تمهيداً لـ«قمة المتابعة»

الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال ترؤسه القمة العربية - الإسلامية في الرياض السنة الماضية (واس)

وزاري عربي - إسلامي الأحد تمهيداً لـ«قمة المتابعة»

تسعى القمة العربية - الإسلامية، الاثنين، للوقوف على تداعيات العدوان الغاشم، وتنسيق المواقف، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الشعب الفلسطيني.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رجل مؤيد للحوثين يحمل صاروخاً وهمياً خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يستهدفون قاعدة عسكرية إسرائيلية بصاروخ فرط صوتي

كشف العميد يحيى سريع المتحدث العسكري باسم «الحوثيين» في اليمن، اليوم (الجمعة)، إن الجماعة استهدفت قاعدة نيفاتيم الجوية بجنوب إسرائيل بصاروخ.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي أمل جديد لأصحاب الأطراف المبتورة في غزة

أمل جديد لأصحاب الأطراف المبتورة في غزة

وسط تحديات جسيمة في قطاع غزة، تبرز بادرة أمل جديدة لأصحاب الأطراف المبتورة، من خلال تقنية مبتكرة لأطراف صناعية سهلة التركيب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

إردوغان يتمنى أن يقول ترمب لإسرائيل: «توقفي»

عبّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أمله في أن يطلب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب من إسرائيل وقف الحرب وتعليق الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رجل يحمل امرأة فلسطينية فقدت ساقها عندما أُصيب منزل عائلتها في غارة إسرائيلية بمخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة (أ.ف.ب) play-circle 00:29

الأمم المتحدة: نحو 70 % من قتلى حرب غزة نساء وأطفال

كشف تقرير للأمم المتحدة اليوم (الجمعة) أن النساء والأطفال يشكّلون «نحو 70 في المائة» من قتلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«حزب الله» يستهدف قاعدة بحرية ومطاراً عسكرياً قرب حيفا

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ وسط استمرار الحرب مع «حزب الله» (رويترز)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ وسط استمرار الحرب مع «حزب الله» (رويترز)
TT

«حزب الله» يستهدف قاعدة بحرية ومطاراً عسكرياً قرب حيفا

نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ وسط استمرار الحرب مع «حزب الله» (رويترز)
نظام القبة الحديدية الإسرائيلي يعترض صواريخ وسط استمرار الحرب مع «حزب الله» (رويترز)

أعلن «حزب الله»، اليوم (الجمعة)، قصفه بالصواريخ قاعدة بحرية إسرائيلية ومطاراً عسكرياً قرب مدينة حيفا، للمرة الثانية في أقل من 24 ساعة، على وقع استمرار المواجهة المفتوحة بين الطرفين منذ 7 أسابيع، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأورد الحزب في بيان أن مقاتليه استهدفوا برشقة «صاروخية نوعية» قاعدة «ستيلا ماريس البحريّة» الواقعة شمال غربي مدينة حيفا، التي قال إنها تضم قاعدة رصد ومراقبة بحرية.

وفي بيان ثانٍ، أفاد الحزب عن استهدافه برشقة «صاروخية نوعية» قاعدة ومطار رامات ديفيد جنوب شرقي حيفا.

وقال إن الاستهدافين جاءا «رداً على الاعتداءات والمجازر التي يرتكبها العدو الإسرائيلي» في لبنان.

وبعد نحو عام من تبادل القصف عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول) حملة جوية مركَّزة على معاقل «حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية، وفي جنوب لبنان وشرقه.

وأعلنت في 30 من الشهر ذاته بدء عمليات توغل بري «محدودة» في جنوب البلاد، حيث تشن هجمات وتخوض اشتباكات مع «حزب الله».

وأسفرت جولة التصعيد الأخيرة عن مقتل أكثر من ألفين و600 شخص في لبنان، من إجمالي أكثر من 3 آلاف قُتِلوا بنيران إسرائيلية منذ بدء تبادل القصف بين «حزب الله» وإسرائيل في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.