أول تقرير أممي يتهم إسرائيل و«حماس» بارتكاب جرائم حرب

تل أبيب لم تتعاون مع التحقيق وسلوك قواتها يشمل «عناصر إبادة»

فلسطيني يحمل المياه بين المباني المدمرة في خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل المياه بين المباني المدمرة في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

أول تقرير أممي يتهم إسرائيل و«حماس» بارتكاب جرائم حرب

فلسطيني يحمل المياه بين المباني المدمرة في خان يونس (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل المياه بين المباني المدمرة في خان يونس (أ.ف.ب)

اتهمت لجنة أممية كلاً من إسرائيل و«حماس» وغيرها من الفصائل الفلسطينية المسلحة بارتكاب جرائم حرب، مؤكدة أن سلوك القوات الإسرائيلية خلال الأشهر الثمانية الماضية في القطاع، يشمل جرائم ضد الإنسانية.

جاء ذلك في التقرير الأول الذي أعدته لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنها القدس الشرقية، والتي شكّلتها الأمم المتحدة عقب هجوم «حماس» ضد المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية المحيطة بالقطاع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والحرب التي تلتها في غزة، مستندة إلى مقابلات عن بُعد مع ضحايا وشهود، بالإضافة إلى بعثات لتقصي الحقائق أُرسلت إلى تركيا ومصر، فضلاً عن آلاف المعلومات المستمدة من مصادر علنية جرى التأكد منها عبر التحاليل الجنائية المتقدمة ومئات التقارير.

واعتمدت أيضاً على صور بالأقمار الاصطناعية وسجلات الطب الشرعي وبيانات مفتوحة المصدر، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو التي التقطتها القوات الإسرائيلية وتمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. وأكدت اللجنة أن إسرائيل لم تتعاون مع التحقيق، بل احتجت على تقييم اللجنة لسلوكها.

يشمل التقرير الذي صدر الأربعاء عن اللجنة المكونة من ثلاثة أشخاص برئاسة المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان نافي بيلاي، وعضوية الخبير الأسترالي في قانون حقوق الإنسان كريس سيدوتي، والخبير الهندي في حقوق الإنسان والسياسة الاجتماعية، ميلون كوثاري، الفحص الأكثر تفصيلاً من الأمم المتحدة حتى الآن للأحداث التي وقعت منذ 7 أكتوبر، بالإضافة إلى أنه يقدم تحليلاً قانونياً للإجراءات التي اتُخذت في حرب غزة ويرجح أن تدرسها محكمة العدل الدولية وغيرها من الهيئات المعنية.

رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة والمفوضة السامية السابقة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي (أ.ب)

«الجناة الذكور»

وأفاد التقرير بأن الجناح العسكري لـ«حماس» وست جماعات فلسطينية مسلحة أخرى، بمساعدة في بعض الحالات من مدنيين فلسطينيين، قتلوا وعذبوا أناساً خلال هجوم 7 أكتوبر الماضي؛ مما أدى إلى مقتل أكثر من 800 مدني بين أكثر من 1200 قتيل من الإسرائيليين. وأضاف أن 252 شخصاً آخرين، بينهم 36 طفلاً، احتجزوا كرهائن.

جنود إسرائيليون يحاولون العثور على أدلة وأشلاء بشرية تتعلق بهجوم «حماس» على كيبوتز بيري يوم 7 أكتوبر الماضي (أ.ب)

وجاء في التقرير أن «العديد من عمليات الاختطاف نفذت مع عنف جسدي وعقلي وجنسي كبير ومعاملة مهينة، بما في ذلك في بعض الحالات عرض للمخطوفين»، وأنه «جرى استخدام أجساد النساء كجوائز نصر من قِبل الجناة الذكور».

وإذ أشارت إلى أن «حماس» رفضت كل التهم الموجهة إلى عناصرها في شأن العنف الجنسي ضد النساء الإسرائيليات، لفتت إلى «أدلة مهمة مثل تدنيس الجثث، بما في ذلك التدنيس الجنسي وقطع الرؤوس والتمزقات والحرق وتقطيع أجزاء الجسم».

«التجويع كسلاح»

كذلك، أفادت اللجنة بأن إسرائيل «ارتكبت أيضاً جرائم حرب، مثل استخدام التجويع كسلاح حرب من خلال الحصار الكامل لغزة». وأضافت أن «استخدام إسرائيل الأسلحة الثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان، يرقى إلى مستوى هجوم مباشر على السكان المدنيين، ويشتمل على العناصر الأساسية لجريمة ضد الإنسانية، متجاهلاً ضرورة التمييز بين المقاتلين والمدنيين ويسبب عدداً كبيراً غير متناسب من الضحايا المدنيين، خاصة بين النساء والأطفال».

أطفال فلسطينيون يحملون أواني وهم يصطفون للحصول على الطعام المطبوخ في مطبخ خيري بغزة (رويترز)

ولفتت إلى أن الحرب أدت إلى مقتل أو تشويه عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، وهو حجم ومعدل من الخسائر «لم يسبق له مثيل عبر الصراعات في العقود الأخيرة»، فضلاً عن أن الجرائم الأخرى ضد الإنسانية التي ارتكبتها إسرائيل في غزة تشمل «الإبادة والقتل والاضطهاد الجنسي الذي يستهدف الرجال والفتيان الفلسطينيين، والنقل القسري للسكان، والتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية والقاسية».

ونبّهت إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العري القسري والإذلال الجنسي، باعتباره «إجراءً تشغيلياً» ضد الفلسطينيين أثناء عمليات الإخلاء القسري والاحتجاز.

وجاء في التقرير: «تعرض الضحايا من الذكور والإناث لمثل هذا العنف الجنسي، لكن الرجال والفتيان استُهدفوا بطرق معينة»، علماً أن «معاملة الرجال والفتيان تم إضفاء طابع جنسي عليها عمداً، كعمل انتقامي على هجوم 7 أكتوبر الماضي».

نزوح من رفح الثلاثاء (أ.ب)

توقفوا «فوراً»

وأكدت اللجنة أنها حددت الأشخاص الأكثر مسؤولية عن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وبينهم أعضاء كبار في «حماس» وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة وأعضاء كبار في القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك أعضاء مجلس الوزراء الحربي.

وقالت رئيسة اللجنة نافي بيلاي إنه «يجب على إسرائيل فوراً إيقاف عملياتها وهجماتها العسكرية على غزة والاعتداء على رفح الذي أودى بحياة مئات المدنيين، وأدى مجدداً إلى نزوح مئات آلاف الناس إلى مناطق غير آمنة تفتقد الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية». أضافت أنه «يجب على حركة (حماس) والمجموعات الفلسطينية المسلحة، فوراً، وقف إطلاق الصواريخ والإفراج عن جميع الرهائن»، مذكرة بأن «أخذ الرهائن يُعدّ جريمة حرب».


مقالات ذات صلة

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ترسل وفداً إلى القاهرة لبحث إعادة رفات آخر رهينة في غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، أن وفداً يضم ممثلين للجيش وأجهزة أمنية، زار مصر للبحث في إعادة رفات آخر الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
خاص المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة سبتمبر الماضي (رويترز) play-circle

خاص إجراءات أمنية جديدة في «حماس» خشية اغتيال قادتها بالخارج

باتت حركة «حماس» تتحسب لعملية اغتيال إسرائيلية جديدة، محتملة لبعض قياداتها في خارج الأراضي الفلسطينية، وتحدثت مصادر كبيرة عن قلق من حدوثها في دولة غير عربية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مقاتلون من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» يقفون حراساً أثناء البحث عن جثث رهائن إسرائيليين إلى جانب عمال الصليب الأحمر وسط أنقاض مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تعلن مقتل 40 مسلحاً محاصراً من «حماس» في أنفاق تحت رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، إنه قُتل نحو 40 من مسلحي حركة «حماس» الذين كانوا محاصرين في أنفاق تحت رفح بجنوب قطاع غزة داخل منطقة تسيطر عليها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي الفلسطيني ياسر أبو شباب (وسائل التواصل) play-circle

مقتل ياسر أبو شباب في غزة

قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، نقلاً عن مصادر أمنية، إن ياسر أبو شباب أبرز زعماء العشائر المناهضة لحركة «حماس» في قطاع غزة توفي متأثراً بجراحه.

«الشرق الأوسط» (غزة)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.