تحرك مصري - أردني - أممي لتفكيك جمود مساعدات غزة

مؤتمر «البحر الميت» يعقد الثلاثاء وسط استمرار أزمة معبر رفح

الرئيس المصري وعاهل الأردن في لقاء سابق (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري وعاهل الأردن في لقاء سابق (الرئاسة المصرية)
TT

تحرك مصري - أردني - أممي لتفكيك جمود مساعدات غزة

الرئيس المصري وعاهل الأردن في لقاء سابق (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري وعاهل الأردن في لقاء سابق (الرئاسة المصرية)

في مركز «الملك حسين بن طلال» للمؤتمرات على شاطئ البحر الميت، يلتئم المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة، الثلاثاء، بتنظيم أردني - مصري مع الأمم المتحدة، وحضور أميركي، وسط استمرار أزمة معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، منذ 7 مايو (أيار).

ويرى دبلوماسي مصري سابق ومحلل أردني، في أحاديث منفصلة لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر الدولي بمثابة «شريان حياة جديد لتدفق المساعدات وتفكيك الجمود الحالي المتسببة فيه إسرائيل».

وتعول تلك التقديرات على «أهمية تحقيق اختراق للوضع الحالي وممارسة واشنطن مزيداً من الضغوط على إسرائيل لوقف حربها على غزة التي تقف على شفا المجاعة بعد أكثر من 8 أشهر من الحرب».

وفي 31 مايو (أيار) الماضي، أفاد الديوان الملكي الأردني، في بيان، بأن «قادة دول ورؤساء حكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية» سيشاركون في المؤتمر بهدف «تحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية في قطاع غزة».

بينما أكدت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، حضور وزيرها أنتوني بلينكن للمؤتمر، خلال زيارته الحالية للمنطقة، التي ستبحث «إتاحة زيادة هائلة في المساعدات وضرورة التوصل إلى اتفاق إطلاق نار بغزة يضمن الإفراج عن جميع الرهائن».

وبحسب ما ذكرته قناة المملكة الأردنية الرسمية، الاثنين، سيلقي ملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الفلسطيني محمود عباس، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، كلمات بالجلسة الرئيسية في المؤتمر.

ويشهد برنامج المؤتمر جلسات عمل؛ تناقش الأولى بحث «توفير المساعدات الإنسانية لغزة لتلبية حجم الاحتياجات»، والثانية «تجاوز التحديات التي تواجه توزيع المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في غزة»، والثالثة «أولويات التعافي المبكر في غزة»، وفق المصدر الأردني ذاته.

توصيات متوقعة

ويتوقع أن يخرج المؤتمر بـ«مجموعة من التوصيات حول آليات وسبل زيادة حجم المساعدات وتسريع دخولها وتوزيعها على سكان قطاع غزة، وتحديد الآليات والخطوات الفاعلة للاستجابة، والاحتياجات العملياتية واللوجيستية اللازمة، وتسريع عملية دخول المساعدات الإنسانية»، بحسب وزير الدولة الفلسطيني لشؤون الإغاثة باسل ناصر.

ويأتي المؤتمر الذي يستمر يوماً واحداً «في وقت مهم وحساس، بعد مرور ما يزيد على 8 أشهر من الحرب الإسرائيلية التدميرية على قطاع غزة، ويشارك به ما يزيد على 60 دولة بمستويات تمثيل متفاوتة، بالإضافة لكثير من المنظمات والمؤسسات الدولية والعربية والإسلامية»، وفق حديث ناصر اليوم، مع وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية.

ووفق المصدر ذاته، من المقرر أن يناقش المؤتمر «خطة الإغاثة والتعافي المبكر التي وضعتها الحكومة الفلسطينية، وسبق اعتمادها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية، وتشمل 3 مراحل؛ الأولى مرحلة الاستجابة الطارئة، والمحدد لها 6 أشهر للتنفيذ وتركز على البعد الاجتماعي من الحماية وتوفير الإسكان وبرامج تتعلق بالصحة والتعليم والبنية التحتية وتكلفتها نحو مليار و300 مليون دولار، بخلاف مرحلة ثانية تمتد لعام، وثالثة تشمل تدخلات مماثلة».

ويأتي مؤتمر الأردن وسط نقص شديد في الغذاء والدواء بالقطاع، وتوقف معبر رفح المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى قطاع غزة من مصر، عقب سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في 7 مايو (أيار) الماضي، ورفض مصر التنسيق مع السلطات الإسرائيلية بشأنه.

ووصفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) الوضع في غزة بأنه «تحوّل للأسوأ»، مؤكدة في بيان قبل أيام، أن ما يدخل لقطاع غزة حالياً لا يتعدى 57 شاحنة، في وقت كانت تتحدث فيه «الأونروا» قبل 6 مايو (أيار) الماضي، عن 167 شاحنة يومياً. وتحدد المنظمة حاجات سكان قطاع غزة بما يتجاوز 600 شاحنة يومياً، وهو ما يتطلب فتح جميع المعابر البرية.

بينما أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في لقاء بالقاهرة مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، «أهمية تضافر الجهود الدولية لإزالة العراقيل أمام إنفاذ المساعدات الإنسانية، وضرورة إنهاء الحرب على القطاع».

مسار ضغط

في هذا السياق، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، علي الحنفي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «الوضع في غزة مأساوي وكارثي على شفا المجاعة».

ويعتقد أن «مثل هذه المؤتمرات قادرة على دفع عجز المساعدات بغزة، شريطة التزام الولايات المتحدة بتذليل جهود توصيل المساعدات في ظل حرب إبادة وجرائم حرب وتعطيل تقوم بها إسرائيل».

والمؤتمر سيكون «فاضحاً لإسرائيل» أمام مؤسسات دولية وأممية فيما يتعلق بعرقلة المساعدات، مع تشجيع مساعي التمويل وتعزيز المساعدات لغزة، وفق الحنفي.

وتمنى الحنفي أن تزداد مستويات التمويل لإغاثة غزة، وإعادة الاعتبار لـ«الأونروا» كونها المؤسسة القادرة على أن تقدم المساعدات بشكل حيادي وجاد وسريع داخل القطاع.

ويتوقع أن تزداد المطالبات بفتح المعابر بغزة، وكذلك عدم تعطيل إسرائيل إعادة فتح معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، لافتاً إلى إمكانية أن «يشكل المؤتمر ضغطاً جديداً على إسرائيل أمام العالم في هذا الصدد».

عوائق محتملة

المحلل السياسي الأردني، منذر الحوارات، يقول في حديث مع «الشرق الأوسط»، إن «المؤتمر سيكون وسيلة ضغط ومحاولة للاستناد لثقل المجتمع الدولي في وجه التعنت الإسرائيلي».

ويتهم الحوارات، إسرائيل، بأنها «تستخدم ورقة المساعدات للضغط من أجل تحقيق مكاسب لا تحقق السلام في المنطقة»، مرجحاً أن «عدم استجابة إسرائيل لمخرجات المؤتمر والإسراع في فتح المعابر كافة وعدم تعطيل معبر رفح، تصعب تحقيق أي نتائج إيجابية».

لكنه يعول على «استمرار الضغوط، لا سيما الأميركية، لتحقيق اختراق حقيقي يفضي لتقديم المساعدات الإغاثية على وجه السرعة لغزة».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يحاول السيطرة على كل رفح... في محاولة لإنهاء الحرب بشكلها الحالي

المشرق العربي حفرة أحدثتها غارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة اليوم الجمعة (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يحاول السيطرة على كل رفح... في محاولة لإنهاء الحرب بشكلها الحالي

وسّع الجيش الإسرائيلي عمليته برفح في محاولة للسيطرة على كامل المدينة، بعد أكثر من 6 أسابيع على بدء هجوم في المدينة الحدودية التي تعد آخر معاقل «حماس».

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي يصر «حزب الله» على الربط بين جبهتَي غزة وجنوب لبنان ويؤكد أنه مستعد لكل الاحتمالات (أرشيف «الشرق الأوسط»)

الوضع الميداني في جنوب لبنان يتحرك على وقع المساعي لتبريد الجبهة

تشهد المواجهات المتواصلة بين «حزب الله» وإسرائيل مستويات من التصعيد، تتغير من يوم إلى آخر، في حين فشلت كل مساعي تبريد الجبهة في تحقيق النتائج المرجوة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي يوم اقتحام «حماس» المستوطنات الإسرائيلية في 7 أكتوبر (رويترز)

إسرائيل تجاهلت تحذيرات قبل 4 أيام من هجوم «حماس»

كشف تقرير جديد أن مجندات في قاعدة «ناحل عوز» الإسرائيلية لاحظن قبل 4 أيام من هجوم 7 أكتوبر أعضاء من قوات النخبة لـ«حماس» يشاركون في تدريب على حدود غزة.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري صورة مركبة لجان لوك ميلونشون، زعيم حزب «فرنسا الأبية» اليساري المتشدد، ومارين لوبن الساعية للوصول إلى رئاسة الجمهورية (أ.ف.ب)

تحليل إخباري الثلاثي بارديلا - ميلونشون - أتال يهيمن على انتخابات فرنسا

الثلاثي بارديلا - ميلونشون - أتال يهيمن على الانتخابات البرلمانية في فرنسا، والتخوف من قيام 3 مجموعات متناحرة في برلمان تصعب إدارته.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)

جنوب لبنان والقرار 1701... تطبيق جزئي وانتهاكات واسعة

تُركّز المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى نزع فتيل التفجير على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية على تطبيق القرار 1701، الذي يُجمع الخبراء على أنه لم ينفذ منذ إقراره.

يوسف دياب (بيروت)

موجة حر تقض مضاجع أهالي دمشق والشوارع والسطوح ملاذهم

طفل سوري يبيع الثلج في دمشق لمكافحة موجة الحر (رويترز)
طفل سوري يبيع الثلج في دمشق لمكافحة موجة الحر (رويترز)
TT

موجة حر تقض مضاجع أهالي دمشق والشوارع والسطوح ملاذهم

طفل سوري يبيع الثلج في دمشق لمكافحة موجة الحر (رويترز)
طفل سوري يبيع الثلج في دمشق لمكافحة موجة الحر (رويترز)

يعاني سكان العاصمة السورية دمشق ومحيطها من موجة حر شديدة هي الأولى من نوعها هذا العام، ولم تخفف منها زيادة ساعات وصل التيار الكهربائي.

وتضرب مناطق دمشق وريفها، منذ بداية الأسبوع الماضي، موجة حر شديد، هي الأولى من نوعها خلال فصل الصيف الحالي. وتوقعت المديرية العامة للأرصاد الجوية في نشرتها، صباح الجمعة، بقاء درجات الحرارة أعلى من معدلاتها بنحو 4 إلى 8 درجات مئوية في أغلب المناطق، نتيجة تأثر البلاد بامتداد المنخفض الموسمي الهندي السطحي المترافق بتيارات جنوبية غربية في طبقات الجو العليا، وأن يكون الجو صيفياً شديد الحرارة، وأن تسجل درجات الحرارة في دمشق وريفها 40 درجة مئوية في ساعات النهار.

تعديل التقنين الكهربائي

ورغم أن الطرق كانت شبه خالية من المارة في ساعات الظهيرة بسبب أشعة الشمس الحارقة، فإن أبو محمد كان يجهز سيارته والعرق يتصبب منه، وقال: «مساءً، لديّ موعد مع أصدقاء للعائلة، وأنا مضطر للخروج في هذا الجو الحارق القاتل لمعايدة أختي وجبر خاطرها، لأننا بتنا لا نرى بعضنا إلا في الأعياد».

ومنذ بداية عطلة عيد الأضحى التي بدأت، السبت، شهدت دمشق تحسناً في وضع الكهرباء، حيث بات «برنامج التقنين» يقوم على قطعها 3 ساعات ووصلها 3 ساعات، بعدما كان قطعها يجري 5 ساعات مقابل ساعة وصل، إلا أن ذلك لم يخفف من معاناة الأهالي من موجة الحر الشديدة.

الحر يحول الغرف إلى أفران

وقالت سيدة تقطن في منطقة باب مصلى، وسط دمشق: «عندما تأتي الكهربائي نشغل المراوح، وتخف حدة الشوب (الحر)، ولكن بعد 15 دقيقة من قطعها تتحول الغرف إلى أفران لا يمكن الجلوس فيها». وأوضحت أنها وأطفالها يستعينون بقطع من الكرتون أو القماش المبلل بالماء للتخفيف من معاناتهم، وأحياناً يخرجون إلى البلكونات وسطح المنزل، ويجلسون في ظل الجدران.

وبسبب عدم انخفاض درجات الحرارة في ساعات الليل، فإن كثيراً من أفراد الأسر يقضون أغلب فترة الليل على الشرفات أو على سطوح المنازل.

قوالب الثلج تجارة مربحة

وفي ظل هذه الحال، وجد كثير من أصحاب المحال التجارية الصغيرة من قوالب الثلج وسيلة لزيادة أرباحهم عبر بيعها بأسعار مرتفعة، إذ يصل سعر قالب الثلج إلى ما بين 10 و15 ألف ليرة، والقطعة الصغيرة إلى 5 آلاف.

وأمام أحد المحال جنوب العاصمة دمشق، وأثناء تجمع عدد من الأشخاص لشراء قطع الثلج، قال أحدهم: «بعد نصف ساعة من انقطاع الكهرباء، تصبح المياه في البرادات ساخنة، و(بالتالي) نجبر على شراء الثلج من الأسواق للحصول على كأس ماء بارد».

الشوارع والحدائق ملاذاً

ويجد أغلب الأهالي في الشوارع والحدائق العامة ملاذاً يخفف عنهم موجة الحر؛ إذ يلاحظ في فترة المساء ازدياد كثافة المارة في طرقات دمشق الرئيسية والفرعية، واكتظاظ الحدائق العامة بالأهالي حتى ساعات متأخرة من الليل.

وأكد رجل كان هو وزوجته يسيران على رصيف أوتوتستراد منطقة الزاهرة، جنوب دمشق، أن الخروج إلى الشوارع في هذا التوقيت أفضل من البقاء في المنازل، إذ «على الأقل توجد نسمة هواء».

ويوضح الرجل أنه لا يمتلك وسيلة تبريد تخفف عنه هذا «الحر الذي لا يطاق»؛ لأن المروحة التي يمتلكها تعطلت، ولا يمكن إصلاحها، وليست لديه إمكانية لشراء مروحة جديدة بسبب ارتفاع ثمنها الذي يصل إلى 700 ألف ليرة للعادية، في حين لا يتعدى راتبه الشهري 450 ألف ليرة (الدولار الأميركي يساوي حالياً ما يقارب 14800 ليرة، بعدما كان في عام 2010 ما بين 45 و50 ليرة).