جنوب لبنان والقرار 1701... تطبيق جزئي وانتهاكات واسعة

لم ينفذ منذ صدوره والخروج منه «مخاطرة كبيرة»

دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)
دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

جنوب لبنان والقرار 1701... تطبيق جزئي وانتهاكات واسعة

دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)
دورية لـ«اليونيفيل» في بلدة برج الملوك بجنوب لبنان (د.ب.أ)

تُركز كل المبادرات السياسية والدبلوماسية، الهادفة إلى نزع فتيل التفجير على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، على تطبيق القرار 1701 الذي أقرّه مجلس الأمن الدولي في 12 أغسطس (آب) 2006، الذي أوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان. وأجمعت آراء الخبراء على أن «خرق إسرائيل و(حزب الله) بنود هذا القرار تسبب في توترات أمنية بين الطرفين، توّجت بتحويل جنوب لبنان إلى جبهة إسناد لغزّة منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

والواقع أن انتهاكات القرار الدولي لا تُعدّ ولا تحصى. ويشير وزير الداخلية اللبناني الأسبق زياد بارود، إلى أنه «منذ صدور القرار 1701 في العام 2006 لم يطبق بحذافيره من الجانبين»، مذكِّراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بـ«التقارير الدورية الصادرة عن الأمين العام للأمم المتحدة، التي بلغ عددها حتى شهر يوليو (تموز) الماضي 52 تقريراً، عددت الخروقات الواسعة، لا سيما من الجانب الإسرائيلي، خصوصاً الطلعات الجوية، وخطف المزارعين اللبنانيين والتعرض للمدنيين».

بارود: لم يبقَ من القرار سوى «اليونيفيل»

ويقول بارود: «لا شك في أن هذا القرار أوقف الأعمال العسكرية في العام 2006، وأرسى وضعاً قانونياً على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، لكن بعد السابع من أكتوبر الماضي، لم يبقَ منه سوى وجود قوات الطوارئ الدولية التي تراقب الخروقات على الجانبين».

وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنّى بالإجماع في 12 أغسطس 2006 القرار 1701، الذي دعا إلى «وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان». وطالب القرار «حزب الله» بـ«الوقف الفوري لكل هجماته، وإسرائيل بالوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية، وسحب كل قواتها من جنوب لبنان». ودعا القرار الحكومة اللبنانية إلى «نشر قواتها المسلحة في الجنوب، بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل)، وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي، لإيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، خالية من أيّ مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات اليونيفيل». وحضّ القرار على «التطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680، بما فيها تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها، وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة».

طبارة: خروق من الجانبين

وتتقاطع القراءات حيال تفريغ قرار مجلس الأمن من مضمونه، إذ يتحدث سفير لبنان الأسبق في واشنطن، الدكتور رياض طبّارة، عن «انتهاك إسرائيل الدائم للقرار 1701، برّاً وبحراً وجوّاً، منذ العام 2006 وحتى اليوم»، مشيراً إلى أن «ذروة هذا الانتهاك تجلّت في الغارات الجوية الإسرائيلية على عمق الأراضي اللبنانية، والاغتيالات التي نفذتها لقادة من (حزب الله) وقتل مدنيين».

على الجانب اللبناني، جرى أيضاً التنصّل من مضامين القرار. ويؤكد طبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار 1701 أعاد التشديد على تنفيذ القرار 1559 الصادر في العام 2004، الذي ينصّ على انسحاب جميع القوات غير اللبنانية من لبنان، ونزع سلاح الميليشيات، وألا يبقى أي سلاح غير سلاح الجيش اللبناني والقوى الشرعية اللبنانية، إلا بموافقة الحكومة اللبنانية. لذلك يصر (حزب الله) على تضمين البيانات الوزارية ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، من أجل تبرير وجود سلاحه»، مشيراً إلى أن «البند المركزي في القرار يتمثّل بمنع أي وجود مسلح ما بين الخط الأزرق ومجرى نهر الليطاني، باستثناء الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)».

ويلفت طبارة إلى أن «القرار الدولي لم يطبّق بالشق المتعلق بترسيم الحدود وحلّ النزاعات على النقاط المتنازع عليها، بما فيها تلال كفرشوبا ومزارع شبعا».

مخاطرة كبيرة

وقد أدى ما طُبِّق من القرار إلى «استقرار الحدّ الأدنى» على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وفق تعبير وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، الذي يرى أن «العنوان الأساسي للقرار هو رعاية قوات الطوارئ الدولية للأمن على الحدود. ورغم ما تعرّض له من انتكاسات، بقي الاستقرار مقبولاً منذ العام 2006 حتى السابع من أكتوبر 2023، إذ بات القرار معلّق التطبيق، إلى حين تطبيقه مجدداً أو إدخال تعديلات عليه والاتفاق على قرار آخر».

ويشدد بارود على أن «كل ما يسعى إليه المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، وكذلك الورقة الفرنسية، هو العودة إلى تطبيق القرار، لأن الخروج منه يعدّ مخاطرة كبيرة»، ولا يستبعد «إمكانية إدخال تعديلات عليه حتى يتكيّف مع مرحلة ما بعد وقف الأعمال العسكرية».

شبكات تجسس واغتيالات

ويبقى ما نفّذ من القرار متواضعاً أمام حجم الانتهاكات. ويعدد السفير طبارة أهم البنود التي تمّ تطبيقها، وأبرزها «تنفيذ إسرائيل بند الانسحاب من المناطق التي دخلتها خلال حرب العام 2006، وإطلاقها سراح الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، والذي حصل من ضمن صفقة تبادل مع جثث الجنود الذين أسرهم (حزب الله) خلال عملية نفذها عند الخطّ الأزرق في 12 يوليو 2006، وكانت سبباً في اندلاع تلك الحرب، كما نفّذ الشق المتعلق بانتشار الجيش اللبناني مع قوات (اليونيفيل)، وإن لم يصل عدد عناصر الجيش إلى 15000 جندي وضابط، كما نصّ القرار».

بموازاة توقّف الأعمال العسكرية على الجبهة، لم تتوقف الأعمال الأمنية، إذ نجحت إسرائيل في تجنيد شبكات تجسس تعمل لصالحها في لبنان، إذ تمكن بعضها من اختراق الحلقة الضيقة في «حزب الله»، ونفذت اغتيالات أودت بحياة قادة للحزب، كما قامت الدولة العبرية باغتيال عدد كبير من قادة «حزب الله» في سوريا، أبرزهم القائد العسكري والأمني، عماد مغنية، في دمشق في 12 فبراير (شباط) 2008، ومن ثم قتل نجله جهاد والأسير المحرر سمير القنطار في منطقة القنيطرة المحاذية للجولان المحتلّ في 18 يناير (كانون الثاني) 2015، وذلك قبل أن تشتعل جبهة المساندة وتقدم إسرائيل على اغتيال القيادي في حركة «حماس» صالح العاروري في عمق الضاحية الجنوبية، والذي تبعه اغتيال عدد من قادة الحزب العسكريين والميدانيين، كان آخرهم طالب عبد الله الملقب «أبو طالب»، والذي يعدُّ أعلى قيادي عسكري بعد عماد مغنية.


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

المشرق العربي رئيس الجمهورية جوزيف عون ملتقياً أعضاء وفد مجلس الأمن في القصر الرئاسي (رئاسة الجمهورية)

الرئيس اللبناني: مصممون على تنفيذ حصرية السلاح

بدأ وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي زيارة إلى بيروت، حيث التقى المسؤولين، في توقيت بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

أكدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلة جديدة بإدخال مدني إليها.

محمد شقير (بيروت)
يوميات الشرق كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور...

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة النبطية في مايو 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات على الجنوب

حسمت إسرائيل الخميس التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» جراء المفاوضات المدنية مع لبنان، أو عزلها عن المسار العسكري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام مستقبلاً السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

ترحيب لبناني ودولي بتعيين كرم رئيساً للجنة الـ«ميكانيزم»

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أن ترؤس السفير سيمون كرم الوفد اللبناني في لجنة الـ«ميكانيزم» «يشكّل خطوة مهمة في دفع عملها».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.