​دفع أميركي للتصويت «خلال ساعات» على وقف النار في غزة

تساؤلات حول «الفيتو» الروسي المحتمل في مجلس الأمن ضد خطة بايدن

أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة في 20 مايو الماضي (رويترز)
أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة في 20 مايو الماضي (رويترز)
TT

​دفع أميركي للتصويت «خلال ساعات» على وقف النار في غزة

أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة في 20 مايو الماضي (رويترز)
أعضاء مجلس الأمن خلال جلسة في 20 مايو الماضي (رويترز)

طلبت الولايات المتحدة التصويت على مشروع قرار معدل في مجلس الأمن يرحب بخطة الرئيس الأميركي جو بايدن المؤلفة من ثلاث مراحل لوقف الحرب في غزة، وإطلاق الرهائن، وإعادة إعمار القطاع المدمر، بالتزامن مع الجولة الثامنة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن في المنطقة.

وفي إشارة إلى جهوزية واشنطن بعد عشرة أيام من إعلان بايدن لخطته وأسبوع واحد من توزيع مشروع القرار الذي يهدف إلى وقف الحرب بين إسرائيل و«حماس»، وضعت البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة مشروع القرار المعدل بالحبر الأزرق، مما يعني أن التصويت في مجلس الأمن صار ممكناً من الناحية الإجرائية رغم عدم تحديد موعد فوري لهذه الخطوة، علماً بأن دبلوماسيين يتوقعونها «خلال ساعات».

وأفاد الناطق باسم البعثة الأميركية نايت إيفانز بأن بلاده «دعت مجلس الأمن إلى التحرك نحو التصويت» على المشروع المقترح الذي «من شأنه أن يؤدي إلى وقف كامل وفوري لإطلاق النار مع إطلاق الرهائن»، موضحاً أن «تنفيذ هذا الاتفاق من شأنه أن يتيح وقفاً فورياً لإطلاق النار، وإطلاق الرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة بالسكان في مرحلته الأولى، وزيادة فورية في المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى شمال غزة، إلى جانب خريطة طريق لإنهاء الأزمة تماماً، وخطة إعادة إعمار متعددة السنوات مدعومة دولياً».

وقال إيفانز إن «إسرائيل قبلت هذا الاقتراح وأمام مجلس الأمن فرصة للتحدث بصوت واحد ودعوة (حماس) إلى أن تحذو حذوها»، مضيفاً أن «القيام بذلك من شأنه أن يساعد في إنقاذ أرواح ومعاناة المدنيين في غزة، وكذلك الرهائن وعائلاتهم». وشدّد على أنه «يجب على أعضاء المجلس ألا يتركوا هذه الفرصة تفوتهم، ويجب أن يتحدثوا بصوت واحد دعماً لهذه الصفقة».

مدرعة عسكرية إسرائيلية تتحرك في منطقة متاخمة لقطاع غزة يوم الأحد (أ.ف.ب)

خريطة الطريق

ولم يوضح البيان أي تفاصيل حول خطط بلينكن لترويج خريطة الطريق هذه خلال جولته التي تشمل مصر وإسرائيل ودولاً أخرى في المنطقة.

وينص مشروع القرار الأميركي على أن مجلس الأمن «يرحب بالاقتراح الجديد لوقف النار المعلن في 31 مايو (أيار)، الذي قبلته إسرائيل، ويطاول (حماس) أيضاً بقبوله، ويحض الطرفين على التنفيذ الكامل لبنوده من دون تأخير ومن دون شروط». ويلحظ أن «تنفيذ الاقتراح سيؤدي إلى نتائج عبر ثلاث مراحل»، موضحاً أن المرحلة الأولى تشمل «وقفاً فورياً وعاماً وكاملاً لإطلاق النار مع إطلاق الرهائن، وبينهم النساء، وكبار السن والجرحى، وإعادة رفات بعض الرهائن الذين قتلوا، وتبادل الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق الآهلة في غزة، وعودة المدنيين الفلسطينيين إلى بيوتهم وأحيائهم في كل مناطق غزة، بما فيها الشمال، بالإضافة إلى التوزيع الفاعل والآمن للمساعدات الإنسانية بزيادة كبيرة في كل أنحاء قطاع غزة لجميع المدنيين الفلسطينيين المحتاجين، وبينها الوحدات السكنية المقدمة من المجتمع الدولي».

وقف الحرب

ويبدأ تطبيق المرحلة الثانية بـ«التوافق بين الأطراف»، بما يؤدي إلى «وقف مستدام للأعمال العدائية، بمقابل إطلاق جميع الرهائن الآخرين الذين لا يزالون في قطاع غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة».

وتشمل المرحلة الثالثة «بدء عملية إعادة إعمار كبرى لسنوات في غزة، وإعادة رفات أي رهائن متوفين لا تزال في غزة إلى ذويها».

ويشدد مشروع القرار على أهمية التزام إسرائيل و«حماس» بالاتفاق بمجرد الاتفاق عليه «بهدف التوصل إلى وقف دائم للأعمال القتالية، ويدعو كل الدول الأعضاء والأمم المتحدة إلى دعم تنفيذه». ويؤكد على «الالتزام الثابت» بحل الدولتين، مركزاً على أهمية توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية.

ويؤكد المسؤولون الأميركيون أن خطة بايدن تحظى بتأييد عربي ودولي.

ورغم ذلك، تتمثل إحدى العقبات الرئيسية أمام المشروع الأميركي باحتمال استخدام حق النقض «الفيتو» من إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهي: الولايات المتحدة، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، وروسيا، علماً بأن الأخيرة قامت بذلك فعلاً ضد ثلاثة مشاريع قرارات سابقة، منذ بدء الحرب على أثر هجوم «حماس» ضد المستوطنات والكيبوتزات الإسرائيلية في محيط غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

الجزائر وفرنسا

وخلال الشهر الماضي، أعلن مسؤول أميركي أن بلاده تعتزم عرقلة مشروع قرار قدمته الجزائر؛ لأنه يصف إسرائيل بأنها «قوة احتلال» في غزة، ويدعو إلى «وقف فوري» للهجوم العسكري الإسرائيلي في مدينة رفح.

وهناك أيضاً مشروع قرار فرنسي يحض أيضاً على «تكثيف الجهود الدولية والإقليمية، بما في ذلك من خلال المفاوضات المباشرة، من أجل التوصل إلى حل شامل وعادل وسلمي للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، وخريطة الطريق الرباعية».


مقالات ذات صلة

اغتيال نصر الله يعزز وضع نتنياهو المأزوم محلياً وخارجياً

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

اغتيال نصر الله يعزز وضع نتنياهو المأزوم محلياً وخارجياً

يرى محللون أن مقتل الأمين العام لـ«حزب الله» يعطي دفعة قوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي واجه احتجاجات محلية واسعة وانتقادات خارجية كبيرة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

السعودية: غياب «المساءلة والعقاب» يشجع إسرائيل على التصعيد

جددت السعودية رفضها وإدانتها لجميع الجرائم الإسرائيلية الشنيعة المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية 11 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

إسرائيل تعزّز قواتها في الضفة لأغراض «تشغيلية ودفاعية»

دفع الجيش الإسرائيلي 3 كتائب احتياط إلى الضفة الغربية استعداداً لتصعيد إقليمي محتمل، بغرض تعزيز الوجود الأمني في الضفة عشية الأعياد اليهودية الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

مصر تشدد على وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتفادي «الحرب المفتوحة»

ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي بـ«إمعان إسرائيل في توسيع رقعة الصراع»، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح و«محور فيلادلفيا».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
تحليل إخباري صور لنصر الله وقاسم سليماني بالعاصمة اليمنية صنعاء في 28 سبتمبر (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر الله وتفكيك «وحدة الساحات»

وجّهت إسرائيل بقتل أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله ضربة قوية إلى جوهرة التاج في المشروع الإيراني الإقليميّ. فكيف سيكون رد طهران؟

المحلل العسكري

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
TT

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)

يعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، زعيم «حزب الله» منذ أكثر من 30 عاماً، تصعيداً كبيراً في حرب الدولة العبرية مع الجماعة اللبنانية. ومن المحتمل أن يكون ذلك قد جعل المنطقة أقرب خطوة إلى صراع أوسع نطاقاً وأكثر ضرراً، يجذب كلاً من إيران والولايات المتحدة.

فإلى أين قد يتجه الأمر بعد هذا الاغتيال؟ يعتمد الأمر على حد كبير على الإجابة عن 3 أسئلة أساسية.

ماذا سيفعل «حزب الله»؟

تعاني الجماعة اللبنانية من «ضربة تلو الأخرى»، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وقد تم تفكيك هيكلها القيادي، مع اغتيال أكثر من 12 من كبار قادتها، كما تم تخريب سلسلة اتصالاتها من خلال تفجيرات أجهزة «البيجر» وأجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بها، كما تم تدمير كثير من أسلحتها في الغارات الجوية الإسرائيلية.

يقول محمد الباشا، المحلل الأمني ​​لشؤون الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة، إن «خسارة نصر الله ستكون لها تداعيات كبيرة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الجماعة وتغيير استراتيجياتها السياسية والعسكرية على المدى القصير».

لكن أي توقع بأن الجماعة سوف تستسلم فجأة وتسعى للسلام بشروط إسرائيل، من المرجح أن يكون في غير محله. وقد تعهد «حزب الله» بالفعل بمواصلة القتال. ولا يزال لديه آلاف المقاتلين وهم يطالبون بالانتقام. كما لا تزال لديه ترسانة كبيرة من الصواريخ، كثير منها عبارة عن أسلحة بعيدة المدى ودقيقة التوجيه يمكنها الوصول إلى تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى. وسيكون هناك ضغط داخل صفوف الحزب لاستخدامها قريباً، قبل أن يتم تدميرها أيضاً.

لكن إذا فعلوا ذلك، في هجوم جماعي يتغلب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية ويقتل مدنيين، فمن المرجح أن يكون رد إسرائيل مدمراً، ويلحق الدمار بالبنية التحتية في لبنان، أو حتى يمتد إلى إيران.

ماذا ستفعل إيران؟

يشكل هذا الاغتيال ضربة لطهران بقدر ما يمثل ضربة لـ«حزب الله». ولقد تم الإعلان بالفعل عن الحداد لمدة 5 أيام في إيران. كما تم اتخاذ احتياطات طارئة، حيث تم نقل الزعيم علي خامنئي إلى منطقة آمنة.

ولم تنتقم إيران بعد لـ«الاغتيال المهين» لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية، في دار ضيافة بطهران في يوليو (تموز). ومن المرجح أن اغتيال نصر الله سوف يدفع المتشددين في صفوف النظام إلى التفكير في نوع من الرد.

وتدعم إيران عدة ميليشيات وحركات مسلحة في المنطقة. فإلى جانب «حزب الله»، هناك الحوثيون في اليمن، وكثير من الجماعات في سوريا والعراق. ويمكن لإيران أن تطلب من هذه الجماعات تكثيف هجماتها على إسرائيل والقواعد الأميركية في المنطقة.

لكن أياً كان الرد الذي ستختاره إيران، فمن المرجح أن تكون حذرة فيه، بحيث لا يؤدي إلى إشعال حرب لا يمكنها أن تأمل في الفوز بها.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

إذا كان هناك أي شك في نوايا إسرائيل قبل هذا الاغتيال، فلن يكون كذلك الآن. ومن الواضح أن إسرائيل ليس لديها أي نية لوقف حملتها العسكرية ضد لبنان، ولا حتى لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً الذي اقترحته 12 دولة، بما في ذلك أقرب حليف لها، الولايات المتحدة.

ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» أصبح في موقف دفاعي الآن، لذا فهو يريد الاستمرار في هجومه، حتى تتم إزالة التهديد الذي تشكله صواريخ الحزب.

ومن دون استسلام «حزب الله»، وهو أمر غير مرجح، فمن الصعب أن نعرف كيف تستطيع إسرائيل تحقيق هدفها الحربي المتمثل في إزالة التهديد الذي تشكله هجمات الحزب دون تدخل بري في لبنان. ونشر الجيش الإسرائيلي لقطات لتدريبات المشاة بالقرب من الحدود لهذا الغرض بالذات، وفق «بي بي سي».

لكن «حزب الله» أمضى أيضاً السنوات الـ18 الأخيرة، منذ نهاية الحرب الأخيرة مع إسرائيل، في التدريب لخوض الحرب التالية. وفي خطابه العلني الأخير قبل وفاته، أخبر نصر الله أتباعه بأن التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان سيكون، على حد تعبيره، «فرصة تاريخية». وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، سيكون الدخول إلى لبنان سهلاً نسبياً، لكن الخروج قد يستغرق شهوراً، كما يحدث في قطاع غزة.