إسقاط مئات الأطنان من المساعدات على غزة... ماذا تتضمن؟

«الأونروا» عدّتها «نقطة في بحر» احتياجات سكان القطاع

الجيش المصري ينقل جواً مساعدات إنسانية عاجلة إلى أهالي قطاع غزة (المتحدث العسكري)
الجيش المصري ينقل جواً مساعدات إنسانية عاجلة إلى أهالي قطاع غزة (المتحدث العسكري)
TT

إسقاط مئات الأطنان من المساعدات على غزة... ماذا تتضمن؟

الجيش المصري ينقل جواً مساعدات إنسانية عاجلة إلى أهالي قطاع غزة (المتحدث العسكري)
الجيش المصري ينقل جواً مساعدات إنسانية عاجلة إلى أهالي قطاع غزة (المتحدث العسكري)

مع تعثر إدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة عبر المعابر البرية؛ بسبب «المعوقات الإسرائيلية»، عمدت مصر وغيرها من الدول العربية، إلى تكثيف أعمال الإسقاط الجوي لعشرات الأطنان من المساعدات على سكان القطاع، خصوصاً في المناطق الشمالية.

لكن فلسطينيين ومسؤولين في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يرون أن «المساعدات الجوية رغم فائدتها، فإنها لا تمثل سوى نقطة في بحر احتياجات سكان القطاع، خصوصاً أن معظمها عبارة عن مستلزمات لوجيستية، مثل الخيام، ما يستدعي إعادة فتح المعابر البرية مع القطاع، خصوصاً معبر رفح الحدودي مع مصر».

وتوقفت حركة المرور في معبر رفح منذ السابع من مايو (أيار) الماضي، بعد استيلاء القوات الإسرائيلية عليه من الجانب الفلسطيني، ورفض السلطات المصرية التنسيق مع إسرائيل لعودة العمل بالمعبر.

جانب من المساعدات المصرية المحمولة جواً (المتحدث العسكري)

وتأتي عملية الإسقاط الجوي للمساعدات لـ«الحد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة»، وفق المتحدث العسكري باسم الجيش المصري، العقيد غريب عبد الحافظ غريب.

وأعلن المتحدث، في بيان يوم الأحد الماضي، أن طائرات النقل العسكرية المصرية، «قامت خلال الأيام الماضية، بتنفيذ أعمال الإسقاط الجوي لعشرات الأطنان من المساعدات بالمناطق التي يصعب الوصول إليها داخل القطاع للتخفيف من جراح وآلام السكان»، مشيراً إلى أن «تلك المساعدات تمنح قدراً ضئيلاً من الأمل لأهالي القطاع».

وبحسب مصدر بـ«التحالف الوطني للمؤسسات الأهلية المصرية»، فإن المساعدات المقدمة جواً لقطاع غزة، «تأتي من مؤسسات حكومية مصرية»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الوزارات والمؤسسات الحكومية هي مَن تقوم بتوفير المساعدات التي يتم إسقاطها جواً على القطاع».

وفي منتصف مايو الماضي، أعلنت اللجنة العامة للمساعدات الأجنبية، التابعة لوزارة التموين المصرية، «وصول 4 طائرات للمساعدات، تحمل 5 آلاف خيمة، ضمن المرحلة الأولى للدفعة السابعة من قافلة المساعدات الإغاثية الموجهة لغزة، تكفي 80 ألف فرد».

وأشارت اللجنة، إلى أن حجم المساعدات التي قدمتها لقطاع غزة، بلغ «615 طناً، عبارة عن 23 ألف بطانية، و16 ألف مرتبة، و13 ألف خيمة، و6 آلاف مشمع بلاستيك للأمطار، و5 آلاف حصيرة نوم، وكذلك أدوات النظافة العامة والشخصية لـ30 ألف أسرة».

طائرات النقل العسكرية المصرية ضمن التحالف الدولي تنتقل من المملكة الأردنية نحو قطاع غزة (المتحدث العسكري)

ولا تلبي المساعدات الجوية، احتياجات سكان القطاع، كما يشير المستشار الإعلامي لوكالة «الأونروا» عدنان أبو حسنة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «المساعدات الجوية تمثل نقطة في بحر احتياجات سكان قطاع غزة، والوكالة لا تمانع في ذلك، لكنها في الوقت نفسه مهتمة أكثر بالمساعدات عبر المعابر البرية».

ووصف أبو حسنة، المساعدات الجوية بـ«الخفيفة»، حيث يتم إسقاط أطنان لا تشكّل حمولة عدة شاحنات، وبيّن أن تلك المساعدات تشمل «وجبات غذائية، ومستلزمات للأطفال، ومواد نظافة، ومعلبات»، كما أشار إلى صعوبات تواجه المستفيدين من تلك المساعدات قائلاً: «لا يستفيد منها سوى القادرين على المزاحمة».

وأضاف: «من الصعب تقديم كل المساعدات الأساسية لسكان القطاع جواً، حيث لا تشمل المساعدات إدخال مواد غذائية أساسية مثل الدقيق والأرز والسكر، إلى جانب الوقود».

ووصفت «الأونروا» الوضع في غزة بأنه «تحوّل للأسوأ»، وقال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني، الأحد الماضي، إن «جميع ملاجئ وكالة الأونروا في مدينة رفح الفلسطينية، وعددها 36، أصبحت فارغة الآن»، وإن «الوكالة اضطرت إلى وقف خدماتها الصحية والخدمات الحيوية الأخرى في المدينة».

وأوضح المستشار الإعلامي للوكالة أن ما يدخل لقطاع غزة حالياً لا يتعدى 57 شاحنة، في وقت كانت تتحدث «الأونروا» قبل السادس من مايو الماضي عن 167 شاحنة يومياً، مضيفاً، أن حاجات سكان قطاع غزة تتجاوز 600 شاحنة يومياً، وهو ما يتطلب فتح المعابر البرية جميعها.

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني محسن أبو رمضان، لـ«الشرق الأوسط»، «إن المساعدات الجوية، تمثل إحدى الوسائل المقدمة للتصدي للحصار الإسرائيلي للقطاع، لكن غالبية تلك المساعدات هي مستلزمات لوجيستية، مثل الخيام وأدوات النظافة، إلى جانب مواد غذائية، توفر الحد الأدنى للمعيشة».

وتحدّث أبو رمضان، وهو من بين الفلسطينيين الذين قدموا للقاهرة من قطاع غزة، عن صعوبات تواجه سكان القطاع في الوصول لتلك المساعدات، مشيراً إلى أن «هناك تزاحماً من سكان القطاع على تلك المساعدات، خصوصاً من الباحثين عن مواد غذائية».

وطرح الكاتب الفلسطيني، ضرورة وجود لجان ميدانية لاستقبال المساعدات الجوية، مشيراً إلى ضرورة «تنظيم توزيع المساعدات ليشمل أكبر عدد ممكن من سكان القطاع».

وخلال مشاورات ثلاثية بين وفود أمنية من مصر وأميركا وإسرائيل، في القاهرة بداية الأسبوع الحالي، تمسّكت مصر بضرورة إنهاء السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح، مع إدخال ما لا يقل عن 350 شاحنة مساعدات للقطاع يومياً، تشمل المواد اللازمة سواء أكانت غذائية أم طبية أم وقوداً.


مقالات ذات صلة

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد جنوده في معارك بشمال غزة

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، مقتل أحد جنوده في معارك في شمال قطاع غزة. وأضاف أن الجندي القتيل يدعى رون إبشتاين (19 عاماً) وكان ينتمي إلى لواء غيفعاتي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
TT

«وحدة الساحات»: شبه إجماع لبناني على رفضها وانتقاد دور إيران

صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)
صورة لأمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله قرب موقع الاستهداف في الشياح (أ.ف.ب)

حين قرر «حزب الله»، ومن خلفه إيران، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تحويل جبهة جنوب لبنان إلى جبهة دعم وإسناد لغزة، التزاماً باستراتيجية «وحدة الساحات» التي تقول إن كل القوى المحسوبة على طهران تتحرك تلقائياً لتدعم أي هجوم على أي منها، لم يستشر أحداً، لا الحلفاء ولا الأخصام، ولم يعد لأي من المؤسسات الدستورية لتغطية قراره هذا، لعلمه بوقتها أن أحداً لن يغطيه.

اليوم وبعد ما يتردد عن قراره فصل مساري غزة ولبنان، بالموافقة على وقف النار، باتت القوى التي تجنبت طوال الفترة الماضية انتقاد هذه السياسة علناً، لا تتردد باعتبار التزام الحزب السابق بهذه الاستراتيجية «خطأ استراتيجياً».

تحسين شروط

ولفت مؤخراً ما قاله الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، الذي كان قد ساند «حماس» و«حزب الله» بعد «طوفان الأقصى»، عن وجوب «فصل المسارات ووقف استخدام الجنوب ساحة صراع لدعم غزة أو الضفة»، منتقداً استخدام إيران للبنان في «ربط المسارات من أجل تحسين شروط المناقشات حول موضوع النووي الإيراني».

أما حركة «أمل»، الحليف الأقرب لـ«حزب الله»، التي انخرطت ولو بشكل رمزي بحرب الإسناد، فتشير المعلومات إلى أنها لم تكن تؤيد استراتيجية «وحدة الساحات» لكنها وبعد بدء المواجهات جنوباً انخرطت بالحرب «دفاعاً عن لبنان».

ويتجنب نواب وقياديو الحركة الحديث بهذا الخصوص، إذ يصر «الثنائي الشيعي» على تظهير موقف واحد مرتبط بالحرب الراهنة.

لا مصلحة لبنانية فيها

وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حليف «حزب الله» منذ عام 2006، أول من خرج ليصف التزام «حزب الله» باستراتيجية «وحدة الساحات» بـ«الخطأ الاستراتيجي»، معتبراً أنها «تصب لصالح دول أخرى وليس لصالح لبنان».

ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» جيمي جبور إلى أنه «تم العمل باستراتيجية وحدة الساحات حصراً عند تضامن (حزب الله) مع غزة، وفتحه لجبهة الإسناد التي رأينا منذ البداية ألا مصلحة لبنانية فيها، وإذ تبين لاحقاً أن موقفنا كان صائباً بتراجع الجميع عن هذا الإسناد عملياً، بما فيهم (حزب الله) الذي دفع وحيداً مع لبنان ثمن وحدة الساحات من غير أن نرى إيران، أم غيرها من الدول والقوى، تنضم تضامناً معه إلى هذه المعركة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كل ما حصل بات يُحتم «إعادة النظر الجذرية باستراتيجية السلاح فور انتهاء المعارك»، مضيفاً: «آن الأوان لحوار داخلي يجعل السلاح في خدمة لبنان فقط دون سواه من الدول ضمن استراتيجية دفاعية تكون الدولة ومؤسساتها صاحبة القرار، ويكون الجيش اللبناني العمود الفقري والأساس في الدفاع عن لبنان».

مقاتل من «حزب الله» يطلق صاروخاً موجهاً (أرشيفية)

بالتسوية أو بالقوة

ويُعدُّ حزب «القوات اللبنانية» أبرز المعارضين لـ«وحدة الساحات»، وبالأصل لوجود «حزب الله» حزباً مسلحاً. وترى عضو تكتل «الجمهورية القوية» غادة أيوب أن «إيران اعتمدت استراتيجية (وحدة الساحات)، لأنها أرادت بذلك أن تكون لاعباً قوياً يتدخل في 5 بلدان عربية عبر أذرعه بدءاً من (حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن، و(حماس) في غزة، و(الحشد الشعبي) في العراق، والنظام السوري بوجود (فيلق القدس) والحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أنه «غداة إعلان (طوفان الأقصى) في 8 أكتوبر (تشرين الأول) لم تتحرك سوى ساحتين لمساندة (حماس) في غزة انطلاقاً من لبنان واليمن، وبذلك تعطلت استراتيجية وحدة الساحات التي ابتدعتها إيران، وسقطت بمجرد أن رفض النظام السوري الدخول في هذه الحرب لاعتبارات تتعلق بالوجود الروسي على أراضيه واعتبارات أخرى، وكذلك العراق، مع العلم أن إيران، وبالرغم من هذه الاستراتيجية، فهي لم تسلم من الضربات المباشرة على أراضيها والتهديدات المباشرة إذا ما أكملت في سياستها».

وتعدُّ غادة أيوب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الاستراتيجية تنتهي إما عن طريق التسوية مع إيران أو بالقوة»، لافتة إلى أن محور الممانعة أصبح «محوراً صوتياً أو سياسياً لا عسكرياً» كممانع للعلاقة مع إسرائيل لحين تبلور صورة الشرق الأوسط.

مدماك حزام النار

أما مدير معهد «الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، فيوضح أن «استراتيجية وحدة الساحات التي تم تفعيلها عند بدء الحرب على غزة، وشارك فيها اليمن وطبعاً (حزب الله) الذي أعلن جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد، قررت إيران وقفها، وليس بشكل علني، لأنها واجهت ضربة عسكرية إسرائيلية كبيرة، وأصبح الاستمرار بهذه الاستراتيجية مكلفاً جداً، بخاصة على (حزب الله) الذي هو المدماك، أي الحجر الأساس في ما يُسمى حزام النار الذي أنشأته إيران لتطويق إسرائيل، الذي يُسمى سياسياً بـ(وحدة الساحات)».

ويلفت نادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بدأ أخيراً تقليم أظافر (حزب الله) وصولاً لشبه إنهائه من خلال اقتلاع قدراته العسكرية، وهذا أمر مستمر»، موضحاً أن «إيران وأذرعها لم يقرروا فقط وقف العمل باستراتيجية وحدة الساحات، إنما باتوا يريدون وقف النار وإنهاء العمليات العسكرية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».