المعاناة تلاحق غزيين فرُّوا من جحيم الحرب

بعضهم ينتظر العودة وآخرون يخططون للاستقرار خارج القطاع

فلسطينيون ينتظرون في مركز لتوزيع المياه بمدرسة لإيواء النازحين في غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون في مركز لتوزيع المياه بمدرسة لإيواء النازحين في غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

المعاناة تلاحق غزيين فرُّوا من جحيم الحرب

فلسطينيون ينتظرون في مركز لتوزيع المياه بمدرسة لإيواء النازحين في غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)
فلسطينيون ينتظرون في مركز لتوزيع المياه بمدرسة لإيواء النازحين في غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)

لم يتوقع كثير من العائلات التي غادرت قطاع غزة تحت وطأة الحرب الإسرائيلية الدموية أن حياة قاسية مأساوية ستلاحق الغزيين الفارِّين في الخارج بعدما ظن هؤلاء أنهم أفلتوا من «ضنك العيش» في القطاع المنكوب.

وتعاني آلاف العوائل الفلسطينية التي فرَّت من غزة في الشهور القليلة الماضية ظروفاً حياتية صعبة خارج القطاع، حسبما يقول كثيرون من أفرادها.

قالت إيمان أبو عودة (38 عاماً)، وهي من سكان مدينة غزة لكنها اضطرت قبل شهور قليلة إلى دفع مبلغ 6 آلاف دولار مقابل النجاة بنفسها، إنها لم تتوقع أنها ستفر من الحرب في القطاع لتجد نفسها في حرب من نوع آخر. تتنقل أبو عودة حالياً من مكان إلى آخر داخل مصر في محاولة للاستقرار. أضافت لـ«الشرق الأوسط»: «توقعنا أن تكون الحياة أسهل. لكننا نواجه الكثير من الصعوبات والعقبات».

مركز لتوزيع المساعدات الغذائية في مخيم البريج بقطاع غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)

أوضحت أبو عودة، الحاصلة على ماجستير في اللغة العربية، أنها افترضت الحصول على فرصة عمل بسهولة، حتى تتمكن من مساعدة أفراد عائلتها الذين فروا معها كذلك، لكنها فوجئت بالواقع الصعب. فقد صرفت العائلة معظم أموالها في محاولة تأمين سفر لهم من غزة، واستئجار شقة سكنية في القاهرة. قالت: «المصريون شعب طيب. لكنّ الحياة صعبة هنا. الغربة صعبة وكذلك صعبٌ إيجاد عمل. أود أن أعود إلى غزة. أحياناً أقول إنه حتى مع الحرب ربما كان أفضل لو بقينا».

دمار واسع في المغازي بوسط قطاع غزة اليوم الاثنين (د.ب.أ)

ومثل عائلة أبو عودة ثمة آلاف العائلات التي يعاني أفرادها غياب الدخل، مما دفع مؤسسات ناشطة في بعض الدول التي استضافت هؤلاء السكان، إلى محاولة تقديم الإغاثة لهم.

كانت أعداد كبيرة من الفلسطينيين قد اضطروا إلى السفر عبر معبر رفح البري، في أثناء الحرب الحالية، ودفع كل غزِّي مبلغاً لا يقل عن 6 آلاف دولار، حسب تقديرات متطابقة، فيما هناك مَن اضطرَّ لدفع 10 آلاف دولار، بحثاً عن حياة مستقرة خارج قطاع غزة.

وقالت ريم صقر (29 عاماً)، من سكان حي الرمال بغزة وهي نزحت إلى رفح في بداية الحرب البرية، ثم غادرت قطاع غزة إلى مصر بعد نحو شهر، إنها وجدت نفسها تبحث عن جمعيات خيرية من مكان إلى آخر، لعلها تجد مَن يساعدها ويساعد والديها وأشقائها البالغ عددهم 7.

ووفَّرت جمعيات في مصر للفلسطينيين، وكذلك لسوريين وسودانيين، مساعدات مالية بالإضافة إلى بعض المواد الأساسية من أرز وسكر وغيرهما، لكنَّ ريم قالت إن هذه المساعدات ليست كافية، كما أنها غير منتظمة.

وفقد أفراد عائلة صقر معظم أموالهم في قصف إسرائيلي لمنزلهم، وقد استخدموا بقية الأموال في تأمين سفرهم، ثم وجدوا أنفسهم بلا أي أموال عندما وصلوا إلى مصر.

طفلة فلسطينية تحمل أوعية لملء الماء في مخيم جباليا بشمال قطاع غزة اليوم الاثنين (أ.ف.ب)

وفيما ينتظر الكثير من العائلات انتهاء الحرب من أجل العودة، تخطط عائلات أخرى لشق طريق جديدة خارج القطاع.

وقال فلسطينيون في مصر ودول أخرى لـ«الشرق الأوسط» إنهم وجدوا عملاً، أو فتحوا مشاريع تجارية، بينها مطاعم شاورما، ومحال حلويات.

ويخطط أمجد الأغا، وهو من سكان خان يونس بجنوب قطاع غزة، للسفر من مصر إلى تركيا رغم أنه حصل على فرصة عمل في القاهرة.

وقال الأغا الذي يتشارك شقة سكنية مع عدد غير قليل من الغزيين، لـ«الشرق الأوسط» إنه حصل على فرصة عمل في أحد المحال التجارية، لكنه يخطط للسفر إلى بلد آخر بهدف بدء حياة جديدة.

وأضاف: «أحاول السفر إلى تركيا أو دولة أخرى من أجل محاولة الحصول على فرصة أفضل». وأشار الأغا وهو خريج محاسبة من جامعة الأزهر بغزة، إلى أنه ينوي الاستقرار في الخارج.

وأضاف: «أتمنى لو بقيت هنا في مصر. السلطات سهّلت سفرنا والناس تحبنا ومتعاطقة معنا، ويرحبون بنا. لكنّ الوضع الاقتصادي صعب. أتمنى أن أحصل على فرصة أفضل. أتمنى أن تنتهي هذه الحرب. ما زلت أشعر بأنني في قلب الحرب. جسدي هنا وعقلي وقلبي هناك. الحياة صعبة».


مقالات ذات صلة

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

شؤون إقليمية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القدس... 19 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

أوربان يتحدى «الجنائية الدولية» ويدعو نتنياهو لزيارة المجر

أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أنه سيدعو نظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المجر في تحدٍّ لمذكرة التوقيف الصادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية.

«الشرق الأوسط» (بودابست)
المشرق العربي دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع صار دون أكسجين أو ماء؛ نتيجة القصف الذي شنّته إسرائيل في الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين

«الشرق الأوسط» (عواصم)
المشرق العربي هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

إسرائيل تستقبل هوكستين بغارات على ضاحية بيروت

استقبلت إسرائيل، المبعوث الأميركي آموس هوكستين، بغارات مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور في الجنوب، بعد ساعات على وصوله إلى تل أبيب قادماً من بيروت،

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي كتائب «حزب الله» العراقية رهنت مصير «وحدة الساحات» بما يقرره «حزب الله» اللبناني (إكس)

العراق يحمّل أميركا مسؤولية أي هجمات إسرائيلية عليه

أفادت الحكومة العراقية بأن الولايات المتحدة، تتحمّل، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، مسؤولية «الردع والرد على أي هجمات خارجية تمس الأمن

فاضل النشمي (بغداد)

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
TT

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع صار دون أكسجين أو ماء؛ نتيجة القصف الذي شنّته إسرائيل في الليلة الماضية.

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن القصف «أدى إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيس بالمستشفى، وثقب خزانات المياه، ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى».

وذكر البيان أن المستشفى به 80 مريضاً، وأن هناك 8 مرضى في العناية المركزة، لافتاً إلى أن القصف أسفر عن إصابة 6 أفراد من الطواقم الطبية العاملة بالمستشفى، بينهم حالات خطرة.

كانت «وكالة الأنباء الفلسطينية» أفادت بأن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أمس (الخميس)، أسفر عن مقتل 90 شخصاً على الأقل، مشيرة إلى أن طائرات مسيّرة إسرائيلية ألقت قنابل على ساحة مستشفى كمال عدوان.