تحقيق إسرائيلي في مذبحة رفح يكشف إهمالاً فاحشاً

غارة استهدفت قائدين في «حماس» لكنها تسببت بمقتل عشرات بمخيم للنازحين

الدخان يتصاعد من رفح عقب غارة إسرائيلية الاثنين (رويترز)
الدخان يتصاعد من رفح عقب غارة إسرائيلية الاثنين (رويترز)
TT

تحقيق إسرائيلي في مذبحة رفح يكشف إهمالاً فاحشاً

الدخان يتصاعد من رفح عقب غارة إسرائيلية الاثنين (رويترز)
الدخان يتصاعد من رفح عقب غارة إسرائيلية الاثنين (رويترز)

كشفت صحيفة «هآرتس»، الاثنين، أن التحقيقات التي أجراها الجيش الإسرائيلي وصور الأقمار الاصطناعية التي التقطت الأحداث، تظهر أن الغارات التي نُفذت وتسببت في مذبحة رفح في 26 مايو (أيار) الماضي ترافقت مع تخطيط عليل وإهمال واستهتار فاحشين.

وقال الصحافيان ينيف كوفوفتش وآفي شريف إن صور الأقمار الاصطناعية والتحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي حول موت أكثر من 40 مواطناً فلسطينياً في رفح خلال عملية اغتيال ياسين ربيع وخالد النجار، وهما اثنان من كبار نشطاء «حماس»، تدل على أن الجيش لم يقدر بشكل صحيح الأضرار التي ستنتج عن هذا الهجوم. فالأكواخ التي كان يوجد فيها هذان الاثنان، كانت جزءاً من منشأة مكتظة تبيّن بعد ذلك أنه كان يعيش فيها عشرات الأشخاص.

والحديث يجري عن الهجوم الذي نفذه الجيش الإسرائيلي في ذلك اليوم، بحجة اغتيال قائدي «حماس» المتخصصين في الضفة الغربية، ربيع والنجار، اللذين وُجدا في منشأة الأكواخ، على بعد 200 متر من مخيم مؤقت للنازحين تابع للأمم المتحدة في مخيم تل السلطان. وفي حينه أكد الفلسطينيون أن الهجوم أسفر عن قتل 45 شخصاً غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة، الذين شوهدت صورهم وهم يموتون حرقاً. وقد صُعق الفلسطينيون من هذا الحادث بالذات؛ لأن إسرائيل زعمت في حينه أن هذه المنطقة (الشمال الغربي من رفح) هي «منطقة آمنة»، ودفعت عشرات آلاف النازحين إليها في ظلّ هجومها على الجوانب الشرقيّة من رفح ومحاولاتها التوغّل أكثر فأكثر نحو العُمق. وطُرحت تساؤلات عن كيفية إقدام إسرائيل على ارتكاب مثل هذه المجزرة حتى على افتراض أن لديها هدفاً حربياً تريد الوصول إليه.

وبحسب تقرير «هآرتس»، فإن التحقيق العسكري وتحليل صور الأقمار الاصطناعية يشيران إلى أن التخطيط المسبق للعملية من الأصل كان عليلاً ومثقلاً بالأخطاء والإهمال، ما أدى إلى هذه النتائج الصعبة. وقد ادعى الجيش أنه جرت فحوصات مسبقة للتأكد من أن الكوخ الذي كان يوجد فيه ربيع والنجار لا يوجد فيه مدنيون. ولكن يبدو أن هذا الفحص لم يتم على الأكواخ القريبة المصنوعة من الصفيح الرقيق. فالكوخ الذي كان يوجد فيه أعضاء هيئة قيادة الضفة في «حماس» كان جزءاً من مجموعة تتكون من 13 كوخاً، والمسافة بين الكوخ والآخر هي 2 - 3 أمتار. وإلى جانب هذين الكوخين اللذين حُددا هدفاً للهجوم، وكان يوجد فيهما ربيع والنجار، فإن الحريق الذي اندلع في المكان أصاب ثلاثة أكواخ قريبة، وفقاً لتحليل صور الأقمار الاصطناعية والخرائط والرسوم البيانية التي نشرها الجيش الإسرائيلي كجزء من عملية الفحص.

موقع المجزرة في خيام النازحين برفح الشهر الماضي (د.ب.أ)

المعروف أن هذا الاعتداء أثار موجة استنكار واسعة في العالم، وحتى الإدارة الأميركية طلبت إجراء تحقيق فيه، فوافق الجيش الإسرائيلي. وكما جاء في التقرير، فإن الجيش ما زال يتمسك بالادعاء بأن مسؤوليه لم يعرفوا أنه كان يوجد في الأكواخ القريبة عشرات المدنيين. وأوضح الجيش أنه تم استخدام ذخيرة دقيقة في الهجوم، كي تؤدي إلى تدمير محدود بشكل نسبي حول الهدف. لكن تقرير الصحيفة يضيف: «بشكل استثنائي، قدم الجيش تفاصيل أخرى حول نوع الذخيرة، وأشاروا إلى أن الأمر يتعلق بقنابل وزن الرأس المتفجر فيها 17 كغم. ولكن الوزن الشامل لكل قنبلة من التي أُلقيت على الكوخين كان 100 كغم. الضرر الشمولي الذي ينتج عن مثل هذا الهجوم هو دائرة نصف قطرها بضعة أمتار. وهذا رقم يجب أخذه في الاعتبار، مع ضرورة احتمالية وجود أشخاص غير متورطين بالفعل في الأكواخ المحاذية. صور الأقمار الاصطناعية في نهاية الأسبوع تظهر أنه بعد ثلاثة أيام على الهجوم، فإن منشأة الأكواخ تم إخلاؤها بالكامل، وكذلك الخيام في مخيم الأمم المتحدة القريب».

ونقلت «هآرتس» عن الجيش قوله إن الحريق في المكان كان بسبب انفجار ذخيرة أو مواد قابلة للاشتعال كانت موجودة قرب هدف الهجوم. وفي إحدى الصور التي نُشرت بعد الفحص الأولي، تمت الإشارة أيضاً إلى منصة لإطلاق الصواريخ تم دفنها تحت الأرض في المكان، ولكن في الجهة الأخرى لمنطقة الأكواخ.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمنى قوله إنهم لو كانوا يعرفون بوجود مدنيين في الأكواخ القريبة لما كان الهجوم سيخرج إلى حيز التنفيذ، حتى بثمن هرب الشخصين هدف التصفية. وأضاف: «الإدراك في الجيش هو أن موت المدنيين في الحريق له تداعيات كبيرة على استمرار القتال في رفح».

أما المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، فقال إن الهجوم تم توجيهه ضد «أهداف إرهابية مهمة في رفح، من بينها شخصيات رفيعة في هيئة قيادة الضفة في المنظمة الإرهابية (حماس)، التي أعطت التعليمات لنشطاء (حماس) في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) لتنفيذ عمليات فتاكة ضد المواطنين الإسرائيليين. وقد تم تنفيذها بناء على معلومات استخبارية مسبقة عن وجود المخربين في المكان».


مقالات ذات صلة

غزة بعد عام من الحرب... إعادة الإعمار قد تستغرق عقوداً من الزمن

المشرق العربي جانب من الدمار جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة (أ.ب)

غزة بعد عام من الحرب... إعادة الإعمار قد تستغرق عقوداً من الزمن

تحول قطاع غزة إلى خراب مع مرور الذكرى السنوية الأولى لهجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل الذي أشعل شرارة الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي تصاعد الدخان جراء قصف «حزب الله» لبلدة المطلة الحدودية (د.ب.أ)

«حزب الله» يعلن قصف تجمع لجنود إسرائيليين ببلدة حدودية جنوب لبنان

أعلن «حزب الله»، اليوم (الاثنين) أن مقاتليه قصفوا تجمعاً لجنود إسرائيليين داخل بلدة حدودية جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي إطلاق صواريخ من قطاع غزة خلال تدريبات عسكرية قبل هجوم السابع من أكتوبر 2023 («كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

إصابة إسرائيليتين جراء قصف «كتائب القسام» تل أبيب في ذكرى هجوم السابع من أكتوبر

قالت قيادة الجبهة الداخلية بالجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوّت بتل أبيب، اليوم الاثنين، في الذكرى السنوية الأولى لهجوم حركة «حماس» على جنوب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي القيادي بحركة «حماس» خالد مشعل (وسط الصورة) خلال كلمة له في الدوحة (رويترز - أرشيفية)

خالد مشعل: السابع من أكتوبر أعاد إسرائيل إلى «نقطة الصفر»

قال خالد مشعل، رئيس حركة «حماس» في الخارج، إن هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «جاء نتيجة تصاعد جرائم التنكيل بالأسرى، وزيادة التضييق على الفلسطينيين».

«الشرق الأوسط» (كوالالمبور)
المشرق العربي الفلسطينية إيناس أبو معمر تحمل جثة ابنة أخيها سالي التي قُتلت في غارة إسرائيلية في 17 أكتوبر 2023 (يسار) وعلى اليمن تجلس إيناس وسط الدمار في خان يونس بقطاع غزة (رويترز)

صورتها لاقت اهتماماً عالمياً... ذكريات حزينة تلاحق امرأة من غزة

استحوذت صورة إيناس أبو معمر على اهتماماً عالمياً في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة.

«الشرق الأوسط» (خان يونس (غزة))

الجيش الإسرائيلي: إطلاق 4 قذائف من غزة مع بدء مراسم إحياء ذكرى هجوم 7 أكتوبر

عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر 2023 يُحيون ذكرى أحبائهم الذين قضوا في مهرجان «نوفا» الموسيقي بكيبوتس رعيم بغلاف غزة (إ.ب.أ)
عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر 2023 يُحيون ذكرى أحبائهم الذين قضوا في مهرجان «نوفا» الموسيقي بكيبوتس رعيم بغلاف غزة (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي: إطلاق 4 قذائف من غزة مع بدء مراسم إحياء ذكرى هجوم 7 أكتوبر

عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر 2023 يُحيون ذكرى أحبائهم الذين قضوا في مهرجان «نوفا» الموسيقي بكيبوتس رعيم بغلاف غزة (إ.ب.أ)
عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر 2023 يُحيون ذكرى أحبائهم الذين قضوا في مهرجان «نوفا» الموسيقي بكيبوتس رعيم بغلاف غزة (إ.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، أن أربع قذائف، على الأقل، أُطلِقت من قطاع غزة، بعد دقائق فقط على بدء مراسم إحياء ذكرى هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال الجيش، في بيان: «في أعقاب صفارات الإنذار التي دوّت الساعة 06:31 في تجمعات سكانية عدة، قرب قطاع غزة، جرى رصد عبور أربع قذائف من جنوب قطاع غزة». وقد اعترض سلاح الجو الإسرائيلي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «ثلاثة من هذه المقذوفات، وسقطت قذيفة في منطقة مفتوحة».

وأعلنت «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أنها قصفت «موقع صوف العسكري، وتحشدات العدو في معبر رفح البري، وقرب مستوطنة حوليت، ومركز عمليات موقع كرم أبو سالم العسكري، بعدد من صواريخ (رجوم) عيار 114 ملم».

وتُحيي إسرائيل، الاثنين، ذكرى الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» الفلسطينية على أراضيها، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأشعل فتيل الحرب في قطاع غزة.