خبراء: «حماس» موجودة في مناطق سيطرت عليها إسرائيل شمال غزة

فلسطينيون يعودون إلى منازلهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من منطقة جباليا شمال قطاع غزة في 31 مايو 2024 (د.ب.أ)
فلسطينيون يعودون إلى منازلهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من منطقة جباليا شمال قطاع غزة في 31 مايو 2024 (د.ب.أ)
TT

خبراء: «حماس» موجودة في مناطق سيطرت عليها إسرائيل شمال غزة

فلسطينيون يعودون إلى منازلهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من منطقة جباليا شمال قطاع غزة في 31 مايو 2024 (د.ب.أ)
فلسطينيون يعودون إلى منازلهم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من منطقة جباليا شمال قطاع غزة في 31 مايو 2024 (د.ب.أ)

تستمر «حماس» في إظهار قدرتها على الصمود بشكل ملحوظ في شمال غزة، وفق خبراء لصحيفة «الغارديان» البريطانية، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً للجهود العسكرية الإسرائيلية. وعلى الرغم من نجاح القوات الإسرائيلية في تطهير مناطق مثل جباليا وحي الزيتون، وفق تقرير «الغارديان»، الاثنين 3 يونيو (حزيران) 2024، فإن «حماس» تمكنت من إعادة فرض سيطرتها على هذه المناطق. وقد سلط إيال هولاتا، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق، الضوء على إصرار مقاتلي «حماس» على الصمود في الشمال، الأمر الذي استلزم عمليات متكررة لقوات الدفاع الإسرائيلية لاستعادة هذه المناطق.

ويؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولون آخرون أن هجومهم المستمر في رفح سوف يحقق هدف تحييد «حماس» وتحرير الرهائن. ولكن الصراع في جباليا، حيث واجهت «حماس» الجيش الإسرائيلي بإصرار مفاجئ، يؤكد قدرة المجموعة على التعافي، وإطالة أمد الصراع. وتشير هذه الديناميكية إلى إمكانية اندلاع «حرب إلى الأبد»، كما يصفها الخبراء، حيث تسعى إسرائيل إلى إخماد التمرد المرن.

وكشفت عملية القوات الإسرائيلية في مايو (أيار) في جباليا أن «حماس» كانت مسيطرة بشكل كامل على المنطقة قبل وصول القوات الإسرائيلية، وهو ما يتناقض مع مزاعم سابقة حول نشاط مسلح متقطع في المنطقة. ورغم أن الجيش الإسرائيلي أعلن اكتمال مهمته في جباليا، فإن مصير مقاتلي «حماس» لا يزال غير مؤكد، مع وجود اقتراحات بأنهم ربما انتقلوا إلى مكان آخر بدلاً من هزيمتهم.

وتمتد عودة «حماس» إلى الظهور إلى ما هو أبعد من الوجود العسكري، بما في ذلك الجهود الرامية إلى تأكيد السيطرة على الحياة المدنية في غزة. وأشار مايكل ميلستين من مركز «موشيه ديان» الإسرائيلي إلى أن «حماس» تظل السلطة الأساسية في قطاع غزة، بعد أن تكيفت مع الوضع الجديد. فمنذ الاستيلاء على السلطة في عام 2007، حافظت «حماس» على هيكل الحكم، وهو ما يتضح في أنشطة مثل دوريات الأسواق وتوزيع المساعدات.

وتعقّد الصعوبات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي، آفاق التوصل إلى اتفاق سلام جديد اقترحه الرئيس الأميركي جو بايدن، وفق الخبراء. وترى قيادة «حماس»، بما في ذلك زعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار، الأزمة الإنسانية المستمرة وسيلة ضغط في المفاوضات.

وحذر المحللون من أن «حماس» يمكنها بسهولة تجنيد مقاتلين جدد؛ ما يدعم قوتها ويعقّد جهود إسرائيل لتحقيق نصر حاسم، وفق تقرير «الغارديان».

وبينما لن تزعم «حماس» النصر وسط الدمار، فإن الاستسلام ليس خياراً بالنسبة لها، حسب الخبراء. ويتردد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في التخطيط للإدارة المدنية في غزة بسبب دعم وزراء اليمين المتطرف لإعادة احتلال القطاع.


مقالات ذات صلة

خلافات إسرائيلية حول طبيعة الرد على حادثة الجولان

شؤون إقليمية سكان من مجدل شمس بالجولان يعاينون موقع انفجار الصاروخ في ملعب لكرة القدم (أ.ف.ب)

خلافات إسرائيلية حول طبيعة الرد على حادثة الجولان

ظهرت خلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية في تل أبيب حول كيفية الرد على هجوم الجولان ومداه، رغم الاتفاق العام على ضرورة «الرد بقسوة» على «حزب الله».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية تحاول اعتراض هجوم مصدره لبنان فوق منطقة الجليل (أ.ب)

إسرائيل: اعتراض مسيّرة آتية من لبنان باتجاه المياه الاقتصادية

أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) أن سفينة حربية تابعة للأسطول الإسرائيلي، وبالتعاون مع القوات الجوية، اعترضت مسيّرة آتية من لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو وبتسلئيل سموتريتش (يمين) وإيتمار بن غفير (يسار) (وسائل إعلام إسرائيلية)

الاستطلاعات تُبيّن أن نتنياهو قائد إسرائيل الأول

لم يكسب حزب الليكود شيئاً من خطاب زعيمه بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي، فيما استفاد منه المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

نظير مجلي (تل أبيب)

«حزب الله» يستفيد من طبيعة الصخور اللبنانية لتسهيل حفر الأنفاق

TT

«حزب الله» يستفيد من طبيعة الصخور اللبنانية لتسهيل حفر الأنفاق

أرشيفية لنفق أغلقته إسرائيل في 2019 على الحدود مع لبنان (إعلام إسرائيلي)
أرشيفية لنفق أغلقته إسرائيل في 2019 على الحدود مع لبنان (إعلام إسرائيلي)

يستفيد «حزب الله» من طبيعة الصخور في لبنان لحفر الأنفاق داخل الجبال والوديان، وذلك للاحتماء من سلاح الجو الإسرائيلي، ولشن هجمات من بقعات يُفترض أنها آمنة.

وبغياب معلومات دقيقة عن آليات حفر الأنفاق ووجهات استخدامها، يلجأ الحزب إلى هذا النوع من السلاح، لتوفير بديل عن القتال المكشوف تحت الطائرات الإسرائيلية، حسبما يقول خبراء، ليستدرج إسرائيل إلى قتال الأنفاق، وهو «من أصعب أنواع القتال في المعارك والعلوم والدراسات العسكريّة»، كما يقول العميد الركن المتقاعد فادي داود لـ«الشرق الأوسط»، ووضعها ضمن إطار «التجهيزات التقنية التي تعد أساساً في كل حرب».

ويقول داود إن شبكة الأنفاق في العلوم العسكرية «تحرم العدو من ميزات أساسية في القتال»، موضحاً: «على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يملك أهم سلاح استراتيجي وهو الطيران الذي يستطلع من خلاله ويضرب أهدافه جواً، فإن الأنفاق تحرمه من الرؤية»، شارحاً: «الأنفاق شلّت فاعلية سلاح الجو بالدرجة الأولى، أما في الدرجة الثانية فتمنعه من المناورة، ويصبح من دون أي قدرة على حركات الالتفاف».

ويشير داود إلى أن الجيش الإسرائيلي «كان مجهّزاً لحرب الأنفاق، فلديه أم القنابل التي تحمل اسم MOAB، كما يمتلك القنابل الإسفنجية، وقنابل Bunker buster التي تفجّر الأنفاق إلى عمق ستين متر»، بصرف النظر عن الظروف التي تدفع لاستخدام تلك القنابل أو الإحجام عن استخدامها.

7 كيلومترات

وعن شبكة أنفاق «حزب الله»، يقول داود: «لا معلومات دقيقة عن شبكة أنفاق الحزب، ولكن المراقب يستنتج أن البقعة الواقعة بين الحدود وحتى عمق 7 كم داخل الأراضي اللبنانية، لديها خصوصية تميّزها، وهي على الأرجح واقعة على شبكة أنفاق تحت الأرض، لهذا السبب يطالب الجانب الإسرائيلي بدفع (حزب الله) إلى ما وراء الليطاني، كأن المعلومات التي يمتلكها الإسرائيلي أن خلف الليطاني لا أنفاق»، رغم تأكيده أن «تلك المعلومات هي عبارة عن تقديرات؛ لأنه لا أحد يمتلك معلومات بهذا الخصوص».

مدخل نفق حدودي دمره الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان في 2019 (أ.ف.ب)

طبيعة الأرض اللبنانية

وفيما تقول مراكز الدراسات الإسرائيلية إن الحزب أنشأ شبكة أنفاق تحت الأرض تمتد إلى عدة كيلومترات بطريقة أخطبوطية، تشير تقديرات أخرى إلى أن الحزب استفاد من طبيعة الأرض في لبنان التي تسهل حفر الأنفاق، رغم أن معدّات حفر الأنفاق الحديثة مكلفة جداً، وحتى الدولة اللبنانية لا تمتلكها، وتحتاج بعض الأنفاق لسنوات كي تُنجز. وعن طبيعة الصخور في لبنان، ومن الناحية الجيولوجية، يقول الباحث في الجيولوجيا وعلم الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور طوني نمر، إن صخور لبنان كلسية، وعملياً عندما تأتيها المياه المشبعة بثاني أكسيد الكربون، تصبح المياه «كاربونيك أسيد» الذي يتفاعل مع الكلس ويجعل الصخر يتجوّف، مضيفاً: «من هنا نرى الكثير من المغاور في لبنان». ويوضح نمر في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «طبيعة الأرض الكلسية تجعل الحفر في الصخر سهلاً، ولا سيما الصخر الكارستي»، لافتاً إلى أن غالبية الصخور في لبنان «هي صخور كلسية، وهناك طبقة رملية أيضاً، فضلاً عن القليل من الصخور البركانية في الجنوب والشمال، وهي تكوّن فقط ما نسبته 15 إلى 20 في المائة من صخور لبنان، أما باقي الصخور فهي كلسية بمجملها، ومن هنا تصبح عمليّة تكوين الأنفاق الطبيعية سهلة».

ويتحدّث نمر عن الأنفاق الاصطناعية التي حفرت لمدّ شبكات المياه الضخمة، وعلى سبيل المثال نفق القرعون الذي يمتد من بحيرة القرعون في البقاع الغربي في شرق لبنان، حتى جزّين، ومنها إلى معامل الكهرباء في وادي بسري وجون، وقد حفرته شركات أجنبية. ويؤكد أن هذه الأنفاق صنعت بالأدوات الحديثة أو التقليدية، لافتاً إلى أن المعدّات الحديثة لا يمتلكها الأفراد، وهي معدّات تستعمل للمناجم. أما الحفر على مستوى صغير فيحصل بمعدات تقليدية وقديمة.

وعن الوقت الذي يستغرقه حفر الأنفاق يدويّاً، يؤكد نمر أن الحفر يستغرق سنوات في حال كانت المعدات يدوية وتقليدية، ويختلف الوقت بحسب طبيعة الأرض.