أميركا تقف مع تركيا ضد انتخابات «الإدارة الذاتية» الكردية

أكدت أن الظروف الملائمة لمثل هذا الاستحقاق غير متوافرة بشمال شرقي سوريا

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي  (الشرق الأوسط)
سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)
TT

أميركا تقف مع تركيا ضد انتخابات «الإدارة الذاتية» الكردية

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي  (الشرق الأوسط)
سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

تتكثّف الضغوط على «الإدارة الذاتية لإقليم شمال شرقي سوريا» للتراجع عن إجراء الانتخابات المحلية في 11 من الشهر الحالي، وبعد موقف «المجلس الوطني الكردي» الذي عدّ الانتخابات غير محايدة ومحسومة النتائج لتكريس وهيمنة سلطة «حزب الاتحاد الديمقراطي» وافتقارها إلى الشرعية؛ أعلنت السفارة الأميركية في دمشق أن واشنطن حثّت «الإدارة» على عدم المضي في الانتخابات بالوقت الحالي «وأن الظروف الملائمة لمثل هذه الانتخابات غير متوافرة بشمال شرقي سوريا في الوقت الحاضر».

وتستعد «الإدارة الذاتية» لتنظيم انتخابات بلدية في 11 من هذا الشهر في 7 كانتونات تابعة لنفوذها شمال شرقي سوريا، وهي: الشهباء وعفرين ومنبج بريف محافظة حلب، ومقاطعتا الفرات والطبقة التابعتان لمحافظة الرقة، إضافة إلى مدن وبلدات ريف دير الزور الشرقي ومناطق الجزيرة السورية بمحافظة الحسكة، وسيجري في الاستحقاق انتخاب رؤساء البلديات وأعضاء المجالس على مستوى 1792 مركزاً.

ملصق دعائي لانتخابات «الإدارة الذاتية» (الشرق الأوسط)

ونشرت السفارة الأميركية بدمشق، الجمعة، بياناً عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت فيه إن «أي انتخابات تجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، وفق ما دعا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254»، وأضافت أن واشنطن حثّت الإدارة على عدم المضي في الانتخابات وعزت السبب إلى «أن الظروف الملائمة لمثل هذه الانتخابات غير متوفرة في شمال وشرق سوريا في الوقت الحاضر»، وأشارت إلى أنها نقلت هذا الموقف إلى مجموعة من الجهات الفاعلة بما فيها الإدارة نفسها.

قوة أميركية في بلدة تل خميس جنوب شرقي القامشلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ولا شك أن الإدارة المدنية أقلقها هذا الموقف الأميركي الصريح بتحفظه على إجراء الاستحقاق، وربطه بتحقيق جملة من الشروط مرتبطة بإنهاء الخلافات بين القوى السياسية الكردية الرئيسية، والعودة إلى طاولة المفاوضات المتعثرة منذ 2020.

يقول براء صبري، وهو باحث مساهم في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»، إن الإدارة الأميركية تبرأت صراحةً من الانتخابات، وأوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن واشنطن «تعطي إشارة إلى أن الانتخابات بحد ذاتها غير سليمة حسب المعايير الديمقراطية، وأرسلت رسالتها هذه المرة بصدق للمعنيين بالقرارات في شرق الفرات».

وتدعم الولايات المتحدة في إطار التحالف الدولي المناهض لتنظيم «داعش» الإرهابي، عسكرياً «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) الجناح العسكري للإدارة.

سكان بلدة الدرباسية ينتخبون أعضاء مجالس البلدية في إطار انتخابات تمهيدية في مناطق «الإدارة الذاتية» في مايو الماضي (الشرق الأوسط)

وأوضح صبري أن الإشارة الأميركية فيها تحذير واضح من وجود مخاطر قد تترتب على إجراء الانتخابات، ومن بين هذه الاحتمالات شن هجوم بري عسكري جديد، أضاف: «يبدو أن موقف واشنطن واضح أنها غير معنية في حال حدوث هجوم تركي جديد على مناطق الإدارة، وتقدمت خطوة في التهرب من المسؤولية المترتبة على حماية شريكتها في سوريا».

وأشار إلى أن واشنطن وعبر بيانها قدمت هدية مجانية لتركيا من جهة الطمأنة بعدم التصادم معها في حال قيامها بأي اعتداء عسكري على حلفائها في سوريا. وقال: «رغم أن الأتراك يخترعون الحجج الواهية للاعتداء على الجوار الكردي لدوافع قومية فاضحة، لكن يبدو أن واشنطن تتعامل مع ملف شمال شرقي سوريا من جهة العلاقة العسكرية أكثر بكثير من الحلول السياسية لوضع حلول دستورية وقانونية لملفات عالقة لهذه المنطقة».

ملصق دعائي لانتخابات «الإدارة الذاتية» (الشرق الأوسط)

وصعدت تركيا هجومها ضد «الإدارة الذاتية» التي تعتزم تنظيم انتخابات محلية، وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال كلمة مشاركته في مناورات «إفس 2024» العسكرية في ولاية أزمير، إن بلاده «لن تسمح أبداً للتنظيم الانفصالي (حزب العمال الكردستاني) بإنشاء دويلة إرهاب في الجانب الآخر من حدودها الجنوبية شمالي سوريا»، مضيفاً: «عندما يتعلّق الأمر بوحدة أراضي بلادنا وأمن شعبنا فإننا لا نستمع لأحد ولا نخضع لأي تهديدات، هي ضد سلامة الأراضي التركية والسورية».

ورفضت «الإدارة الذاتية» التهديدات التركية. وقالت في بيان نُشر على موقعها الرسمي، السبت، إن «كل ما يتم تناوله بصدد معاداة هذه التطلعات والانتخابات هو إجراء انتقامي لمنع بناء متانة مجتمعنا وقوته»، وأكدت أنَّ هذه الخطوة «ضمانة لرسم المسار الصحيح للديمقراطية الفعلية في سوريا، مع رفضنا التام لسياسات التدخل كون ذلك شأناً داخلياً يُنظم طريقة إدارته لذاته»، على حد تعبيرها.

وأثارت الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها بعد 10 أيام حفيظة ورفض «المجلس الوطني الكردي» أحد أبرز أقطاب الحركة الكردية السياسية. ويقول فيصل يوسف، المتحدث الرسمي للمجلس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الانتخابات «تتم في بيئة غير محايدة ومحسومة النتائج لتكريس سلطة وهيمنة هذا الحزب الذي يستند إلى عقد اجتماعي مؤدلج، وإنها تفتقر إلى الشرعية وكل المقومات في إجرائها».

وكانت أحزاب «المجلس الكردي» قد دخلت بداية 2020 في مباحثات مباشرة مع أحزاب «الوحدة الوطنية» الكردية المشاركة في «الإدارة الذاتية» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، برعاية ووساطة المبعوثين الأميركيين الذين عينتهم الإدارة الأميركية شرقي سوريا، وتوصلوا آنذاك إلى اتفاق سياسي ورؤية مشتركة لكنها سرعان ما تعثرت نهاية العام نفسه.


مقالات ذات صلة

الفصائل السورية المسلحة تعلن سيطرتها على معرة النعمان جنوبي إدلب

المشرق العربي عناصر من الفصائل السورية المسلحة في وسط مدينة حلب بشمال سوريا (أ.ف.ب)

الفصائل السورية المسلحة تعلن سيطرتها على معرة النعمان جنوبي إدلب

أفادت إدارة العمليات العسكرية التابعة للفصائل السورية المسلحة في سوريا اليوم (السبت) بأن عناصر الفصائل بدأت دخول معرة النعمان ثاني أكبر مدينة في محافظة إدلب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية أفراد من الفصائل المسلحة وسط حلب (أ.ف.ب)

قائد «الحرس الثوري»: الخاسرون من حربَي غزة ولبنان وراء الهجمات في سوريا

قال قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي إن «الخاسرين من حربَي غزة ولبنان» وراء الهجمات في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا عناصر من الفصائل المسلحة يستولون على دبابة للجيش السوري على الطريق الدولي «إم 5» في منطقة الزربة بمحافظة حلب (أ.ف.ب)

مصر تؤكد دعمها للدولة السورية إزاء التطورات الأخيرة في حلب وإدلب

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي هاتفياً مع نظيره السوري بسام صباغ التطورات الأخيرة في إدلب وحلب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي تظهر هذه الصورة الجوية عناصر من فصائل سورية مسلحة يلتقطون صوراً أمام واجهة مبنى يحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد في وسط حلب (أ.ف.ب) play-circle 00:41

الفصائل المسلحة تسيطر على غالبية حلب... والجيش السوري: نحضّر لهجوم مضاد

ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم (السبت)، أن أحياء مدينة حلب بشمال غرب سوريا تعرضت لقصف جوي للمرة الأولى منذ 2016.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
تحليل إخباري سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

تحليل إخباري اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

غيّرت التحركات العسكرية حول حلب لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات خرائط السيطرة ومناطق النفوذ في شمال غربي سوريا.

كمال شيخو (القامشلي (سوريا))

لبنان: الجيش الإسرائيلي يحظر على السكان الانتقال إلى قرى في الجنوب

يرفع أحد السكان العائدين إلى مدينته الساحلية جنوب لبنان صور علامة النصر من شرفة شقته بالقرب من مبنى مدمر بشدة تعرض لغارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)
يرفع أحد السكان العائدين إلى مدينته الساحلية جنوب لبنان صور علامة النصر من شرفة شقته بالقرب من مبنى مدمر بشدة تعرض لغارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)
TT

لبنان: الجيش الإسرائيلي يحظر على السكان الانتقال إلى قرى في الجنوب

يرفع أحد السكان العائدين إلى مدينته الساحلية جنوب لبنان صور علامة النصر من شرفة شقته بالقرب من مبنى مدمر بشدة تعرض لغارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)
يرفع أحد السكان العائدين إلى مدينته الساحلية جنوب لبنان صور علامة النصر من شرفة شقته بالقرب من مبنى مدمر بشدة تعرض لغارة جوية إسرائيلية (د.ب.أ)

أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم (السبت) أنه يُحظر على سكان لبنان الانتقال إلى عدة قرى في الجنوب، وطالبهم بعدم العودة إلى نحو 62 قرية في المنطقة. وقال أفيخاي أدرعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على منصة «إكس» مخاطباً سكان لبنان إن كل من يخالف هذا الإنذار «يعرض نفسه للخطر».

يأتي ذلك في الوقت الذي تتبادل فيه إسرائيل و«حزب الله» اللبناني اتهامات بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا لإنهاء الصراع الذي اندلع بالتوازي مع الحرب في غزة. ومن المقرر أن تستمر الهدنة 60 يوماً على أمل التوصل إلى وقف دائم للأعمال القتالية.