تركيا: لا انسحاب من شمال سوريا قبل تأمين الحدود بالكامل

دفعة هجمات جديدة بالمسيّرات على مواقع «قسد»

المدفعية التركية تواصل استهدافاتها لمناطق سيطرة «قسد» شمال سوريا (الدفاع التركية)
المدفعية التركية تواصل استهدافاتها لمناطق سيطرة «قسد» شمال سوريا (الدفاع التركية)
TT

تركيا: لا انسحاب من شمال سوريا قبل تأمين الحدود بالكامل

المدفعية التركية تواصل استهدافاتها لمناطق سيطرة «قسد» شمال سوريا (الدفاع التركية)
المدفعية التركية تواصل استهدافاتها لمناطق سيطرة «قسد» شمال سوريا (الدفاع التركية)

أكدت تركيا أن قواتها لن تنسحب من شمال سوريا حتى ضمان أمن حدودها بالكامل في الوقت الذي صعدت فيه قواتها مجدداً هجماتها بالطائرات المسيرة ضد مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وقال وزير الدفاع التركي، يشار غولر، إن تركيا قد تفكر في سحب قواتها من سوريا بمجرد ضمان أمن الحدود التركية بالكامل. ولفت إلى أن المشكلات نشأت في المنطقة بسبب فراغ السلطة الذي خلقته الحكومة السورية، ولو كان لديهم القدرة على السيطرة على المنطقة الحدودية لما وصل الوضع إلى هذا الحد.

وأكد غولر، في تصريحات السبت على هامش متابعته المرحلة الأخيرة لمناورات «أفيس 2024» في إزمير غرب البلاد، استعداد تركيا لتقديم أفضل دعم لاعتماد دستور شامل في سوريا، وإجراء انتخابات حرة، وضمان بيئة آمنة وتطبيع شامل.

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال متابعتهم مناورات «أفس 2024» في غرب البلاد (وزارة الدفاع التركية)

ولفت إلى أن الاتصالات بين أنقرة ودمشق بشأن تطبيع العلاقات بينهما تقتصر حالياً على اللقاءات في إطار «مسار أستانة»، الذي ترعاه تركيا وروسيا وإيران. ويشكل الوجود العسكري التركي في شمال سوريا نقطة خلاف معقدة مع دمشق حالت دون استمرار مفاوضات تطبيع العلاقات.

العمليات ضد «قسد»

بشأن وجود تحضيرات لتنفيذ عملية عسكرية ضد «قسد» في سوريا، نفى غولر وجود مثل هذه التحضيرات. وأكد أن القوات التركية في حالة جاهزية دائمة وتنفذ العمليات كلما دعت الحاجة. وأضاف أن القوات التركية تنفذ حالياً ضربات قوية مستمرة وشاملة، وتحقق نجاحات كبيرة في الحرب ضد الإرهاب، بدلاً من العمليات العسكرية محدودة الهدف والمدة التي كانت تتم في الماضي.

وتابع: «لقد ذكرت ذلك من قبل، لا يوجد أي استعداد لعملية ما، لأن قواتنا المسلحة التركية مستعدة دائماً وتنفذ العمليات عندما تحتاج إلى ذلك، كانت لدينا 3 ألوية من القوات الخاصة (الكوماندوز) في شمال سوريا، الآن لدينا أكثر من 20 لواءً، جميعهم تقريباً في الميدان».

وأوضح أن هذه القوات تبقى في الأماكن التي تطهرها، بمعنى آخر، بدلاً من العمليات العسكرية المحدودة ومحددة الهدف والممتدة لمدى زمني معين، التي كانت تتم في الماضي، تتلقى المنظمات الإرهابية اليوم ضربات قوية بعمليات «مستمرة وشاملة» تحقق نجاحات كبيرة في الحرب ضد الإرهاب.

وقال غولر: «بفضل هذا المفهوم الأمني ​​الجديد في الحرب ضد الإرهاب جعلنا المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني وامتداده في سوريا، وحدات حماية الشعب الكردية التي تعد أكبر مكونات قسد)، غير قادرة على التحرك، ولا يمكنها العثور على الأفراد والأسلحة أو نقلهم».

انتقادات لأميركا

انتقد وزير الدفاع التركي، الولايات المتحدة، مجدداً، بسبب دعمها «وحدات حماية الشعب الكردية» في إطار الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، قائلاً إن تعاونها مع «منظمة حزب العمال الكردستاني - وحدات حماية الشعب (الإرهابية) لا يتوافق مع روح التحالف في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويعرض سلامة أراضي جيراننا، سوريا والعراق، للخطر».

عناصر من القوات التركية في منطقة «درع الفرات» شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

أضاف: «لقد قلنا دائماً إنه إذا كان الهدف هو محاربة (داعش)، فيجب أن يكون التعاون مع الحلفاء، وليس مع الإرهابيين، ونحن مستعدون لذلك، نحن الذين قاتلنا يداً بيد ضد (داعش)، وقمنا بالقضاء على الآلاف من إرهابيي التنظيم الأكثر تطرفاً، وأنقذنا سوريا من (داعش)». وقال غولر: «أود أن أؤكد مرة أخرى أننا لن نسمح بأي أمر واقع على حساب أمننا القومي وسلامة أراضي جيراننا».

هجمات المسيّرات

في سياق متصل، قتل 4 من عناصر من قوات الدفاع الذاتي، التابعة لـ«قسد» بينهم أحد القياديين، في هجمات بالمسيرات التركية، الجمعة، استهدفت سيارة عسكرية وسيارة إسعاف أثناء توجهها لمكان الاستهداف، في موقع بين قريتي تميم وأمية بريف تل حميس جنوب الحسكة ضمن مناطق سيطرة «قسد». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بإصابة 11 مدنياً، بينهم امرأتان وعدد من الأطفال.

وزير الدفاع التركي يشار غولر وقادة القوات المسلحة خلال متابعتهم مناورات «أفس 2024» في غرب البلاد (وزارة الدفاع التركية)

ونفذت القوات التركية 4 هجمات بالمسيّرات على مناطق «الإدارة الذاتية» التابعة لـ«قسد» خلال مايو (أيار)، تركزت جميعها في محافظة الحسكة، وأسفرت عن مقتل وإصابة 17 من عناصر «قسد». وإجمالاً، نفذت القوات التركية 77 ضربةً بالطائرات المسيّرة على مناطق «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا منذ بداية العام الحالي، تسببت بمقتل 24 شخصاً، بالإضافة لإصابة أكثر من 21 من العسكريين و16 من المدنيين.

في الوقت ذاته، قصفت القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة، بالمدفعية الثقيلة، قرية شيخ عيسى الآهلة بالمدنيين، ضمن مناطق انتشار «قسد» والجيش السوري في ريف حلب الشمالي، ما أسفر عن مدني بجروح.


مقالات ذات صلة

ماذا يريد إردوغان من التطبيع مع الأسد؟

شؤون إقليمية الرئيس التركي يتحدث خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة حلف «الناتو» في واشنطن (أ.ف.ب)

ماذا يريد إردوغان من التطبيع مع الأسد؟

كشفت تقارير عن خطة تركية من شقين لحل مشكلة اللاجئين السوريين بُنيت على التطبيع المحتمل للعلاقات مع سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي فراس الجهام

إيران تعزز أذرعها في سوريا عبر انتخابات مجلس الشعب

هل تستفيد إيران فعلاً من دعم مرشحين في انتخابات برلمانية لا يعدّها كثيرون جادة أو شفافة، أم إنها بحاجة إلى «وجوه سورية» واجهةً محليةً لها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي لافتة انتخابية وسط مدينة القامشلي (الشرق الأوسط)

انتخابات دمشقية في «مربع أمني» محاصر شمال شرقي سوريا

رُفعت صور عشرات المرشحين الطامحين بالوصول إلى مجلس الشعب السوري في مربع أمني «محاصر» بمركز مدينة القامشلي، قبل انتخابات حكومية مقررة الاثنين المقبل.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي جدارية وسط مدينة القامشلي ذات الأغلبية الكردية (الشرق الأوسط)

أكراد القامشلي: التقارب التركي السوري غرضه «منع قيام كيان كردي»

بات التطبيع بين تركيا وسوريا القضية الأكثر تفاعلاً سياسياً وشعبياً على الساحة الكردية في سوريا حالياً.

كمال شيخو (القامشلي )
المشرق العربي مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - منصة إكس)

شرق سوريا: تعزيزات عسكرية لـ«الحرس الثوري» و«التحالف»

شرق سوريا: تعزيزات عسكرية لـ«الحرس الثوري» و«التحالف» فسرتها مصادر بأنها تأهب لمنعطف سياسي قادم.


مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)
قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)
TT

مصر: توقيف المتهم بـ«فيديو فيصل» وحملة مضادة تستعرض «جرائم الإخوان»

قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)
قوات من الأمن بميدان التحرير في القاهرة (أ.ف.ب)

أعلنت «الداخلية المصرية»، الثلاثاء، القبض على المتهم ببث «فيديو فيصل» الذي شغل الرأي العام، مؤكدة «اعترافه» بارتكاب الواقعة بـ«تحريض» من عناصر جماعة «الإخوان المسلمين»، «المحظورة». فيما كان لافتاً انتشارُ حملة مضادة بالميادين وعلى شاشات واجهات المحال الكبرى، تبث فيديوهات تحت عنوان «حتى لا ننسى»، وتعرض «جرائم الإخوان».

ومساء الأحد، انتشر مقطع مصور في منطقة «فيصل» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، يظهر اختراق شاشة عرض كبيرة لمحل تجاري وبث عبارات وصور «مسيئة» عليها، وراجت اتهامات بمنصات التواصل طالت سودانيين بالوقوف وراء الواقعة.

إلا أن «الداخلية المصرية» ردت على الفور وقالت إنه «لا صحة لما تم تداوله على إحدى الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي بشأن إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على سودانيين لقيامهم بأعمال مسيئة».

وبعد أقل من 24 ساعة من الواقعة، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، في بيان جديد، أن أجهزتها بذلت جهوداً لكشف ملابسات «العبارات المسيئة» التي تم تداولها على إحدى شاشات الإعلانات بمنطقة فيصل بالجيزة.

وتمكنت الأجهزة الأمنية، وفق البيان، من «تحديد وضبط مرتكب الواقعة ويعمل فني شاشات إلكترونية»، مشيرة إلى «اعترافه بارتكابه الواقعة بتحريض من اللجان الإلكترونية التي تديرها عناصر جماعة (الإخوان) الإرهابية الهاربة بالخارج»، ولفتت الوزارة إلى أنه «تم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه الواقعة».

وتحظر السلطات المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، ويخضع قادة وأنصار الجماعة حالياً، على رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».

«فشل إخواني»

ماهر فرغلي، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، يرى أن «سرعة القبض على المتهم تظهر أن الدولة المصرية قوية وقادرة على مواجهة ذلك التنظيم، وأن كل محاولاته ستبوء بالفشل».

ويصف عمل المتهم بأنه «نتاج تحريض تنظيم إرهابي دأب على الأعمال الإعلامية العشوائية بهدف كسر حاجز الرهبة ضد الدولة مستغلاً أي أزمات، لا سيما الأوضاع الاقتصادية».

وتعطي سرعة ضبط المتهم انطباعاً بأن «أي خروج عن القانون سيكون بالمرصاد»، كما يؤكد الخبير الأمني اللواء أشرف أمين، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «الحملات المضادة بالشاشات ضد الجماعة الإرهابية أكدت أن المواجهات ليست أمنية ولكن شعبية أيضاً».

وكان عضو مجلس النواب في مصر، مصطفى بكري، اتهم «الإخوان» بالوقوف وراء الفيديو المسيء قائلاً في تغريدة الاثنين: «أعرف تماماً أن لعبة (الإخوان) في شارع فيصل هي دليل يأس، بعد أن عجزوا عن تحريض المواطنين لتخريب بلادهم أكثر من مرة... (الهاكرز) الذي اخترق إحدى شاشات محل بشارع فيصل هي عملية إخوانية خسيسة... هدفها الحصول على لقطة تسيء إلى مصر وقيادتها».

واستنكر البرلماني مصطفى بكري إقحام أبناء الجالية السودانية في الواقعة، قائلاً إنه من الواضح أن هناك «عناصر تحرّض عن عمد» ضد الإخوة السودانيين «ضيوف مصر»، وتروّج لـ«وقائع غير صحيحة»، بقصد «التحريض وإثارة الرأي العام» ضدهم.

وتستضيف مصر أكثر من نصف مليون سوداني فرّوا من الحرب الداخلية بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، التي اندلعت في 15 أبريل (نيسان) العام الماضي، فضلاً عن الذين يعيشون في مصر منذ سنوات.

وحول مستقبل تلك «الجماعة المحظورة» في مصر، يرى اللواء أشرف أمين «أنهم لا مستقبل لهم وأعمالهم مهما تكررت ستبوء بالفشل».

فيما يعتقد فرغلي أن «ذلك العمل العشوائي الذي حرضت (الإخوان) عليه، لن يؤثر على الدولة نهائياً»، مستدركاً: «لكن يكشف عن دور جديد للتنظيم بات يتبعه مع الأزمات عبر أسلوب التحريض، الذي قد ينجح في استقطاب مواطنين متأثرين بالأزمات الاقتصادية».

ويؤكد أن مصر تتعامل مع تنظيم «لا يفكر إلا في إضعاف الدولة واستغلال الأزمات» من أجل مصالح الجماعة، والاستمرار في تهديد استقرار الدولة في ظل ظروف دولية صعبة للغاية.