شرق سوريا: تعزيزات عسكرية لـ«الحرس الثوري» و«التحالف»

مصادر متابعة: تحركات على الأرض تأهباً لمنعطف سياسي قادم

مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - منصة إكس)
مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - منصة إكس)
TT

شرق سوريا: تعزيزات عسكرية لـ«الحرس الثوري» و«التحالف»

مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - منصة إكس)
مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - منصة إكس)

تشهد مدينة دير الزور شرق سوريا، تسيير دوريات مكثفة مع إقامة وحواجز طيارة للتدقيق في بطاقات المدنيين على مداخل المدينة، وفق مصادر محلية، الأحد.

وتزامنت الأخبار مع وصول تعزيزات إلى ميليشيا تتبع «الحرس الثوري» الإيراني في البوكمال بمحافظة دير الزور، بعد سيطرتها على عدد من النقاط العسكرية على أطراف البوكمال وفي بادية الصالحية شرق دير الزور.

تدريبات مشتركة لـ«قسد» وقوات «التحالف الدولي» ضد «داعش» في ريف الحسكة (أ.ف.ب)

في المقابل، تحدثت مصادر أخرى عن أن قوات التحالف الدولي استقدمت تعزيزات عسكرية إلى قواعدها في سوريا، وتقوم بتدريبات عسكرية مشتركة بالذخيرة الحية مع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، في قاعدة حقل العمر النفطي في ريف دير الزور. وذلك إضافة لمعلومات عن عزم «التحالف» إنشاء مهبط للطائرات المروحية بالقرب من هجين بريف دير الزور الشرقي، وفق مركز دير الزور الإعلامي.

أرشيفية لمجموعة من الميليشيات التابعة لإيران في دير الزور (المرصد السوري)

وفي تعليق على المستجدات، قالت مصادر متابعة في دمشق، إن جميع الأطراف الفاعلة على الأرض السورية ستسعى إلى تعزيز مواقعها العسكرية؛ استعداداً لدخول العملية السياسية، في منعطف جديد عنوانه الأبرز «العلاقة مع تركيا».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن التغييرات التي تجريها دمشق منذ مطلع العام الجاري في أجهزتها الأمنية والإدارية والتطورات الأخيرة، تأتي في السياق ذاته، حيث تنشط الدبلوماسية عربياً وروسياً، باتجاه التوصل لحل في سوريا، وممارسة الضغوط على دمشق الواقعة تحت النفوذ الإيراني.

ورجحت المصادر أن تحقيق نتائج إيجابية على مسار علاقة دمشق مع أنقرة، سيؤدي إلى تغيير في التوازنات العسكرية على الأرض، وذلك بالنظر إلى حالة الرفض الشعبي لدى المعارضين في الشمال السوري، والرفض الكردي، وكذلك وجود موالين لدمشق «للتقارب مع تركيا». وسيسعى كل طرف إلى تعزيز أوراقه في العملية السياسية الموعودة.

هذا، وأطلقت صفحات موالية للحكومة وناشطـين في مناطق الساحل السوري، حملة تطالب الحكومة بعدم إجراء أي اتفاقية مع الرئيس التركي، داعين لمحاربة «قوات الاحتلال التركي»، وإخراجها من قرى الساحل وإدلب وعفرين شمال حلب.

جندي عراقي بالقرب من الحدود العراقية - السورية عند معبر البوكمال (رويترز)

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان، قد كشف في تقرير، الأحد، أن الميليشيات الموالية لإيران عمدت إلى نشر العديد من الحواجز العسكرية الطيارة، وقد تخفى عناصرها بزي «الدفاع الوطني»، وهي ميليشيا تابعة للقوات السورية، في حي الحميدية بمدينة دير الزور الخاضعة للسيطرة الحكومية والميليشيات الإيرانية.

وأضاف، نقلاً عن مصادر لم يسمها، استقدام «الميليشيات الإيرانية 3 سيارات عسكرية (زيل) محملة بمعدات عسكرية ومنصات إطلاق صواريخ، إلى أحد المقرات العسكرية في الحي».

وفي وقت سابق أفادت «شبكة دير الزور 24»، بوصول تعزيزات عسكرية جديدة لحركة النجباء العراقية قادمة من العراق باتجاه مدينة البوكمال شرق دير الزور على الحدود مع العراق. وبحسب الشبكة، استخدمت الميليشيا حافلات تابعة للفرقة 17 من القوات الحكومية لنقل عناصرها إلى البوكمال بعد دخولها من العراق.

مدرعة أميركية ترافقها عربات من «قسد» في ريف دير الزور الشرقي (أرشيفية - منصة إكس)

من جانب آخر، واصلت قوات «التحالف الدولي» تعزيز قواعدها العسكرية في سوريا «بالأسلحة والجنود والمعدات العسكرية واللوجيستية»، بحسب المرصد السوري، الذي تحدث عن تعزيزات لقوات التحالف عبر «طائرات شحن مروحية وشحنات»، وأن حركة التعزيزات تكثفت خلال الآونة الأخيرة.

القاعدة الأميركية في حقل كونيكو للغاز بريف دير الزور الشمالي بسوريا (أرشيفية)

وحسب معلومات المرصد، فقد هبطت طائرة شحن تابعة لقوات «التحالف الدولي» في قاعدة حقل كونيكو للغاز بريف دير الزور الشمالي، محملة بمعدات عسكرية متطورة، بالتزامن مع تحليق طائرات مروحية في أجواء المنطقة.

هبوط الطائرة جاء بعد أقل من 24 ساعة من استقدام «التحالف» لتعزيزات مماثلة عبر الجو إلى القاعدة، حيث هبطت السبت، طائرة شحن لقوات «التحالف الدولي» محملة بجنود.

ولفت المرصد إلى أن قوات «التحالف الدولي»، عززت الجاهزية القتالية في القواعد العسكرية التابعة لها في سوريا، خلال الأيام الماضية، دون معرفة الأسباب، بالتوازي مع تدريبات عسكرية بمختلف الأسلحة.

ووثق المرصد، استقدام قوات «التحالف الدولي» 1113 شاحنة، وهبوط 65 طائرة شحن في قواعدها على الأراضي السورية منذ مطلع العام الجاري.

في سياق آخر، قتل أربعة عسكريين من القوات الحكومية السورية بينهم ضابط، في هجوم لعناصر من «داعش» على نقاط عسكرية سورية، في محيط منطقة تل شهاب بريف حمص الشرقي.

كما أقدم مجهولون، السبت، يعتقد أنهم من تنظيم «داعش» على إحراق بئر الخشان النفطي، في قرية الجرذي الشرقي في ريف دير الزور الشرقي، وفق مصادر محلية.


مقالات ذات صلة

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

المشرق العربي مسؤولون من الإدارة الذاتية الكردية أمام مقرها في مدينة الرقة شمال سوريا (الشرق الأوسط)

«مجلس سوريا الديمقراطية» يعول على وساطة واشنطن وباريس أمام حشد أنقرة

مقابل الحشد التركي ضد المسلحين الأكراد يعول «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي للإدارة الذاتية على وساطة أميركية - فرنسية لنزع فتيل الحرب مع أنقرة.

كمال شيخو (القامشلي)
المشرق العربي القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع (أ.ف.ب) play-circle 00:49

الشرع يتعهد حل الفصائل المسلحة وإنشاء جيش سوري موحد

أكد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، اليوم (الأحد)، أن كل الأسلحة في البلاد ستخضع لسيطرة الدولة بما فيها سلاح القوات التي يقودها الأكراد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز) play-circle 00:32

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي جولة تفقدية على الحدود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي لقطة من فيديو لعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» تطلق طائرة مسيّرة تحمل قذيفة مضادة للدبابات

الجماعات الكردية السورية في موقف دفاعي مع تغير ميزان القوى

مع حشد جماعات معادية مدعومة من تركيا ضدها في شمال سوريا، وسيطرة جماعة صديقة لأنقرة على دمشق، تقف الفصائل الكردية الرئيسية في سوريا في موقف دفاعي.

«الشرق الأوسط» (القامشلي - بيروت - أنقرة )
المشرق العربي مسلحان من «قسد» عند مدخل مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا (رويترز)

تركيا: «تحرير الشام» لعبت دوراً في مكافحة «داعش» و«القاعدة»

أبدت تركيا تمسكاً بتصفية «الوحدات» الكردية، في وقت تواجه فيه احتمالات التعرض لعقوبات أميركية نتيجة هجماتها على مواقع «قسد» في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
TT

مستشفيات جنوب لبنان تنفض عنها آثار الحرب... وتحاول النهوض مجدداً

عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)
عامل رعاية صحية يسير في مستشفى نبيه بري الحكومي في النبطية بجنوب لبنان (رويترز)

نالت المستشفيات في جنوب لبنان، حصتها من الحرب الإسرائيلية، باستهدافات مباشرة وغير مباشرة. ومع دخول قرار وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين لبنان وإسرائيل، ها هي تحاول النهوض مجدداً رغم كل الصعوبات، بينما لا تزال مجموعة منها، لا سيّما الواقعة في القرى الحدودية، متوقفة عن العمل أو تعمل بأقسام محددة، وتحت الخطر.

مستشفى بنت جبيل

في بلدة بنت جبيل، عاد مستشفى صلاح غندور للعمل. ويقول مدير المستشفى الدكتور محمد سليمان: «فتحنا الأبواب في اليوم التالي لإعلان وقف إطلاق النار، بداية مع قسم الطوارئ، الذي استقبلنا فيه حالات عدّة، وقد جرى العمل على تجهيز الأقسام الأخرى، منها قسم العمليات، الذي بات جاهزاً، إضافة إلى قسمي المختبر والأشعة».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ستتمّ إعادة فتح القسم الداخلي خلال أيام، أما العيادات الخارجية فتحتاج إلى مزيد من الوقت كي تستقبل المرضى، وكذلك الصيدلية».

ويتحدَّث عن أضرار كبيرة أصابت المستشفى، قائلاً: «لكننا نعمل من أجل إصلاحها. قبل أن نُخلي المستشفى كان لدينا مخزون كافٍ من المستلزمات الطبية، وهو ما سهّل عملنا».

ومع استمرار الخروقات الإسرائيلية والمسيَّرات والطائرات الحربية التي لا تفارق الأجواء، يؤكد سليمان أن «المستشفى يعمل بشكل طبيعي، والأهم أن الطاقمين الطبي والإداري موجودان».

وكان المستشفى قد استُهدف بشكل مباشر من قبل الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي تسبّب بإصابة 3 أطباء و7 ممرضين في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تمّ حينها الإخلاء، علماً بأن محيط المستشفى قُصف لمرات عدة قبل ذلك.

لكن مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يفتح أبوابه، في حين استأنف مستشفى مرجعيون الحكومي استقبال المرضى اعتباراً من يوم الخميس، 5 ديسمبر (كانون الأول).

مستشفى ميس الجبل

«لم يُسمح لنا بالتوجه إلى ميس الجبل، لذا بقي المستشفى مقفلاً ولم نعاود فتح أبوابه»، يقول مدير الخدمات الطبّيّة في مستشفى ميس الجبل الحكومي، الدكتور حليم سعد، لـ«الشرق الأوسط».

ويضيف: «يقع المستشفى على الحدود مباشرة، أُجبرنا على إقفال أبوابه بعد نحو أسبوع من بدء الحرب الإسرائيلية على لبنان، وقد تمّ قصفه مرات عدة، ونحن حتّى يومنا هذا لم نتمكّن من العودة إليه»، وذلك نتيجة التهديدات الإسرائيلية المستمرة في هذه المنطقة ومنع الجيش الإسرائيلي الأهالي من العودة إلى عدد من القرى، ومنها ميس الجبل.

أما مستشفى تبنين الحكومي، فإنه صامد حتّى اليوم، بعدما كان يعمل وحيداً خلال الحرب، ليغطي المنطقة الحدودية هناك كلها، علماً بأنه استُهدف مرات عدة بغارات سقطت في محيط المستشفى، كما أصابت إحدى الغارات الإسرائيلية قسمَي العلاج الكيميائي والأطفال، وأخرجتهما عن الخدمة.

النبطية

من جهتها، عانت مستشفيات النبطية طوال فترة الحرب من القصف الكثيف والعنيف في المنطقة، والدليل على ذلك حجم الدمار الهائل في المدينة وجوارها؛ ما تسبب في ضغط كبير على المستشفيات هناك.

تقول مديرة مستشفى «النجدة الشعبية» في النبطية، الدكتورة منى أبو زيد، لـ«الشرق الأوسط»: «كأي حرب لها نتائج سلبية، أثرت بنا وعلينا، خصوصاً أننا في القطاع الصحي، نعيش أساساً تداعيات أزمات كثيرة، منذ قرابة 5 سنوات، منها جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والمالية؛ ما منعنا عن تطوير إمكاناتنا وتحسين الخدمات الطبية لمرضانا».

قوات إسرائيلية تتنقل بين المنازل المدمرة في بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان (إ.ب.أ)

أثر نفسي

وتتحدَّث الدكتورة منى أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» عن أمور أساسية مرتبطة بتداعيات الحرب. وتقول: «نقطتان أساسيتان، لا بد من التطرق إليهما عند الحديث عمّا أنتجته الحرب الإسرائيلية، الأولى: الوضع النفسي لجميع العاملين في المستشفى، الذين مكثوا داخله طوال فترة الحرب التي استمرّت 66 يوماً على لبنان. وفور انتهاء الحرب، وجد بعضهم منزله مدمراً وأصبحت عائلته دون سقف أو مأوى، وفقد آخرون أحباباً وأقارب لهم».

وعلى خلفية هذا الواقع، لا يزال كثير من الأطباء خارج المستشفى، لإعادة تنظيم حياتهم؛ ما تسبب بنقص في الكادر البشري داخل المستشفى، وفق ما تؤكد الدكتورة منى، التي اضطرت لدمج أقسام وتسكير أخرى.

وعن يوم إعلان وقف إطلاق النار، تروي الدكتورة منى كيف كان وقع عودة الأهالي إلى بلداتهم وقراهم: «استقبلنا 57 مريضاً في اليوم الأول، الغالبية منهم أُصيبت بوعكة صحية جراء رؤيتهم الدمار الذي حلّ بمنازلهم وممتلكاتهم».

معاناة متفاقمة

أما النقطة الثانية التي تطرّقت إليها، فإنها تتعلق بتبعات مالية للحرب أثرت سلباً على المستشفى، إذ «في الفترة الماضية تحوّلنا إلى مستشفى حرب، ولم يكن لدينا أيّ مدخول لتغطية تكلفة تشغيل المستشفى، ومنها رواتب الموظفين» حسبما تقول.

وتضيف: «لدي 200 موظف، وقد واجهنا عجزاً مالياً لن أتمكّن من تغطيته. نمرُّ بحالة استثنائية، استقبلنا جرحى الحرب وهذه التكلفة على عاتق وزارة الصحة التي ستقوم بتسديد الأموال في وقت لاحق وغير محدد، وإلى ذلك الحين، وقعنا في خسارة ولن يكون بمقدورنا تأمين كامل احتياجات الموظفين».

وعمّا آلت إليه أوضاع المستشفى راهناً، بعد الحرب، تقول: «فتحت الأقسام كلها أبوابها أمام المرضى؛ في الطوارئ وغرفة العناية وقسم الأطفال وغيرها».

وتؤكد: «رغم الضربات الإسرائيلية الكثيفة التي أصابتنا بشكل غير مباشر، ونوعية الأسلحة المستخدَمة التي جلبت علينا الغبار من مسافات بعيدة، فإننا صمدنا في المستشفى حتّى انتهت الحرب التي لا تزال آثارها مستمرة».

صور

ولا تختلف حال المستشفيات في صور، عن باقي مستشفيات المنطقة، حيث طال القصف، وبشكل متكرر، محيط المستشفيات الخاصة الموجودة هناك، وهي 3 مستشفيات: حيرام، وجبل عامل، واللبناني الإيطالي، لكنها استمرّت في تقديم الخدمة الطبية، وكذلك المستشفى الحكومي، لكنه يعاني أيضاً كما مستشفيات لبنان بشكل عام ومستشفيات الجنوب بشكل خاص؛ نتيجة أزمات متلاحقة منذ أكثر من 5 أعوام.