الجيش الإسرائيلي يعترف بدعم المستوطنين وحمايتهم

اقتحموا بلدات قرب رام والله ونابلس ونفّذوا أعمال تخريب

مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية الخميس الماضي (د.ب.أ)
مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية الخميس الماضي (د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعترف بدعم المستوطنين وحمايتهم

مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية الخميس الماضي (د.ب.أ)
مستوطنون يغلقون نقطة تفتيش في شمال الضفة الغربية الخميس الماضي (د.ب.أ)

في وقت تزايدت فيه اعتداءات ميليشيات المستوطنين اليهود على البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية، اعترف الجيش الإسرائيلي بأنه وفّر في الأشهر الأخيرة الحماية لمئات المستوطنين اليهود «الذين يعملون على منع الفلسطينيين من السيطرة على أراضٍ في المنطقة ج» ومنحهم أسلحة «للدفاع عن النفس».

وقالت مصادر عسكرية لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الفلسطينيين ينفذون مخططاً وضعته حكومتهم منذ عهد سلام فياض (2007 - 2012)، التي قررت السيطرة على أكبر مساحة من الأرض في الضفة الغربية، في إطار وضع الأسس للدولة الفلسطينية العتيدة. وقد وضع المستوطنون بالمقابل خطة لطرد هؤلاء الفلسطينيين من الأراضي التي سيطروا عليها، وفقاً لدراسات ميدانية يعرفها الجيش.

ولحمايتهم من اعتداءات فلسطينية منح الجيش الملائمين منهم أسلحة للدفاع عن النفس ورافقهم بفرق حراسة. وأكد أنه وفّر الحماية للمستوطنين في 70 عملية كهذه. يذكر أن الفلسطينيين يتحدثون عن اعتداءات المستوطنين على 38 تجمعاً سكانياً فلسطينياً في مسافر يطا، جنوب الخليل، و34 تجمعاً في منطقة شمال غور الأردن، وعلى تجمعات متفرقة في شتى أنحاء الضفة الغربية منذ عشرات السنين.

تلامذة فلسطينيون يتطلعون من باحة مدرستهم إلى مستوطنة شمال مدينة نابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

يقول الناشط الإعلامي، صلاح طميزي: «في مسافر يطا المكون من 38 تجمعاً سكنياً، من قرى وخرب نائية تمتد شرقاً وصولاً إلى البحر الميت، يخلع الاحتلال هذه الأيام كل الأقنعة، ويتبدى عارياً وبشعاً، إطلاق رصاص، قتل، تشريد، هدم بيوت وكهوف وعرائش، وترك مئات العائلات في العراء. فمنذ سبعينات القرن الماضي صنفت إسرائيل مساحات كبيرة من أراضي مسافر يطا باعتبارها مستعمرات، وتوسع المشروع شمال المنطقة وشرقها وجنوبها الشرقي؛ ما حدّ من حرية الفلسطينيين في التنقل والمساحة المتاحة لهم لرعي مواشيهم التي تشكل مصدر دخلهم الرئيسي. وتعرض الفلسطينيون في مسافر يطا لخطر التهجير القسري عام 1999، بعد أن أجبر جيش الاحتلال 14 تجمعاً سكنياً على مغادرة المنطقة، ودمر معظم منازل السكان بحجة أن المناطق هذه تابعة لمنطقة إطلاق النار، وأن سكانها لم يستوفوا شروط الإقامة الدائمة، رغم أن الأسر كانت بحوزتها وثائق تثبت ملكيتها للأرض ويعود تاريخها إلى ما قبل عام 1967».

يضيف طميزي: «هجّر الاحتلال في أواخر 1999 نحو 700 مواطن فلسطيني بالقوة من 12 قرية وخربة، لكن السكان عادوا بعد 4 أشهر من جديد بموجب التماس قُدّم للمحكمة الإسرائيلية. وفي هذه الأيام، وبالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها حكومة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، يواصل المستعمرون بالضفة الغربية ممارساتهم من قتل واعتداء، ونهب للأرض والممتلكات، ضمن خطة مدعومة من هذه الحكومة المتطرفة التي شرعت قوانين القتل واستباحة أرواح المواطنين العزل وممتلكاتهم، بما في ذلك في مسافر يطا والتجمعات السكانية جنوب الخليل، الذي لا يختلف فيها المشهد كثيراً عما يجري من عمليات اعتداء وعربدة منظمة من المستعمرين في قرى أريحا ونابلس ورام الله وغيرها من محافظات الضفة الغربية، التي تتعرض لهجمة مماثلة وغير مسبوقة على المواطنين العزل».

فلسطيني يتفقد ألواحاً للطاقة الشمسية دمّرها مستوطنون لدى هجومهم على مدرسة شمال نابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

يقول مسؤول العلاقات العامة والإعلام في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، منقذ شهوان، إن حكومة الاحتلال التي يشغل المتطرفون من المستعمرين عدداً من وزاراتها، أعطوا الضوء الأخضر للعصابات باستباحة الدم الفلسطيني، واستغل إيتمار بن غفير الذي يعدّ عنواناً للإجرام، منصبه ليشرع القوانين التي أعطت المستعمرين حق التسلح وممارسة صلاحيات الجيش الإسرائيلي من عمليات إطلاق النار وترويع المواطنين، والاستيلاء على ممتلكاتهم، وغيرها من الممارسات التي باتت تشكل خطراً على حياة الفلسطينيين وبقائهم.

ويوضح شهوان، أن هذه الميليشيات المسلحة التي ترتدي ملابس قوات الاحتلال تزايدت جرائمها مع بداية العدوان الإسرائيلي، لأسباب عدّة، منها، انشغال العالم بما يجري من تطورات بالعدوان الإسرائيلي المتصاعد على القطاع، وحملات التحريض التي يقودها وزراء في حكومة الاحتلال أمثال بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، والتي تحرّض على القتل وإطلاق النار، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، إضافة إلى توزيع 20 ألف قطعة سلاح على هذه العصابات التي باتت تحكم الضفة الغربية بصلاحيات ودعم من قوات الاحتلال.

وقال رئيس مجلس مسافر يطا، نضال يونس، إن عنف المستعمرين في مسافر يطا جنوب الخليل، غير مسبوق، وهذه المجموعات تعمل بشكل منظم، وتمت إعادة تشكيل مجموعات متطرفة تضم أطفالاً لاستخدام السلاح الذي وزّعته الحكومة الإسرائيلية عليهم، ليمارسوا عمليات القتل والترهيب وملاحقة المواطنين، وتهجيرهم من أراضيهم ومساكنهم عنوة، مبدياً مخاوفه من سياسة التهجير القسري التي تمارَس بحق المواطنين العزل.

وكان مستعمرون، اقتحموا، الجمعة، بلدة ترمسعيا شمال شرقي مدينة رام الله. وأفادت مصادر محلية، بأن المستعمرين تمركزوا عند سهل ترمسعيا، مرددين الشعارات العنصرية والشتائم والتهديدات. ولفتت المصادر إلى أن المستعمرين هاجموا مركبة أثناء مرورها من المكان، وأجبروها على الرجوع. وفي بلدة سبسطية شمال غربي نابلس، هاجم المستوطنون أراضي مزروعة بالقمح.

وقال رئيس بلدية سبسطية، محمد عازم، إن المستعمرين أتلفوا 11 دونماً من الأراضي المزروعة التي تعود للمواطن جواد يوسف غزال، من خلال رعي أغنامهم فيها. أضاف: «الاستعمار الرعوي هو نهج جديد يستخدمه المستعمرون للاستيلاء على مزيد من الأراضي، وتهجير المزارعين الفلسطينيين منها». وكانوا قد أحرقوا، خلال الأسبوع الماضي، مساحات من الأراضي المزروعة بالقمح، والتي يمتلكها المواطن غزال عند مدخل بلدة سبسطية.

وفي مسافر يطا الخليل نصب مستعمرون «كرفاناً» على أراضي المواطنين وأتلفوا أشجاراً مثمرة ومحاصيل زراعية. وكانوا قد نصبوا قبل نحو 10 أيام عدداً من الخيام، وأقاموا حظيرة أغنام في تلك المنطقة؛ تمهيداً للاستيلاء عليها وإقامة بؤرة استعمارية في المكان. وفي منطقة سوسيا، أطلق مستعمرون أغنامهم في حقول المواطنين، وأتلفوا عدداً كبيراً من أشجار الزيتون.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تُصادق على بناء وشرعنة 19 مستوطنة وبؤرة

المشرق العربي جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

إسرائيل تُصادق على بناء وشرعنة 19 مستوطنة وبؤرة

وصفت «قناة 14» العبرية هذه الخطوة بأنها تصحيح تاريخي لمشروع الاستيطان الذي تلقى ضربة قاسية خلال عملية فك الارتباط من غزة وشمال الضفة عام 2005.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية معبر جسر الملك حسين الحدودي مع الأردن (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد فتح معبر مع الأردن أمام المساعدات المتّجهة إلى غزة

أعادت إسرائيل الأربعاء فتح معبر اللنبي (جسر الملك حسين) الحدودي بين الأردن والضفة الغربية المحتلة أمام دخول الشاحنات المحمّلة بمساعدات لغزة بعد نحو ثلاثة أشهر.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي صواريخ بدائية تقول أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها ضبطتها في طولكرم بالضفة الغربة المحتلة (صورة للجيش الإسرائيلي) play-circle

إسرائيل تتحدث عن ضبط صواريخ في طولكرم لتبرير هجمات الضفة

الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في الضفة ويقتحم عدة مدن ومخيمات وجامعتين ويهدم منازل ويعتقل ويبرر عملياته الأخيرة بضبط صواريخ بدائية في طولكرم.

كفاح زبون (رام الله)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية عند المعبر الحدودي الرئيسي بين الضفة الغربية والأردن (أ.ف.ب)

إسرائيل تعلن إعادة فتح معبر اللنبي مع الأردن بدءاً من الأربعاء

أعلنت إسرائيل اليوم (الثلاثاء)، عزمها على إعادة فتح معبر اللنبي (جسر الملك حسين) مع الأردن غداً (الأربعاء) لنقل البضائع والمساعدات إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يتمركزون خلال مداهمة عسكرية في مخيم الأمعري قرب رام الله بالضفة الغربية اليوم (أ.ف.ب) play-circle 00:33

الجيش الإسرائيلي يعتقل 40 فلسطينياً من مدن الضفة والقدس

أفاد نادي الأسري الفلسطيني بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي شنت، منذ مساء أمس وحتى صباح اليوم الثلاثاء، حملة اعتقالات واسعة، طالت 40 مواطناً على الأقل من الضفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

الدولة اللبنانية تنخرط رسمياً في عملية إعادة الإعمار بتمويل حكومي زهيد

عنصر في «الدفاع المدني» يقف على ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ببلدة جباع بجنوب لبنان (رويترز)
عنصر في «الدفاع المدني» يقف على ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ببلدة جباع بجنوب لبنان (رويترز)
TT

الدولة اللبنانية تنخرط رسمياً في عملية إعادة الإعمار بتمويل حكومي زهيد

عنصر في «الدفاع المدني» يقف على ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ببلدة جباع بجنوب لبنان (رويترز)
عنصر في «الدفاع المدني» يقف على ركام منزل استهدفته غارة إسرائيلية ببلدة جباع بجنوب لبنان (رويترز)

بعد أكثر من عام على انتهاء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، التي أدت إلى دمار كبير طاول بشكل مكثف منطقة جنوب لبنان، أقرت لجنة المال والموازنة النيابية ضمن إطار موازنة عام 2026، موازنات لـ«مجلس الإنماء والإعمار» و«مجلس الجنوب» و«الهيئة العليا للإغاثة»، وتم نقل مبلغ من الاحتياطي للإيواء وإعادة الترميم «بوصف ذلك إشارة إيجابية من الدولة اللبنانية لشعبنا وناسنا، تحت سقف الموازنة»، كما أعلن رئيس اللجنة إبراهيم كنعان.

وقالت مصادر اللجنة إنه تم نقل 90 مليون دولار من الاحتياطي؛ 67 مليون دولار لمجلس الجنوب و24 مليون دولار للهيئة العليا للإغاثة.

ومع إقرار هذه الاعتمادات تكون الدولة فعلياً أطلقت عملية إعادة الإعمار بمبلغ زهيد جداً، بعدما كانت تترقب طوال العام الماضي، وصول مساعدات خارجية لإنجاز هذه المهمة، وهي مساعدات لم تأتِ. ويعدّ انخراط الدولة في تمويل ورشة إعادة الإعمار، الأول منذ نهاية الحرب قبل عام.

الشروط الدولية

وأبلغ الموفدون الدوليون المسؤولين اللبنانيين خلال الأشهر الماضية، بأن عملية دعم إعادة الإعمار دولياً مرتبطة بالتزام لبنان بمجموعة من الإصلاحات المالية، كما وبشكل أساسي بإنجاز عملية حصرية السلاح. ويعتقد مسؤولون لبنانيون أن الأمور باتت مرتبطة بأكثر من ذلك، وبالتحديد بسير لبنان باتفاقات مع إسرائيل.

ولا يزال مصير مؤتمر إعادة الإعمار الذي تعمل عليه فرنسا معلقاً، خصوصاً بعدما تم مؤخراً إعطاء الأولوية لمؤتمر دعم الجيش الذي تسعى باريس لانعقاده مطلع العام المقبل.

وأدى الخلاف والانقسام الحاصل داخل مجلس النواب حول ملف انتخاب المغتربين، إلى تعليق العمل التشريعي، وأطاح بفرص إقرار قروض للبنك الدولي مرتبطة بإعادة الإعمار، وقد تصل إلى نصف مليار دولار، بحسب النائب كنعان، وهي قروض قد يتم سحبها وتوقيفها في حال لم يقرها البرلمان قبل نهاية العام الحالي.

ضغوط «الثنائي»

وتشير مصادر نيابية شاركت في اجتماع لجنة المال والموازنة الذي أقر اعتمادات الأجهزة التي ستتولى إعادة الترميم، إلى أن «نواب (الثنائي الشيعي؛ أي «حزب الله» و«حركة أمل») كانوا حاسمين بوجوب تحويل احتياطي الموازنة الكبير نسبياً إلى عملية إعادة الإعمار من منطلق وجوب أن ترسل الدولة إشارات إيجابية إلى المواطنين الذين لم تلتفت إليهم منذ أكثر من عام، وقد كانت هناك ضغوط كبيرة في هذا الاتجاه»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «معظم النواب اضطروا للسير بهذا الطرح، لأن خلاف ذلك سيتم تحميلهم مسؤوليات كبيرة أمام الناس، خصوصاً أن بعض المباني التي تحتاج للترميم قابلة للسقوط، ما يعرض حياة السكان للخطر». وتضيف المصادر: «طالما هناك قرار خارجي بربط أي مساعدات بملفات معقدة يحتاج حلها وقتاً، لم يعد يمكن للدولة أن تواصل التنصل من مهامها».

ولطالما هدد نواب «الثنائي» برفض إقرار الموازنة الجديدة، في حال لم يتم إقرار اعتمادات لإعادة الإعمار.

بلدة العديسة بجنوب لبنان كما تظهر من مستوطنة المطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

مواقف «الثنائي»

وطالب عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي حسن خليل في مؤتمر صحافي، الحكومة، بـ«القيام بما هو مطلوب منها لجهة إصدار القرار المنظم لإعادة الترميم والإعمار»، معتبراً أن الأموال التي أقرت «ستعالج بعض الأمور المرتبطة بإيواء الناس، وهي وإن كانت لا تساوي شيئاً كبيراً، فإنها ستكون فاتحة نحو إطلاق هذه العملية الوطنية الكبيرة».

من جهته، أشار عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية (الوفاء للمقاومة) النائب حسن فضل الله، إلى أن «مشروع إعادة الإعمار يحتاج إلى مبالغ كبيرة، ولكن لا يمكن للحكومة والدولة اللبنانية أن تبقى متفرجة في انتظار أن تأتي الأموال من الخارج، علماً بأننا نرحب بكل مساعدة غير مشروطة وغير مسيّسة تقدم لإنجاز هذه العملية بلبنان».

تكلفة الإعمار

ويقدَّر الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، التكلفة الإجمالية للأضرار المباشرة للحرب الأخيرة بـ8 مليارات و500 مليون دولار، موضحاً أن التكلفة الإجمالية للترميم، تُقدَّر بنحو مليارين و300 مليون دولار، وهي مقسمة إلى نحو مليار و500 مليون دولار تكلفةً لترميم الوحدات السكنية المدمّرة جزئياً، ونحو 875 مليون دولار لترميم الوحدات المدمّرة بشكل كبير.

ويعتبر شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المبلغ الذي تم إقراره «يُشكّل جزءاً بسيطاً جداً من التكلفة الإجمالية المقدّرة، وبالتالي يؤكد أن الحكومة غير قادرة على إعادة الإعمار، أضف إلى ذلك أن الدول لن تؤمن أي أموال قبل حل المسألة بشكل نهائي، وحلول السلام الدائم بين لبنان وإسرائيل، وهو أمر غير متوفر في الوقت الراهن».

ويشير شمس الدين إلى أن «الكلام الرسمي في السابق كان يقول إن موضوع الإعمار ستتولاه هيئة حكومية يتم استحداثها، لكن حتى الساعة لم يحصل هذا الأمر»، موضحاً أن «عملية رفع الأنقاض يقوم بها مجلس الجنوب في مناطق الجنوب والبقاع الغربي، واتحاد بلديات الضاحية في الضاحية الجنوبية، والهيئة العليا للإغاثة في باقي لبنان».

اعتراض قواتي

وكان لافتاً اعتراض حزب «القوات اللبنانية» على هذه المساهمة الحكومية، ورأت ‏عضوة تكتل «الجمهورية القوية» النائبة غادة أيوب، وهي أيضاً عضوة بلجنة «المال والموازنة»، أن «دويلة تفرض اقتطاع أموال المواطنين لتمويل إعادة الإعمار، وتدّعي أنّه واجب والتزام»، وتحدثت عن «ضغط من قبل (الثنائي الشيعي) لنقل أموال من احتياطي الموازنة إلى مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة، لدفع جزء من مستحقات إعادة الإعمار، خلافاً لقرار الحكومة بإنشاء صندوق خاص لإعادة الإعمار، الذي يجب أن يكون بإشراف دولي وبتمويل خارجي، لا من الإيرادات المحصّلة من جيوب اللبنانيين». وأضافت: «الأولوية الآن تُفترض أن تكون لتعزيز قدرات الجيش اللبناني، كي يتمكّن من فرض الاستقرار، والحدّ من التصعيد، ووقف الحرب لعودة المواطنين الآمنة».


وفاة 14 فلسطينياً بسبب البرد... وانهيار منازل في غزة

فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)
فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)
TT

وفاة 14 فلسطينياً بسبب البرد... وانهيار منازل في غزة

فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)
فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)

توفي 14 فلسطينياً على الأقل، في غضون 24 ساعة، إثر المنخفض الجوي الشديد الذي ضرب الأراضي الفلسطينية على مدار 3 أيام، وتعمق خلال الخميس والجمعة بشكل كبير، ما تسبب في كثير من الحوادث التي أدت لهذه الوفيات التي كانت غالبيتها بفعل انهيار منازل متضررة بفعل الحرب الإسرائيلية التي استمرَّت عامين على القطاع.

وأُعلن عن وفاة 6 أفراد من عائلة «بدران» إثر سقوط منزلها المتضرر بفعل القصف الإسرائيلي، في منطقة بئر النعجة غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بينما انتُشل من تحت أنقاضه شخصان مصابان، وصفت حالة أحدهما بأنها «حرجة».

فلسطينيون خلال البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)

وتوفي فلسطينيان شقيقان من عائلة «حنونة» إثر انهيار جدار منزل متضرر على خيام للنازحين موجودة بجواره؛ ما أدى لوقوع إصابات عدة أخرى، في المكان، بينما توفي شاب آخر إثر انهيار جدار آخر في منزل متضرر بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

وانتُشل جثمانا فلسطينيَّين آخرَين من منزل لعائلة «نصار» بحي الشيخ رضوان بعد انهياره بالسكان الموجودين فيه، في حين انشغلت طواقم الدفاع المدني بمحاولة إنقاذ آخرين من تحت أنقاض المنزل الذي كان متضرراً؛ نتيجة غارة إسرائيلية سابقة طالت منازل مجاورة له خلال الحرب.

وتوفي، فجر الجمعة، رضيع إثر البرد الشديد في مخيم الشاطئ، بينما توفيت طفلة نتيجة الظروف ذاتها في مأوى للنازحين بحي النصر في مدينة غزة، بينما توفيت أمس طفلة بالظروف نفسها في خان يونس جنوب قطاع غزة.

وتسببت الأمطار الغزيرة التي لم تتوقف على مدار 3 أيام، بانهيار أحد أبواب المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، والذي كان قد تعرَّض لقصف سابق.

نازحون يستخدمون عربة يجرها حمار للتنقل وسط شارع فاضت فيه مياه الأمطار بمدينة غزة الجمعة (رويترز)

وسجَّل جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، انهيار ما لا يقل عن 15 منزلاً في مختلف أنحاء القطاع، مشيراً إلى أن طواقمه ما زالت تحاول مساعدة السكان رغم إمكاناتها المحدودة، والتي دُمِّرت غالبيتها بفعل الحرب.

وبيَّن الجهاز أنه سجَّل منذ بداية المنخفض الجوي، وحتى ساعات الظهيرة من يوم الجمعة، أكثر من 3500 نداء استغاثة منذ بداية المنخفض، معظمها تتعلق بانهيارات، وتسرب مياه، وغرق خيام، ونزوح عائلات، مبيناً أن المنخفض أدى إلى غرق آلاف الخيام التي تقيم فيها العائلات، ما ضاعف المأساة الإنسانية بشكل كبير.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، أن المنخفض تسبب بانجراف وغرق أكثر من 27 ألف خيمة من خيام النازحين التي غمرتها المياه أو جرفتها السيول أو اقتلعتها الرياح الشديدة، في حين تضرر بشكل مباشر أكثر من ربع مليون نازح بفعل مياه الأمطار والسيول والانهيارات التي جاءت على خيامهم المهترئة.

البحث عن ضحايا تحت أنقاض منزل انهار تحت المطر الغزير في بيت لاهيا شمال قطاع غزة الجمعة (رويترز)

وأشار إلى أن إسرائيل ما زالت تمنع إدخال المساعدات الإغاثية ومواد الإيواء، كما تمنع إدخال 300 ألف خيمة وبيت متنقل وكرفان، وتمنع إنشاء أو تجهيز ملاجئ بديلة للنازحين، عادّاً أن هذه «السياسات غير الإنسانية تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، وتعرض مئات آلاف المدنيين لمخاطر جسيمة نتيجة المناخ واستمرار العدوان بطرق متعددة دون أي حماية أو بدائل آمنة».

في حين عدّ حازم قاسم الناطق، باسم حركة «حماس»، ما جرى بأنه «امتداد لكارثة حرب الإبادة»، وأنه «دليل صارخ على عجز المنظومة الدولية عن إغاثة غزة، وفشل المجتمع الدولي في كسر الحصار المفروض على أهل القطاع».

وقال قاسم في تصريح صحافي: «يعكس ذلك حجم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة التي خلفتها هذه الحرب الصهيونية الإجرامية، ويؤكد أن الحرب لا تزال مستمرة، وإن تغيرت أدواتها، ما يستدعي حراكاً جاداً من جميع الأطراف لوضع حد لهذه الإبادة عبر الشروع الفوري في عملية إعمار قطاع غزة، وتوفير متطلبات الإيواء».


غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
TT

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

أظهرت رسالة، الجمعة، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترح الرئيس العراقي السابق برهم صالح لتولي منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في خطوة تمثل خروجاً واضحاً عن التقليد المتبع منذ عقود والذي يميل إلى إسناد المنصب لشخصيات من الدول المانحة الكبرى.

وذكر غوتيريش، في الرسالة المؤرخة بـ11 ديسمبر (كانون الأول) أنه يعتزم اقتراح تعيين صالح لولاية مدتها 5 سنوات تبدأ في الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي الذي يشغل المنصب منذ عام 2016 وتنتهي ولايته في 31 ديسمبر 2025.

ويتطلب التعيين موافقة اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

مقر الأمم المتحدة في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك في 9 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

10 مرشحين

وأشار الأمين العام إلى أن عملية الاختيار شملت دعوة الدول الأعضاء لتقديم ترشيحات، إلى جانب إعلان عام استقطب طلبات من شخصيات سياسية ومسؤولين تنفيذيين وأكاديميين.

ووفق الرسالة، راجع فريق من كبار مستشاري الأمم المتحدة الترشيحات وأجرى مقابلات مع المرشحين المدرجين في القائمة القصيرة قبل رفع توصياته النهائية.

وتقدم للمنصب نحو 10 مرشحين، من بينهم مسؤول تنفيذي في شركة «إيكيا» وطبيب طوارئ وشخصية تلفزيونية، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية. وكان أكثر من نصف المرشحين من أوروبا، بما يتوافق مع ما اعتبر طويلاً «عرفاً غير مكتوب» يقضي بأن يأتي المفوض السامي من إحدى الدول المانحة الرئيسية التي تموّل عمليات الوكالة، ومقرها جنيف.

وفي حال الموافقة على اقتراح غوتيريش، سيقود صالح، وهو مهندس تلقى تعليمه العالي في بريطانيا وينحدر من إقليم كردستان العراق، المفوضية في مرحلة شديدة التعقيد، إذ وصل عدد النازحين واللاجئين عالمياً إلى مستويات قياسية تُقدّر بنحو ضعف ما كانت عليه عند تولي غراندي المنصب قبل نحو 9 أعوام.

في المقابل، تراجعت مستويات التمويل هذا العام بعدما قلّصت الولايات المتحدة مساهماتها وحوّلت جهات مانحة غربية أخرى جزءاً من مواردها نحو الإنفاق الدفاعي، ما فاقم التحديات التشغيلية التي تواجهها المفوضية في مناطق النزاع والهشاشة.

صالح مستقبلاً البابا الراحل فرنسيس في القصر الرئاسي ببغداد في مارس 2021 (رويترز)

مَن هو صالح؟

وقد وُلد برهم أحمد صالح في السليمانية عام 1960، وتخرج في الهندسة المدنية قبل أن يحصل على درجات عليا في الإحصاء والهندسة من جامعات بريطانية من بينها كارديف وليفربول. ويعرف صالح بخلفيته الأكاديمية واهتمامه بقضايا الحكم الرشيد والإصلاح المؤسسي.

وشغل صالح منصب رئيس العراق بين 2018 و2022، بعد فوزه بأغلبية أصوات البرلمان، ليخلف فؤاد معصوم في إطار نظام تقاسم السلطة بين المكونات الرئيسية في البلاد. وقبل ذلك، تولى مناصب رفيعة في حكومة إقليم كردستان، بينها رئاسة الحكومة لولايتين، كما تقلد مناصب اتحادية بارزة بعد عام 2003 من بينها نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط، ولعب دوراً في ملفات إعادة الإعمار والسياسات الاقتصادية.

كما أسس صالح الجامعة الأميركية في السليمانية، وشارك في برامج بحثية دولية وزمالات أكاديمية ركزت على التنمية والحكم الرشيد.

ويرى كثيرون أن اختيار شخصية من دولة في الشرق الأوسط لمنصب تقليدياً ما كان يخرج عن دائرة الدول المانحة قد يعكس محاولة من غوتيريش لإعادة تشكيل بعض التوازنات داخل المنظومة الإنسانية للأمم المتحدة، في وقت تتعرض فيه وكالات الإغاثة لانتقادات متزايدة بشأن فاعلية الإنفاق وتوزيع الموارد.

ومن المتوقع أن تراجع اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية ترشيح صالح خلال الأسابيع المقبلة، قبل أن تصدر قرارها النهائي، ما يمهد الطريق أمامه لبدء مهامه مطلع 2026 في وقت تتوسع فيه رقعة النزاعات ويزداد فيه الضغط على منظومات الحماية الدولية.