بعد هجوم رفح... هل تبدلت «خطوط أميركا الحمراء» تجاه إسرائيل؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع لهما في تل أبيب في 18 أكتوبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع لهما في تل أبيب في 18 أكتوبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)
TT

بعد هجوم رفح... هل تبدلت «خطوط أميركا الحمراء» تجاه إسرائيل؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع لهما في تل أبيب في 18 أكتوبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع لهما في تل أبيب في 18 أكتوبر الماضي (أرشيفية - أ.ب)

تبدّلت خطوط جو بايدن الحمراء بشأن الهجوم الإسرائيلي على رفح مرّة تلو الأخرى، لكن الرئيس الأميركي يواجه ضغوطا متزايدة لتشديد موقفه بعد ضربة استهدفت مخيما للنازحين في المدينة أسفرت عن سقوط 45 قتيلا.

ورغم التنديد الدولي بالهجوم، شدد البيت الأبيض أمس (الثلاثاء) على أنه لا يعتقد أن إسرائيل أطلقت العملية واسعة النطاق التي سبق لبايدن التحذير منها.

وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن بايدن بقي ثابتا في مواقفه ولا «يبدّل المعايير» بشأن ما يمكن تعريفه على أنه هجوم عسكري واسع النطاق من قبل إسرائيل.

مظاهرات داعمة لوقف الحرب في غزة خلال زيارة بايدن إلى بوسطن الثلاثاء (أ.ب)

لكن بايدن يواجه معضلة تحقيق توازن بين إرضاء الداخل والمجتمع الدولي في آن بشأن غزة، لا سيما في عام يجد الديمقراطي البالغ 81 عاما نفسه عالقا فيه في معركة انتخابية مع سلفه دونالد ترمب.

وفي هذا الصدد، قال مدير الأبحاث لدى «مجموعة صوفان» كولين كلارك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «بايدن يرغب بأن يبدو صارما بشأن رفح وحاول حقا بأن يكون حازما مع (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، لكن في عام سيشهد انتخابات، فإن خطوطه الحمراء تزداد غموضا». وأضاف: «أعتقد أنه سيواصل تبديل هذه الخطوط عبر المناورة بناء على التطورات الميدانية».

«احتراق العشرات يفطر القلب»

وفي وقت يواجه احتجاجات تعم الجامعات الأميركية على خلفية دعمه لإسرائيل، قال بايدن في وقت سابق هذا الشهر إنه لن يزوّد إسرائيل بالأسلحة لعملية عسكرية كبيرة في رفح وجمّد شحنة قنابل. لكنه لم يقم بأي تحرّك مذاك رغم تكثيف إسرائيل هجماتها الجوية وتقدّم دباباتها منذ أمس (الثلاثاء) إلى وسط رفح. وبدلا من ذلك، اختار البيت الأبيض مناقشة ما يمكن اعتباره غزوا.

وأكد مستشار الأمن القومي جايك ساليفان الأسبوع الماضي أنه لا توجد «قاعدة حسابية»، وأضاف: «ما سنقوم به هو أننا سننظر في مسألة إن كان هناك الكثير من الموت والدمار».

وفي البيت الأبيض، انهالت الأسئلة أمس (الثلاثاء) على كيربي بشأن الضربة الإسرائيلية التي أدت إلى اندلاع حريق في مخيم للنازحين حيث احترق العشرات حتى الموت. وقال كيربي إن سقوط القتلى أمر «يفطر القلب» و«مروّع»، لكنه شدد على أن واشنطن لن تغيّر سياستها تجاه تل أبيب.

فلسطيني يبكي وأمامه جثامين شهداء خلال جنازة في مدينة رفح بقطاع غزة (رويترز)

وصرّح للصحافيين: «لم نرهم يقتحمون رفح... لم نرهم يدخلون بوحدات كبيرة بأعداد كبيرة من الجنود بأرتال وتشكيلات ضمن مناورة منسقة ضد أهداف عدة على الأرض».

لكن الضغوط الدولية تزداد على بايدن الذي يصف نفسه بأنه صهيوني ووقف إلى جانب نتنياهو رغم الخلافات بين الطرفين منذ أن اندلعت الحرب. ويتساءل كثر إلى متى يمكن للولايات المتحدة أن تتسامح مع الهجوم الإسرائيلي على رفح رغم الأمر الصادر لها من محكمة العدل الدولية (أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة والتي تعد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ضمن أعضائها) بوقف العملية.

«محاولة للموازنة»

وعد تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الضغط السياسي يتفاقم أيضا على بايدن في الداخل، حيث هزّت احتجاجات ضد دعمه لإسرائيل حرم كثير من الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة، كما أن كثيرا من اليساريين في حزبه الديمقراطي يعارضون موقفه.

من جهتهم، هاجم الجمهوريون بايدن بشدّة منتقدين ما يقولون إنه تراجع دعمه لإسرائيل، فيما دعا رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون رئيس الوزراء الإسرائيلي لإلقاء خطاب أمام الكونغرس.

وقال السفير الأميركي السابق الذي أصبح أستاذا في جامعة جورج واشنطن غوردن غراي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها بالتأكيد محاولة موازنة صعبة»، مضيفا أن كل ما سيؤدي إليه سعي إدارة بايدن لإيجاد توازن هو إحداث «خيبة أمل في أوساط الناخبين الذين لديهم مواقف قوية حيال المسألة بشكل أو آخر».

لكن غراي أعرب عن اعتقاده أن دعم بايدن المتواصل منذ عقود لإسرائيل يعني أنه من المستبعد أن يبدّل موقفه.


مقالات ذات صلة

تنسيق مصري - أميركي لدفع جهود وقف إطلاق النار في غزة

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري يلتقي مع نظيره الأميركي (الخارجية المصرية)

تنسيق مصري - أميركي لدفع جهود وقف إطلاق النار في غزة

تجري مصر والولايات المتحدة، مشاورات مستمرة من أجل دفع جهود إبرام هدنة مماثلة في قطاع غزة، بحسب إفادة وزارة الخارجية المصرية، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

يشعر الفلسطينيون في غزة بالخوف من أن تصب إسرائيل كامل قوتها العسكرية على القطاع، بعد ظهور احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أفراد من القوات المسلحة الأردنية يسقطون مساعدات جوية على غزة 9 أبريل 2024 (رويترز)

طائرات عسكرية أردنية تسقط مساعدات على شمال قطاع غزة

قال مصدر رسمي إن طائرات عسكرية أردنية أسقطت، الثلاثاء، مساعدات على شمال غزة لأول مرة في خمسة أشهر للمساعدة في تخفيف وطأة الوضع الإنساني المتردي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
المشرق العربي صبي جريح يجلس في مستشفى شهداء الأقصى عقب تعرضه للإصابة في غارة جوية إسرائيلية في مخيم البريج وسط غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة: أكثر من 7 آلاف مجزرة إسرائيلية... و1400 عائلة مُحيت من السجلات

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «قوات الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون يسيرون في شارع غرب مدينة غزة الاثنين (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار في لبنان وإسرائيل وغزة

دعت الأمم المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، من جديد إلى «وقف دائم لإطلاق النار» في لبنان وإسرائيل وغزة، في حين يتوقع إعلان هدنة بين إسرائيل و«حزب الله».

«الشرق الأوسط» (جنيف)

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
TT

سكان غزة يشعرون بالخوف بعد ظهور احتمال التوصل لاتفاق بين إسرائيل و«حزب الله»

فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل في قطاع غزة (رويترز)

منبوذون بالعراء وخائفون يترقبون، هكذا يشعر الفلسطينيون في غزة، وهم أيضاً يخشون أن تصب إسرائيل كامل قوتها العسكرية على القطاع، بعد ظهور احتمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، دون بارقة في الأفق تبشر بالتوصل إلى اتفاق مماثل مع حركة «حماس» في القطاع.

وبدأ «حزب الله» المدعوم من إيران في إطلاق الصواريخ على إسرائيل تضامناً مع «حماس»، بعد أن هاجمت الحركة الفلسطينية إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مما أدى إلى اندلاع حرب غزة.

وتصاعدت أعمال القتال في لبنان بشدة الشهرين الماضيين، مع تكثيف إسرائيل ضرباتها الجوية، وإرسالها قوات برية إلى جنوب لبنان، بينما واصل «حزب الله» إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

وإسرائيل مستعدة الآن فيما يبدو للموافقة على خطة أميركية لوقف إطلاق النار مع «حزب الله»، حين تجتمع حكومتها، اليوم (الثلاثاء). كما أعرب وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبد الله بو حبيب عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بحلول ليل الثلاثاء.

وتنصب الجهود الدبلوماسية على لبنان، ولذا خاب أمل الفلسطينيين في المجتمع الدولي، بعد 14 شهراً من الصراع الذي دمر قطاع غزة، وأسفر عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص.

وقال عبد الغني، وهو أب لخمسة أطفال اكتفى بذكر اسمه الأول: «هذا يُظهِر أن غزة يتيمة، من دون أي دعم ولا رحمة من قِبَل العالم الظالم»، مضيفاً: «أنا أشعر بالغضب تجاه العالم اللي فشل في أنه يعمل حل للمشكلة في المنطقتين سوا... يمكن أنه يكون في صفقة جاية لغزة، بقول يمكن».

وسيشكل وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دون التوصل إلى اتفاق في غزة ضربة موجعة لـ«حماس» التي تشبث قادتها بأمل أن يؤدي توسع الحرب إلى لبنان إلى الضغط على إسرائيل، للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار. وكان «حزب الله» يصر على أنه لن يوافق على وقف إطلاق النار قبل انتهاء الحرب في غزة، ولكنه تخلى عن هذا الشرط.

وقال تامر البرعي، وهو رجل أعمال من مدينة غزة نزح عن منزله مثل أغلب سكان غزة: «إحنا خايفين؛ لأنه الجيش الآن راح يكون له مطلق الحرية في غزة، وسمعنا قيادات في الجيش الإسرائيلي بتقول إنه بعد استتباب الهدوء في لبنان، القوات الإسرائيلية راح يتم إعادتها لتواصل العمل في غزة».

وأضاف: «كان عِنَّا (لدينا) أمل كبير أنه (حزب الله) يظل صامداً حتى النهاية؛ لكن يبدو أنه ما قدروش، لبنان يتدمر والدولة بتنهار والقصف الإسرائيلي توسع لما بعد الضاحية الجنوبية».

وقد يترك الاتفاق مع لبنان بعض قادة «حزب الله» في مواقعهم، بعد أن اغتالت إسرائيل أمين عام الحزب حسن نصر الله وخليفته؛ لكن إسرائيل تعهدت بالقضاء التام على «حماس».

وقالت زكية رزق (56 عاماً) وهي أم لستة أطفال: «بيكفي، بيكفي، إحنا تعبنا، قديش كمان (كم أيضاً) لازم يموت لتوقف الحرب؟ الحرب في غزة لازم توقف، الناس عمالة بتنباد (تتعرض للإبادة) وبيتم تجويعهم وقصفهم كل يوم».