لبنان: ظاهرة التحرّش تتفوّق على الإجراءات العقابية

جرائم عدة يتم الكشف عنها في الفترة الأخيرة

محاضرات توعوية موجهة للشبان والشابات حول التنمّر الإلكتروني وجرائم المعلوماتية وطرق الحماية منها والتبليغ، يقوم بها ضباط في قوى الأمن الداخلي (حساب الأمني الداخلي)
محاضرات توعوية موجهة للشبان والشابات حول التنمّر الإلكتروني وجرائم المعلوماتية وطرق الحماية منها والتبليغ، يقوم بها ضباط في قوى الأمن الداخلي (حساب الأمني الداخلي)
TT

لبنان: ظاهرة التحرّش تتفوّق على الإجراءات العقابية

محاضرات توعوية موجهة للشبان والشابات حول التنمّر الإلكتروني وجرائم المعلوماتية وطرق الحماية منها والتبليغ، يقوم بها ضباط في قوى الأمن الداخلي (حساب الأمني الداخلي)
محاضرات توعوية موجهة للشبان والشابات حول التنمّر الإلكتروني وجرائم المعلوماتية وطرق الحماية منها والتبليغ، يقوم بها ضباط في قوى الأمن الداخلي (حساب الأمني الداخلي)

قبل أن تستكمل الأجهزة القضائية والأمنية تحقيقاتها في فضيحة عصابة «التيكتوكرز» التي تفنن أبطالها باستدراج الأطفال واغتصابهم، انفجرت فضيحةٌ جديدةٌ، مسرحها إحدى المدارس في منطقة كفرشيما (جبل لبنان)، حيث ظهرت معلومات عن قيام أساتذة وموظفين فيها بالتحرّش بطالبات ما استدعى تحركاً سريعاً لتوقيف الفاعلين.

وطلبت المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية نازك الخطيب، التي تحقق بالقضية، توقيف مدير المدرسة وأستاذ الرياضة وموظّف الأمن، للتحقيق معهم حول شبهات التحرش بفتيات قاصرات، وكلّفت «فصيلة الحدت» في قوى الأمن الداخلي إجراء التحقيقات الأولية، كما كلفّت شعبة المعلومات بتوقيف أستاذ العلوم الاجتماعية في المدرسة المتواري عن الأنظار، وأفرج لاحقاً عن المدير، فيما بقي الآخران قيد التوقيف.

وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلٌ لأحد الأساتذة، كان قد وصل إلى الأهالي الذين تقدّموا بشكوى ضدّ المدرس ورفاقه، كما أطلعوا وزارة التربية على فحواه، حيث سارعت الأخيرة إلى إرسال فريق إلى المدرسة للتحقيق بالحادثة، وأفادت مصادر قضائية «الشرق الأوسط» بأن القوى الأمنية «استمعت إلى إفادات الطالبات اللواتي تعرّضن للتحرّش، وإلى إدارة المدرسة، التي نفت علمها بالأمر، وأكدت أنها بصدد اتخاذ إجراءات صارمة بحق الفاعلين وعلى حرصها على حماية طلابها وحفظ كرامتهم».

الحادثة المستجدّة شغلت الرأي العام اللبناني خلال الساعات الماضية، وفتحت النقاش حول أسباب انتشار ظاهرة التحرّش والاعتداء الجنسي في هذه الأيام، بحيث تبدو هذه الآفة أنها باتت أكثر تفوقاً على الإجراءات العقابية التي تتخذها السلطات الرسمية، إذ لم تكن ملاحقة عصابة «التيكتوكرز» رادعاً للآخرين وثنيهم عن هذه الأفعال. ورأى مصدر أمني أن «ما يحدث أمرٌ يستدعي اتخاذ إجراءات قانونية رادعة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الظاهرة «ليست جديدة، بل موجودة منذ عقود والأجهزة الأمنية لاحقت المئات من المتحرشين، وأحالتهم على القضاء، وصدرت أحكام قاسية بحقّهم». وقال المصدر الأمني: «لا شكّ أن الكثير من حالات التحرّش كانت تحصل في المدارس والجامعات، وفي مراكز العمل، وحتى في وسائل النقل العام، وتبقى طيّ الكتمان حتى وإن تقدّم الضحايا بدعاوى ضدّ المعتدين، أما الآن وبسبب سرعة انتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي فباتت قيد التداول على نطاق واسع وتصل إلى الرأي العام الذي يتفاعل معها»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «عامل الخوف انكسر، سواء عند المعتدى عليهم البالغين أو القاصرين، سواء كانوا إناثاً أو ذكوراً، لأن الجرم يطول الجنسين، كما بات الأهل يمتلكون الجرأة للإبلاغ عن الاعتداءات والمطالبة بمعاقبة الفاعلين، وهذا أمر جيّد ويسهم في حماية المجتمع من هذه الآفة»، مشدداً على أن «القضاء والأمن يتعاملان مع كلّ شكوى من هذا النوع بحزم».

ثمّة عوامل عديدة تقف وراء انتشار هذه «الجريمة الأخلاقية» تتطلب وعياً لدى الناس لمواجهتها، وتشدداً في تطبيق القوانين، وفق ما تؤكد الدكتورة فريال حلاوي المحاضرة في كليّة علم النفس في الجامعة اللبنانية، مشيرة إلى أن «ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال والمراهقين خطيرة، وتهدد المجتمع اللبناني بأكمله، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوعية والوقاية والتدخل لحماية الفئة الضعيفة في المجتمع، أي الأطفال». وتقول لـ«الشرق الأوسط» إن «أبرز العوامل الرئيسية لهذه الظاهرة هي نقص التعليم والتوعية حول التحرش الجنسي، وعدم دراية الطفل بحقوقه وكيفية حماية نفسه، والعامل الأهم هو توفر التطبيقات بين يدي الأطفال وإطلاعهم على محتويات لا تناسب أعمارهم». ورأت حلاوي أن «تراجع الدور الرقابي للأهل، خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية يلعب دوراً فاعلاً للإيقاع بالأطفال، حيث أصبح الأهل يتساهلون بموضوع المادة التي يحصل عليها الطفل من خلال (التيك توك) وغيره». ودعت أستاذة علم النفس القضاء اللبناني «ليكون أكثر حزماً في تطبيق القوانين التي تحمي الطفل»، مطالبة الأسرة بـ«استعادة دورها الرقابي وتوعية الأطفال على حماية أنفسهم والتبليغ في حال تعرضهم للخطر حتى لا تبقى الحالات طي الكتمان، ونبقى في موقع المتفرج على تزايد خطرها على أولادنا».


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: تمديد وقف إطلاق النار في لبنان «ضروري بشدة»

المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عمليات تمشيط بجنوب لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

البيت الأبيض: تمديد وقف إطلاق النار في لبنان «ضروري بشدة»

قالت الولايات المتحدة، الجمعة، إن تمديد وقف إطلاق النار في لبنان أمر «ضروري بشدة»، وإنها سعيدة ببدء الجيش الإسرائيلي الانسحاب من المناطق الوسطى من البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي آليات عسكرية تتبع الجيش اللبناني خلال انتشارها في قرى الجنوب (الجيش اللبناني عبر «إكس»)

الجيش اللبناني ينشر قواته في بلدتين بالجنوب بعد انسحاب إسرائيل

قال الجيش اللبناني إن وحدات تابعة له انتشرت في بلدتين بالجنوب بعد انسحاب إسرائيل منهما مشيرا إلى أن الانتشار تم بالتنسيق مع اللجنة الخماسية والـ«يونيفيل».

المشرق العربي عون يستقبل اليحيا والبديوي والوفد المرافق في القصر الجمهوري اللبناني (رويترز)

مجلس التعاون لإعداد برنامج خليجي للبنان بالتنسيق مع الحكومة الجديدة

كشف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، جاسم محمد البديوي، عن توجه لإعداد برنامج خليجي للبنان، بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية العتيدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني المكلَّف نواف سلام يتحدث إلى وسائل الإعلام في القصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت 17 يناير 2025 (أ.ف.ب)

لبنان... رئيس الحكومة المكلّف يشدد على أهمية إعادة العلاقات مع دول الخليج

شدد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف، خلال استقباله وزير الخارجية الكويتي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، على أهمية إعادة العلاقات اللبنانية - الخليجية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد إحدى طائرات «طيران الإمارات» (الشرق الأوسط)

«طيران الإمارات» تستأنف رحلاتها اليومية إلى بيروت وبغداد مطلع فبراير

أعلنت «طيران الإمارات» استئناف رحلاتها اليومية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، والعاصمة العراقية بغداد، اعتباراً من يوم 1 فبراير (شباط) المقبل. وقالت الناقلة…

«الشرق الأوسط» (دبي)

قوات الأمن السورية تتصدى لهجوم عناصر من النظام السابق في جبلة

عناصر من قوات الأمن السورية في درعا (أ.ب)
عناصر من قوات الأمن السورية في درعا (أ.ب)
TT

قوات الأمن السورية تتصدى لهجوم عناصر من النظام السابق في جبلة

عناصر من قوات الأمن السورية في درعا (أ.ب)
عناصر من قوات الأمن السورية في درعا (أ.ب)

ذكرت صحيفة «الوطن» السورية، مساء اليوم الجمعة، أن قوى الأمن العام المتمركزة عند حاجز الكلية الحربية في مدينة جبلة تصدت لهجوم «إرهابي» نفذّه عناصر من النظام السابق، وتمكنت من تحييد المهاجمين.

ولم تذكر الصحيفة تفاصيل أخرى على الفور عن الضحايا من الجانبين. وقال «تلفزيون سوريا»، الأربعاء الماضي، إن اثنين من أفراد إدارة العمليات العسكرية قُتلا في هجوم شنته عناصر من نظام الرئيس السابق بشار الأسد في محافظة اللاذقية بشمال غربي البلاد.

وأضافت القناة أن الهجوم، الذي شنته عناصر النظام السابق على حاجز الصناعة في مدينة جبلة، أسفر أيضاً عن إصابة ثلاثة آخرين من إدارة العمليات العسكرية، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوى الأمن العام استقدمت تعزيزات عسكرية إلى الموقع، وفرضت طوقاً أمنياً، بالتوازي مع إجراء حملة تفتيش في محيط الحاجز.