لماذا لم يظهر الأسد في إيران للتعزية برئيسي؟

الرئاسة السورية لم تذكر شيئاً عن «تشبيه سليماني» وزيارة طهران «في أقرب وقت»

الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في القصر الرئاسي بدمشق مايو 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في القصر الرئاسي بدمشق مايو 2023 (أ.ف.ب)
TT

لماذا لم يظهر الأسد في إيران للتعزية برئيسي؟

الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في القصر الرئاسي بدمشق مايو 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في القصر الرئاسي بدمشق مايو 2023 (أ.ف.ب)

أظهر تناقض البيانات الرسمية الصادرة عن دمشق وطهران أجواء فاترة بين البلدين، حتى في أجواء التعزية التي قدمها الرئيس السوري بشار الأسد بوفاة نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي.

ونقلت وكالة «إيرنا» الحكومية، أمس (الخميس)، أن الأسد اتصل هاتفياً بالرئيس الإيراني المكلف محمد مخبر، وأبلغه بأنه سيزور طهران في أقرب وقت ممكن لتقديم التعزية.

ونقلت الوكالة عن الأسد: «كنت حريصاً جداً على أن أكون مع الشعب الإيراني هذه الأيام وأن ألتقي بالمرشد الأعلى خامنئي وأن أقدم شخصياً التعزية، لذلك سأسافر إلى إيران في أول فرصة لتقديم التعازي وتعزيز العلاقات السياسية بين البلدين».

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان مع الرئيس السوري بشار الأسد (سانا - أ.ف.ب)

الأسد شبه رئيسي بسليماني

وأضافت «إيرنا» أن الأسد شبه رئيسي بقاسم سليماني، قائلاً: «رئيسي شخصية مؤثرة ومهمة على الساحتين الإقليمية والدولية، وبالنسبة لنا هو مثل سليماني، وسيبقى اسمه وذكراه في أذهان الأمة والحكومة السورية إلى الأبد».

لكن البيان الرئاسي السوري المتعلق بالاتصال الهاتفي جاء مختلفاً عن إفادة «إيرنا»، وقد خلا من أي إشارة إلى قيام الرئيس السوري بزيارة قريبة إلى طهران، ولم يأت على ذكر التشبيه بين رئيسي وسليماني..

وقال البيان الرئاسي السوري إن الأسد «جدّد تعازيه القلبية للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعباً بوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ورفاقهما»، مؤكداً نهج سوريا الثابت في العلاقة مع إيران.

ونقل البيان عن الأسد أن «سوريا تتضامن مع إيران في كل الظروف، وثقته بقدرة الدولة والشعب الإيراني على تجاوز هذه الحادثة الأليمة».

وأفاد البيان بتأكيد الرئيس الإيراني المكلّف على «عمق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين الصديقين، واستمرار التشاور والتنسيق بينهما على كل المستويات».

صورة للوفد السوري الذي وصل إلى طهران للتعزية برحيل رئيسي (التلفزيون السوري)

أجواء باردة

وبدت أجواء التعزية السورية لإيران فاترة دون حماسة فوق العادة، والتزم الإعلام السوري الرسمي السوري بنشر البيان الرئاسي دون التطرق إلى الأنباء التي أوردتها وسائل الإعلام الإيرانية، حول زيارة الأسد إلى طهران، مع التركيز في تغطيتها للحدث الإيراني على مشاركة وفد سوري برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس في مراسم تشييع الرئيس الإيراني في مشهد أمس (الخميس).

وضم الوفد، الذي وصل الأربعاء، وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر الخليل، واللواء علي مملوك مستشار شؤون الأمن الوطني في الأمانة العامة لـ«رئاسة الجمهورية»، حسب وكالة الأنباء السورية (سانا).

وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا) بإعرابه الرئيس الإيراني المكلف مخبر خلال مكالمته مع الأسد، عن تقديره حضور الوفد السوري قائلاً: «سوريا شريك استراتيجي وصديق دائم لإيران، ورسالتكم ووجود رجال الدولة السوريين في إيران يريحاننا».

وأضاف مخبر: «كما في الماضي، نحن ملتزمون بدعم محور المقاومة، خصوصاً دولة سوريا المستقلة، وسننتظر زيارتكم في طهران».

وجاء اتصال الأسد مع مخبر بعد تكهنات حول وجود توتر بالعلاقة بين البلدين على خلفية غياب الأسد عن مراسم تأبين الرئيس الإيراني ووزير خارجيته ورفاقهما في صالة المؤتمرات الدولية بالعاصمة طهران، بحضور وفود على مستويات مختلفة، ومشاركة قادة وكبار المسؤولين من 68 دولة.

وبينما أرجعت تكهنات غياب الأسد عن تأبين الرئيس الإيراني إلى توتر في العلاقات بين البلدين، ذهبت تكهنات أخرى إلى انشغال الأسد بإصابة عقيلته أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا) وخضوعها لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعي المناسب، حسبما أعلنه بيان رئاسي جاء بعد ساعات من نبأ تحطم طائرة الرئيس الإيراني.

وأعلنت دمشق الحداد العام لمدة 3 أيام، وتنكيس الأعلام في سوريا وجميع السفارات والهيئات الدبلوماسية التابعة لها في الخارج، ووقف جميع الحفلات العامة والبرامج الفنية وجميع مظاهر الاحتفال وظهرت مذيعات التلفزيون الرسمي بزي الحداد الأسود.

مذيعة سورية بزي أسود خلال إذاعة أخبار عن وفاة الرئيس الإيراني... ويظهر شريط أسود على الشاشة (التلفزيون السوري)

«الرئيس الشهيد»

وفي تغطيته للحدث، وصف التلفزيون السوري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بـ«الرئيس الشهيد»، وتردد هذا الوصف على لسان المسؤولين السوريين الذين قدموا واجب العزاء في مجلس العزاء الذي أقامته السفارة الإيرانية في دمشق. وصرح وزير الداخلية السوري اللواء محمد رحمون للتلفزيون الرسمي، بأن علاقة مميزة كانت تربط رئيسي ووزير خارجيته مع سوريا، و«مستمرون على الطريق نفسها التي رسموها بخطى ثابتة».

وغطت وسائل الإعلام السورية الرسمية استقبال السفارة الإيرانية بدمشق للمعزين، وقالت إن عدداً من رجال الدين وشيوخ القبائل، ووجهاء عشائر ووفوداً شعبية ورجال أعمال وممثلي مؤسسات واتحادات، وعدداً من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية بدمشق ومن أعضاء مجلس الشعب، وسفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في سوريا، وفق ما ذكرته وسائل الإعلام السورية.


مقالات ذات صلة

إيران تُصعّد بـ6 آلاف طارد مركزي

شؤون إقليمية مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة في منشأة «نطنز» في 8 أغسطس (أ.ب)

إيران تُصعّد بـ6 آلاف طارد مركزي

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنَّ طهران «تنوي بالفعل نصب أجهزة طرد مركزي جديدة».

راغدة بهنام (برلين) «الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة نشرتها «الذرية» الإيرانية لشباب يقفون أمام نماذج لأجهزة الطرد المركزي في يونيو 2023 play-circle 01:37

«طاردات» إيران... الطريق الطويل نحو القنبلة النووية

وصول إيران إلى القنبلة النووية يمر بطريق طويل، عبر نصب الآلاف من أجهزة الطرد المركزي، بمعدل يفوق الحد المسموح في اتفاق حظر الانتشار النووي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص مفتش من «الطاقة الذرية» يركّب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

خاص لقاء جنيف... الخلاف يتسع بين أوروبا وإيران

اعترف دبلوماسي أوروبي رفيع لـ«الشرق الأوسط» بأن «مدى الخلافات» مع إيران يتسع، وذلك بعد لقاءات أوروبية - إيرانية عقدت في جنيف لمناقشة مسائل خلافية.

راغدة بهنام (برلين)
شؤون إقليمية نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي (حسابه على منصة إكس)

دبلوماسي إيراني: سنواصل الحوار مع القوى الأوروبية «في المستقبل القريب»

أفاد دبلوماسي إيراني بعد محادثات سرية في جنيف، بأنّ إيران وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة «ستواصل محادثاتها الدبلوماسية في المستقبل القريب».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شؤون إقليمية خلال عملية إطلاق صاروخ «باليستي» إيراني في مكان غير معلن في إيران... صورة منشورة في 25 مايو 2023 (رويترز)

رئيسا المخابرات الفرنسية والبريطانية: «النووي» الإيراني هو «التهديد العالمي الأكثر خطورة»

قال رئيسا المخابرات الفرنسية والبريطانية، اليوم (الجمعة)، إن تعزيز النشاط النووي الإيراني هو «التهديد العالمي الأكثر خطورة» في الوقت الراهن.

«الشرق الأوسط» (باريس)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي، مساء أمس الخميس واليوم الجمعة، في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة مع توجه قادة من حركة «حماس» الفلسطينية إلى القاهرة؛ لإجراء جولة جديدة من المحادثات.

وذكر مسعفون أنهم انتشلوا 19 جثة لفلسطينيين قُتلوا في المناطق الشمالية من النصيرات، أحد مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في القطاع، فيما قال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية أودت بحياة 10 فلسطينيين على الأقل في منزل ببيت لاهيا بشمال القطاع في وقت لاحق اليوم الجمعة.

وأوضح المسعفون أن الباقين قتلوا في المناطق الشمالية والجنوبية من قطاع غزة. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي أي بيان جديد، اليوم الجمعة، لكنه قال أمس إن قواته تواصل «ضرب أهداف إرهابية في إطار العمليات في قطاع غزة».

واقتحمت دبابات إسرائيلية شمال مخيم النصيرات وغربه، الخميس. وانسحبت الدبابات من المناطق الشمالية، الجمعة، لكنها ظلت في المنطقة الغربية من المخيم. وقال الدفاع المدني الفلسطيني إن فرقه لم تتمكن من الاستجابة لنداءات الاستغاثة من سكان محاصرين داخل منازلهم.

وعاد عشرات الفلسطينيين، الجمعة، إلى المناطق التي انسحب منها الجيش لتفقد الأضرار التي لحقت بمنازلهم.

وغطى مسعفون وأقارب جثثاً، بعضها لنساء، كانت ملقاة على الطريق بالبطانيات أو بأكفان بيضاء وحملوها على محفات.

استهداف «كمال عدوان»

وقال مسعفون إن طائرة إسرائيلية مسيرة قتلت في وقت لاحق من الجمعة، أحمد الكحلوت، رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى كمال عدوان، في بيت لاهيا في أقصى شمال قطاع غزة.

وقال الجيش الإسرائيلي لوكالة «رويترز» للأنباء إنه ليس لديه علم بحدوث هجوم على المستشفى في هذا الوقت.

ومستشفى كمال عدوان واحد من ثلاثة مرافق طبية تقع في أقصى شمال قطاع غزة، تعمل بالكاد الآن في ظل نقص الإمدادات الطبية والوقود والغذاء. وقال مسؤولون صحيون إن معظم أفراد الطاقم الطبي في المستشفى إما اعتقلهم الجيش الإسرائيلي وإما طردهم.

وذكر الدفاع المدني الفلسطيني و«حماس» ووكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن عدد الفلسطينيين الذين لقوا حتفهم في غارتين إسرائيليتين في بيت لاهيا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية يبلغ 70 قتيلاً. ولم تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية حتى الآن سقوط هذا العدد من القتلى.

وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، واتهم إسرائيل «باستخدام سلاح التجويع ضد المواطنين (في شمال غزة) بهدف تهجيرهم عن أرضهم ومنازلهم».

استئناف جهود وقف إطلاق النار

قال قياديان من «حماس» لوكالة «رويترز»، في وقت متأخر من مساء الجمعة، إن وفداً من الحركة سيصل إلى القاهرة، السبت، لإجراء محادثات مع المسؤولين المصريين.

وتأتي الزيارة بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة أنها ستبدأ جهوداً جديدة مع قطر ومصر وتركيا؛ لإحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة.

ولم تثمر مفاوضات استمرت لأشهر من أجل وقف إطلاق النار في غزة عن تقدم يذكر. والمحادثات متوقفة الآن.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية، حليفة «حماس»، حيز التنفيذ قبيل فجر الأربعاء، لتتوقف أعمال قتالية تصاعدت بشدة في الأشهر القليلة الماضية، وصرفت الاهتمام بعيداً عن صراع غزة.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، الثلاثاء، في أثناء إعلانه عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، إنه سيجدد الآن مساعيه للتوصل إلى اتفاق مماثل في غزة، وحث إسرائيل و«حماس» على اغتنام الفرصة.

وقال مسؤولون في غزة إن الحملة الإسرائيلية أودت بحياة أكثر من 44 ألفاً و300 شخص، وأجبرت كل سكان القطاع تقريباً على النزوح مرة واحدة على الأقل.