أظهر تناقض البيانات الرسمية الصادرة عن دمشق وطهران أجواء فاترة بين البلدين، حتى في أجواء التعزية التي قدمها الرئيس السوري بشار الأسد بوفاة نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي.
ونقلت وكالة «إيرنا» الحكومية، أمس (الخميس)، أن الأسد اتصل هاتفياً بالرئيس الإيراني المكلف محمد مخبر، وأبلغه بأنه سيزور طهران في أقرب وقت ممكن لتقديم التعزية.
ونقلت الوكالة عن الأسد: «كنت حريصاً جداً على أن أكون مع الشعب الإيراني هذه الأيام وأن ألتقي بالمرشد الأعلى خامنئي وأن أقدم شخصياً التعزية، لذلك سأسافر إلى إيران في أول فرصة لتقديم التعازي وتعزيز العلاقات السياسية بين البلدين».
الأسد شبه رئيسي بسليماني
وأضافت «إيرنا» أن الأسد شبه رئيسي بقاسم سليماني، قائلاً: «رئيسي شخصية مؤثرة ومهمة على الساحتين الإقليمية والدولية، وبالنسبة لنا هو مثل سليماني، وسيبقى اسمه وذكراه في أذهان الأمة والحكومة السورية إلى الأبد».
لكن البيان الرئاسي السوري المتعلق بالاتصال الهاتفي جاء مختلفاً عن إفادة «إيرنا»، وقد خلا من أي إشارة إلى قيام الرئيس السوري بزيارة قريبة إلى طهران، ولم يأت على ذكر التشبيه بين رئيسي وسليماني..
وقال البيان الرئاسي السوري إن الأسد «جدّد تعازيه القلبية للجمهورية الإسلامية الإيرانية قيادة وشعباً بوفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان ورفاقهما»، مؤكداً نهج سوريا الثابت في العلاقة مع إيران.
ونقل البيان عن الأسد أن «سوريا تتضامن مع إيران في كل الظروف، وثقته بقدرة الدولة والشعب الإيراني على تجاوز هذه الحادثة الأليمة».
وأفاد البيان بتأكيد الرئيس الإيراني المكلّف على «عمق العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين الصديقين، واستمرار التشاور والتنسيق بينهما على كل المستويات».
أجواء باردة
وبدت أجواء التعزية السورية لإيران فاترة دون حماسة فوق العادة، والتزم الإعلام السوري الرسمي السوري بنشر البيان الرئاسي دون التطرق إلى الأنباء التي أوردتها وسائل الإعلام الإيرانية، حول زيارة الأسد إلى طهران، مع التركيز في تغطيتها للحدث الإيراني على مشاركة وفد سوري برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس في مراسم تشييع الرئيس الإيراني في مشهد أمس (الخميس).
وضم الوفد، الذي وصل الأربعاء، وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، محمد سامر الخليل، واللواء علي مملوك مستشار شؤون الأمن الوطني في الأمانة العامة لـ«رئاسة الجمهورية»، حسب وكالة الأنباء السورية (سانا).
وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا) بإعرابه الرئيس الإيراني المكلف مخبر خلال مكالمته مع الأسد، عن تقديره حضور الوفد السوري قائلاً: «سوريا شريك استراتيجي وصديق دائم لإيران، ورسالتكم ووجود رجال الدولة السوريين في إيران يريحاننا».
وأضاف مخبر: «كما في الماضي، نحن ملتزمون بدعم محور المقاومة، خصوصاً دولة سوريا المستقلة، وسننتظر زيارتكم في طهران».
وجاء اتصال الأسد مع مخبر بعد تكهنات حول وجود توتر بالعلاقة بين البلدين على خلفية غياب الأسد عن مراسم تأبين الرئيس الإيراني ووزير خارجيته ورفاقهما في صالة المؤتمرات الدولية بالعاصمة طهران، بحضور وفود على مستويات مختلفة، ومشاركة قادة وكبار المسؤولين من 68 دولة.
وبينما أرجعت تكهنات غياب الأسد عن تأبين الرئيس الإيراني إلى توتر في العلاقات بين البلدين، ذهبت تكهنات أخرى إلى انشغال الأسد بإصابة عقيلته أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقوي الحاد (لوكيميا) وخضوعها لبروتوكول علاجي متخصص يتطلب شروط العزل مع تحقيق التباعد الاجتماعي المناسب، حسبما أعلنه بيان رئاسي جاء بعد ساعات من نبأ تحطم طائرة الرئيس الإيراني.
وأعلنت دمشق الحداد العام لمدة 3 أيام، وتنكيس الأعلام في سوريا وجميع السفارات والهيئات الدبلوماسية التابعة لها في الخارج، ووقف جميع الحفلات العامة والبرامج الفنية وجميع مظاهر الاحتفال وظهرت مذيعات التلفزيون الرسمي بزي الحداد الأسود.
«الرئيس الشهيد»
وفي تغطيته للحدث، وصف التلفزيون السوري الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بـ«الرئيس الشهيد»، وتردد هذا الوصف على لسان المسؤولين السوريين الذين قدموا واجب العزاء في مجلس العزاء الذي أقامته السفارة الإيرانية في دمشق. وصرح وزير الداخلية السوري اللواء محمد رحمون للتلفزيون الرسمي، بأن علاقة مميزة كانت تربط رئيسي ووزير خارجيته مع سوريا، و«مستمرون على الطريق نفسها التي رسموها بخطى ثابتة».
وغطت وسائل الإعلام السورية الرسمية استقبال السفارة الإيرانية بدمشق للمعزين، وقالت إن عدداً من رجال الدين وشيوخ القبائل، ووجهاء عشائر ووفوداً شعبية ورجال أعمال وممثلي مؤسسات واتحادات، وعدداً من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية بدمشق ومن أعضاء مجلس الشعب، وسفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية في سوريا، وفق ما ذكرته وسائل الإعلام السورية.