طرق لبنان مُشرعة أمام شاحنات السلاح المهرَّب

عامل الصدفة وحده كشف بعض نماذجها

الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)
الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)
TT

طرق لبنان مُشرعة أمام شاحنات السلاح المهرَّب

الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)
الشاحنة التي اشتعلت في البترون واكتشف الجيش أنها محملة بالأسلحة (الجيش اللبناني)

لا تملك الدولة اللبنانية حتى الآن أجوبة حاسمة حول إدخال أسلحة مهرَّبة عبر مرفأ طرابلس، ولا معطيات كافية عن كيفية تمكن مستوردي هذه الأسلحة من إخراجها من حرم المرفأ من دون ضبطها، أو عجز أجهزة «السكانر» عن اكتشافها، وهو ما طرح السؤال مجدداً عن وضع المرافئ البحرية، كما هو حال الحدود البرية ومعابرها الشرعية وغير الشرعية.

وقد لعبت الصدفة دورها في اكتشاف عمليات إدخال أسلحة، عندما اشتعلت النيران ليل الاثنين الماضي، في شاحنة بمنطقة البترون، في أثناء توجهها من مدينة طرابلس نحو العاصمة بيروت. وخلال التدخل لإطفائها، اكتشفت الأجهزة الأمنية مخبأ سرياً يحتوي على أكثر من 300 مسدس حربي مع خزناتها، وفي اليوم التالي أعلن الجيش في بيان، ضبط شاحنة ثانية محمّلة بـ400 مسدس حربي.

أسلحة تركية توارَى مستوردُها

وأوضح مصدر أمني أن الأسلحة المشار إليها «عبارة عن مسدسات من نوع Retay تركية الصنع ومستورَدة من تركيا أيضاً»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار «كلّف فرع التحقيق في مخابرات الجيش بإجراء التحقيقات اللازمة، وتحديد أصحاب هذا السلاح، ومعرفة أسباب عدم تمكن أجهزة الأمن في مرفأ طرابلس من ضبطه».

وقال المصدر الأمني إن «هناك 7 شاحنات وصلت إلى مرفأ طرابلس يوم الأحد الماضي، نُقلت على متن باخرة آتية من تركيا ودخلت الأراضي اللبنانية، وأسهم الحريق في الكشف عن هذه الأسلحة»، مشيراً إلى أنه في «التحقيقات الأولية التي خضع لها سائقا الشاحنتين، وهما من التابعية التركية، اعترفا بأن المسدسات تعود إلى الفلسطيني محمد علي حمدان، من سكان مخيم (المية ومية) في جنوب لبنان».

اكتشاف الأسلحة المهرَّبة رفع مستوى الجهوزية الأمنية في مرفأ طرابلس، لكنه أثار قلقاً من احتمال إدخال شحنات مماثلة في أوقات سابقة من دون اكتشافها. وأشار المصدر الأمني إلى أن الجيش «تعقّب الشاحنات الخمس المتبقية، فتبين أنها محمَّلة بزيوت ومواد غذائية وخالية من السلاح»، لافتاً إلى أن «الفلسطيني صاحب السلاح توارى عن الأنظار ويجري تعقبه». وأضاف: «حتى الآن ثبت أن حمدان يستورد هذه الأسلحة للتجارة وبيعها في المخيمات، وليس لتنفيذ أعمال أمنية على الأراضي اللبنانية».

عامل الصدفة في الكشف عن هذه العملية أعاد إلى الأذهان الكشف عن شاحنة السلاح في منطقة الكحالة في جبل لبنان، العائدة لـ«حزب الله»، مما يشير إلى أن هناك الكثير من الأسلحة دخلت لبنان، سواء لجهات حزبية أو لتجار، من دون معرفة مصيرها.

الوزير بارود: ما خفي أعظم

ورأى وزير الداخلية الأسبق زياد بارود أن «ما خفي أعظم مما يُكشف في مجال إدخال السلاح إلى لبنان»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الطرق المدنية في لبنان باتت مُشرعة أمام شاحنات الأسلحة التي تعبرها وتعرّض حياة المدنيين لخطرٍ كبير، وقد نكون لا سمح الله أمام حدث يشبه انفجار مرفأ بيروت، وإنْ بنسبة خطر أقل».

وقال بارود: «رغم الاستنفار الأمني للأجهزة والجيش اللبناني، فإننا نعيش وضعاً أمنياً صعباً في ظلّ تفشي ظاهرة السلاح غير الشرعي، وانتشار الجزر الأمنية في كلّ لبنان، واحتمال أن تُستخدم في أي وقت لإرباك الوضع الداخلي».

ورغم مضيّ أيام على التحقيق في هذا الحادث، لم تقدّم الدولة رواية رسميّة تبيّن أسباب تخطّي هذه الشاحنات كلّ الإجراءات الأمنية. ولا يُخفي بارود «وجود مشكلة حول إدارة الأمن في لبنان، مرتبطة إلى حدّ كبير بالقرار السياسي الذي يمنع الأجهزة الأمنية من مكافحة هذه الظاهرة». وأضاف: «مقابل التعب والجهد الأمني، هناك جهات تعمل على إفشال هذا الجهد من أجل مصالحها». وذكّر بأن «المشكلة ليست مرتبطة بالأزمة المالية، فهناك متمولون قدّموا أجهزة سكانر هبةً من أجل ضبط عمليات التهريب، لكن جرى تخريبها بشكل متعمّد لتستمر عمليات التهريب، ليس للأسلحة فحسب، بل للبضاعة لعدم دفع الضرائب، لكن من دون أدنى شكّ مسألة تهريب السلاح أكثر خطراً وتهديداً لأمن البلد».


مقالات ذات صلة

هوكستين يسعى لخفض منسوب التوتر لمنع إسرائيل من توسعة الحرب

المشرق العربي الوسيط الأميركي هوكستين خلال لقاء سابق مع رئيس البرلمان نبيه بري (أ.ف.ب)

هوكستين يسعى لخفض منسوب التوتر لمنع إسرائيل من توسعة الحرب

استدعى ارتفاع منسوب المخاوف من جنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب في جنوب لبنان، قيام الوسيط الأميركي أموس هوكستين بزيارة عاجلة لكل من تل أبيب وبيروت في مهمة طارئة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مقر البنك الدولي (رويترز)

لبنان يخسر 6.55 % من ناتجه المحلي بسبب «العنف»

أعلن البنك الدولي قراره بإزالة ترقُّباته الدورية الخاصة بلبنان لما بعد العام الحالي، بذريعة تعمّق حال «عدم اليقين»، المترجمة بالغموض الشديد في الوضع السياسي.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي وفد «التيار الوطني الحر» برئاسة جبران باسيل مجتمعاً مع وفد من نواب المعارضة في مقر «حزب الكتائب» (الوكالة الوطنية للإعلام)

تمايز داخل المعارضة اللبنانية في مقاربة الدعوات لـ«التشاور الرئاسي»

دخلت المبادرات التي تكثفت في الأسبوعين الماضيين لإخراج الملف الرئاسي اللبناني من عنق الزجاجة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي مترئساً جلسة الحكومة (حساب رئاسة الحكومة)

ميقاتي يجدد التزام لبنان بالقرار 1701

وصف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ما يحصل في جنوب لبنان بـ«العدوان التدميري والإرهابي الموصوف»، مجدداً التزام لبنان بالقرار 1701.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مواطنون يتفقدون الأضرار الناجمة عن غارة جوية إسرائيلية على قرية جناتا في قضاء صور جنوب لبنان (إ.ب.أ)

مواجهات متصاعدة في جنوب لبنان... و«حزب الله» يكثّف هجومه ضمن قواعد الاشتباك

تأخذ المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» منحى تصاعدياً ولا سيما من جانب الحزب الذي يطلق عشرات الصواريخ وعدداً كبيراً من المُسيّرات على شمال إسرائيل.

كارولين عاكوم (بيروت)

صحيفة: غالانت لم يكن على علم بقرار «الهدنة التكتيكية» جنوب غزة

جنود إسرائيليون بالقرب من حدود قطاع غزة بجنوب إسرائيل الخميس (أ.ب)
جنود إسرائيليون بالقرب من حدود قطاع غزة بجنوب إسرائيل الخميس (أ.ب)
TT

صحيفة: غالانت لم يكن على علم بقرار «الهدنة التكتيكية» جنوب غزة

جنود إسرائيليون بالقرب من حدود قطاع غزة بجنوب إسرائيل الخميس (أ.ب)
جنود إسرائيليون بالقرب من حدود قطاع غزة بجنوب إسرائيل الخميس (أ.ب)

ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليوم الأحد، أن وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، لم يكن على علم مسبق بقرار الجيش «الهدنة التكتيكية» التي أعلن عنها الجيش صباح اليوم (الأحد) في جنوب غزة.

يذكر أن الجيش الإسرائيلي أعلن اليوم الأحد أنه سيلزم «هدنة تكتيكية في الأنشطة العسكرية» يومياً في قسم من جنوب قطاع غزة خلال ساعات محددة من النهار للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية. وأوضح الجيش في بيان أن «هدنة تكتيكية محلية في الأنشطة العسكرية لأهداف إنسانية ستطبق من الساعة 8:00 إلى الساعة 19:00 كل يوم وحتّى إشعار آخر» انطلاقاً من معبر كرم أبو سالم وحتى طريق صلاح الدين، ومن ثم شمالاً.

وتعليقاً على ذلك، قال وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف، إيتمار بن غفير، عبر منصة «إكس»، إنّ «الذي اتخذ قراراً بشأن هدنة تكتيكية لنقل (مساعدات) إنسانية، خصوصاً في وقت يسقط فيه خيرة جنودنا، هو (شخص) شرير وأحمق لا ينبغي أن يستمرّ في منصبه». وأضاف: «حان الوقت... لوقف هذا النهج المجنون والواهم والذي لا يجلب لنا سوى مزيد من القتلى...»؛ وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». غير أنّ الجيش الإسرائيلي أوضح في بيان لاحق أنّه «لا يوجد وقف للأعمال القتالية في جنوب قطاع غزة»، مضيفاً أنّ العمليات العسكرية «في رفح مستمرّة». وأشار إلى أنّه «لم يطرأ أيّ تغيير على إدخال البضائع إلى قطاع غزة»، موضحاً أنّ «المحور الذي تدخل عبره البضائع سيكون مفتوحاً خلال النهار بالتنسيق مع المنظمات الدولية، لنقل المساعدات الإنسانية فقط». ويأتي الإعلان الإسرائيلي في وقت تتبدد فيه آمال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

من جهته، أفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّه منذ الساعة الخامسة فجراً لم تُنفّذ أيّ غارة جوية أو عملية قصف أو قتال في وسط قطاع غزة وفي أجزاء أخرى منه.