«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

كونه الممر لإعادة تكوين السلطة لئلا يبقى البلد مكشوفاً

مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

«الخماسية» حذّرت من تعطيل انتخاب الرئيس اللبناني... وتوسعة إسرائيل للحرب

مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)
مقاتِلة إسرائيلية تطلق بالونات حرارية في سماء جنوب لبنان (أ.ف.ب)

تبقى تهيئة الظروف السياسية أمام ترجمة ما تضمنته خريطة الطريق التي رسمها سفراء «الخماسية» لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، عالقة على الجهود التي يتولاها السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو في تنقلّه ما بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والقيادات في المعارضة، في محاولة للتوصل إلى صيغة مركّبة لا تشكل تحدياً لأحد، يراد منها التوفيق بين التشاور والحوار لإخراج آلية الانتخاب من التباين، تمهيداً لإعادة فتح أبواب البرلمان على نحو يؤدي إلى انتخاب الرئيس، بخلاف الجلسات النيابية السابقة التي اصطدمت بحائط مسدود، وكانت وراء التمديد للشغور الرئاسي الذي مضى عليه أكثر من سنة و7 أشهر.

رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبِلاً سفراء «الخماسية» في مقر رئاسة النواب (أرشيفية - مجلس النواب)

فسفراء «الخماسية»: الأميركية ليزا جونسون، والسعودي وليد البخاري، والمصري علاء موسى، والقطري عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، إضافة إلى الفرنسي ماغرو، رفضوا، في بيانهم الذي أصدروه، الاستسلام لفقدان الثقة بين المعارضة ومحور الممانعة، الذي يعطل انتخاب الرئيس، وأصروا على حشر المعنيين بانتخابه في الزاوية، محذّرين إياهم من التمادي في تعطيلهم الذي يمنع إعادة تكوين السلطة بوصفه شرطاً لانتظام المؤسسات الدستورية لوقف تدحرج البلد نحو الانهيار الشامل.

قبل حلول الصيف

ويقول سفير في «الخماسية»، فضّل عدم ذكر اسمه، إنه وزملاءه في اللجنة ليسوا بحاجة لتبرئة ذمّتهم أمام المجتمع الدولي والرأي العام اللبناني بإصدار البيان في ختام اجتماعهم بدعوة من السفيرة جونسون، التي غادرت إلى واشنطن لحضور المؤتمر السنوي لسفراء الولايات المتحدة في الخارج، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن البيان جاء معطوفاً على ما لديهم من معطيات بأن البلد لم يعد يحتمل استمرار تعطيل انتخاب الرئيس، بوصفه ممراً إلزامياً لإعادة تكوين السلطة، تحسُّباً لمواجهة التحديات التي تنتظره، وأبرزها عدم وجود ضمانات بجنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب في جنوب لبنان.

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (المكتب الإعلامي لرئاسة البرلمان)

وينقل عدد من النواب والوزراء عنه دعوته لهم إلى عدم إسقاط توسعة الحرب من حساباتهم، رغم الضغوط الدولية التي تمارسها الولايات المتحدة وفرنسا على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. ويقول هذا السفير المشار إليه سابقاً، إن مسؤولين في البلدين نصحوا القيادات اللبنانية بضرورة تدبير أمورهم قبل حلول الصيف، وهو الموعد الذي حدده وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.

ويلفت السفير نفسه إلى أن هناك ضرورة لإعادة تكوين السلطة بانتخاب الرئيس، وتشكيل حكومة فاعلة؛ لأن القيام بهذه الخطوة يرفع من منسوب الضغط والتدخل الدوليين لدى إسرائيل للجم تدحرجها نحو توسعة الحرب، إفساحاً في المجال أمام لبنان ليعيد ترتيب أوضاعه بما يسمح له بالدخول في مفاوضات برعاية دولية لتطبيق القرار 1701.

تحذير من «الاستخفاف» اللبناني بالنصائح

ويحذّر السفير نفسه من إهدار الوقت، ومن استخفاف المَعْنِيِّين بانتخاب الرئيس بالنصائح التي أُسديت لهم من قِبَل أكثر من جهة دولية وإقليمية، بوجوب وقف تعطيلهم انتخاب الرئيس. ويؤكد أن تحذير «الخماسية» من لجوء إسرائيل لتوسعة الحرب لا ينطلق من فراغ، وإنما من معطيات كانت نقطة تقاطع بين الموفدين الغربيين الذين يتهافتون لزيارتها بغية إثناء نتنياهو وفريق حربه عن توسعة الحرب.

الدخان يتصاعد فوق قرية بجنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسأل السفير العضو في «الخماسية»: ما الجدوى من الربط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان؟ وكيف سيكون الوضع في البلد في حال استمرت الحرب على الجبهة الغزاوية ولم تؤدِّ الوساطات إلى وقف إطلاق النار؟ وهل يتحمل لبنان التمديد للفراغ في رئاسة الجمهورية؟ وماذا سيقول «حزب الله» للبنانيين؟ وهل سيصمد في موقفه بعدم الفصل بين مساندته غزة وانتخاب الرئيس، خصوصاً أنه يُخشى من أن يؤدي ترحيل انتخابه إلى التمديد للفراغ الرئاسي إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، أي إلى ربيع عام 2025؟

ويؤكد السفير أن بيان «الخماسية» هو لسان حال جميع الدول الأعضاء فيها، ويشكل نقطة تلاقٍ حول التحذير من قيام إسرائيل بتوسعة الحرب، ويقول إن دعوتهم لانتخاب الرئيس بحلول نهاية الشهر الحالي جاءت بناءً على إلحاح عدد من الكتل النيابية التي سبق للسفراء أن تواصلوا معها.

إنذار من «الخماسية»

ويعترف السفير نفسه بأن «الخماسية» أرادت من إصدار بيانها توجيه إنذار للكتل النيابية على طريقتها، لعلها تبادر للانخراط في إعادة خلط الأوراق لإخراج انتخاب الرئيس من التأزم الذي يحاصره، وإن كان ينأى بنفسه عن البوح برد فعل الدول الأعضاء في «الخماسية»، في حال عدم التفات المعنيين إليه بجدية، أو لم يتعاملوا معه على أنه ينطوي على ما يشكله الوضع من خطورة على البلد تستدعي تضافر الجهود لإنقاذه اليوم قبل الغد، خصوصاً أن الجنوب يدخل حالياً في حرب حقيقية لن يوقفها التقيُّد بقواعد الاشتباك التي أصبحت من الماضي.

لذلك يبقى السؤال: ماذا سيقول الناخبون الكبار المَعنيون بانتخاب الرئيس للجنة «الخماسية»؟ وهل لدى البعض ما يبرّر تعطيلهم انتخابه وعدم اكتراثهم للتحذيرات من توسعة الحرب، خصوصاً أن بلدهم أصبح مكشوفاً، ويفتقد شبكة الأمان بغياب إعادة تكوين السلطة، بينما هم لا يعيرون اهتمامهم للنصائح الدولية التي تأتي، وتتولى حكومة تصريف الأعمال إدارة الأزمة بحدودها الدنيا وبإمكانات متواضعة، ولم تعد قادرة على التأثير في مجريات المواجهة جنوباً ما دامت قد أوكلت، كما يقول السفير نفسه، لسواها خوض المفاوضات الرامية إلى تهدئة الوضع، وتحضير الأجواء لتطبيق القرار 1701 الذي يبدو أنه بعيد المنال، على الأقل في المدى المنظور، مع أن هناك ضرورة لحشر إسرائيل وتقديمها للمجتمع الدولي على أنها تعطّل تطبيقه؟


مقالات ذات صلة

سلام يتعهد ببسط سيادة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها وحصر السلاح

المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام ووزراء في حكومته خلال جلسات مساءلة الحكومة (رويترز)

سلام يتعهد ببسط سيادة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها وحصر السلاح

تعهّد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بـ«بسط سيادة الدولة على أراضيها كافة، وبقواها الذاتية، وحصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيدها، واحترام القرارات الدولية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي في أنقرة والموفد إلى لبنان توماس برّاك (أ.ف.ب)

برّاك يربط الضمانات الأميركية للبنان بتعهّد حكومته بـ«حصرية السلاح»

تقضي الصيغة الجديدة لإعادة الاعتبار لـ«الاتفاق السابق» بأن يتعهد لبنان بوضع جدول زمني مقروناً بخطة تنفيذية لتطبيق «حصرية السلاح بيد الدولة» نهاية العام الحالي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مجلس النواب اللبناني في جلسة مناقشة سياسات الحكومة (رويترز)

سلاح «حزب الله» يطغى على الجلسة النيابية لمناقشة سياسات حكومة لبنان

طغى موضوع نزع سلاح «حزب الله» إضافة إلى الورقة الأميركية وتطبيق القرار 1701 على جلسة البرلمان اللبناني التي عقدت الثلاثاء لمناقسة سياسات الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شعار «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز) play-circle

«مصرف لبنان» يمنع المؤسسات من التعامل مع «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب الله»

منع «مصرفُ لبنان المركزي»، في تعميم اطلعت عليه وكالة «رويترز»، الثلاثاء، المؤسساتِ الماليةَ المرخصةَ من أي تعامل مع «مؤسسة القرض الحسن».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الرئاسة اللبنانية)

عون يتعهد حماية وحدة الأراضي اللبنانية بعد تصريحات الموفد الأميركي

بدّد الرئيس اللبناني جوزيف عون المخاوف اللبنانية التي أثارها تصريح الموفد الأميركي توماس براك، السبت الماضي، بتأكيده أن «وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

رجي يبحث مع السفير الفرنسي التطورات في سوريا... وأهمية تجنيب لبنان أي تداعيات

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أ.ف.ب)
TT

رجي يبحث مع السفير الفرنسي التطورات في سوريا... وأهمية تجنيب لبنان أي تداعيات

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أ.ف.ب)

قالت وزارة الخارجية اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن وزير الخارجية يوسف رجي، بحث مع السفير الفرنسي في بيروت هيرفيه ماغرو، آخر التطورات في سوريا، وأهمية تجنيب لبنان أي تداعيات.

وأضافت وزارة الخارجية اللبنانية، في بيان، أن الطرفين أكدا خلال اللقاء على أهمية الإسراع في معالجة الملفات العالقة بين لبنان وسوريا.

وأطلع السفيرُ الفرنسي وزيرَ الخارجية اللبناني على الاتصالات والمساعي الدبلوماسية التي تقوم بها فرنسا؛ لضمان التجديد لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، بحسب البيان.