واشنطن ترى «إخفاقاً استراتيجياً» لإسرائيل في رفح

اتساع الخلاف بين الحليفين على مستقبل الحرب

سحابة دخان تتصاعد من شرق رفح بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
سحابة دخان تتصاعد من شرق رفح بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

واشنطن ترى «إخفاقاً استراتيجياً» لإسرائيل في رفح

سحابة دخان تتصاعد من شرق رفح بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
سحابة دخان تتصاعد من شرق رفح بعد غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

في ظل إصرار حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تنفيذ خططه في رفح، يشعر المسؤولون في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أنهم استنفدوا فرص إقناع تل أبيب بتبني رؤية واشنطن حول كيفية إنهاء الحرب في غزة، وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط، وصار الجانبان أكثر تباعداً من أي وقت مضى لجهة تحقيق هدفهما المشترك المتمثل في الانتصار على «حماس».

وقال نائب وزير الخارجية الأميركي كيرت كامبل أمام مؤتمر لشباب حلف شمال الأطلسي في ميامي أخيراً: «أعتقد أننا نكافح في بعض النواحي بشأن ماهية نظرية النصر»، موضحاً أنه «في بعض الأحيان عندما نستمع من كثب إلى القادة الإسرائيليين، فإنهم يتحدثون في الغالب عن فكرة تحقيق نوع من النصر الساحق في ساحة المعركة، النصر الكامل. لا أعتقد أن هذا محتمل أو ممكن».

ورغم التزام بايدن «الدعم الثابت» لأمن إسرائيل، فإن مسؤولين في إدارته يعتقدون أن استراتيجية إسرائيل الحالية تؤدي إلى تكبُّد تكاليف بشرية ضخمة ودمار هائل، ومع ذلك «لا يمكنها تحقيق هدفها»، بل «ستقوض في نهاية المطاف الأهداف الأميركية والإسرائيلية الأوسع في الشرق الأوسط».

مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان (أ.ب)

وفد أميركي

وبالإضافة إلى كامبل، يعبِّر مسؤولون استخباريون ودبلوماسيون وقادة عسكريون أميركيون وإسرائيليون عن تخوف من «مستقبل مشحون»، لا سيما إذا أخفق مستشار الأمن القومي جيك سوليفان في التوصل إلى نتائج ملموسة خلال زيارته، الأحد، لإسرائيل. ويرافق سوليفان 3 من كبار مساعدي بايدن، وبينهم منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط بريت ماكغورك والمستشار الرئاسي عاموس هوكستين، ومستشار وزارة الخارجية ديريك شوليت.

وكان وزير الخارجية أنتوني بلينكن قد قال أخيراً خلال زيارته لأوكرانيا: «قمنا بكثير من العمل في هذا الشأن... مع شركاء في العالم العربي وخارجه على مدى أشهر»، مضيفاً: «لكن من الضروري أن تقوم إسرائيل أيضاً بهذا العمل، وتركز على ما يمكن، ويجب أن يكون عليه المستقبل». ولاحظ أن إسرائيل «تقول إنها لا تريد المسؤولية عن غزة. ولا يمكن أن نترك (حماس) تسيطر على غزة»، مستدركاً أنه «لا يمكن أن يكون لدينا فوضى في غزة؛ لذلك يجب أن تكون هناك خطة واضحة وملموسة، ونحن نتطلع إلى أن تتقدم إسرائيل بأفكارها».

رفض نتنياهو

وظهر التباعد بوضوح مع نتنياهو الذي قال أخيراً إن حل الدولتين الذي تدعو إليه الولايات المتحدة ومعظم دول العالم لعقود من الزمن «سيكون أعظم مكافأة يمكن أن تتخيلها للإرهابيين... منحهم جائزة. وثانياً، ستكون هناك دولة تسيطر عليها (حماس) وإيران على الفور»، واقترح وضع غزة تحت إدارة فلسطينية، على غرار الضفة الغربية الآن، مع احتفاظ إسرائيل بـ«سلطات سيادية معينة».

لكن إدارة بايدن تعد ذلك وصفة للنزاع المستمر. ويشارك مسؤولو الاستخبارات الأميركية البيت الأبيض في الشكوك حول إمكانية الانتصار على «حماس» بشكل كامل. وأفاد تقرير استخباري أميركي نُشر في فبراير (شباط) الماضي بأنه «من المحتمل أن تواجه إسرائيل مقاومة مسلحة طويلة الأمد من (حماس) لسنوات مقبلة».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع لهما في تل أبيب (أ.ب)

ولإنهاء الحرب على المدى القصير، وإطلاق الرهائن، حض مسؤولو الإدارة منذ الأشهر الأولى للحرب على إيجاد بديل لتكتيكات الأرض المحروقة التي تتبعها إسرائيل. وزودت الولايات المتحدة إسرائيل بمصادر استخبارية مختلفة، بما في ذلك معلومات عبر الطائرات المسيَّرة.

الأرض المحروقة

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين أنه «قد يكون من الصعب معرفة كيفية استخدام المعلومات الاستخبارية التي تقدمها الولايات المتحدة بدقة».

واعترف مسؤولون أميركيون بأن مهمة إقناع الإسرائيليين بتغيير المسار أصبحت أكثر صعوبة مع الفشل المستمر للمفاوضات التي تدعمها الولايات المتحدة، والتي تعرض وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار مقابل إطلاق الرهائن الإسرائيليين.

وقال الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس إن عمليات التطهير «العقابية» التي تقوم بها إسرائيل في غزة، من دون أي متابعة للسيطرة على الأراضي أو إعادة بناء البنية التحتية وسبل العيش بالنسبة للمدنيين الفلسطينيين، «لن تؤدي إلا إلى إعادة تشكيل (حماس) بين السكان الغاضبين».

وقال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بنكاس إن الغزو الموسع لرفح «من شأنه أن يؤدي إلى مستنقع، وإلى مقتل مزيد من المدنيين»، مؤكداً أن «إطاحة (حماس) لن تكون ممكنة إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية».

وأشار المسؤولون الأميركيون إلى الجهود التي تبذلها إدارة بايدن ليس فقط للحفاظ على العلاقة الحاسمة بين مصر وإسرائيل، بل أيضاً إلى العمل والتعاون مع الدول العربية، لأن ذلك سيكون بمثابة «حصن أمني طويل الأجل» ضد إيران ووكلائها، بما في ذلك «حماس»، وللمساعدة في تأمين عملية السلام، وإعادة بناء غزة بوصفها جزءاً من دولة فلسطينية جديدة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعترف بجنودها المنتحرين بعد مشاركتهم في الحرب

شؤون إقليمية جنود إسرائيليون خلال تشييع زميل لهم قُتل في غزة (أ.ب) play-circle

إسرائيل تعترف بجنودها المنتحرين بعد مشاركتهم في الحرب

قرر الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية، منح صفة «المتوفى بعد الخدمة» للجنود الذين خدموا في الحرب على غزة وجبهات أخرى خلال العامين الأخيرين.

أوروبا صور من معرض «إيقاظ الضمائر» الذي أقيم سبتمبر الماضي في متحف «تيسين- بورنيميزا» في مدريد لوقف حرب غزة (أ.ف.ب)

مدريد تفرض سحب إعلانات تروِّج لأماكن إقامة للسياح بالأراضي الفلسطينية المحتلة

فرضت وزارة الاستهلاك الإسبانية على منصات إعلانية سحب الإعلانات التي تروِّج لإيجار أماكن إقامة للسياح في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الولايات المتحدة​ طفلة فلسطينية تنتظر الحصول على طعام من مطبخ خيري في خان يونس (رويترز)

«يونيسف»: 2025 كان الأسوأ لملايين الأطفال بسبب الجوع والحروب

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» أن الجوع والحروب والأمراض شكلت حياة ملايين الأطفال خلال عام 2025.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)

ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

في لقاء غير رسمي أمام الصحافيين أثناء استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتصريحات.

هبة القدسي (واشنطن)
تحليل إخباري يقف فلسطينيون نازحون بجوار بركة من مياه الأمطار وسط ملاجئ مؤقتة في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري لقاء ترمب - نتنياهو... ما المكاسب والخسائر المنتظرة لـ«اتفاق غزة»؟

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيز التنفيذ قبل شهرين، لن يكون بعد لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما قبله.

محمد محمود (القاهرة)

أميركا وقوات متحالفة قتلت أو احتجزت نحو 25 من «داعش» في سوريا

سكان يسيرون في أحد الشوارع خلال دورية للجيش الأميركي بشمال شرقي سوريا (رويترز)
سكان يسيرون في أحد الشوارع خلال دورية للجيش الأميركي بشمال شرقي سوريا (رويترز)
TT

أميركا وقوات متحالفة قتلت أو احتجزت نحو 25 من «داعش» في سوريا

سكان يسيرون في أحد الشوارع خلال دورية للجيش الأميركي بشمال شرقي سوريا (رويترز)
سكان يسيرون في أحد الشوارع خلال دورية للجيش الأميركي بشمال شرقي سوريا (رويترز)

كشف الجيش الأميركي، الثلاثاء، أن ​الولايات المتحدة وقوات متحالفة قتلوا أو احتجزوا ما يقرب من 25 عنصراً من تنظيم «داعش» منذ غارة جوية ‌في سوريا ‌في ‌وقت ⁠سابق ​من ‌الشهر، وفقاً لوكالة «رويترز».

ونفذت الولايات المتحدة غارات واسعة النطاق على عشرات من أهداف تنظيم «داعش» في سوريا في 19 ⁠ديسمبر (كانون الأول)، رداً على ‌هجوم استهدف أميركيين.

وقالت ‍القيادة ‍المركزية الأميركية في ‍بيان إن قواتها وحلفاء في سوريا تمكنوا من قتل 7 عناصر على ​الأقل من تنظيم «داعش»، واحتجزوا آخرين خلال ⁠11 عملية نُفذت في الفترة من 20 إلى 29 ديسمبر. وأضاف البيان أن هذه العمليات أسفرت أيضاً عن تدمير 4 مخابئ أسلحة تابعة للتنظيم.


وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)
TT

وزير خارجية لبنان يدعو نظيره الإيراني إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي (أرشيفية)

دعا وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي، في رسالة لنظيره الإيراني عباس عراقجي، اليوم الثلاثاء، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، مشدداً على أهمية بناء «علاقات متوازنة» مع إيران تقوم على احترام سيادة لبنان واستقلاله.

وقالت وزارة الخارجية اللبنانية، في حسابها على منصة «إكس»، إن رجي دعا عراقجي إلى إقامة «علاقات لبنانية إيرانية قائمة على الاحترام المتبادل والسيادة».

وجدّد الوزير الرغبة في «إقامة حوار صادق وشفاف يعزز بناء الثقة بين لبنان وإيران»، مشدداً على أن التعاون الثنائي «يجب أن يجري بين حكومتي البلدين ومؤسساتهما الشرعية حصراً بما يحفظ سيادة واستقلال كل منهما».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلن رجي اعتذاره عن عدم قبول دعوة عراقجي لزيارة طهران، «في ظل الظروف الحالية»، داعياً نظيره الإيراني إلى عقد لقاء في دولة ثالثة يجري التوافق عليها.

غير أن وزير الخارجية الإيراني قال إنه سيقبل دعوة نظيره اللبناني لزيارة بيروت، لكنه أشار إلى أن قرار رجي بعدم قبول زيارة إيران أمر «محير».


الجيش اللبناني يعلن تسلم كمية من الأسلحة من مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين

جنود لبنانيون في قرية علما الشعب الحدودية الجنوبية (رويترز)
جنود لبنانيون في قرية علما الشعب الحدودية الجنوبية (رويترز)
TT

الجيش اللبناني يعلن تسلم كمية من الأسلحة من مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين

جنود لبنانيون في قرية علما الشعب الحدودية الجنوبية (رويترز)
جنود لبنانيون في قرية علما الشعب الحدودية الجنوبية (رويترز)

قال الجيش اللبناني، الثلاثاء، إنه تسلم كمية من السلاح من مخيم «عين الحلوة» بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المعنية، وذلك استكمالاً لعملية تسلم السلاح من المخيمات الفلسطينية في مختلف مناطق البلاد.

وأضاف الجيش في بيان مقتضب نشره على منصة «إكس»: «شملت هذه العملية أنواعاً مختلفة من الأسلحة والذخائر الحربية، وقد تسلمتها الوحدات العسكرية المختصة للكشف عليها، وإجراء اللازم بشأنها».

كانت لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني قد قالت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إن السلاح الذي لا يزال بيد بعض الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات لا يخدم القضية الفلسطينية، «ويشكل خطراً على استقرار لبنان وأمنه»، مؤكدة الالتزام بمسار حصر السلاح بيد الدولة، وبسط سلطتها على كامل أراضيها.

وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام آنذاك إن الحكومة اتخذت خطوات جدية فيما يخص السلاح في المخيمات الفلسطينية، مشدداً على أنه «لا تراجع عن حصر السلاح» بيد الدولة.