«فلسطينيو 48» يحيون ذكرى نكبتَين تفصل بينهما 76 سنة

زيارة للقرى المهجّرة... ومناشدة العالم أن يكرس جهوده للسلام لا للحرب

نزوح من خان يونس في اتجاه جنوب قطاع غزة بأمر من الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
نزوح من خان يونس في اتجاه جنوب قطاع غزة بأمر من الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

«فلسطينيو 48» يحيون ذكرى نكبتَين تفصل بينهما 76 سنة

نزوح من خان يونس في اتجاه جنوب قطاع غزة بأمر من الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)
نزوح من خان يونس في اتجاه جنوب قطاع غزة بأمر من الجيش الإسرائيلي (أ.ف.ب)

تستعد القوى السياسية للمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48) لإحياء الذكرى السنوية الـ76 للنكبة، بمسيراتها السنوية إلى القرى المهجّرة، التي تحل هذه السنة بعد غد (الأربعاء)، وقد أصدرت لجنة المتابعة العليا التي توحد في صفوفها جميع القوى السياسية والشعبية بياناً، قالت فيه إنها في هذه المرة تحيي ذكرى نكبتين؛ نكبة 1948، المستمرة حتى اليوم، والنكبة الجديدة التي فرضتها حكومة إسرائيل على قطاع غزة وانتشرت تبعاتها على الضفة الغربية وسائر الفلسطينيين، وناشدت العالم أن يصب جهوده على السلام وليس الحرب.

اللجنة قررت إحياء هذه الذكرى بمسيرة جماهيرية ستنطلق يوم الثلاثاء، 14 مايو (أيار)، من المدخل الشرقي لمدينة شفاعمرو، إلى موقع قريتي هوشة والكساير، اللتين كانت السلطات الإسرائيلية قد دمرتهما وهجّرت سكانهما. ودعت المواطنين إلى مشاركة شعبية واسعة «تكون اختباراً للموقف الشعبي الوطني، خاصة في ظل التصعيد الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، لتوسيع رقعة حرب الإبادة، وبالذات على قطاع غزة، وأيضاً في الضفة الغربية المحتلة وفي القدس، وتوسيع رقعة الحرب إلى رفح جنوب قطاع غزة، الملاذ الأخير لمئات آلاف النازحين من شمال ووسط قطاع غزة».

عرب إسرائيل يحيون يوم الأرض في بلدة دير حنا شمال منطقة الجليل 30 مارس 2022 (أ.ف.ب)

وأهابت اللجنة بجميع الفلسطينيين، أن يهرعوا للمشاركة الواسعة والجبارة في مسيرة العودة، في كل عام وفي هذا العام بالذات، لافتة إلى أن «الذكرى الـ76 لنكبة شعبنا الفلسطيني، تحل في ظل نكبة أخرى تقوم بها إسرائيل، تنفذها بدعم أميركي وغربي ضد شعبنا عموماً، وبفظاعة رهيبة في قطاع غزة تحديداً»، مشددة: «نحن جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ومأساتنا التي نحيا هي نصيبنا من مآسيه؛ إذ نتعرض لاستشراء الاضطهاد القومي الشرس والتمييز العنصري البغيض، وتضييق مجالات الحياة، وإشاعة وتغذية عصابات الإجرام ودائرة الجريمة والعنف، لتفتيت مجتمعنا».

هذه الصياغة للبيان انطوت على تلميح إلى السياسة الإسرائيلية، التي حاولت قمع أي نشاط سياسي للمواطنين العرب خلال الشهور السبعة الماضية لمناصرة شعبهم في غزة والضفة الغربية. وقالت: «إننا لسنا متضامنين مع شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية. نحن جزء حي لا يتجزأ من شعبنا، وإسرائيل واهمة إذا اعتقدت أن بطشها سيسلخنا عن انتمائنا وهويتنا».

وكان اللافت للنظر أن لجنة «فلسطينيي 48» ناشدت الفصائل الفلسطينية أن توقف الانقسام الفلسطيني، باعتباره سلاحاً ماضياً ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه. وقالت: «في الواقع المأساوي الذي يعيشه شعبنا، فإن المقدمة الأولى لإفشال مخططات الاحتلال ورُعاته، تكمن في إنهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية، وسدّ أي ثغرة لإنتاج قيادة تدور في فلك المخططات الصهيونية الأميركية، كثمرة سامة لحرب الإبادة. أنهوا الانقسام اليوم، لقطع الطريق على مخططات ما يسمى باليوم التالي».

في السياق، تباهت النيابة الإسرائيلية بالهجمة التي مارستها ضد «فلسطينيي 48» تزامناً مع نشوب الحرب على غزة؛ إذ قال رئيس قسم الأمن والمهمات الخاصة في النيابة العامة، شلومي أبرامسون، في مقابلة نشرتها صحيفة «كَلْكَليست»، الاثنين، إنه «منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) وحتى نهاية عام 2023، نُقل إلينا 818 طلباً لفتح تحقيقات في ملفات تحريض كي نصادق عليها، ووافقنا على التحقيق في 63 في المائة من هذه الملفات. وقدمنا حتى نهاية العام الماضي، 132 لائحة اتهام وأكثر من لائحة اتهام أخرى في الربع الأول من عام 2024، وأعتقد أنه سنصل إلى 100 ملف (كهذا) سنوياً».

ووصف أبرامسون حملة الملاحقات ضد المجتمع العربي خلال الحرب على غزة، بأنها «مشروعة»، واعتبر أنه «بفضل مشروع مخالفات التحريف نجحنا بإعادة 7 مخطوفات إلى الديار. ففي صفقة المخطوفين (تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس») الأولى، كان 19 من بين الأسماء التي طالبت (حماس) بتحريرهن مقابل تحرير النساء المخطوفات، لعربيات إسرائيليات اتُّهمن بملفات تحريض واعتُقلن حتى نهاية الإجراءات القضائية. ولأن المعادلة كانت (واحد مقابل 3 أسرى)، فبالإمكان القول إن هذه الصفقة أعادت 7 مخطوفات، وهذا بالنسبة لي أهم من أي اعتقال أو سجن».

كما اعترف أنه صادق على فتح الشرطة «تحقيقات تحريض» من دون مصادقة النيابة مسبقاً. وفي موازاة ذلك عملت دائرة السايبر في النيابة بشكل مكثف من أجل رصد وإغلاق وإزالة مضامين في الشبكات الاجتماعية، بزعم أنها «تحريضية». وقال أبرامسون: «تحركنا على الفور غداة نشوب الحرب بالتعاون مع (الشاباك) والشرطة. ورصدنا منذ البداية مئات حالات التحريض في (تويتر/ إكس) و(واتساب) و(فيسبوك) و(إنستغرام) و(تلغرام) و(سناب تشات) و(يوتيوب)»، كاشفاً عن منصة جديدة ضمن مناطق السلطة الفلسطينية باسم «ريد زيد»، التي بدأ يستخدمها مواطنو إسرائيل العرب أيضاً.

متظاهر في مدريد بإسبانيا السبت يحمل لافتة خلال مسيرة لإحياء ذكرى يوم النكبة ووقف إطلاق النار في غزة (رويترز)

واعترف أبرامسون بأن تشديد حملة الملاحقات والمبالغة فيها، جاء لمنع تكرار هبة الاحتجاجات في المجتمع العربي ضد العدوان على غزة والمسجد الأقصى، في مايو عام 2021. وقال إن النيابة العامة عملت بشكل مكثف جداً منذ بداية الحرب الحالية، وإنها كانت «حملة إنفاذ جنونية». وأوضح: «هذه كانت عملياً مقولتنا: إنه يوجد احتمال حقيقي أن يؤدي منشور وحيد فحسب إلى عنف أو إرهاب. ولذلك حاكمنا أشخاصاً عاديين، طلاباً في معهد التخنيون للعلوم والهندسة وكلية بتسلئيل للفنون، ومساعدة في روضة أطفال في هود هشارون، وغيرهم، بسبب تغريدات قليلة وبسيطة».

وتابع أن «أكثر من 50 في المائة من لوائح الاتهام أعقبت منشوراً واحداً أو اثنين، في حين كنا نقدم عادة لوائح اتهام بسبب منشورات كثيرة. لكننا قلنا هذه المرة (صفر تسامح) تجاه أي أحد يؤيد هذه الواقعة المروّعة (هجوم حماس). ونحن لا نحاكم بسبب مشاركة المنشور وحدها، إلا عندما يرافقها نص مؤيد أو حتى رموز تعبيرية مثل ابتسامة أو تصفيق أو علم (حماس) أو علم فلسطين».

وحاول أبرامسون التهرب من سؤال حول تساهل النيابة حيال أقوال تحريضية تصدر عن يهود دعوا في الشبكات الاجتماعية إلى الاعتداء على يهود يساريين وعرب، لكنه اعترف بأن النيابة «ارتكبت أخطاء بالتأكيد» فيما يتعلق بالتساهل مع اليهود، وأنه «في نهاية الأمر لا يوجد جهاز مثالي».


مقالات ذات صلة

اليمين الإسرائيلي يخطط لتقليص تمثيل العرب في الكنيست

شؤون إقليمية وزير الإسكان الإسرائيلي يتسحاق جولدكنبف ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في الكنيست (أ.ف.ب)

اليمين الإسرائيلي يخطط لتقليص تمثيل العرب في الكنيست

حذّر قانونيون وحقوقيون من خطورة خطط يعدها اليمين الإسرائيلي لسن قوانين في الكنيست (البرلمان)، وترمي إلى تقليص أعضائه من النواب العرب وإضعاف تأثيرهم السياسي.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
تحليل إخباري مواطنون عرب في إسرائيل يحيون ذكرى يوم الأرض في شمال الجليل مارس 2022 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري خبراء خيَّروا الإسرائيليين والفلسطينيين بين الحرب أو «الدولتين»... فكيف أجابوا؟

بعد نحو شهر على استطلاع أظهر أن 68 في المائة من اليهود في إسرائيل يعارضون إقامة دولة فلسطينية، كُشفت مؤخراً جوانب أخرى في الاستطلاع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري ضابط شرطة إسرائيلي أمام مبنى سكني في مدينة الطيرة العربية وسط إسرائيل تعرّض لأضرار بسبب شظايا اعتراضات الصواريخ التي أُطلقت من لبنان السبت (إ.ب.أ)

تحليل إخباري العرب في الداخل الإسرائيلي بلا ملاجئ تحميهم... وكفاءة دفاعية أقل

فتَحَ مقتل عدد متزايد من فلسطينيّي الداخل بصواريخ أو شظايا، خلال اعتراض صواريخ أُطلقت من لبنان، نقاشاً قديماً في إسرائيل حول التمييز الصارخ بين اليهود والعرب.

كفاح زبون (رام الله)
تحليل إخباري الشرطة الإسرائيلية تتفقد يوم الأحد موقع اصطدام شاحنة بمحطة حافلات قرب تل أبيب (أ.ب) play-circle 00:18

تحليل إخباري لماذا تخشى إسرائيل جبهة الداخل أكثر من غيرها؟

آخر ما تريده إسرائيل المنخرطة في جبهات عدة الآن هي جبهة جديدة في الداخل مع العرب؛ وهي مواجهة استعدت لها سابقاً لكنها تعرف جيداً أنها ليست مثل أي جبهة أخرى.

كفاح زبون (رام الله)

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)
TT

إسرائيل تتوسَّع لبنانياً في «الوقت الضائع»

الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)
الحدود اللبنانية - الإسرائيلية (رويترز)

سعت إسرائيل، أمس (الجمعة)، إلى التوسّع داخل لبنان فيما يمكن وصفه بـ«الوقت الضائع»، بانتظار بدء لجنة المراقبة عملها لتنفيذ اتفاق وقف النار الذي بدأ تنفيذه هذا الأسبوع، بينما أعلن أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم، عن «انتصار كبير يفوق النصر الذي تحقق (في حرب) عام 2006».

وأفيد أمس بأنَّ الجيش الإسرائيلي واصل محاولات التوغل في القرى الحدودية، حيث نجح في الوصول إلى ساحة بلدة مركبا (قضاء مرجعيون) التي لم يصل إليها خلال الحرب الأخيرة. جاء ذلك بينما أعلنت إسرائيل أنها شنّت غارة جوية ضد هدف لـ«حزب الله» في جنوب لبنان.

ولم يتوقَّف الجيش الإسرائيلي عند منع سكان القرى الحدودية التي لا يزال موجوداً فيها من العودة إليها، وإنما وسّع قائمة منع العودة لتشمل 60 قرية في الجنوب، محذراً العائلات من الانتقال إليها، وهو ما رأى فيه مصدر أمني محاولة لفرض منطقة عازلة بعمق يصل إلى 5 كيلومترات، على الأقل لحين استكمال انتشار الجيش اللبناني وقوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) على طول الحدود الجنوبية، وبدء لجنة المراقبة عملها على الأرض.