اجتماع نيابي يسبق الجلسة لتوحيد الموقف من النزوح السوري

دمشق تربط عودتهم من لبنان بتسوية علاقاتها الأميركية - الأوروبية

جلسة غير مسبوقة لمجلس النواب اللبناني لمناقشة موضوع النازحين السوريين (أرشيفية - رويترز)
جلسة غير مسبوقة لمجلس النواب اللبناني لمناقشة موضوع النازحين السوريين (أرشيفية - رويترز)
TT

اجتماع نيابي يسبق الجلسة لتوحيد الموقف من النزوح السوري

جلسة غير مسبوقة لمجلس النواب اللبناني لمناقشة موضوع النازحين السوريين (أرشيفية - رويترز)
جلسة غير مسبوقة لمجلس النواب اللبناني لمناقشة موضوع النازحين السوريين (أرشيفية - رويترز)

تبقى الأنظار السياسية مشدودة إلى الجلسة النيابية التي تُعقد الأربعاء بدعوة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري؛ بناءً على طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وعلى جدول أعمالها بند وحيد يتعلق بتوحيد المقاربات في التعامل مع ملف النزوح السوري، وصولاً إلى وضع خريطة طريق تشرّع الباب سياسياً أمام عودة النازحين إلى قراهم وبلداتهم في سورية، انطلاقاً من وجود إجماع لبناني على ضرورة خفض الأعباء الملقاة على عاتق الدولة اللبنانية في استضافتها هذا العدد الذي يساوي نصف عدد اللبنانيين المقيمين، خصوصاً أنها تتجاوز التكلفة المادية إلى تهديد الاستقرار والإخلال بالأمن والتوازن الطائفي.

والجديد في انعقاد الجلسة النيابية أنها الأولى منذ تاريخ بدء النزوح السوري إلى لبنان، جراء الحرب التي اندلعت في سورية في مطلع العام 2011، ويُنتظر أن تسجّل حضوراً نيابياً غير مسبوق. وهي تأتي مع انعقاد مؤتمر بروكسل في 28 أيار (مايو) الحالي، المخصص للبحث في ملف النزوح السوري، وتتلازم في الوقت نفسه مع الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى نظيره اللبناني الوزير عبد الله بوحبيب، محذّراً فيها من تحويل المؤتمر منصةً سياسية للهجوم على دمشق، ومنتقداً تغييب الدولة السورية صاحبة الشأن عن المؤتمر، وإصرار أصحاب الدعوة على النهج العدائي حيالها، في حين هي تعاني من الإجراءات القسرية والاعتداءات الإسرائيلية، ومن القوات الأجنبية المنتشرة بشكل غير شرعي على أراضيها.

رسالة المقداد وجواب بو حبيب

ومع أن المقداد حمّل في رسالته إلى بوحبيب المنظمين مسؤولية حيال عرقلة الجهود لإعادة النازحين، فإنه أبدى تفهماً لمشاركة لبنان في المؤتمر، التي تأتي بنيّة طيبة وتنطلق من الحرص على مساعدة النازحين للعودة إلى ديارهم، فإن بوحبيب بعث إليه برسالة جوابية عبر سفارة لبنان في دمشق، أكد فيها، كما علمت «الشرق الأوسط»، أنه لا يمانع بمشاركة سورية في المؤتمر، وأن الدعوة لحضوره وُجّهت من قِبل الاتحاد الأوروبي، وأن لبنان كان اتخذ قراره بالتنسيق بين ميقاتي وبوحبيب بعدم الغياب عن المؤتمرات الدولية ذات الصلة بوضع خطة لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم.

وبالعودة إلى الجلسة النيابية، علمت «الشرق الأوسط» أن الكتل النيابية تداعت إلى عقد اجتماع تشاوري، بتشجيع من الرئيس بري، تستضيفه غداً قاعة الاجتماعات في البرلمان، للوصول إلى مسودة لموقف موحد يُفترض أن تحظى بتوافق الهيئة العامة في جلستها، الأربعاء، على أن تلتزم بروحيتها جميع مؤسسات الدولة المعنية بعودة النازحين السوريين إلى ديارهم، وتشكل دعماً لموقف الحكومة في اجتماع بروكسل وتحصيناً له، سواء ترأس الوفد الوزير بوحبيب أو الرئيس ميقاتي، في حال تقرر رفع الحضور إلى مستوى رؤساء الحكومات.

بري مهتم شخصياً بانعقاد الجلسة

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (د.ب.أ)

وفي هذا السياق، كشفت مصادر نيابية بارزة عن أن الرئيس بري دخل شخصياً على خط الاتصالات تحضيراً لعقد اللقاء التشاوري، وقالت إنه كلف معاونه السياسي النائب علي حسن خليل مهمة التواصل مع رؤساء الكتل النيابية، على قاعدة أن الإجماع على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى ديارهم يشجع على التوصل إلى مسودة للتوصية التي يُفترض أن تصدر عن البرلمان في ختام الجلسة النيابية.

ولفتت المصادر النيابية إلى أن عودة النازحين لا تلقى اهتماماً من طائفة دون الأخرى، أو من فريق معين دون غيره، ما دام أنها موضع إجماع لبناني، وقالت إن هناك ضرورة إلى إخراجها من التطييف والمزايدات الشعبوية وتبادل الاتهامات؛ «لأننا في غنى عن تعميق الجروح بين اللبنانيين واستيراد مشكلة ليست موجودة».

ارتياح لموقف «التقدمي»

وأكدت المصادر نفسها أن لا مصلحة للالتفات إلى الوراء بدلاً من التقدم إلى الأمام في مقاربتنا لأزمة تتعلق بمصيرنا ووجودنا؛ كونها تؤدي إلى الإخلال بالتوازن الطائفي، كما أبدت ارتياحها لتعاطي الحزب «التقدمي الاشتراكي» و«اللقاء الديمقراطي» مع ملف النزوح، وتوقفت أمام المقاربة التي أدلى بها القيادي في «التقدمي» النائب هادي أبو الحسن، الذي أكد بدوره لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الملف يكاد يكون الوحيد الذي يحظى بإجماع كل اللبنانيين، و«نحن نسعى لإيجاد أرضية مشتركة وموقف جامع بالتوافق على خطوات عملية بعيداً عن المزايدات».

وأوضح أبو الحسن أن «اللقاء الديمقراطي» لم يتقدم بمقاربته لملف النزوح إلا بعد أن أكد له الرئيس ميقاتي أن الهبة الأوروبية لا تنطوي على رشوة. ويأتي كلامه في سياق تعدد الجهود لترسيخ الأجواء داخل الجلسة النيابية بأن هناك ضرورة ملحة إلى معالجة ملف النزوح بعيداً عن المهاترات، وعلى قاعدة الشراكة بين البرلمان والحكومة، التي يتوجب عليها ضبط إيقاع الوزراء ومنع تعدد الرؤوس في معالجة هذا الملف، خصوصاً وأن دعوة وزير المهجرين عصام شرف الدين لـ«تشريع» النزوح بحراً ليست في محلها؛ لأن مثل هذا الموقف لا يُصرف محلياً ولا دولياً.

اشتباك سوري - أميركي - أوروبي

ولفت وزير، فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن إصرار لبنان على إعادة النازحين يجعل منه ضحية الاشتباك السياسي بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وأكد أن لا مشكلة في تواصل لبنان مع سورية، وهذا ما حصل ويحصل من حين إلى آخر. وقال إن المشكلة لا تتعلق بالتواصل بين دمشق وبيروت التي تبدي كل استعداد للانفتاح رغبة منها بالتخفيف من أثقال النازحين على الوضع الداخلي.

وكشف الوزير نفسه، عن أن بعض الوزراء لا يتحمسون لزيارة دمشق، ليس لأنهم يقاطعون النظام في سورية، بل لتقديرهم أن لا جدوى منها؛ لأن ما يطلبه الأخير لا قدرة للحكومة اللبنانية على تلبيته؛ إذ إنه يشترط لإعادة النازحين إعادة إعمار سورية، بذريعة أن التحالف الدولي هو من دمّرها بدعمه الإرهاب، وبالتالي لا بد من رفع العقوبات المفروضة على سورية جراء «قانون قيصر»، وانسحاب القوات الأجنبية من أراضيها، وتحديداً تلك التي لم تدخل بناءً على طلبه، ودعوته إلى حضور المؤتمرات الدولية المخصصة للبحث في النزوح السوري.

فالشروط السورية تصطدم برفض أميركي - أوروبي، انطلاقاً من إصرارهما على مقاطعة النظام وعدم الدخول معه في تطبيع للعلاقة، وهذا ما يفسر ترددهما في تحديد أماكن آمنة لعودة النازحين.

خيارات الحكومة

لذلك؛ لا خيار أمام الحكومة سوى اعتماد الحلول المتوافرة لديها لعودة النازحين، ما دام أن سورية لا تبدي التجاوب المطلوب، وتشترط إصدار «عفو» أميركي - أوروبي، وبالتالي تبقى العودة تحت سقف إعادة المحكومين، والعدد الأكبر من الوافدين إلى لبنان تسللاً عبر المعابر غير الشرعية، أو ممن لا يحملون الأوراق المطلوبة التي تجيز لهم الإقامة في لبنان، ومراجعة اللوائح الصادرة عن مفوضية اللاجئين والتدقيق فيها، خصوصاً وأن الألوف من المشمولين بالاستفادة من دعمها المالي لا يجدون مشكلة في الانتقال بشكل منتظم بين بيروت ودمشق.

فهل تتمكن الحكومة من تعطيل القنابل الموقوتة التي يمكن أن تنفجر بأي لحظة في ضوء ما يحصل من إخلال بالأمن وتهديد للاستقرار؟


مقالات ذات صلة

إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية... ومقتل 12 شخصاً في صور

المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

إسرائيل تواصل غاراتها على الضاحية... ومقتل 12 شخصاً في صور

نقلت الوكالة اللبنانية اليوم (الأثنين) مقتل 12 وإصابة 17 في غارات إسرائيلية على صور بجنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

رؤساء وزراء سابقون يدخلون على خط التصعيد الإسرائيلي ضد العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

بينما يحاول رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزير خارجيته فؤاد حسين، العمل للحيلولة دون توجيه ضربة إسرائيلية إلى العراق، تتناقض مواقف القوى السياسية العراقية. ففي وقت أعلن البرلمان العراقي أنه سوف يعقد الاثنين جلسة مغلقة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية، خرقت بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران جدار الصمت الذي التزمت به طوال الأيام الماضية باستئنافها التهديد ضد إسرائيل بالتزامن مع دخول رئيسَي الحكومة السابقين حيدر العبادي وعادل عبد المهدي على خط التصعيد.

السوداني خلال كلمة له في الذكرى المئوية لتأسيس وزارة الخارجية قال إن «العراق دعا مبكراً إلى تكثيف الجهود لإنهاء الحرب في فلسطين ولبنان وحماية المدنيين، والعمل على عدم اتساع نطاق الحرب»، مشيراً إلى أن «الكيان الصهيوني هدد العراق بذرائع واهية تكشف عن نياته العدوانية؛ ما استلزم منا التأكيد على عدم جعل العراق منطلقاً لأي هجوم». وفي مسعى منه لتجنيب العراق المواجهة المحتملة مع إسرائيل، أكد السوداني أنه وجّه «وزارة الخارجية بمتابعة ملف التهديد الصهيوني بالمحافل الدولية لمنع محاولات الكيان إشعال الحرب في المنطقة بشكل أكبر».

عين العاصفة

وبينما خرقت الفصائل المسلّحة جدار الصمت طوال الأيام الماضية بعد تهديدات إسرائيلية بدت جادة هذه المرة لتوجيه ضربة ضد العراق، فقد دخل رؤساء وزراء سابقون على خط التعبير عن المخاوف من إمكانية حصول هذه الضربة والمآلات التي يمكن أن تنتهي إليها.

وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي إن «اللحظة الإقليمية والدولية لحظة تحوّلية خطيرة وخطرة، وعراقنا في عين العاصفة».

صورة للأمين العام السابق لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله الذي اغتالته إسرائيل مرفوعة في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)

وقال العبادي في تدوينة له على منصة «إكس» إن «العراق قادر على الخروج منها أقوى وأكثر تماسكاً، ولقد برهن العراقيون على قدرتهم وشجاعتهم في مواجهة التحديات الوجودية في الماضي القريب، ويمكنهم فعل ذلك مرة أخرى». غير أن العبادي حذّر مما أسماه «ثلاث خطايا وهي: الانقسام السياسي على مستوى السياسات والقرارات الوطنية. والسماح للمغامرين بقيادة السياسات والقرارات الوطنية. والانحياز الجبهوي في السياسات والقرارات الوطنية لصالح أحد المحاور المتصارعة بالضد من المصلحة الوطنية العراقية». وأضاف العبادي: «رسالتي للسّاسة: علينا رفض الروح الانهزامية، وعلينا بوحدة الصف وعقلانية السياسة وواقعية القرار».

من جهته، قال رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في تدوينة له إن «العراق والمنطقة - كانا وما زالا - في صلب (بلفور) و(سايكس - بيكو)»، مبيناً أن «ترتيبات وجودية وسيادية ومستقبلية ندفع عالياً أثمانها، فلا انهزام، ولا هروب من مواجهتها، ولا وقوف على التل»، على حد قوله.

إلى ذلك، حددت الفصائل المسلحة طبيعة الرد المحتمل في حال وجهت إسرائيل ضربات إلى العراق جرى تداول العديد من الأهداف المفترضة لها داخل العراق. وقال مصدر لأحد الفصائل المسلحة في تصريحات صحافية إن الفصائل تؤكد أن «التهديد الصهيوني باستهداف بغداد ليس مفاجئاً، وهو متوقع منذ أشهر، ونحن في جهوزية تامة لأي سيناريو من الآن». وأضاف: «طبيعة الرد على أي عدوان يطال بغداد ستحددها تنسيقية فصائل المقاومة، ولكن في كل الأحوال سيكون هناك رد مضاعف، لكن طبيعة الأهداف التي سيتم توجيه الضربات إليها ستختلف حتماً».

وأشار المصدر إلى أن «الرد لن يطال الكيان بل حلفاءه، وهذه رسالة قلناها من قبل ونكررها؛ لأنه لن يكون بمقدور المحتل ضرب بغداد دون دعم معلوماتي وفني من أميركا وغيرها، ومستعدون لنقل المعركة إلى مستويات أكبر». وبيّن أنه «إذا لم تنتهِ حرب الإبادة في فلسطين ولبنان ستبقى مسيّراتنا تضرب الكيان المحتل، ولن نتراجع عن موقفنا المبدئي مهما كانت الضغوط والتضحيات».