«الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» يتنافسان على تحقيق «إنجاز» في ملف النزوح السوري

 دعوات لعمل مشترك رغم تواصل السجالات

النازحون السوريون في لبنان تحولوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)
النازحون السوريون في لبنان تحولوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)
TT

«الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» يتنافسان على تحقيق «إنجاز» في ملف النزوح السوري

النازحون السوريون في لبنان تحولوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)
النازحون السوريون في لبنان تحولوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

لا صوت يعلو في البيئة المسيحية في لبنان راهناً فوق صوت الدعوات لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم. ويبدو واضحاً أن الحزبَين المسيحيَّين الرئيسيَّين؛ أي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، دخلا فيما تشبه المنافسة في هذا الملف؛ لمحاولة تحقيق إنجازات عملية.

فباتت التحركات التي يقومان بها متشابهة، كالضغط على البلديات، والاجتماع بالمسؤولين وقادة الأجهزة المعنية، وصولاً لاعتصامات على الأرض بدأها «التيار» ويعتزم «القواتيون» اللجوء إليها، إذ يستعدون لتحرك شعبي في بروكسل نهاية الشهر الحالي، بالتزامن مع انعقاد مؤتمر بروكسل الثامن لـ«دعم مستقبل سوريا والمنطقة».

ويقول «العونيون» إنهم كانوا أول مَن رفع الصوت في هذا الملف منذ سنوات، مطالبين بوقف إدخال النازحين، لكنهم وُوجهوا باتهامات بـ«العنصرية».

ومع استشعار حجم المخاطر المحدقة بالبلد على خلفية هذا الملف، بدأ «القواتيون» أخيراً تحركات عملية للدفع بملف العودة قدماً، وكثفوا تحركاتهم بعد إقدام عصابة سورية على خطف وقتل مسؤول «قواتي» الشهر الماضي. ويأخذ حزب «القوات اللبنانية» على «التيار الوطني الحر» أنه لم يُقدم على أي خطوات عملية لحل الأزمة رغم وجوده في السلطة طوال السنوات الماضية.

عمل مشترك قواتي - عوني

وخلال مؤتمر للبلديات في منطقة البترون، شمال البلاد، (السبت)، أثنى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على أداء نائب «القوات اللبنانية» غياث يزبك في ملف النزوح. وقال: «نحن طلبنا منذ زمن من قيادة القوات، عبر القناة الرسمية المفتوحة بيننا، أن نعمل على المستوى البلدي في ملف النزوح في كل لبنان. نحن نختلف في السياسة ونتنافس في الانتخابات، لكن ممنوع أن نختلف على وجود البلد وعلى الشراكة فيه، وعلى هويته وسيادته وثقافته ودورنا فيه».

ويؤكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب جيمي جبور أن «التكتل» ليس بصدد التنافس مع أي فريق سياسي حول ملف النازحين السوريين، مضيفاً: «نحن نرحب بانضمام الجميع إلى المطالبة المحقة بعودة هؤلاء النازحين إلى ديارهم في سوريا، خصوصاً أن غالبية الأراضي السورية لم تعد تشهد عمليات عسكرية، وتُصنّف على أنها مناطق آمنة».

ثمن سياسي

وشدد جبور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «موقف التيار الوطني الحر ثابت منذ بداية تدفق السوريين عام 2011، وقد استمر وحيداً في حمل لواء القضية ودفع الثمن سياسياً فيما سُميت لاحقاً (انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول)، لأن أبرز أسباب استهدافه آنذاك كان موقفه السياسي فيما خصّ قضية النزوح».

ويعدّ جبور أن «مجيء الجميع متأخرين أفضل من أن لا يأتوا». ويقول: «نتطلع إلى العمل المشترك مع هذه القوى لوضع آليات سياسية تنفيذية، سواء على مستوى السلطة السياسية أو السلطات المحلية، وأقصد هنا البلديات التي من الممكن أن تقوم بدور فعال في تنظيم وتخفيف أعداد النازحين إذا تأمّن لها الغطاء والدعم السياسي».

ويرى جبور أن «كل القوى السياسية التي انخرطت في دعم المعارضة السورية، تتحمّل المسؤولية الداخلية عن تغطية العمل الدولي الكبير بتهجير هؤلاء واستخدام ورقتهم في نزاعات المنطقة، وللضغط على البلدان المحيطة بسوريا». ويضيف: «من هنا، ومع ترحيبنا بالمواقف المستجدة والمنضمة حديثاً إلى موقفنا، لا نقبل من أي من هؤلاء المزايدة علينا، ونؤكد للجميع أنه من غير المسموح لمَن استفاق بعد جريمة جنائية ارتكبها سوريون أن يتصدر المشهد، بل عليه أن يقف في مؤخرة المطالبين ووراءهم، ولا مكان في الطليعة إلا لمَن استشرف ورأى ونبّه منذ سنوات».

تحوير المواقف

من جهته، ينفي النائب في تكتل «الجمهورية القوية» رازي الحاج، وجود تنافس بين «القوات» و«الوطني الحر» في هذا الملف، لافتاً إلى أن «هناك مَن يتحدث كثيراً ولا يفعل شيئاً، وهو كان في السلطة عند وقوع الأزمة. في المقابل، هناك فريق في المعارضة، مهما كانت المواقف التي اتخذها وتم تحويرها، لم يكن يمتلك الأدوات التنفيذية، لأنه كان، عند بدء موجات النزوح ولا يزال حتى اليوم، خارج السلطة».

ويضيف الحاج في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «في عام 2011، عند انطلاق الأزمة في سوريا، كانت في لبنان حكومة من لون واحد يرأسها نجيب ميقاتي، وللتيار الوطني الحر فيها 10 وزراء، كما كان لديه رئيس جمهورية ووزراء دفاع وقوى أمنية تتبع له، وكل ما يلزم من أدوات لوضع سياسة عامة لهذا الملف، لكنه لم يفعل شيئاً».

أحد مخيمات النزوح السوري (أ.ف.ب)

ويوضح الحاج أن تكتل «الجمهورية القوية» عندما وجد أن «الخطر تفاقم إلى هذه الدرجة، اتخذ قراراً بالقيام بكل الضغوط اللازمة للوصول إلى نتائج عملية وملموسة، بدءاً بتحريك كل البلديات لتطبيق القانون، وهو لو حصل كفيل بعدم خلق بيئة حاضنة للاجئين غير الشرعيين، وأيضاً من خلال الضغط على القوى الأمنية لممارسة مسؤولياتها بتطبيق القانون، إضافة إلى اتخاذنا خطوات باتجاه دول القرار ومفوضية اللاجئين. وها نحن نحضّر لمظاهرة شعبية في بروكسل، بالتوازي مع المؤتمر الذي يُعقد هناك».

ويعدّ الحاج أنه «ما دام الكل يتحدث عن أن هذا الملف عليه إجماع وطني، فيفترض أن يُترجم هذا الإجماع من خلال خطوات إجرائية وتنفيذية»، مضيفاً: «التيار اليوم في السلطة، ونحن في المعارضة، وبالتالي، فليخبرونا ما الإجراءات التي اتخذوها؟ لقد أوصلونا إلى مرحلة بتنا معها نشك في أن هناك طرفاً يتحدث في الموضوع في حين هو لا يستطيع أن يتخذ خطوات تنفيذية لاعتبارات سياسية مرتبطة بحلفائه الداخليين والخارجيين، ويريد أن يبقي هذا الموضوع شماعة لتخويف جمهوره وابتزازه».

ويختم الحاج قائلاً: «يكفي كذباً على الناس القول إنهم ليسوا جزءاً من السلطة التنفيذية. فهم جزء منها من خلال الوزراء الذين سموهم ودعموا تعيينهم، إضافة إلى أنهم أعطوا الثقة للحكومة. آن الأوان أن ينتهي انفصامهم وكذبهم».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تكثّف ملاحقاتها لـ«حزب الله» بجنوب لبنان على إيقاع حرب إيران

المشرق العربي مناصر لـ«حزب الله» يرفع ملصقاً مناهضاً لإسرائيل خلال مظاهرة داعمة لإيران في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

إسرائيل تكثّف ملاحقاتها لـ«حزب الله» بجنوب لبنان على إيقاع حرب إيران

كثَّفت إسرائيل من وتيرة ملاحقة عناصر «حزب الله» في جنوب لبنان خلال الساعات الـ48 الأخيرة، على إيقاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية التي دخلت أسبوعها الثاني.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المفتي دريان يستقبل السفير بخاري في «دار الفتوى» (المركزية)

لبنان يترقب تداعيات المواجهة الإيرانية - الإسرائيلية

شدد سفير السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، على «أهمية نأي لبنان بنفسه عما يحصل» من حرب بين إيران وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صواريخ دفاع جوي تعترض مقذوفات إيرانية فوق تل أبيب (د.ب.أ)

أجواء لبنان ساحة لقدرات الهجوم والدفاع بين إسرائيل وإيران

يشاهد اللبنانيون بشكل متغيّر منذ ليل الجمعة الماضي، أشكالاً متعددة من المقذوفات تلتقي مع بعضها قرب الحدود الجوية مع لبنان.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي صواريخ دفاع جوي إسرائيلية تعترض صواريخ إيرانية فوق الأراضي اللبنانية (المركزية)

اللبنانيون يوثقون الاشتباك الصاروخي الإيراني - الإسرائيلي فوق أراضيهم

تحولت مشاهدة الاشتباك بين صواريخ إيران وإسرائيل، إلى ظاهرة تجمّع الآلاف منهم ليلياً على أسطح المنازل والمباني، لمراقبة الصواريخ والمسيرّات الإيرانية واعتراضاتها

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون يترأس جلسة الحكومة (الرئاسة اللبنانية)

دعوات رسمية لبنانية لتحييد لبنان عن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، إلى عدم «توريط لبنان بالحرب الدائرة» بين إسرائيل وإيران منذ يوم الجمعة الماضي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تل أبيب تحذر «حزب الله»: صبرنا نفد

صورة لقصف إسرائيلي سابق في جنوب لبنان (رويترز)
صورة لقصف إسرائيلي سابق في جنوب لبنان (رويترز)
TT

تل أبيب تحذر «حزب الله»: صبرنا نفد

صورة لقصف إسرائيلي سابق في جنوب لبنان (رويترز)
صورة لقصف إسرائيلي سابق في جنوب لبنان (رويترز)

حذرت إسرائيل «حزب الله» اللبناني من مغبة المشاركة في الصراع مع إيران، مهددة بضرب «من يهددونها»، وذلك بعدما صرح أمين عام الحزب نعيم قاسم في بيان، الخميس، بأن الحزب «سيتصرف بما يراه مناسباً». وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن صبر إسرائيل نفد مع «الإرهابيين» الذين يهددونها.

ورفضت القوى السياسية اللبنانية اصطفاف الحزب مع إيران، ودعت إلى حياد لبنان في ظل الحرب الإيرانية - الإسرائيلية، وشددت على أن قرار السلم والحرب بيد الدولة وحدها، وهو موقف أكدته الحكومة التي بحثت الشق الأمني والسياسي خلال اجتماعها مساء أمس، وأعادت التشديد على مضمون البيان الوزاري، وخطاب القسم للرئيس جوزيف عون.

إلى ذلك، كثّفت إسرائيل من وتيرة ملاحقة عناصر «حزب الله» في جنوب لبنان خلال الساعات الـ48 الأخيرة، على إيقاع الحرب الإسرائيلية - الإيرانية. وأسفرت 5 استهدافات عن مقتل 5 أشخاص، في حين شنت مساءً غارات جوية عنيفة استهدفت مواقع جبلية وأودية في جنوب لبنان.