حرب جنوب لبنان تنسف آمال القطاع السياحي بصيف واعد

قطاع الفنادق أكثر المتضررين وأصحاب المؤسسات يتحسرون على الموسم الماضي

الفنان اللبناني ملحم زين خلال إحيائه حفلاً ضمن مهرجانات بعلبك في صيف 2023 (حساب مهرجانات بعلبك)
الفنان اللبناني ملحم زين خلال إحيائه حفلاً ضمن مهرجانات بعلبك في صيف 2023 (حساب مهرجانات بعلبك)
TT

حرب جنوب لبنان تنسف آمال القطاع السياحي بصيف واعد

الفنان اللبناني ملحم زين خلال إحيائه حفلاً ضمن مهرجانات بعلبك في صيف 2023 (حساب مهرجانات بعلبك)
الفنان اللبناني ملحم زين خلال إحيائه حفلاً ضمن مهرجانات بعلبك في صيف 2023 (حساب مهرجانات بعلبك)

ينظر أصحاب المؤسسات السياحية في لبنان بتشاؤم إلى موسم الصيف المقبل متحسّرين على صيف عام 2023 الذي كان الأفضل بعد 3 سنوات من الانتكاسة، ما جعلهم يعوّلون عليه ليكون بداية استعادة النمو، قبل أن تبدأ الحرب في الجنوب، وتنسف كل الآمال.

وتأتي اليوم التهديدات الإسرائيلية بأن الصيف «سيكون ساخناً في لبنان»، لتزيد القلق من ضرب الموسم السياحي الذي لا تعكس مؤشراته تفاؤلاً كبيراً، وهو ما يتحدث عنه نقيب الفنادق بيار الأشقر واصفاً نسبة الحجوزات في الفنادق منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) بـ«المعدومة». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مجرّد التهديد بالصيف الساخن، إضافة إلى استمرار الحرب في الجنوب سببان كافيان لعدم إقدام عدد كبير من المغتربين والسياح على الحجز للمجيء إلى لبنان»، لافتاً إلى أن مؤشرات الحجوزات تبدأ عادة الظهور في أوائل شهر مايو (أيار)، لكن هذا العام هي معدومة.

تجدر الإشارة إلى أن معظم الفنادق وأكبرها في بيروت تقفل بشكل جزئي من دون أن تعلن ذلك، وفق الأشقر، مشيراً كذلك إلى أن 90 في المائة من الفنادق في جبل لبنان معظمها مغلق بشكل نهائي، وإن كان أصحابها لم يعلنوا ذلك، وهو ما انعكس على عدد الموظفين بحيث بات الاعتماد على عدد قليل منهم بانتظار ما سيؤول إليه الوضع في المرحلة المقبلة.

ويتحسّر الأشقر على موسم الصيف العام الماضي قائلاً: «كان الموسم ممتازاً بعد 3 سنوات من الانتكاسة، وكنا قد بدأنا بمرحلة النمو، وأسهم في ذلك قدوم أعداد كبيرة من السياح الأجانب، لكن اليوم ومع تحذيرات السفارات لمواطنيها بعدم القدوم إلى لبنان طبعاً لن يغامروا بالمجيء، علماً بأن سبب نجاح الموسم السياحي العام الماضي كان بشكل أساسي بسبب أعداد السياح الأجانب الذين أتوا إلى لبنان»، من هنا، يرى أن الوضع اليوم هو أسوأ مما كان عليه خلال الأزمة الاقتصادية، حيث كان السياح يأتون إلى لبنان بعيداً عن أي تحذيرات أو مخاوف.

وفي حين يؤكد الأشقر أنه مجرّد الإعلان عن وقف إطلاق النار سترتفع مؤشرات الحجوزات، يوضح: «هذا الشهر وبداية الشهر المقبل، مرحلتان حاسمتان بالنسبة إلى الموسم السياحي في لبنان، فإذا توقفت الحرب فسنشهد فوراً ارتفاعاً في الحجوزات، أما إذا استمرت أسابيع مقبلة فسيفوتنا القطار، ويوماً بعد يوم سنخسر موسم الصيف».

مع العلم، أن الاقتصاد في لبنان يعتمد في جزء كبير منه على السياحة، بحيث يشكل القطاع السياحي 40 في المائة من الناتج المحلي، وهو ما سيخسره لبنان هذا العام في حال استمرار الوضع الأمني في الجنوب على ما هو عليه أو توسّع الحرب.

ويقول الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «إن السياحة هي التي تحرك الاقتصاد اللبناني، ومن ثم إذا لم يكن الموسم واعداً لن تدخل العملة الصعبة إلى البلد، وسيتباطأ الاستهلاك الذي عادة ما ينشط في المواسم، وينعكس على العمل في القطاعات السياحية، إضافة إلى أن ذلك سيؤدي إلى صرف موظفين، وبالتالي إلى زيادة في نسبة البطالة بين الشباب اللبناني».

وفي حين يفضّل الأشقر انتهاء العام لتقدير الخسائر، مشيراً إلى أن إيرادات القطاع السياحي المباشرة بلغت العام الماضي نحو 3 مليارات ونصف المليار، يقدّر أبو سليمان خسائر القطاع السياحي خلال أشهر الحرب الثمانية بـ200 مليون دولار أميركي، متوقفاً عند الحركة التي شهدها قطاع المطاعم والمقاهي لا سيما في مرحلة الأعياد، بينما يبقى الخاسر الأكبر هو قطاع الفنادق.

ويذكّر الأشقر بالمهرجانات التي عمّت المناطق من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، الصيف الماضي، وبعضها لم يكن موجوداً على الخريطة السياحية، بحيث عمدت كل قرية صغيرة إلى تنظيم مهرجان إضافة إلى افتتاح عدد كبير من المطاعم والمقاهي، ما انعكس انتعاشاً للمناطق سياحياً واقتصادياً، «لكن يبدو واضحاً أن هذه المهرجانات ستغيب هذا العام».

وجرت العادة في لبنان أن يبدأ الإعلان عن المهرجانات الكبرى في النصف الأول من كل عام، وهو ما لم يحدث حتى الآن، لأن المنظمين لا يغامرون بتوقيع العقود مع فنانين أجانب في ظل ضبابية الوضع الأمني في لبنان، وبالتالي فإن معظم المهرجانات ستغيب هذا العام، وأبرزها مهرجانات بعلبك لقربها من المناطق التي تتعرض في بعض الأحيان لقصف إسرائيلي. وتقول مصادر مقربة من قطاع المهرجانات: «إذا توقفت الحرب في الأسابيع المقبلة قد يعمد بعض منظمي المهرجانات إلى تنظيم حفلات محدودة». لكن في المقابل، يسجّل تنظيم حفلات كبرى في لبنان لفنانين من الصف الأول لبنانيين وعرب، على غرار وائل كفوري وشيرين وتامر حسني.

وبينما يعوّل القطاع السياحي في لبنان بشكل أساسي على المغتربين إضافة إلى السياح، يعيش اليوم معظم اللبنانيين في الخارج مرحلة من القلق والتردّد في المجيء إلى لبنان، في ظل الوضع الأمني والخوف من توسّع الحرب. وتقول إحدى الأمهات التي تنتظر ولديها في كل إجازة لزيارتها: «يريدان المجيء لتمضية عطلة الصيف، لكنهما يتريثان قليلاً أملاً بأن تتضح الصورة أكثر في الأيام المقبلة»، لكنها تتوقف عند مشكلة أخرى، وهي أسعار تذاكر السفر التي تسجّل في هذه المرحلة ارتفاعاً كبيراً، ما يطرح علامة استفهام»، آملة أن يتخذ قرار وقف إطلاق النار في أقرب وقت ممكن، وأن يسهم هذا الأمر في تراجع أسعار التذاكر قليلاً كي تشجّع الجميع على زيارة لبنان»، مؤكدة: «أولادي كما أولاد معظم اللبنانيين المغتربين لا يمكنهم إلا أن يزوروا عائلاتهم».

وكان عدد الوافدين إلى لبنان في العام الماضي قد وصل إلى قرابة المليون ونصف، بحيث أظهرت أرقام مطار رفيق الحريري الدولي، وصول مليون و300 ألف وافد بين أشهر يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب)، بينما تراوحت نسبة الحجوزات في الفنادق بين 80 و100 في المائة في هذه الأشهر، وهو الأمر الذي انعكس إيجاباً على قطاعات سياحية أخرى أبرزها المطاعم والمقاهي وشركات تأجير السيارات.


مقالات ذات صلة

بري متفائل بانتخاب رئيس في 9 يناير: «الأجواء جيدة»

المشرق العربي رئيس البرلمان نبيه بري مودعاً رئيس الحكومة اليوناني (رئاسة البرلمان)

بري متفائل بانتخاب رئيس في 9 يناير: «الأجواء جيدة»

جدّد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري التأكيد على تفاؤله بأن الجلسة التي حددها في 9 يناير (كانون الثاني) ستشهد انتخاب رئيس للجمهورية، واصفاً الأجواء بالجيدة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من الدمار في قرية يام اللبنانية بعد غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

سقوط 3 جرحى جراء غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

أغارت طائرة مسيرة إسرائيلية ظهر اليوم (الاثنين) على أطراف بلدة النجارية في جنوب لبنان، ما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزف عون (رويترز)

قائد الجيش يتقدم قائمة المرشحين لرئاسة لبنان

كشفت مصادر نيابية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتصدر لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، ويتمتع بتأييد محلي ودولي، مؤكدة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رفع علم المعارضة على السفارة السورية في لبنان بعد سقوط النظام (إ.ب.أ)

اتفاقيات التعاون اللبنانية - السورية رهن الإلغاء أو التعديل

أكثر من 40 اتفاقية تعاون موقّعة بين لبنان وسوريا باتت رهن الإلغاء أو التعديل مع سقوط النظام السوري، إلا أن هذه الخطوة رهن إرادة الحكم الجديد.

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري جلسة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون قبل ثلاثة أسابيع (الوكالة الوطنية للإعلام)

تحليل إخباري قائد الجيش اللبناني يتقدم رئاسياً وباسيل يواجه صعوبة بتأمين البديل

لا يزال قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يتصدر لائحة المرشحين لرئاسة الجمهورية، ويتمتع بتأييد محلي ودولي وفق ما تؤكد عليه مصادر نيابية.

محمد شقير (بيروت)

إقلاع أول طائرة منذ سقوط نظام بشار الأسد من مطار دمشق إلى حلب

رجل يحمل عَلم «الثورة» السورية داخل طائرة تابعة للخطوط الجوية قبل الإقلاع مع إعادة فتح المطار للرحلات الداخلية في دمشق الأربعاء (أ.ب)
رجل يحمل عَلم «الثورة» السورية داخل طائرة تابعة للخطوط الجوية قبل الإقلاع مع إعادة فتح المطار للرحلات الداخلية في دمشق الأربعاء (أ.ب)
TT

إقلاع أول طائرة منذ سقوط نظام بشار الأسد من مطار دمشق إلى حلب

رجل يحمل عَلم «الثورة» السورية داخل طائرة تابعة للخطوط الجوية قبل الإقلاع مع إعادة فتح المطار للرحلات الداخلية في دمشق الأربعاء (أ.ب)
رجل يحمل عَلم «الثورة» السورية داخل طائرة تابعة للخطوط الجوية قبل الإقلاع مع إعادة فتح المطار للرحلات الداخلية في دمشق الأربعاء (أ.ب)

أقلعت أول طائرة منذ سقوط نظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اليوم الأربعاء، من مطار دمشق، متجهة إلى مدينة حلب في شمال سوريا، حيث بدأ هجوم الفصائل، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، التي تتولى السلطة حالياً في البلاد.

رجل يستخدم هاتفاً بالقرب من الطائرة (رويترز)

وهجر الجيش السوري وقوات الأمن، التي كانت تابعة لنظام الأسد، مطار دمشق، بعد أن سيطرت الفصائل المعارِضة على المدينة يوم 8 ديسمبر.

وكان في الطائرة، وهي من طراز «إيرباص» تابعة لخطوط «السورية للطيران» الوطنية، 43 شخصاً؛ من بينهم صحافيون، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

موظفون يعملون داخل الطائرة (رويترز)

وقبل ساعات قليلة من سقوط العاصمة، استقلّ بشار الأسد طائرة من مطار دمشق إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في غرب سوريا.

موظفون يقومون بتجهيز الطائرة قبل الإقلاع (أ.ب)

والاثنين، رسم موظفو المطار على طائرات تابعة لشركة «أجنحة الشام» الخاصة، عَلَم استقلال سوريا عام 1946 الذي كان رمز الحراك الشعبي في عام 2011 ضد بشار الأسد، والذي تبنّته السلطات الجديدة.

عَلم «الثورة» على متن الطائرة (أ.ب)

كذلك، حلّ هذا العَلم مكان العَلم الذي كان سائداً في حقبة الأسد، في قاعات المطار.