نصائح غربية للبنان بالحل الدبلوماسي لمنع إسرائيل من توسعة الحرب

تحذيرات أوروبية من تدحرج الوضع جنوباً قبل يوليو

هل ينفذ نتنياهو تهديداته بتوسعة الحرب ضد «حزب الله»؟ (د.ب.أ)
هل ينفذ نتنياهو تهديداته بتوسعة الحرب ضد «حزب الله»؟ (د.ب.أ)
TT

نصائح غربية للبنان بالحل الدبلوماسي لمنع إسرائيل من توسعة الحرب

هل ينفذ نتنياهو تهديداته بتوسعة الحرب ضد «حزب الله»؟ (د.ب.أ)
هل ينفذ نتنياهو تهديداته بتوسعة الحرب ضد «حزب الله»؟ (د.ب.أ)

تترقب القوى السياسية، بدرجة عالية من القلق والحذر، التحذيرات التي حملها عدد من القيادات والشخصيات السياسية في جولاتهم على الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسها فرنسا، من جنوح فريق الحرب في إسرائيل نحو الجبهة الشمالية، بذريعة أنه لا حل يؤمن عودة المستوطنين إلى المستوطنات التي اضطروا للنزوح منها، والواقعة على التماس مع الحدود اللبنانية.

تحذيرات مقلقة

فالتحذيرات التي عاد بها هؤلاء من جولاتهم الأوروبية - الأميركية أدَّت، كما تقول مصادر سياسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى ارتفاع منسوب القلق من تدهور الوضع على امتداد الجبهة الشمالية بشكل يصعب السيطرة عليه، وأن هناك ضرورة لضبط النفس والتعاطي بإيجابية ومرونة مع الجهود الأميركية والفرنسية، لعلها تؤدي إلى منع إسرائيل من توسعة الحرب، وذلك بالاندفاع نحو تطبيق القرار «1701» وعدم الاستخفاف بالتحذيرات من لجوء نتنياهو إلى تصعيد غير مسبوق للمواجهة مع «حزب الله».

وتلفت المصادر إلى أن الجهات الرسمية اللبنانية تتعاطى بجدية مع التحذيرات الفرنسية - الأميركية، وتأخذها على محمل الجد، خصوصاً أن قيادة «حزب الله» أُعلمت بها، سواء بالواسطة أو عبر قنوات التواصل مع الفرنسيين الذين يضغطون على إسرائيل لمنعها من توسعة الحرب لتشمل جنوب لبنان، وإنما هذه المرة بالتلازم مع الورقة التي قدمتها باريس لتهدئة الوضع، والتي أُخضعت أخيراً لتعديلات قوبلت بملاحظات من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالإنابة عن حليفه «حزب الله» الذي أطلق يده بالتفاوض، بما يتجاوز الورقة الفرنسية إلى الأفكار التي طرحها الوسيط الأميركي أموس هوكستين، الذي جمّد تحركه، وربط معاودة تنقله بين بيروت وتل أبيب بالتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة.

نتنياهو ماضٍ في حربه ضد «حزب الله»

وتؤكد المصادر أن الوسيط الأميركي ليس في وارد إعادة تشغيل محركاته، ما لم يُتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، باعتبار أن الحزب يدرجه شرطاً لا بد من الاستجابة له للدخول في مفاوضات يتولاها الرئيس بري لتهدئة الوضع في جنوب لبنان.

ورغم أن بعض الأطراف المحلية التي لا تُصنف في خانة الخصومة مع «حزب الله» تقدر الجهود الفرنسية لتهدئة الوضع في الجنوب، فإنها تستبعد، كما أُحيطت علماً من خلال جولاتها الأوروبية والأميركية، أن توافق تل أبيب على أن يتمدد وقف إطلاق النار في غزة، في حال تم التوصل إليه، نحو الجبهة الشمالية ليشمل جنوب لبنان.

وتنقل هذه الأطراف عن مسؤولين أميركيين أن نتنياهو ماضٍ في مواجهته مع «حزب الله»، إصراراً منه على تحقيق فك ارتباط بين وحدة الساحات التي باسمها تدخل الحزب لمساندة حركة «حماس».

«حزب الله» مقتنع بأن نتنياهو غير قادر على توسعة الحرب

وتجيب مصادر سياسية على تواصل دائم مع «حزب الله» في ردها عن الأسئلة المتعلقة بموقفه من التحذيرات، بقولها إن نتنياهو ليس في وضع يسمح له بتوسعة الحرب، وإن مصلحته تكمن في إطلاق التهديدات لعله يفرض شروطه على الحزب بتغليب الحل الدبلوماسي على توسعة الحرب، خصوصاً أنه يتعرض إلى ضغوط دولية لا قدرة لديه على القفز فوقها وعدم التجاوب معها.

وتضيف هذه المصادر أن نتنياهو يتسلح بالتحذيرات للتهويل على الحزب، وصولاً للضغط عليه للتسليم بشروطه، مع أنها لا تقلل من حجم الدمار الممنهج للقرى والبلدات الأمامية الواقعة على الخط الأول والمتاخمة لإسرائيل.

وفي هذا السياق، تقول مصادر في «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») إن أهالي القرى الأمامية اضطروا للهجرة إلى البلدات الخلفية في الجنوب، ولم تتوسع هجرتهم لتشمل مناطق خارج النطاق الجغرافي للجنوب، مع أن حجم الدمار لا يُستهان به، والأضرار قاربت حتى الساعة نحو مليار ونصف المليار دولار، بخلاف الخسائر التي لحقت بالقطاع الزراعي.

سباق بين الحرب والحل الدبلوماسي

لذلك، فإن السباق على أشده بين الحل الدبلوماسي لتهدئة الوضع في الجنوب، وتوسعة الحرب بقرار من نتنياهو، مع ارتفاع منسوب القلق حيال تفلُّت المواجهة بين الحزب وإسرائيل من قواعد الاشتباك، وتهافت الموفدين الأوروبيين إلى بيروت وفي جعبتهم رسالة واحدة يدعون فيها لضبط النفس والانفتاح على الوساطات، وتحديداً الفرنسية والأميركية، على قاعدة خفض الشروط من قبل «حزب الله».

وعليه، فإن التحذيرات من توسعة الحرب لم تصل إلى القيادات اللبنانية، من سياسية وأمنية، عن طريق ما تتناقله الشخصيات اللبنانية على لسان مَن تلتقيهم في باريس وواشنطن، وإنما تصل إليهم مباشرة من أصحاب القرار والنفوذ على المستويين الدولي والعربي، وهذا ما يُقلقهم ويدفعهم للتواصل مع قيادة «حزب الله» للوقوف على رأيها من جهة، ولسؤالها: ما العمل لقطع الطريق على إسرائيل في استدراجها للبنان لتوسعة الحرب، خصوصاً أنه لا مجال لهدر الوقت، وأن هناك ضرورة لإعطاء فرصة للمفاوضات اليوم قبل الغد؟

والسؤال هنا: كيف سيتصرف الحزب؟ وهل يأخذ بالنصائح بإعطاء الأولوية للحل الدبلوماسي؟ وأين تقف حكومة تصريف الأعمال من التحذيرات؟ وهل يتدخل رئيسها نجيب ميقاتي بالتكاتف مع الرئيس بري وبمباركة الحزب وتأييده لإنقاذ المفاوضات وتعبيد الطريق أمامها لتطبيق القرار «1701» قبل حلول شهر يوليو (تموز)، وهو الموعد الذي حددته أكثر من جهة دولية، كما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر أوروبية نافذة، كحد أقصى لإعادة الهدوء إلى الجنوب، لئلا يتدحرج الوضع نحو تصعيد غير مسبوق تتحضر له تل أبيب، بعد أن تكون قد استكملت اجتياحها لمدينة رفح؟


مقالات ذات صلة

غارة جوية إسرائيلية على شرق لبنان

المشرق العربي مواطنون يسيرون بالقرب من مسجد مدمر في قرية خيام اللبنانية (رويترز)

غارة جوية إسرائيلية على شرق لبنان

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، فجر اليوم (الأربعاء)، منطقة بعلبك شرق لبنان، في خرق لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد نجيب ميقاتي (وسط الصورة من اليسار) في صورة مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون (وسط الصورة من اليمين) والوزراء بعد اجتماع وزاري في مدينة صور (مكتب رئيس الوزراء)

السندات الدولية تنذر بمقاضاة لبنان أمام القضاء الأميركي

بلغت السندات اللبنانية السيادية السقوف المرتقبة للارتفاع بنسبة قاربت 100 في المائة من أدنى مستوياتها في الأسواق المالية الدولية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي صورة الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله على أوتوستراد بيروت - الجنوب (إ.ب.أ) play-circle 02:51

مصادر تكشف أولويات «حزب الله» المقبلة... تقييم وتحقيقات وتشييع قيادات

يتفرغ «حزب الله» لإعادة ترتيب بيته الداخلي باستكمال بنيانه السياسي والتنظيمي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (رئاسة الحكومة)

ميقاتي: الجيش سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الاثنين، إن الجيش اللبناني سيقوم بمهامه كاملة في جنوب لبنان بعد انسحاب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)

لبنان يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع الحكومة الجديدة في سوريا

سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)
سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)
TT

لبنان يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع الحكومة الجديدة في سوريا

سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)
سوريون في منطقة بالقرب من معبر المصنع الحدودي اللبناني مع سوريا (د.ب.أ)

قال لبنان، اليوم (الخميس)، إنه يتطلع إلى «أفضل علاقات الجوار» مع سوريا، في أول رسالة رسمية للإدارة الجديدة في دمشق.

وذكرت وزارة الخارجية اللبنانية على موقع «إكس» أن وزير الخارجية عبد الله بوحبيب نقل الرسالة إلى نظيره السوري، أسعد حسن الشيباني، خلال اتصال هاتفي.

وشهد الأسبوع الحالي زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد؛ حيث التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، في «قصر الشعب».

تعهَّد الشرع بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وبينما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ووقَّع لبنان مع سوريا 42 اتفاقية، أغلبها بعد عام 1990. لكن لم تأخذ طريقها إلى التطبيق، وما طُبِّق منها صبّ في المصلحة السورية، أبرز هذه الاتفاقيات: «معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق»، و«اتفاقية الدفاع والأمن»، و«اتفاق التعاون والتنسيق الاقتصادي والاجتماعي»، و«اتفاق نقل الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية».

اقرأ أيضاً