الوسيط الأميركي يعاود تحركه لبنانياً فور وقف النار في غزة

باريس تملأ الفراغ بغيابه تأكيداً لالتزامها باستقرار الجنوب

لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)
لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)
TT

الوسيط الأميركي يعاود تحركه لبنانياً فور وقف النار في غزة

لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)
لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)

تدخل المفاوضات بين فرنسا ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتهدئة الوضع في الجنوب، مرحلة جديدة مع تسليمه، الاثنين، السفارة الفرنسية في بيروت الملاحظات التي أعدها «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الورقة الفرنسية بنسختها الثانية، والتي تنطلق من تطبيق القرار الدولي 1701، كونه الممر الإلزامي لإعادة الاستقرار، بوضع حد لتصاعد المواجهة العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل، شرط التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة الغزاوية، لأن من دونه لا يمكن الركون للجهود الرامية إلى منع جنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب جنوباً.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مواكبة للاتصالات التي تولاها الرئيس بري، أن الملاحظات على مسودة الورقة الفرنسية بنسختها الثانية، التي صيغت باللغة الإنجليزية، أُنجزت، الجمعة الماضي، في ختام اللقاءات التي عُقدت بين المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، ونظيره المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين خليل، بتواصلهما المفتوح برئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل أن يغادر بيروت في زيارة خاصة.

1701 دون «ترتيبات أمنية»

وكشفت المصادر السياسية أن الملاحظات تأخذ في الحسبان ضرورة اعتماد القرار 1701 كإطار عام لتهدئة الوضع في الجنوب، وقالت إنه لا مكان للترتيبات الأمنية لئلا يذهب البعض للتعاطي معها على أنها مقدمة لتعديل هذا القرار، وهذا ما ينسحب أيضاً على تشكيل لجنة رباعية للإشراف على تطبيقه، وحصر هذه المهمة بلجنة ثلاثية تتشكل، كما هو حاصل الآن، من قيادة القوات الدولية «يونيفيل» ومندوبين من لبنان وإسرائيل.

ولدى سؤال المصادر نفسها عن موقف الولايات المتحدة الأميركية من المسودة الفرنسية المطروحة للتفاوض، أكدت عدم التواصل معها، على الأقل من الجانب اللبناني، منذ أن تسلم لبنان الورقة الفرنسية بنسختها الأولى، لكنها سألت: ما المغزى من حرص باريس على تسليمنا النسخة الثانية باللغة الإنجليزية؟ وهل أرادت تمرير رسالة يُفهم منها بأنها أعدتها بالتشاور مع واشنطن، خصوصاً أن الرئيس ميقاتي، كما علمت «الشرق الأوسط»، كان سأل لدى تسلُّمه النسخة الأولى عن الموقف الأميركي، وربما أتاه الجواب بإعدادها باللغة الإنجليزية؟

تشاور بين باريس وواشنطن

وفي هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية غربية إن باريس حرصت، قبل أن تعد ورقتها الأولى، على التشاور مع واشنطن، التي أبدت تفهُّماً للدوافع التي أملت عليها التحرك سعياً وراء تهدئة الوضع في الجنوب لقطع الطريق على إسرائيل التي تجنح لتوسعتها، وأكدت أن ذلك يشكل نقطة تقاطع والتقاء بينهما.

حرصت باريس على التشاور مع واشنطن قبل تقديم ورقتها لإعادة الهدوء إلى الجبهة بين إسرائيل و«حزب الله» (إ.ب.أ)

وقالت المصادر الدبلوماسية الغربية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس تبدي اهتماماً خاصاً بالوضع في لبنان، وتقوم بكل ما بوسعها لتهدئة الوضع في جنوبه، ولإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم بانتخاب رئيس للجمهورية. وأضافت أن الرئيس إيمانويل ماكرون يتابع شخصياً الوضع من كثب، وهو أوفد ممثله الشخصي جان إيف لودريان إلى بيروت، في مهمة خاصة لحث النواب على إنهاء الشغور في الرئاسة الأولى، وهذا ما تصدّر استقباله للرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.

وأكدت المصادر نفسها أن لبنان يعني الكثير لفرنسا، ولن تدعه ينهار، وهي تتحرك على كل المستويات لإنقاذه، وقالت إن واشنطن تتفهم الدوافع الفرنسية الكامنة وراء الورقة التي أعدتها لتهدئة الوضع في الجنوب، والتي تشكل، من وجهة نظرها، خريطة الطريق لمنع تدحرجه نحو الحرب، رغم أن «حزب الله» ليس في وارد الانجرار إليها.

هوكستين عائد بعد وقف النار في غزة

لكن، تبقى هناك مجموعة من الأسئلة، كما تقول المصادر اللبنانية المواكبة: هل تتفرّد باريس بالتحرك جنوباً؟ وأين تقف واشنطن؟ وماذا عن المهمة التي أوكلتها إلى مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين، في تنقله بين بيروت وتل أبيب، لتعبيد الطريق سياسياً وعسكرياً لتطبيق القرار 1701، قبل أن يجمّد تحركه ريثما تنجح الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية لوقف إطلاق النار في غزة باتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس»، تتولى رعاية تطبيقه كشرط لمعاودة الوساطة؟ وهل تنخرط باريس في الوساطة الأميركية؟ أم أنها تتحرك في الوقت الضائع لملء الفراغ، رغبة منها في أن تحجز لها مقعداً في الجهود الرامية لتهدئة الوضع في الجنوب لما يعنيه لها لبنان، خصوصاً أنها، وفق المصادر، لا تضع نفسها في سباق مع واشنطن، التي ستطلق الضوء الأخضر لهوكستين لمعاودة تحركه بين بيروت وتل أبيب فور التوصل إلى وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية؟

ميقاتي لا يريد تكرار تجربة السنيورة

لذلك، مع ترقب الرهان على نجاح الوساطة لوقف النار في غزة، هناك من يسأل: أين يقف ميقاتي من حصر التفاوض برئيس المجلس النيابي؟ وهل قرر عزوفه عن تولي المفاوضات مع فرنسا؟

فالرئيس ميقاتي ارتأى، عن سابق تصور وتصميم، الوقوف إلى جانب الرئيس بري في توليه المفاوضات والتنسيق معه في كل شاردة وواردة، ما دام يحظى بتفويض «على بياض» من حليفه «حزب الله» الذي يسر له ما لا يسره لغيره. وبالتالي، لقطع الطريق منذ الآن على القيل والقال، وصولاً إلى تحميله مسؤولية أي خلل يمكن أن يلحق بالمفاوضات، على غرار ما تعرّض له سابقاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، عندما نفض «حزب الله» يديه من النقاط السبع التي أجمع عليها مجلس الوزراء في حينه لوقف حرب تموز 2006، وصولاً إلى استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة، مع أن الحكومة كانت بكامل أعضائها وراء استعجال صدور القرار 1701 الذي أوقف الحرب، توخى الرئيس ميقاتي من موقفه هذا توفير الحماية لساحته، مع أنه قام بكل ما يتوجب عليه لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وأجرى، كما يقول أحد الوزراء لـ«الشرق الأوسط»، مروحة واسعة من الاتصالات العربية والدولية، توّجها بلقاء الرئيس ماكرون، الذي فتح الباب أمام تعديل الورقة الفرنسية بنسختيها الأولى والثانية، وبقي على تواصل مع الرئيس بري إلى ما بعد إعداد الملاحظات على المسودة الفرنسية الثانية، كإطار للتفاوض من أجل تهدئة الوضع في الجنوب.


مقالات ذات صلة

واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

تحليل إخباري تؤكد إيران أنها ستتدخل مباشرة في القتال حال قيام إسرائيل بتوسعة الحرب ضد «حزب الله» (أرشيف «الشرق الأوسط»)

واشنطن توكل لباريس التواصل مع طهران لمنع التصعيد في جنوب لبنان

أكد مصدر دبلوماسي غربي أن واشنطن أوكلت إلى باريس مهمة التواصل مع إيران وحليفها «حزب الله» لإعادة الهدوء إلى جبهة جنوب لبنان ومنع توسعة الحرب بين الحزب وإسرائيل.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي بارولين والراعي يتوسطان الحاضرين في لقاء بكركي (الشرق الأوسط)

مقاطعة شيعية للقاء مع أمين سر الفاتيكان يبحث الملف الرئاسي اللبناني

قاطع «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» لقاء رؤساء الطوائف والكتل النيابية مع أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين بمقر البطريركية الماروني في بكركي.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي هوكستين متحدثاً في مؤتمر صحافي بعد لقائه برّي (رويترز)

الدور الأميركي في لبنان... أبعد من وساطة وأقل من وصاية

تُولِي الولايات المتحدة الأميركية أهمية قصوى لتفادي توسّع الحرب في لبنان، ولذا أرسلت المبعوث الرئاسي آموس هوكستين إلى المنطقة، في محاولة لخفض التصعيد.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي عناصر فصيل عراقي مقرب من طهران يحرقون علم إسرائيل في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

«الحرس الثوري» يفحص خططاً عراقية لدعم «حزب الله»

يناقش قادة فصائل عراقية «خططاً أولية» لدعم «حزب الله» في لبنان حال خاض حرباً مع إسرائيل، لكنها جميعاً غير نهائية بانتظار رأي الفصيل اللبناني وموافقة طهران.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي 
طفلة فلسطينية تعاني سوء التغذية تتلقى العلاج في مستشفى بدير البلح وسط قطاع غزة أمس (رويترز)

«مرحلة جديدة» بغزة تُنذر بتسخين جبهة لبنان

أنذر إبلاغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكستين، أمس بالانتقال إلى «مرحلة جديدة» في غزة، بتسخين مُحتمل على خط المواجهة.

كفاح زبون (رام الله)

مقتل 3 فلسطينيين وإصابة 12 ونسف منازل في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا ورفح

دمار واسع في بيت لاهيا (أ.ف.ب)
دمار واسع في بيت لاهيا (أ.ف.ب)
TT

مقتل 3 فلسطينيين وإصابة 12 ونسف منازل في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا ورفح

دمار واسع في بيت لاهيا (أ.ف.ب)
دمار واسع في بيت لاهيا (أ.ف.ب)

قُتل 3 فلسطينيين على الأقل وأصيب 12، بعد منتصف ليل الثلاثاء- الأربعاء؛ جرَّاء غارة شنها الجيش الإسرائيلي استهدفت منزلاً في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بينما تم نسف عدة منازل بمدينتي غزة ورفح.

وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) بأن من بين ضحايا الغارة أطفالاً ونساء. وأضافت «وفا» أن قوات الجيش الإسرائيلي نسفت كثيراً من منازل المواطنين في المناطق الجنوبية الغربية لمدينة غزة، وفي حي الزيتون وفي مدينة رفح.

كما ذكرت الوكالة أن مناطق الحي السعودي ووسط وغرب مدينة رفح، وشمال شرقي خان يونس جنوبي قطاع غزة، شهدت قصفاً مدفعياً إسرائيلياً عنيفاً، بينما شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على مخيم النصيرات وسط القطاع.

وأشارت «وفا» إلى ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، حسب مصادر طبية، إلى 37658 قتيلاً، و86237 مصاباً، غالبيتهم من الأطفال والنساء، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.