دمشق تدفع بتعزيزات عسكرية إلى السويداء بعد مظاهرات حاشدة

مصادر رجحت ارتباطها «بتغير المعادلات الإقليمية»

متظاهرون مناهضون للنظام السوري في محافظة السويداء (موقع السويداء 24)
متظاهرون مناهضون للنظام السوري في محافظة السويداء (موقع السويداء 24)
TT

دمشق تدفع بتعزيزات عسكرية إلى السويداء بعد مظاهرات حاشدة

متظاهرون مناهضون للنظام السوري في محافظة السويداء (موقع السويداء 24)
متظاهرون مناهضون للنظام السوري في محافظة السويداء (موقع السويداء 24)

دفعت القوات الحكومية السورية، اليوم السبت، بمزيد من التعزيزات العسكرية باتجاه محافظة السويداء، وصفت بأنها الأكبر من نوعها، وتضم رتلاً من ناقلات الجند والدبابات والمدرعات وعشرات الآليات الثقيلة، وصفه موقع «الراصد» الإخباري المحلي بأن «طوله يمتد لعدة كيلومترات».

وقالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف من دفع دمشق مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة الجنوبية يتجاوز إخماد حراك السويداء، وإن بدا الأمر كذلك من خلال الحملات التي تشنها حسابات موالية للحكومة في وسائل التواصل الاجتماعي، ورجحت ارتباط التعزيزات العسكرية بتغير المعادلات الإقليمية، على خلفية الحرب في قطاع غزة، وما ستؤدي إليه من نتائج تتطلب إعادة السيطرة على جبهة الجنوب وضبطها، سيما بعد مشاركة الأردن، إلى جانب قوات أجنبية، في التصدي للطائرات الإيرانية في هجومها على إسرائيل، وأيضاً قيامه بعمليات عسكرية داخل الأراضي السورية لكبح عمليات تهريب المخدرات.

وأشارت المصادر إلى وجود معطيات على الأرض تشير إلى بدء تحرك أمني وعسكري بالتعاون مع إيران، يهدف لإعادة انتشار القوات الحكومية على حدود سوريا الجنوبية، في رسالة إلى الأردن، من دون أن ينفي ذلك احتمال جدية دمشق في إخماد حراك السويداء، واستعادة هيبة السلطة وأجهزتها الأمنية، ورد اعتبار حزب «البعث» هناك.

وبدأت القوات الحكومية بإرسال تعزيزات عسكرية منذ أسبوع، على خلفية تصاعد التوتر في محافظة السويداء، بعد احتجاز الأهالي عدداً من الضباط وعناصر الشرطة والأجهزة الأمنية، بهدف الضغط على الجهات الحكومية للإفراج عن طالب جامعي اعتقلته الأجهزة الأمنية في اللاذقية. ومع أنه تم إطلاق سراح الجميع، إلا أن القوات الحكومية واصلت إرسال التعزيزات إلى السويداء، وسط توقعات بشن حملة عسكرية لإخماد المظاهرات الاحتجاجية هناك وبسط السيطرة الأمنية على كامل المحافظة.

يشار إلى أن اجتماعات ولقاءات كثيرة شهدتها السويداء، الأسبوع الماضي، بين زعامات دينية واجتماعية في المنطقة، بهدف توحيد الصفوف وتجنيب المحافظة العمل العسكري.

وعبّر شيخ العقل، بهجت الهجري، عن موقف الحراك الشعبي في السويداء، في بيان له أكد التمسك بسلمية الحراك والاستعداد لرد أي اعتداء من أي جهة يأتي.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «التعزيزات الجديدة التي وصلت، السبت، تعد الأضخم قياساً بما سبقها خلال الأيام الفائتة». وأوضح أنها تضم ناقلات جند ودبابات ومدرعات عسكرية وعشرات من الآليات الثقيلة، لافتاً إلى أنها جاءت بعد مظاهرات عارمة في مدينة السويداء، الجمعة، للرد على الحشود العسكرية التي تدفعها القوات الحكومية إلى محافظة السويداء.

وجدد المتظاهرون، السبت، في اليوم الـ257 منذ انطلاق الحراك السلمي، مطالبتهم بتطبيق القرار الأممي 2254، وتحقيق انتقال سياسي، وبناء جسم وطني ديمقراطي لا مركزي يضم النسيج السوري، وشهدت المظاهرات حضوراً ومشاركة من أبناء المحافظة.

وسجل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» استقدام قوات حكومية إلى مطار خلخلة العسكري في ريف السويداء، ضمت أكثر من 50 آلية، يومي 28 و29 أبريل (نيسان)، كما استقدمت الأجهزة الأمنية في27 أبريل 5 حافلات على متنها عشرات العناصر، وعدّة سيارات مزودة برشاشات متوسطة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سكان يفرّون بعد غارة إسرائيلية استهدفت منطقة المصنع على الجانب اللبناني من المعبر الحدودي مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر أمس إلى 79

ارتفع عدد قتلى الهجوم الذي شنّته إسرائيل، أمس، على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد إلى 79 قتيلاً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

هل يدوم تضامن الإسرائيليين مع نتنياهو بشأن مذكرة الاعتقال؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إن مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ بسبب الحرب في غزة، أثارت غضباً عارماً بين مختلف أطياف الساحة السياسية في إسرائيل، ولكن على المدى البعيد، لا يبدو هذا الأمر جيداً بالنسبة لرئيس الوزراء.

وأضافت أنه كلما تم تصوير نتنياهو على أنه منبوذ دولياً، بدا أن كثيراً من الإسرائيليين يحتضنونه على الرغم من الاستقطاب الداخلي العميق.

وقال المحللون إنه من المرجح أن يتجمع معظم الإسرائيليين حول رفض نتنياهو قرار المحكمة، الذي ندد به بوصفه «معادياً للسامية».

وذكر ميتشل باراك، وهو خبير استطلاعات رأي عمل مساعداً لنتنياهو في التسعينات: «هذا يساعده». ووصفه بأنه «الرجل الوحيد الذي يقف ضد كل الشر في العالم».

وقال باراك: «إن هذا يحوله إلى الضحية التي يحب أن يكونها، والشخص الذي يقاتل من أجل حقوق إسرائيل»، مضيفاً أن الإسرائيليين كانوا موحَّدين إلى حد كبير في دعمهم للحرب.

وجاءت مذكرة الاعتقال في الوقت الذي تآكلت فيه صورة نتنياهو المحلية في الأشهر الأخيرة، ومع ازدياد اللوم الدولي على الأزمة الإنسانية في غزة، حيث قُتل أكثر من 44 ألف فلسطيني، وفقاً لمسؤولي الصحة المحليين.

وانخفضت ثقة الإسرائيليين في قيادة نتنياهو، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنَّته حرك «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، واتهمه كثير من الإسرائيليين بإطالة أمد الحرب في غزة لأسباب سياسية: للحفاظ على ائتلافه الحاكم اليميني، والبقاء في السلطة حتى مع معركته ضد اتهامات الفساد.

ووفقاً لمسؤول حكومي إسرائيلي متقاعد، أخيراً، عمل على قضايا تتعلق بالشؤون الدولية لإسرائيل لسنوات، وطلب عدم الكشف عن هويته، فمن المحتمل أيضاً أن نتنياهو لا يقلق بسبب أوامر الاعتقال، لأمر واحد، لأن الولايات المتحدة، حليف إسرائيل الأكثر أهمية، رفضت القضية ضد القادة الإسرائيليين. ومن ناحية أخرى، إسرائيل ليست عضواً في المحكمة الدولية ولا تعترف بولايتها القضائية في إسرائيل أو غزة.

وقالت الصحيفة إن عدداً قليلاً من الإسرائيليين أعربوا علناً عن تعاطفهم مع المدنيين في غزة، وألقوا باللوم على «حماس» في معاناتهم. ومع تجنيد معظم الشباب، يجد معظم الإسرائيليين صعوبة في تصور الجنود مجرمي حرب.

ويدرك الإسرائيليون أنه لا يزال من الممكن إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد الضباط والجنود، مما يزيد من عدائهم للمحكمة، ولكن في الوقت نفسه فإنهم معزولون، إلى حد كبير، عن العداء لإسرائيل في الخارج.

وحتى خصوم نتنياهو السياسيين يقولون ما يبدو أن معظم الإسرائيليين يفكرون فيه، حيث كتب يائير لبيد، زعيم المعارضة، على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الخميس: «تدافع إسرائيل عن حياتها ضد المنظمات الإرهابية التي هاجمت وقتلت واغتصبت مواطنينا»، مضيفاً: «أوامر الاعتقال مكافأة للإرهاب».

وتأتي أوامر الاعتقال في وقت مضطرب، يعيشه نتنياهو وإسرائيل، التي على وشك التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار بشأن الصراع مع «حزب الله» في لبنان، في حين لا يزال نحو 100 رهينة، من المفترض أن يكون ثلثهم على الأقل قد لقوا حتفهم، في غزة.

وأقال نتنياهو، أخيراً، يوآف غالانت من منصب وزير الدفاع؛ بسبب الخلافات حول استمرار الحرب في غزة والسياسات الداخلية؛ مما أدى إلى تقويض الثقة في الحكومة.

كما تعرَّض مكتب نتنياهو للتدقيق بشكل متزايد بشأن سلسلة من التحقيقات التي ركزت على سوء التعامل مع المواد الاستخباراتية.

ويوم الخميس، اتهم المدعون الإسرائيليون أحد مساعديه بتسريب معلومات سرية عن «حماس» بطريقة يقول المدعون إنها من المرجح أن تضر بالأمن القومي، وتضع الناس في خطر يهدد حياتهم في وقت الحرب.

وفي الشهر المقبل، من المتوقع أن يقف نتنياهو في محاكمة بعدما وُجِّهت إليه اتهامات بالرشوة والاحتيال وانتهاك الثقة، في 3 قضايا منفصلة ولكنها مترابطة يتم الاستماع إليها بالتوازي.

وقد نفى ارتكاب أي مخالفات في القضايا التي تركز على اتهامات بأنه رتب خدمات لرجال أعمال مقابل هدايا، وتغطية إخبارية متعاطفة له ولأسرته.

وحرصاً على تجنب أي لوم شخصي تجاه نتنياهو على تلك الإخفاقات، ومع اقتراب الوقت المناسب للإدلاء بشهادته في قضايا الفساد، ضاعف أنصاره هجماتهم ضد النظام القضائي الإسرائيلي وربما شجعهم فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على ذلك، فقد تغذوا على فكرة أن نتنياهو يتعرَّض للاضطهاد من قبل القوى الليبرالية في الداخل والخارج.

ويتوقع الإسرائيليون أن تكون إدارة ترمب الجديدة أكثر استيعاباً للحكومة الإسرائيلية، الأكثر يمينية ومحافظة دينياً في تاريخ البلاد.

وعلى الرغم من الرفض الإسرائيلي الواسع النطاق لقرار إصدار أوامر الاعتقال، فإن التعاطف مع نتنياهو قد يتضاءل في الأمد البعيد، كما يقول بعض المحللين.

نتنياهو وغالانت خلال مؤتمر صحافي سابق في قاعدة «كيريا» العسكرية في تل أبيب (رويترز)

وقال باراك، خبير استطلاعات الرأي، إن كون المرء «شخصية دبلوماسية غير مرغوب فيها» ليس مظهراً جيداً لرئيس الوزراء، خصوصاً أن مكانة نتنياهو الدولية الضخمة كانت ذات يوم واحدة من دعاياته الانتخابية.

ولا يواجه نتنياهو وغالانت أي خطر للاعتقال في إسرائيل بسبب أوامر الاعتقال. ومع ذلك، يمكن احتجازهما إذا سافرا إلى إحدى الدول الأعضاء في المحكمة، البالغ عددها 124 دولة، والتي تشمل معظم الدول الأوروبية ولكن ليس الولايات المتحدة.

وحتى السفر جواً إلى الولايات المتحدة قد يكون محفوفاً بالمخاطر إذا احتاج شخص ما على متن الطائرة، على سبيل المثال، إلى علاج طبي عاجل، مما يضطره إلى الهبوط اضطرارياً في الطريق.

وفي إشارة إلى القيود الجديدة على قدرة نتنياهو على السفر إلى الخارج، قال باراك: «لا يمكنك أن تكون رئيس وزراء على تطبيق زووم».