الأردن يحبط مساعي إيرانية حثيثة لاستهداف أمنه

الملك يطالب بوقف فوري للتصعيد في المنطقة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أرشيفية - أ.ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أرشيفية - أ.ب)
TT

الأردن يحبط مساعي إيرانية حثيثة لاستهداف أمنه

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أرشيفية - أ.ب)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني (أرشيفية - أ.ب)

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء، خلال لقائه وجهاء محافظة المفرق (70 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة) موقف بلاده من «عدم السماح بأن يكون الأردن ساحة معركة لأي جهة». وهو الموقف نفسه الذي أبلغه عبد الله الثاني للرئيس الأميركي جو بايدن، ليلة الأحد الماضي، خلال اتصال هاتفي من أن بلاده لن «تكون ساحة لحرب إقليمية»، مشدداً على ضرورة «وقف التصعيد فوراً في الإقليم»، وأن أي «إجراءات تصعيدية إسرائيلية ستؤدي إلى توسيع دائرة الصراع في المنطقة».

وكانت وكالة أنباء «فارس» قد كتبت، فجر الأحد، نقلاً عن مصدر عسكري: «قواتنا المسلّحة ترصد بدقة تحرّكات الأردن خلال عملية تأديب الكيان الصهيوني. وفي حال شارك الأردن في أي أعمال محتملة، سيكون الهدف التالي».

وعليه، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، ليلة الأحد، أنها استدعت سفير إيران في عمّان، وطلبت من بلاده أن «تتوقف الإساءات والتشكيك» في مواقف المملكة. في وقت تحدث فيه الوزير الصفدي على شاشة «المملكة» (تلفزيون رسمي) بأن «نتنياهو سيحاول أن يفتعل مواجهة مع إيران ليجر الولايات المتحدة والغرب إلى حرب إقليمية، فيذهب التركيز باتجاه إيران، وينسى العالم غزة».

وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (أ.ب)

مساعٍ إيرانية لاستهداف الأردن

تؤكد مصادر أردنية متطابقة توافر معلومات «حساسة عن مساعٍ إيرانية حثيثة لاستهداف الأمن في المملكة»، خلال الأشهر الأخيرة الماضية، وهو ما جرى إحباطه، والتكتم عنه بعيداً من إثارة مزيد من التوتر والقلق في العلاقة بين البلدين، وتكشفت خطط الاستهداف عبر الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني النشطة على طول الحدود الأردنية السورية (370) كيلومتراً بهدف تجارة السلاح والمخدرات.

ويدرك الأردن أن نيات طهران واضحة «في زراعة بؤر أمنية ساخنة، تستخدمها للتحرش بخصومها في المنطقة»، ويتحدث مصدر سياسي إلى «الشرق الأوسط» فيقول: «تريد إيران أن تزعزع الأمن الأردني، وهي تبحث عن موطئ قدم لها يزعج المملكة».

يعزز حديث المصدر ما نشرته «الشرق الأوسط» مطلع الشهر الحالي بأن ميليشيات عراقية محسوبة على إيران سعت منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى تنفيذ عمليات تسلل عبر الحدود الأردنية بهدف «الزحف الشعبي» لدعم المقاومة الفلسطينية، لكن الجيش الأردني استطاع إحباط كثير من تلك المحاولات، موجهاً «تهديدات جدية» وصلت عبر القنوات الرسمية بقصف الحشود الشيعية التي أقامت مخيمات لها في منطقة طريبيل من الجانب العراقي، ما أسفر عن تراجع تلك الميليشيات إلى عمق أكثر من 40 كيلومتراً داخل الحدود العراقية.

بالإضافة إلى التهديد المباشر من قبل المسؤول الأمني للمقاومة الإسلامية كتائب «حزب الله» في العراق أبو علي العسكري عندما أصدر بياناً على حسابه في موقع «تلغرام»، أكد فيه أن «كتائب (حزب الله) بصدد تجهيز مجاهدي المقاومة الإسلامية في الأردن بأسلحة وقاذفات ضد الدروع وصواريخ تكتيكية».

ثقة مفقودة

«لا تثق عمان بطهران» جملة مختصرة لتاريخ العلاقة بين البلدين يتحدث بها ساسة ونخب أردنية، وتعززت قناعة الأردن بعدم جدية إيران في حسم نقاط الخلاف عندما ذهبت لزرع أذرع مسلحة لها في الجنوب السوري والغرب العراقي، باعثة رسائل تهديد واضحة تريد منها إضعاف الجبهة الأمنية الأردنية. فكلما توسع نطاق الفوضى في المنطقة وتعددت بؤرها، تمكنت إيران من ممارسة التفاوض لتحقيق مصالحها، في حرب تديرها عبر وكلائها، يقول عضو مجلس الأعيان خالد الكلالدة.

ويضيف الكلالدة: «ليلة السبت الماضي، تابع الأردنيون في سمائهم صيد المسيّرات الإيرانية والصواريخ وهي في طريقها إلى إسرائيل». لكن الرد العسكري الإيراني، لم يهدد سقفاً واحداً في إسرائيل ولا في جوارها، بل اخترق أجواء دول أخرى، غير آبهٍ بمبادئ الشرعية الدولية في سيادة كل دولة على أرضها وحقها في حماية مواطنيها.

وتأخرت عمّان في توضيح موقفها من التصدي لحرب المسيّرات الإيرانية، وجاء ظهور وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بعد نحو 24 ساعة من الحدث ليقول إنه لو كان الخطر قادماً من إسرائيل، لقام الأردن بالإجراء نفسه، وإنه «لن نسمح لأي عنصر كان بأن يعرّض أمن الأردن والأردنيين للخطر».

وقال وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة لوكالة الصحافة الفرنسية إن الأردن «لا علاقة له بصراع النفوذ بين المشروع الفارسي والمشروع الصهيوني، وهو لا يريد أن يكون طرفاً في نزاع إقليمي»، مضيفاً أن «الأردن لا يريد استعمال أرضه أو أجوائه في عمل عسكري ضد أي دولة في الإقليم»، وأنه «من حقّه حماية حدوده وأرضه». ويشير المعايطة إلى تمدّد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان، ورغبة الأردن في «حماية أمنه واستقراره من أي تهديد»، مؤكداً أن «الساحات المحيطة بالأردن أصبحت ساحات إيرانية».

من صدّ المسيرات؟

وحول ما جرى تداوله من تصريحات وأخبار انتشر بعضها على مواقع التواصل الاجتماعي، بأن القوات الأميركية القريبة من الحدود الأردنية والقوات الفرنسية الموجودة في القاعدة الجوية العسكرية في مدينة المفرق شرق البلاد، نفذت مهمات ضد المسيّرات والصواريخ الإيرانية، أجاب وزير الخارجية الصفدي في لقاء مع شبكة «سي إن إن» بأن «الأولوية هي حماية الأردن، وحماية المواطنين الأردنيين»، مضيفاً أنه وفقاً لـ«سياسة الأردن القائمة منذ فترة طويلة، فإن أي جسم يدخل إلى سمائنا ينتهك مجالنا الجوي، ونعتقد أنه يشكّل خطراً على الأردن، فسنفعل كل ما بوسعنا لإنهاء هذا التهديد، وهذا ما فعلناه».

المسيرات الإيرانية في سماء عمّان (رويترز)

وسريعاً ما نسي الرسميون تذكير المتابعين بأن اتفاقية التعاون الدفاعي ‫بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة الولايات المتحدة التي جرى توقيعها قبل 3 سنوات تقريباً، مكنت الجيش الأميركي من استخدام الأراضي الأردنية لحماية مصالح أميركا في المنطقة. وبالمنطق الرسمي «لن يحمي الأردن إسرائيل من حربها مع إيران»، وتدرك النخب الأردنية أن العلاقات السياسية بين عمّان وتل أبيب في حدودها الدنيا، وأن الموقف الأردني من حرب الإبادة التي يشهدها قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، هو نتيجة التعنت الإسرائيلي ورفضه طروحات العودة إلى مفاوضاته مع الجانب الفلسطيني، ومماطلته في إعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين عبر حل يسمح لهم بإعلان دولتهم المستقلة على حدود الرابع من (يونيو) حزيران لعام 1967.


مقالات ذات صلة

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

يوميات الشرق يُقدّم مجموعة حِرفيين سعوديين أعمالاً مبتكرة أمام زوار المهرجان (وزارة الثقافة)

السعودية تبرز نهضتها الثقافية في «مهرجان جرش»

تستعرض السعودية تنوعها الثقافي والفني أمام زوّار «مهرجان جرش للثقافة والفنون 2024» في المدينة التاريخية الأردنية، وذلك خلال الفترة بين 24 يوليو و3 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (جرش)
المشرق العربي صورة من الداخل لمجلس النواب الأردني (الديوان الملكي)

حل البرلمان الأردني... و«التواصل الاجتماعي» يحتفل بمغادرة نواب

أصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قراراً بحل مجلس النواب التاسع عشر، بعد ساعات من عودته إلى البلاد.

محمد خير الرواشدة (عمان)
يوميات الشرق رئيسة مهرجان عمّان السينمائي الدولي الأميرة ريم علي متوسّطةً الفائزين (إدارة المهرجان)

مهرجان عمّان السينمائي يختتم فعالياته ويتوّج أجمل حكاياته

«مهرجان عمّان السينمائي الدولي» يختتم دورته الخامسة ويوزّع جوائز «السوسنة السوداء» على مجموعة من الأفلام الروائية والوثائقية العربية والأجنبية.

كريستين حبيب (عمّان)
المشرق العربي إنشاء مكتب اتصال لحلف الناتو في عمان تطور طبيعي في العلاقة المتنامية (رويترز)

إنشاء مكتب اتصال لـ«الناتو» في الأردن

أعلنت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية عن إنشاء مكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في المملكة، وبما يسهم في تعزيز علاقات التعاون المشترك مع الحلف.

«الشرق الأوسط» (عمان)
شمال افريقيا لقاء عبد العاطي والصفدي في القاهرة (حساب المتحدث باسم الخارجية المصرية على «إكس»)

رفض مصري - أردني لاستمرار سيطرة إسرائيل على معبر رفح

توافقت مصر والأردن على «الرفض الكامل لسيطرة إسرائيل على معبر رفح من الجانب الفلسطيني».

فتحية الدخاخني (القاهرة)

مقتل 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شمال رفح

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي على شمال رفح

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح في غزة (د.ب.أ)

قُتل خمسة فلسطينيين وأصيب آخرون، اليوم (السبت)، في قصف إسرائيلي استهدف شمال مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن مصادر محلية قولها إن «طائرات الاحتلال الحربية قصفت منزلاً مأهولاً بالسكان لعائلة المصري في منطقة مصبح بشمال مدينة رفح، ما أدى لمقتل خمسة مواطنين وإصابة العشرات».

وتشن إسرائيل حرباً شاملة ضد قطاع غزة عقب الهجوم الذي شنته الفصائل الفلسطينية المسلحة، وفي مقدمتها حركة «حماس»، على القواعد والمستوطنات الإسرائيلية فيما يعرف بغلاف غزة يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.