الحكومة اللبنانية تطلق البحث عن تمويل لإعادة إعمار الجنوب

قرار بمساعدات للتعويض عن أضرار الحرب

لبنانيات يلتقطن صورة إلى جانب منزل مدمر بغارة إسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بالجنوب (أ.ف.ب)
لبنانيات يلتقطن صورة إلى جانب منزل مدمر بغارة إسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بالجنوب (أ.ف.ب)
TT

الحكومة اللبنانية تطلق البحث عن تمويل لإعادة إعمار الجنوب

لبنانيات يلتقطن صورة إلى جانب منزل مدمر بغارة إسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بالجنوب (أ.ف.ب)
لبنانيات يلتقطن صورة إلى جانب منزل مدمر بغارة إسرائيلية في بلدة عيتا الشعب بالجنوب (أ.ف.ب)

أوصى اللقاء التشاوري الذي عقده رئيس حكومة اللبنانية نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء، الاثنين، بتشكيل لجنة لوضع منهجية مسح الأضرار وتحديد الحاجات في الجنوب، وكذلك تقديم اقتراحات لتمويل عملية إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الدائرة بين «حزب الله» وإسرائيل، وسط تأكيدات وزارية بأن القرار اتُّخذ، ولكن لا تفاصيل حوله.

وبحث اللقاء التشاوري الوضع الأمني في البلاد عموماً، وفي الجنوب خصوصاً، وملف النازحين والوضع التمويني في البلد. وقال ميقاتي في مستهله: «نلتقي للتشاور والتفكير معاً بدقة الوضع، أمنياً ووطنياً، والبحث بما يجب اتخاذه من خطوات لتحصين الاستقرار الاجتماعي، وأن يكون للبنان موقف واحد أمام المجتمع الدولي من مسألة النازحين السوريين، وتأثير ذلك على الواقع اللبناني بكل جوانبه، الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسيادية».

وتطرق اللقاء إلى ملف التعويضات عن الدمار في الجنوب، حسبما أعلن وزير الإعلام زياد مكاري بعد الاجتماع، مشيراً إلى «التوصية إلى مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لوضع منهجية مسح الأضرار وتحديد الحاجات، وكذلك تقديم اقتراحات لتمويل عملية إعادة الإعمار».

وعما إذا كانت الحكومة ستقدم مساعدات للتعويض عن الأضرار للجنوبيين، قال: «الحكومة اتخذت قراراً بهذا الخصوص من دون أي تفاصيل، ولكن من حيث المبدأ بالتأكيد هناك مساعدات».

وزراء لبنانيون يشاركون في اللقاء التشاوري الذي استضافه ميقاتي الاثنين (رئاسة الحكومة)

وتُقدر مؤسسات غير رسمية الدمار في الجنوب بنحو 1400 وحدة سكنية جرى تدميرها بشكل كامل، فيما تعرضت 7 آلاف وحدة سكنية لتدمير جزئي أو لأضرار. كما قتل نحو 360 شخصاً، معظمهم من مقاتلي «حزب الله»، إلى جانب أكثر من 60 مدنياً، ومقاتلين من أحزاب أخرى.

وكانت تحدثت معلومات في السابق عن توجه لدفع 40 ألف دولار تعويضاً عن كل وحدة سكنية مدمرة، و20 ألف دولار تعويضاً لعائلة كل شخص قُتل، من غير التحديد ما إذا كان سيقتصر فقط على المدنيين. ونفت الحكومة في وقت لاحق تلك الأرقام، قبل أن تصدر توصيتها الاثنين في اللقاء.

لا شغف بالسلطة

وكان ميقاتي في مستهل اللقاء، جدّد موقفه الداعي إلى ضرورة «الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، واستكمال عقد المؤسسات، ووجوب الخروج من مأزق الشغور الذي ينعكس على كل مكونات الدولة والاستقرار الوطني»، مضيفاً: «نحن في الحكومة نتحمل مسؤولياتنا الوطنية والمجتمعية، وهذا ما قلته للبطريرك الماروني بشارة الراعي، ولا نمارس الترف السياسي، وليس عندنا شغف بالسلطة».

وجاء اللقاء بعد أسبوع من التوتر الأمني في الداخل وتحديداً بين لبنانيين وسوريين، عقب جريمة اختطاف وقتل القيادي في حزب «القوات اللبنانية» باسكال سليمان، حيث أدينت عصابة سورية بقتله لغرض السرقة، حسبما أكد الجيش اللبناني.

وقال ميقاتي في الاجتماع الاثنين: «مرّت على البلد هذا الأسبوع حوادث أمنية، كادت أن تتسع تشظياتها لولا جهود الجيش والقوى الأمنية، وجدية التحقيقات، وحكمة القيادات والمرجعيات والدعوات إلى التعقل والتروي والاحتكام معاً إلى الضمير، وهو المدخل الوحيد لتجاوز الأزمات». وأضاف: «مع تكاثر الجرائم التي يقوم بها بعض النازحين السوريين، لا بد من معالجة هذا الوضع بحزم من قبل الأجهزة الأمنية، واتخاذ إجراءات عاجلة لمنع حدوث أي عمل جرمي، والحؤول دون أي تصرفات مرفوضة أساساً مع الإخوة السوريين الموجودين نظامياً والنازحين قسراً».

وتطرق اللقاء إلى الحرب في الجنوب، ونقلت رئاسة الحكومة عن ميقاتي قوله: «رغم أننا أكدنا مراراً وتكراراً أننا لسنا دعاة حرب، فإن الاعتداءات الإسرائيلية لا يمكن السكوت عنها، ولا نقبل أن تُستباح أجواؤنا. هذه الاعتداءات نضعها برسم المجتمع الدولي ونقدم دائماً شكاوى إلى مجلس الأمن بهذا الصدد»، وتابع: «إسرائيل تجر المنطقة إلى الحرب، وعلى المجتمع الدولي التنبه إلى هذا الأمر، ووضع حد لهذه الحرب». ولفت إلى أن أصدقاء لبنان في العالم «يدافعون عنه، ويبذلون كل جهد للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، ومنع توسع حدة المواجهات».


مقالات ذات صلة

برّي يؤكد تمسّك لبنان بالـ«1701»: الطرف المطلوب إلزامه به هو إسرائيل

المشرق العربي برّي يتحدّث في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر (رئاسة البرلمان)

برّي يؤكد تمسّك لبنان بالـ«1701»: الطرف المطلوب إلزامه به هو إسرائيل

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي التزام لبنان بنود ومندرجات القرار الأممي رقم 1701، وتطبيقه حرفياً، مشيراً إلى أن الطرف الوحيد المطلوب إلزامه به هو إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس ميقاتي يتوسط وزيري الزراعة عباس الحاج حسن والبيئة ناصر ياسين خلال الإعلان عن الانضمام للمبادرة (رئاسة الحكومة)

لبنان ينضم إلى «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» ويطمح لـ«شراكة مستدامة»

أعلنت الحكومة اللبنانية انضمام لبنان إلى «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جندي من قوات «يونيفيل» يراقب من مرجعيون الحدودية في جنوب لبنان بلدتي الخيام اللبنانية والمطلة الإسرائيلية (إ.ب.أ)

ارتياح بعد تمديد ولاية «يونيفيل»: لبنان تحت المظلة الدولية

أرخى تمديد مجلس الأمن لمهمة قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل) ارتياحاً لبنانياً؛ كونه يؤشر إلى أن الغطاء الدولي لا يزال موجوداً فوق لبنان.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي وزير الطاقة اللبناني وليد فياض في بيروت 13 سبتمبر 2021 (رويترز)

لبنان يوقّع اتفاقية الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية

وقّع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض اتفاقية الانضمام إلى التحالف الدولي للطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون ينثرون الأرز على الحص لدى زيارته مدينة الخيام بجنوب لبنان بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في 25 مايو 2000 (أرشيفية - أ.ف.ب)

رحيل رئيس الحكومة اللبنانية السابق سليم الحص

رحل رئيس الحكومة اللبنانية السابق سليم الحص عن عمر يناهز الـ95 عاماً، شغل خلالها موقع رئاسة الحكومة 5 مرات في أدق الحقبات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تبادل الشروط يبقى تفصيلاً أمام توافر النيات لانتخاب رئيس للبنان

سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)
سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)
TT

تبادل الشروط يبقى تفصيلاً أمام توافر النيات لانتخاب رئيس للبنان

سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)
سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)

يتجدد الرهان على إمكانية إخراج الوضع السياسي من مرحلة تقطيع الوقت بانتخاب رئيس للجمهورية، بذريعة أن من يريد انتخابه لا يتحصن وراء التفاصيل، في إشارة إلى تبادل الشروط بين المعارضة ومحور الممانعة، ممثلاً برئيس المجلس النيابي نبيه بري، حول الإطار الدستوري لدعوة البرلمان إلى جلسة يراد منها إنقاذ الاستحقاق الرئاسي من التأزم الذي لا يزال يحاصره.

هذا في حال أن الظروف الدولية والإقليمية الداعمة لإنجاز الانتخاب أصبحت ناضجة، بما يسمح لـ«اللجنة الخماسية» بمعاودة تحركها؛ كونها تشكل مجموعة دعم ومساندة للنواب بتسهيل إنهاء الشغور الرئاسي الذي يدخل شهره الثالث والعشرين.

لكن الرهان يصطدم مجدداً بتمسك بري بمبادرته التي أطلقها بمناسبة ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في ليبيا، وجاءت مطابقة لتلك التي أطلقها السنة الماضية في مثل هذه المناسبة، وبإصرار المعارضة على مبادرتها لانتخاب الرئيس تحت سقف الدستور، مستبقة بذلك الموقف الذي أعلنه رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، بمناسبة ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، لئلا يقال إنه هو من يتحكم بقرارها ويديرها لحساباته الخاصة.

بري: لا تشاور بمن حضر

ومع أن دعوة بري للتشاور تلقى تأييداً من «اللقاء الديمقراطي» وكتل «الاعتدال» و«لبنان الجديد» و«لبنان القوي» برئاسة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، و«الوفاق الوطني» وحزب «الطاشناق»، إضافة إلى الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل»)، وعدد من النواب المستقلين، ومن بينهم النواب الذين خرجوا أو أُخرجوا من «التيار الوطني»؛ فإن بري ليس في وارد توجيه الدعوة للتشاور بمن حضر، أي بغياب المعارضة وعلى رأسها «القوات اللبنانية»، لأنه لا يحبّذ عزل فريق مسيحي يمكن أن يؤدي عزله إلى رد فعل من شارعه يرفع من منسوب التعاطف معه.

وهناك من يعتقد، كما تقول مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، أن بري ليس في وارد التخلي عن مبادرته تحت الضغط الذي تمارسه المعارضة، وهو يراهن على دور اللجنة «الخماسية»، التي تتشكل من «الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر»، لإقناعها بتليين موقف المعارضة بما يسمح بإعادة فتح أبواب البرلمان لانتخاب رئيس للجمهورية.

لا موعد لاستئناف جهود «الخماسية»

وتؤكد المصادر النيابية أن أجواء التفاؤل التي يشيعها السفير المصري علاء موسى بتوجّه «الخماسية»، على مستوى السفراء لمعاودة نشاطها بعد انقطاع مديد، تأتي في إطار حث النواب على التحرك للخروج من المراوحة لانتخاب الرئيس، وتقول إن لا موعد محدداً لاستئناف تحركهم؛ كونه يتوقف على مشاورات يجرونها مع مسؤولين في دولهم عن الملف اللبناني.

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)

وتلفت المصادر إلى أن لقاء بري بالسفير السعودي وليد البخاري يأتي في باب التشاور لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة. وتؤكد أن اللقاء جاء بالتزامن مع انتقال البخاري إلى الرياض للتشاور مع المسؤولين السعوديين في ضوء وصول الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى العاصمة السعودية في سياق تكليفه بالإشراف على تطوير مشروع العلا الإنمائي والسياحي.

وإذ تترك المصادر النيابية للسفراء حسم موقفهم من معاودتهم التحرك، فإن مصادر محسوبة على النواب الوسطيين تقول لـ«الشرق الأوسط» إن دعوة بري للتشاور تحظى بتأييد أكثرية ثلثي أعضاء النواب، لكن هذا لا يعني من وجهة نظره أن الطريق سالك للتشاور، وهو من تمنّى على عدد من سفراء «الخماسية»، لدى سؤالهم إياه ما العمل لتسريع انتخاب الرئيس، التواصل مع المعارضة، وتحديداً جعجع، سعياً لتليين موقفه، وهذا ما كان تبلغه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من القيادات التي تواصل معها طلباً لخفض منسوب التوتر في جنوب لبنان.

رئيس تسووي

وتسأل المصادر نفسها: لنفترض أن المعارضة تتهم بري بالمناورة بدعوته للتشاور لتبرئة ذمة حليفه «حزب الله» من تهمة عدم الاستعجال بانتخاب الرئيس قبل وقف الحرب في غزة، ليكون في وسعه التأكد مما إذا كانت ستتلازم مع تسويات جديدة للمنطقة، ليأتي برئيس على قياس رؤيته للمرحلة السياسية المقبلة في لبنان، فما المانع من أن تستجيب المعارضة لدعوته للتشاور لحشره، والوقوف على مدى استعداده للانفتاح على ترجيح كفة الخيار الرئاسي الثالث للمجيء برئيس تسووي؟

وتؤكد المصادر أن لا تسوية رئاسية من دون التواصل مع بري في ظل القطيعة القائمة بين المعارضة والحزب، وتقول إنه من غير الجائز الاشتراط عليه التخلي عن دعم ترشيحه النائب السابق سليمان فرنجية لقاء تلبية دعوته للتشاور الذي يشكل محطة للتوافق على تسوية رئاسية هي أقرب ما خلص إليه سفراء «الخماسية». وتسأل: هل أن لتبادل الشروط خلفية لتبرير عدم استعداد الطرفين لانتخاب الرئيس وترحيله إلى ما بعد وضوح الترتيبات السياسية في المنطقة؟

انتخاب الرئيس وحرب غزة

وترى المصادر أن المواقف، في حال بقيت بلا أي تعديل، فإنها ستؤدي إلى تمديد تقطيع الوقت، نافية ما تردد بأن الوسيط الأميركي أموس هوكستين طرح في زيارته الأخيرة لبيروت التمديد لعام ثانٍ لقائد الجيش العماد جوزف عون، وتكشف لـ«الشرق الأوسط» أن بري لا يرى ضرورة لحرق المراحل، ويراهن على إمكانية انتخاب الرئيس قبل انتهاء فترة التمديد الأول لقائد الجيش في يناير (كانون الثاني) المقبل.

فهل لدى بري ما يدعوه للتفاؤل بتحييد الاستحقاق الرئاسي عن الحرب في غزة والجنوب، في ظل الوضع المتأزم في المنطقة وتصاعد وتيرة الاشتباك السياسي بين المعارضة والممانعة؟ وهل رهان بعض النواب على تفهُّم «الخماسية» لدعوته للتشاور في محله؟ وما مدى صحة ما يتردد بأنهم يدرسون تطوير موقفهم ليتحول إلى رافعة لتسهيل انتخاب الرئيس، برغم أن المفتاح لانتخابه يبقى بيد واشنطن التي تعطي حالياً الأولوية لوقف النار في غزة ولا تمانع بالتحرك، سواء أكان فرنسياً أو سواه، لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، طالما أنه يبقى تحت سقف ملء الفراغ بتقطيع الوقت إلى أن تعطي الضوء الأخضر لانتخابه؟