مصدر دبلوماسي: ألمانيا لم تُسأل عن المشاركة بلجنة تنفيذ اتفاق بين لبنان وإسرائيل

إزاحة لواحدة من العراقيل أمام التوصل إلى وقف إطلاق النار

السفينة الحربية الألمانية المشاركة في «يونيفيل» تطلق صواريخ خلال تدريبات قرب جزيرة كريت الشهر الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)
السفينة الحربية الألمانية المشاركة في «يونيفيل» تطلق صواريخ خلال تدريبات قرب جزيرة كريت الشهر الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

مصدر دبلوماسي: ألمانيا لم تُسأل عن المشاركة بلجنة تنفيذ اتفاق بين لبنان وإسرائيل

السفينة الحربية الألمانية المشاركة في «يونيفيل» تطلق صواريخ خلال تدريبات قرب جزيرة كريت الشهر الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)
السفينة الحربية الألمانية المشاركة في «يونيفيل» تطلق صواريخ خلال تدريبات قرب جزيرة كريت الشهر الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)

استبق مصدر دبلوماسي غربي استئناف المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية، بالتأكيد لـ«الشرق الأوسط» على أن ألمانيا لم تُفاتح بمسألة مشاركتها في لجنة مقترحة لمراقبة تنفيذ القرار 1701، في حال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

ويُنظر إلى هذا التأكيد على أنه إزاحة لواحدة من العراقيل التي تحول دون بلورة اتفاق لوقف إطلاق النار، تضمنته الورقة الأميركية التي تسلمت واشنطن الملاحظات اللبنانية عليها الاثنين، ما أتاح للمبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين زيارة بيروت، الثلاثاء، لمناقشة الملاحظات اللبنانية مباشرة مع المسؤولين اللبنانيين.

وكان المفاوض اللبناني قد تحفّظ على مقترح تضمنته مسودة الورقة الأميركية، يستبدل آلية المراقبة القائمة منذ 18 عاماً، المؤلفة من لجنة عسكرية تضم ممثلين عن الجيشين الإسرائيلي واللبناني، ويرأسها قائد «اليونيفيل»، بلجنة خماسية تتألف من ممثلين للولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ودولة عربية، وذلك استناداً إلى رفض «حزب الله» مشاركة ألمانيا وبريطانيا.

غير أن مصدراً دبلوماسياً غربياً أكد لـ«الشرق الأوسط» أن برلين «لم تُسأل للمشاركة في تلك اللجنة المقترحة»، وقال إن لجنة مراقبة تنفيذ أي اتفاق «لم يُعرف بعد ما إذا كانت مدنية أم عسكرية، وما هي طبيعتها»، مشيراً إلى أن ذلك «يتوقف على الاتفاق النهائي الذي يجري التفاوض بشأنه». وأكد المصدر أنه «لا تواصل مباشر مع (حزب الله) الذي تدرجه ألمانيا على قائمتها للمنظمات الإرهابية».

ويقترح المفاوض اللبناني توسعة اللجنة الثلاثية التي تراقب تنفيذ القرار 1701 منذ عام 2006، لتضم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، ويشير المصدر الدبلوماسي الغربي نفسه إلى أن هذه المقترحات مستلهمة من تجربة «تفاهم نيسان 1996». أما عن الأسباب التي تدفع «حزب الله» لوضع «فيتو» على مشاركة بريطانيا وألمانيا مثلاً، في مقابل الموافقة على مشاركة الولايات المتحدة، التي يتهمها الحزب بدعم إسرائيل، فيحيلها المصدر إلى الحزب نفسه، لكنه يعبر عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة دولة مؤثرة على إسرائيل، وتضطلع بدور وساطة في المفاوضات الجارية الآن، كما أنها كانت لها مشاركة في لجنة «مراقبة تفاهم نيسان»، إلى جانب فرنسا وسوريا ولبنان وإسرائيل في ذلك الوقت.

آليات لـ«اليونيفيل» خلال دورية في مرجعيون جنوب لبنان (رويترز)

«فيتو حزب الله»

وضع «حزب الله» «فيتو» على مشاركة ألمانيا وبريطانيا، وسربت قنواته للمسؤولين اللبنانيين أنه يتهم برلين بدعم إسرائيل والتواطؤ معها في حرب لبنان، عبر إسقاط مسيرة كانت تتجه إلى إسرائيل، إضافة إلى اتهامها بغضّ النظر عن إنزال بحري إسرائيلي في البترون (شمال لبنان)، تمكنت فيه وحدة «كوماندوز» إسرائيلية من اختطاف قبطان، تقول السلطان اللبنانية إنه مدني، بينما تقول إسرائيل إنه مرتبط بأنشطة الحزب.

وأكد المصدر الدبلوماسي الغربي رواية «اليونيفيل» ووزارة الدفاع الألمانية التي تفيد بأن إسقاط المسيرة جاء ضمن إجراء «الدفاع عن النفس» عندما اقتربت من السفينة العائدة للبحرية الألمانية المشاركة ضمن «اليونيفيل»، وشدّد المصدر على أن المسيّرة التي يُعتقد أنها كانت تحمل متفجرات، «كانت تحلق بشكل دائري فوق القطعة البحرية، واقتربت منها، ما فعّل أجهزة الدفاع للتصدي لخطر محتمل عليها»، قبل أن تسقط وتنفجر في المياه.

أما في حادثة البترون، فقال المصدر إن السفينة الألمانية لم تكن في المياه الإقليمية عندما عبرت الزوارق، وجدد تأكيد ما قالته وزارة الدفاع الألمانية، حول أن «هيئة الرادار الساحلية اللبنانية، الممولة من ألمانيا، يديرها جنود لبنانيون»، وأن «الجيش اللبناني هو الذي يحدد ويسيطر على ما يحدث للمعلومات التي يتم الحصول عليها من محطات الرادار ومن يستقبلها»، نافياً الاتهامات الإعلامية أطلقها مؤيدون لـ«حزب الله»، بأن ألمانيا تسهل حركة الجيش الإسرائيلي، أو أنها تتخلى عن مبدأ الحياد، وهو المبدأ الأساس في مشاركة جميع بعثات اليونيفيل في لبنان.

ولا يستبعد المصدر احتمالات أن تكون الاتهامات المتزايدة الموجهة إلى ألمانيا، بمثابة «رسائل من الحزب» الذي تعد علاقته المباشرة بالدوائر الدبلوماسية الألمانية مقطوعة، و«لا تواصل بينهما إطلاقاً»، منذ حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها عام 2020 وصنّفته «منظمة إرهابية»، رغم تقارير سابقة كانت تحدثت عن قنوات تواصل أمنية بين الطرفين، عبر جهات حكومية أخرى، نشر عنها الإعلام المحلي.

مناورة مشتركة بين الجيش اللبناني والقوة البحرية في «اليونيفيل» العام الماضي (أرشيفية - موقع اليونيفيل)

توسيع المشاركة بـ«اليونيفيل» إلى البرّ

في خضم المباحثات للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإيجاد آلية لمراقبة القرار، ومن ضمنها توسعة مهام «اليونيفيل» أو زيادة عددها أو تعديل صلاحياتها، أبدت ألمانيا انفتاحها على أي مقترح يتضمن توسعة مهام القوة الألمانية المشاركة بالبعثة الأممية، إلى الانتشار في البر، إلى جانب 47 دولة تنتشر في البحر وعلى أرض جنوب لبنان.

وأوضح المصدر الدبلوماسي أن برلين «لم تطلب توسعة نشاطها إلى البر، بل أبدت انفتاحها على أي مقترح من هذا النوع»، علماً بأنها حين شاركت في المهمة البحرية ضمن «اليونيفيل» حازت على موافقة البرلمان... أما توسعة الانتشار إلى البر، فيحتاج إلى «ولاية» من البرلمان الألماني أيضاً.

وتتقاسم 4 دول أوروبية، في الوقت الراهن، قيادة العمليات في لبنان، ضمن بعثة «اليونيفيل»، إذ تتولى ألمانيا قيادة القوة البحرية، وتتولى إسبانيا قيادة القطاع الشرقي، وتتولى إيطاليا قيادة القطاع الغربي، وتتولى فرنسا قيادة الدوريات في منطقة العمليات.

وتشارك ألمانيا منذ 2006 في «قوة العمل البحرية» التابعة لـ«اليونيفيل» وتقودها، وتتولى مهام حماية المياه الإقليمية اللبنانية، ومنع تهريب الأسلحة وبناء القدرات، وتدريب البحرية اللبنانية، وتعزيز قدراتها. واضطلعت بهذا الدور على ضوء تجهيزاتها وخبراتها، وغالباً ما ترأست القوة التي تشارك فيها دول أخرى، مثل تركيا واليونان.


مقالات ذات صلة

هوكستين في بيروت لـ«تضييق الفراغات»: أمامنا فرصة حقيقية لنهاية النزاع

المشرق العربي المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

هوكستين في بيروت لـ«تضييق الفراغات»: أمامنا فرصة حقيقية لنهاية النزاع

واصل الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين مساعيه لـ«تضييق الفجوات» في المواقف بين لبنان وإسرائيل.

ثائر عباس (بيروت)
أوروبا المرجح أن يختار جوزيب بوريل البالغ من العمر 77 عاماً التقاعد بعد أن تنقّل في مناصب رئيسة (أ.ف.ب)

جوزيب بوريل ينهي مهمته «محبطاً» وتخلفه كايا كالاس الأميركية الهوى

جوزيب بوريل ينهي مهمته في الاتحاد الأوروبي «محبطاً» وخليفته كايا كالاس أميركية الهوى والصوت الأوروبي المستقل سيكون «خافتاً».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية دمار خلفته غارات إسرائيلية في لبنان (أ.ب)

تشاؤم إسرائيلي حول الاتفاق مع لبنان: لا يساوي الورق الذي سيكتب عليه

ذكرت أوساط سياسية في تل أبيب أن مبعوث الرئيس الأميركي للموضوع اللبناني، آموس هوكستين، قرر تمديد زيارته إلى بيروت والقدوم إلى إسرائيل.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي ميقاتي يستقبل هوكستين في بيروت (رئاسة الحكومة)

المعارضة المسيحية ترفض «تغييب الدولة» عن مفاوضات إنهاء الحرب

رفضت المعارضة المسيحية في لبنان المفاوضات الجارية الآن للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الجنوب، عادّةً أن المفاوضات «هي بين إسرائيل و(حزب الله)».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود لبنانيون في البترون شمال لبنان حيث نفذت عملية اختطاف عماد أمهز في عملية كوماندوز إسرائيلية (رويترز)

غالبية نيابية مؤيدة لتمديد ولاية قائد الجيش اللبناني... رغم «مشاغبات» إعلام «حزب الله»

كلّما ارتفع منسوب التفاؤل بقرب التوصّل لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان وتنفيذ القرار 1701، ازدادت وتيرة الحملة التي يخوضها «حزب الله» وحلفاؤه ضدّ الجيش.

يوسف دياب

هوكستين في بيروت لـ«تضييق الفراغات»: أمامنا فرصة حقيقية لنهاية النزاع

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
TT

هوكستين في بيروت لـ«تضييق الفراغات»: أمامنا فرصة حقيقية لنهاية النزاع

المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين مجتمعاً مع رئيس البرلمان نبيه بري (د.ب.أ)

واصل الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين مساعيه لـ«تضييق الفجوات» في المواقف بين لبنان وإسرائيل، وصولاً إلى وقف لإطلاق النار الذي لا يزال بعيد المنال، رغم التقدم الذي أوحى به أولاً وصول هوكستين إلى بيروت، ومن ثم تمديد إقامته في العاصمة اللبنانية؛ لمناقشة «تفاصيل تقنية» مع مستشار رئيس البرلمان نبيه بري، قبل انتقاله إلى إسرائيل.

ولا تزال الأمور متوقفة عن نقطتين خلافيتين، الأولى إصرار إسرائيل على الاحتفاظ بحرية التدخل عند أي انتهاك للقرار «1701» الذي ينص على جعل منطقة جنوب نهر الليطاني خالية من أي سلاح، إلا سلاح الجيش اللبناني والقوة الدولية، والثانية تتمثل في مهمات اللجنة التي ستراقب حُسن تنفيذ القرار، وتريد الولايات المتحدة ترؤسها.

وقد أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع جيد مبدئياً»، وذلك بعد لقائه لساعتين مع الموفد الرئاسي الأميركي لبحث المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. وأوضح بري أن ما تبقى لإنجازه هو «بعض التفاصيل»، مشيراً إلى أن «هناك ممثلاً عنه، وممثلاً عن الأميركيين لمناقشة بعض التفاصيل التقنية، وبتها قبل الانتقال إلى المرحلة التالية التي ستكون بمغادرة هوكستين إلى إسرائيل، وننتظر ما سيحمله من هناك»، مكرراً أن الأمور «جيدة». وأكد بري أن الضمانات فيما يخص الموقف الإسرائيلي هي على عاتق الأميركيين. وعما إذا كانت المسودة التي تتم مناقشتها قد تمت مناقشتها مع الإسرائيليين، أجاب الرئيس بري: «هو (هوكستين) يقول إنه نسّق مع الإسرائيليين فيما يخص المسودة»، لكنّ بري استدرك قائلاً: «ليست المرة الأولى التي ينكر فيها الإسرائيليون تعهداتهم».

ووصل الموفد الأميركي إلى بيروت صباحاً، حيث التقى رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، كما التقى قائد الجيش العماد جوزف عون، مؤكداً أن «أمامنا فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية النزاع». والتقى بداية بري، بحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون، والمستشار الإعلامي للرئيس بري علي حمدان. وبعد اللقاء الذي استمر زهاء ساعتين تحدّث هوكستين للإعلاميين قائلاً: «لقد أجريت الآن لقاء مع الرئيس بري من أجل تضييق الفراغات، والاجتماع كان بنّاءً ومفيداً للغاية، وعدت لأنه أمامنا فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية هذا النزاع، وهذه هي لحظة اتخاذ القرارات، وأنا في بيروت لتسهيل اتخاذ ذلك». وأضاف: «لكن القرار يبقى قرار الأفرقاء، للوصول إلى حل لهذا النزاع، والآن أصبح هذا الحل قريباً من أيدينا، والنافذة مفتوحة الآن، وآمل أن نصل خلال الأيام المقبلة إلى حل».

وختم: «لن أرد على أي أسئلة اليوم، لأنني لا أريد أن أقوم بالتفاوض بالعلن، وأنا ممتن للنقاش البنّاء مع الرئيس بري (...) وأنا ملتزم بالقيام بكل ما بوسعي للعمل هنا مع الحكومة في لبنان وفي إسرائيل، للوصول إلى حل لهذا النزاع وهذه الأزمة، وسأكرر ما قلته: لقد أجرينا نقاشات مفيدة للغاية لتضييق الفوارق والفراغات الموجودة منذ أسابيع، وسأستمر في القيام بذلك».

واستقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الموفد الرئاسي الأميركي في دارته، في حضور وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب وسفيرة الولايات المتحدة الأميركية. وخلال الاجتماع، جدّد ميقاتي التأكيد على أن «الأولوية لدى الحكومة هي وقف إطلاق النار والعدوان على لبنان، وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة، وكل ما يحقق هذا الهدف له الأولوية». وأشار إلى أنّ «الهم الأساس لدى الحكومة هو عودة النازحين سريعاً إلى قراهم وبلداتهم، ووقف حرب الإبادة الإسرائيلية، والتدمير العبثي الحاصل للبلدات اللبنانية». وشدّد على «تطبيق القرارات الدولية الواضحة، وتعزيز سلطة الجيش في الجنوب».

وكان هوكستين وصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي صباح الثلاثاء، وخضع مع الوفد المرافق للتفتيش، كما قام، من تلقاء نفسه، بوضع حقيبته على جهاز «السكانر» لكي يُكشَف عليها. في خطوة رمزية لافتة، بعد إشكال سابق بين الأمن اللبناني ومرافقي علي لاريجاني، المستشار الخاص للمرشد الإيراني خلال زيارته لبيروت، انتهى إلى تفتيش حقائب الوفد من غير الدبلوماسيين من قبل الجيش اللبناني.