ضغوط دولية مكثفة لتجنيب لبنان الحرب الموسعة

النائب ضو: أُبلغنا بأن فرص التهدئة تتقلص

الموفد الأميركي آموس هوكستين في لقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري خلال إحدى زياراته إلى بيروت (أ.ف.ب)
الموفد الأميركي آموس هوكستين في لقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري خلال إحدى زياراته إلى بيروت (أ.ف.ب)
TT

ضغوط دولية مكثفة لتجنيب لبنان الحرب الموسعة

الموفد الأميركي آموس هوكستين في لقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري خلال إحدى زياراته إلى بيروت (أ.ف.ب)
الموفد الأميركي آموس هوكستين في لقاء مع رئيس البرلمان نبيه بري خلال إحدى زياراته إلى بيروت (أ.ف.ب)

صحيح أن جبهة الجنوب اللبناني ما عادت تشهد وتيرة واحدة من العمليات العسكرية، والمواجهات بين إسرائيل و«حزب الله»، والتي تخفت أحياناً، وتحتدم أحياناً أخرى، ربطاً بالمفاوضات المرتبطة بغزة، ووضع المنطقة، إلا أن الخشية من توسع الجبهات، ومن حرب موسعة باتت تتفاقم بعد التعقيدات التي طرأت على المشهد العام في المنطقة مع استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق كما مع إعلان الجيش الإسرائيلي الاستعداد للانتقال من الدفاع إلى الهجوم في الجبهة الشمالية مع لبنان، وإطلاقه مؤخراً مناورة عسكرية في الجليل الغربي والساحل الشمالي تحاكي اندلاع حرب مع «حزب الله».

ولم يعد الموفد الأميركي آموس هوكستين الممسك بالملف اللبناني إلى لبنان بعد زيارة أخيرة له سُجلت منذ نحو شهر، وتشير المعلومات إلى أنه ربط أي زيارة جديدة بالوصول إلى هدنة في غزة تمكنه من تحريك وساطته للوصول لتفاهم لبناني - إسرائيلي يعيد الاستقرار إلى الجنوب اللبناني، والشمال الإسرائيلي.

وتنفي أوساط حكومية تراجع الاهتمام الدولي بالوضع في لبنان، ما أدى لتراجع حركة الموفدين الدوليين، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصالات الدولية مستمرة مع الحكومة، ويمكن القول بأن الوضع ممسوك حتى الساعة. لكننا في نهاية المطاف نتحدث عن العدو الإسرائيلي الذي يستحيل التنبؤ بما قد يقوم به». وتضيف الأوساط: «لا يمكن الحديث عن تطمينات بأن الوضع لن يتدهور، إنما عن ضغوط دولية بلغت أوجها على إسرائيل لعدم توسعة الحرب».

فرص التهدئة تتقلص

من جهته، يكشف النائب في كتلة «تحالف التغيير» مارك ضو الذي التقى مؤخراً ونواب آخرون موفدين دوليين، وسفراء أجانب أن «ما نسمعه دائماً هو أن فرص التهدئة تتقلص، وأن الأمل يضيق بتجنب تصعيد» نافياً أن يكون «تم ربط التصعيد في لبنان بالانتهاء من عملية رفح، أو غيرها»، لافتاً إلى أن «التعاطي مع الموضوع يتم بشكل منفصل عما يجري في غزة».

ويعتبر ضو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة اللبنانية قادرة على تجنب توسعة الحرب إذا أعلن رئيس الحكومة ووزير الخارجية موقفاً واضحاً من رفض الأعمال العسكرية على لبنان، وكذلك من لبنان التي تعرض وطننا للخطر، كما أعلنا التمسك بحق الدولة بقرار السلم والحرب»، مضيفاً: «لكنهما أعجز من ذلك، ورهينة التعطيل الطائفي، وفقدان الحكومة لأي رؤية لإنقاذ البلاد». ويرى ضو أنه «في ظل التوازنات الحالية، والفراغ الرئاسي، والشلل الحكومي والنيابي لبنان بالكامل تحت رحمة سلاح خارج الدولة، وعدوانية إجرامية صهيونية لن ترحم لبنان كما تبيد الفلسطينيين في غزة».

تصعيد مقبل؟

أما مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر، فيرد تراجع الحركة الدولية باتجاه لبنان لـ«خروج الأمور من نطاق لبنان، وإسرائيل، و(حزب الله)، والقرار 1701، خاصة بعد استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق»، معتبراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المواجهة أصبحت مباشرة بين إسرائيل وإيران، وقد تتسع أكثر، وبالتالي فإن ملف تحييد لبنان، على أهميته، بات جزءاً من الملف الأكبر، والصراع الأكبر المفتوح».

ولطالما ربط «حزب الله» أي نقاش بالوضع في الجنوب بوقف نهائي لإطلاق النار في غزة. ويشير الكاتب والمحلل السياسي قاسم قصير إلى أنه «لن تكون هناك أي حركة قبل وقف إطلاق النار في غزة، لأن الحزب يرفض أي بحث قبل ذلك»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «تخوف حقيقي من تصعيد إسرائيلي في الأيام المقبلة بوجه لبنان إذا لم يتم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة».


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نواب المعارضة خلال لقائهم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» لطرح خريطة الطريق الرئاسية (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية تدرس خطة «المواجهة» بعد فشل مبادرتها الرئاسية

بدأت المعارضة بدراسة أفكار لما بعد «المبادرة الرئاسية» التي سقطت نتيجة أسباب عدة،أبرزها رفض «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) البحث بها وحتى اللقاء بالنواب.

كارولين عاكوم (بيروت)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
TT

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)
صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

ارتفع منسوب الريبة في أوساط القطاع المالي المحلي من الإمعان الحكومي في انتهاج سياسة «عدم الاكتراث» إزاء الخروج المتدرج والمستمر للبلد ومؤسساته من الأسواق المالية الدولية، والمعزّز بتوسع ظاهرة حجب الترقبات والبيانات المالية الخاصة بلبنان واقتصاده من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية.

ولا يتردد مسؤول مصرفي كبير في التحذير من بلوغ مرحلة السقوط المتسارع إلى قعر «عدم اليقين»، حسب وصفه، الذي لا تقل تداعياته خطورة عن الانغماس في دوامة الانهيارات النقدية والمالية الجسيمة التي أعقبت القرار الحكومي في ربيع عام 2020 بإشهار التعثر غير المنظّم مع الدائنين عن دفع مستحقات سندات دين دولية (يوروبوندز)، والمستتبع قانونياً باستحقاق كامل محفظة الدين العام من هذه السندات البالغة نحو 30 مليار دولار، والمبرمجة في إيفاء فوائدها وأقساطها لغاية عام 2037.

إهمال غير مفهوم

وحسب المصرفي الذي تواصلت معه «الشرق الأوسط»، ليس من المفهوم بتاتاً عدم رصد أي رد فعل من السلطة التنفيذية والوزارات المعنية، وإهمال تقدير الأضرار الكارثية على المديين القريب والمتوسط، جراء تدحرج كرة رفع بيانات لبنان وتوقعاته الاقتصادية من التقارير الدورية للمؤسسات الدولية، والمعوّل عليها أساساً لمعاونته على تحديد معالم مسار الخروج من نفق الأزمات النظامية التي تشرف على ختام عامها الخامس على التوالي.

وفي الوقائع، أفادت وكالة التصنيف الدولية «فيتش» بأنّها ستتوقف عن إصدار تصنيفات خاصة بلبنان، بسبب عدم وجود إحصاءات مالية ونقدية كافية، مشيرة في تقريرها إلى أنّ أحدث الإحصاءات المالية تعود إلى عام 2021، في حين حاز صندوق النقد الدولي الأسبقية بحجب بيانات لبنان وترقباته للعام الحالي، وتلاه البنك الدولي بإزالة هذه البيانات بدءاً من العام المقبل.

ويشكل غياب الاحصاءات والتوقعات الخاصة بأي بلد واقتصاده من قبل أبرز المؤسسات الدولية، وفق المسؤول المعني، فجوة حقيقية وغير قابلة للتعويض في مخاطبة المانحين الدوليين والمستثمرين الذي يعتمدون التقارير المنجزة كمرجع موثوق لقراراتهم، لا سيما لجهة شمولها بيانات الناتج المحلي والمالية العامة وسائر المؤشرات الحيوية الشاملة لميزان المدفوعات والميزان التجاري، فضلاً عن ميزانيات القطاع المالي وسواه من إحصاءات وتوقعات مستقبلية.

ضبابية وقلق متزايد

وقال مسؤول مالي معني بالملف لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار الأحدث للبنك الدولي بحجب لبنان عن ترقباته، يعكس مدى ارتفاع منسوب المخاطر وكثافة الضبابية التي تكتنف الأوضاع الداخلية، لا سيما التمادي في تأخير انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والشكوك المستمرة حول فاعلية الحكومة المستقيلة منذ أكثر من عامين.

ويزيد من تفاقم التداعيات المتوقعة لحجب بيانات لبنان، وارتكازه أساساً إلى التعميق المستمر لواقع الضبابية الكثيفة والغموض غير البناء الذي تتوافق المرجعيات المالية الدولية ومؤسسات تقييم الجدارة الائتمانية على إبراز مخاطره، الارتفاع المتجدد لمستوى القلق من نفاد المهل المتكررة التي منحتها مجموعة العمل المالي الدولية للبنان لإحراز تقدم ملموس في معالجة أوجه القصور التي يعانيها في مكافحة غسل (تبييض) الأموال.

وتشير المعطيات المتلاحقة في هذا الصدد إلى اقتراب لبنان مجدداً من الانزلاق إلى خفض تصنيفه السيادي وإدراجه ضمن القائمة «الرمادية» خلال الاجتماع الدوري للمجموعة في الخريف المقبل، في حال لم يتم الالتزام سريعاً بحزمة من التدابير ذات الأبعاد القانونية والقضائية الخاصة بسد قنوات مشبوهة للفساد والتقصير في المحاسبة، رغم الإقرار بسلامة الاستجابة المطلوبة من قبل مؤسسات القطاع المالي، والتقدير الظرفي بصعوبة الالتزام بإجراءات ذات أبعاد سياسية.

جهود منصوري الخارجية

ويبذل حاكم البنك المركزي (بالإنابة) وسيم منصوري جهوداً خارجيةً مكثفةً للحصول على مهلة جديدة، بموازاة تحركات داخلية وقرارات متتالية له بوصفه رئيساً لهيئة التحقيق الخاصة المولجة مهام مكافحة الجرائم المالية، وبما يشمل الضبط المحكم للكتلة النقدية والحد من المبادلات الورقية (الكاش)، وتجميد حسابات مشبوهة لمسؤولين سابقين مدنيين وغير مدنيين، وتزويد القضاء المحلي والخارجي بما يطلب من وثائق أو بيانات ذات صلة بشبهات مالية وبملاحقات قائمة بالفعل.

ويشدّد منصوري في اجتماعاته الداخلية والخارجية، آخرها مع كبار المسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية وصندوق النقد والبنك الدوليين، على أولوية تفعيل المحاسبة عبر القضاء والشروع بالإصلاحات البنيوية في الدولة وتحديث الإدارة، ضمن المرتكزات الأساسية لتصحيح الانحرافات وتحديد طريق التعافي والنهوض.