تفاقم نشاط عصابات الخطف والقتل في لبنان وسوريا

وزير الداخلية لـ«الشرق الأوسط»: هناك مسؤولية على الدولة السورية لملاحقة العصابات

وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي (الوكالة الوطنية للإعلام)
وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

تفاقم نشاط عصابات الخطف والقتل في لبنان وسوريا

وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي (الوكالة الوطنية للإعلام)
وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي بعد اجتماع مجلس الأمن المركزي (الوكالة الوطنية للإعلام)

يُظهر التدقيق بتفاصيل عملية قتل منسّق حزب «القوات اللبنانية» في منطقة جبيل باسكال سليمان، وتوقيف الأمن اللبناني أشخاصاً من التابعية السورية بشبهة تنفيذ الجريمة، وجود عصابات منظمة ومافيات تنشط بشكل كبير، خصوصاً منذ مطلع العام الحالي، بين لبنان وسوريا.

ولا تقتصر العمليات على خطف لبنانيين واقتيادهم إلى الداخل السوري طلباً لفدية، بل تشمل أيضاً خطف سوريين خلال توجههم إلى لبنان. ومن المرجح، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن تكون هذه العصابات نفسها نشطة على الخطين بغطاء من عناصر أمنيين على جانبي الحدود.

وكان الجيش اللبناني قد أعلن، الثلاثاء، عن نجاح مديرية المخابرات في الجيش في توقيف معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية خطف سليمان. وتبين خلال التحقيق معهم أن المخطوف قُتِل من قبلهم أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إن الموقوفين في عملية خطف وقتل سليمان 6 أشخاص؛ 4 منهم شاركوا فيها، لافتاً إلى أن الشخصين الآخرين لا يزالان متواريين داخل الأراضي السورية.

مسؤولية الدولة السورية

وأشار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال في لبنان، بسام مولوي، إلى أن «التحقيقات بمقتل سليمان لا تزال أولية ولدى الجيش»، مشيراً، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التساؤلات لدى اللبنانيين عن تفاصيل العملية ولجهة ما إذا كانت عملية سرقة عادية أو أبعد من ذلك، مشروعة، ولن تجيب عنها إلا النتائج النهائية للتحقيق، التي يجب إعلانها للمواطنين للتوضيح والإجابة عن التساؤلات كافة».

وأوضح مولوي أنه «يتم حالياً تتبع مسار السيارة المسروقة التي كان منفذو عملية الخطف يستقلونها، وما إذا كانوا قد حاولوا القيام بعمليات أخرى في الأيام التي سبقت خطف وقتل سليمان»، لافتاً إلى أن «العصابات المتمركزة على الحدود السورية لا تنشط بعمليات الخطف فقط، إنما أيضاً بتهريب الكبتاغون والسوريين إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، وعلى الدولة السورية مسؤولية ودور في ملاحقة هذه العصابات لا تقوم به». وأضاف مولوي: «نحن رفضنا طلباً سورياً بإزالة أبراج المراقبة على الحدود، بل نحن نصر على تفعيلها لمحاولة مكافحة هذه العمليات».

تفاقم القتل والخطف

من جهته، أعلن رئيس مؤسسة «الدولية للمعلومات»، جواد عدرا، عن «زيادة واضحة في جرائم الخطف والقتل في عام 2024»، لافتاً إلى أن «عمليات الخطف مقابل فدية ارتفعت خلال أول ثلاثة أشهر من هذا العام إلى 8 عمليات، بعدما كانت في الفترة الزمنية نفسها العام الماضي 3 عمليات، بينما ارتفع عدد القتلى (أمني وجنائي) من 34 العام الماضي إلى 83 هذا العام».

ولا يستبعد الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، أن يكون عدد عمليات الخطف أكبر مما تظهره أرقام القوى الأمنية اللبنانية «على أساس أن الكثير من عائلات الضحايا تلجأ لحل هكذا مسائل من دون الإبلاغ عنها، فتسلم الفدية المالية مباشرة للخاطفين»، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن «عصابات منظمة» تقوم بهذه العمليات، بحيث إن هناك مَن يراقب الهدف، ومن ينفذ عملية الخطف، ومن يفاوض العائلات.

ويشير شمس الدين إلى أنه «بينما ارتفعت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام عمليات القتل الجنائي من 29 عملية إلى 42 هذا العام، تراجعت سرقة السيارات من 328 عملية العام الماضي إلى 185 سيارة هذا العام».

عصابة «شجاع العلي»

ويتحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تفاقم ظاهرة الخطف منذ مطلع العام الحالي بشكل كبير، ما يؤرق السكان في سوريا، لا سيما ضمن مناطق سيطرة قوات النظام، وتحديداً ضمن مناطق ريف حمص وبالقرب من الحدود السورية – اللبنانية، لافتاً إلى أنه «لا يكاد يمر أسبوع دون تسجيل حالة أو حالات عدة لاختطاف أشخاص واختفائهم والإفراج عن آخرين مقابل فدى مالية كبيرة، وسط عجز الأجهزة الأمنية التابعة للنظام بشكل كامل عن وضع حد لانتشار هذه العمليات والقضاء على العصابات التي تقف خلفها والتي من أبرزها عصابة شجاع العلي، المقرب من بعض رؤساء الأفرع الأمنية التابعة للنظام، الذي عُرف ولا يزال بخطف المدنيين في مناطق ريف حمص خلال محاولتهم عبور الحدود السورية – اللبنانية، أو حتى التوجه لخارج حمص باتجاه محافظات سورية أخرى».

ووثق نشطاء «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الكثير من حالات الخطف خلال الأشهر الفائتة على يد عصابة شجاع العلي، والإفراج عن آخرين بعد دفع مبالغ مالية ضخمة، كان آخرها الثلاثاء، حيث أفرجت العصابات عن شخص بعد دفع ذويه مبلغ مليار ليرة سورية، وذلك بعد اختطافه منذ منتصف شهر رمضان في قرية الفرحانية الشرقية شمالي حمص.

ولا يستبعد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن تكون عصابة شجاع العلي وراء مقتل المسؤول القواتي باسكال سليمان «على أساس أن العلي مسؤول عن معابر التهريب في ريف حمص في المنطقة التي وجدت فيها جثة باسكال، وهي منطقة خاضعة لسيطرة (حزب الله) في الأراضي السورية». ويضيف عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «قادة عصابات الخطف في المنطقة، مدعومون في معظمهم من المخابرات السورية».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

المشرق العربي مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في النبطية، في جنوب لبنان بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

تحليل إخباري «حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري» للسيارة المستهدفة

مقتل رجل أعمال سوري بغارة إسرائيلية عند الحدود اللبنانية

قُتل شخصان في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما مساء الاثنين على الحدود اللبنانية - السورية، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لا تزال الكتل النيابية في البرلمان اللبناني عاجزة بتوازناتها الحالية عن انتخاب رئيس للجمهورية (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات من تصفية لبنان سياسياً بتمدد الشغور في إدارات الدولة

يطرح انسداد الأفق لانتخاب رئيس للجمهورية، مع سقوط المبادرات تباعاً، أكثر من سؤال مع تعذر التوصل إلى هدنة في غزة يفترض أن تنسحب على الجنوب.

محمد شقير (بيروت)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في منطقة النبطية، في جنوب لبنان، بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص، هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه في استهداف منزلهم في بنت جبيل.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيرة إسرائيلية شنت غارة بصاروخ موجه مستهدفة دراجة نارية على طريق النبطية - الخردلي، كان يستقلها شخصان، وعندما حاول عدد من المواطنين الاقتراب منها تعرضت لغارة ثانية وبصاروخ موجه أدى إلى وقوع إصابات مؤكدة براكبيها»، وأفادت وسائل إعلام لبنانية في وقت لاحق بوفاة الشخصين وهما من الجنسية السورية، من دون أن يجري الإعلان عن هويتهما.

وكان جنوب لبنان قد شهد تصعيداً في المواجهات ليلاً، بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، إثر مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في بنت جبيل، بعد ساعات على اغتيال إسرائيل، رجل أعمال سوري مقرّب من الرئيس السوري بشار الأسد، ويخضع لعقوبات أميركية وأوروبية، بعد ظهر الاثنين جراء ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في منطقة حدودية قريبة من لبنان، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن «مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة كان تقل براء القاطرجي عند الحدود اللبنانية - السورية ما أدى إلى مقتله مع شخص آخر كان برفقته».

وكان القاطرجي، وهو رجل أعمال مقرب من الأسد، وفق «المرصد» «مسؤولاً في العامين الأخيرين عن تمويل فصيل المقاومة السورية لتحرير الجولان» الذي أسسه «حزب الله» اللبناني، وترأسه القيادي في الحزب سمير القنطار قبل مقتله في قصف إسرائيلي قرب دمشق نهاية عام 2015. ويتولى الفصيل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل من جنوب سوريا.

ومساء الاثنين، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بارتكاب «العدو الإسرائيلي مجزرة في حق المدنيين في مدينة بنت جبيل قُتل خلالها شقيقان من آل داغر (شقيق وشقيقته)، بينما أصيبت شقيقتهما الأخرى بجروح خطرة عندما استهدفت المقاتلات الحربية منزلهم بغارة وعلى دفعتين فدمرته في حي العويني في المدينة»، قبل أن يعلن عن مقتل الأخت الثانية. ولاحقاً، أعلن «حزب الله» مقتل «المجاهد عامر جميل داغر»، مشيراً إلى أنّه من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنّ مقاتلات تابعة لسلاح الجو «أغارت على مستودع أسلحة في منطقة بنت جبيل، بالإضافة إلى مبنى عسكري تابع لمنظمة (حزب الله) الإرهابية في منطقة كفركلا بجنوب لبنان».

وردّاً على الغارة التي استهدفت بنت جبيل، أطلق «حزب الله» صواريخ باتجاه مستعمرة كريات شمونة. وقال الحزب في بيان إنّه «ردّاً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة خصوصاً المجزرة المروّعة التي أقدم عليها العدو في مدينة بنت جبيل»، فإنّ مقاتلي الحزب قصفوا بلدة كريات شمونة شمال إسرائيل «بعشرات الصواريخ».

وكان مدنيان قد قُتلا السبت بعد غارة إسرائيلية على قرية دير ميماس في جنوب لبنان، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية»، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عنصرين من «حزب الله» في المنطقة.

وردّاً على غارة السبت، أعلن «حزب الله» أنّه قصف شمال إسرائيل بعشرات صواريخ «الكاتيوشا»، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ 4 جنود أصيبوا، أحدهم بجروح خطرة.