21 عاماً على سقوط نظام صدام... كيف العراق اليوم؟

وزير سابق ونائب وخبراء يلخصون لـ«الشرق الأوسط» عقدين من «العنف والفساد والتعافي»

صاحب متجر وابنه يتابعان خطاباً متلفزاً لصدام حسين في 17 يناير 1997 (أرشيفية - رويترز)
صاحب متجر وابنه يتابعان خطاباً متلفزاً لصدام حسين في 17 يناير 1997 (أرشيفية - رويترز)
TT

21 عاماً على سقوط نظام صدام... كيف العراق اليوم؟

صاحب متجر وابنه يتابعان خطاباً متلفزاً لصدام حسين في 17 يناير 1997 (أرشيفية - رويترز)
صاحب متجر وابنه يتابعان خطاباً متلفزاً لصدام حسين في 17 يناير 1997 (أرشيفية - رويترز)

بعد 21 عاماً على سقوط نظام صدام حسين في العراق، وتشكيل 8 حكومات، وانتخاب 6 دورات برلمانية، يرى نواب ومسؤولون سابقون في الحكومة أن تجربة «العراق الجديد لم يُكتب لها النجاح حتى الآن».

وفي مثل هذا اليوم، عام 2003، أعلنت الولايات المتحدة نجاح العمليات العسكرية التي حملت اسم «حرية العراق»، وانهيار نظام صدام حسين، بينما تبقى صورة إسقاط تمثال ضخم لصدام في وسط بغداد عالقة في الذاكرة.

وقالت واشنطن إنها غزت العراق عام 2003 لامتلاك البلاد «أسلحة دمار شامل»، ولأن نظام صدام حسين يشكل تهديداً للأمن العالمي، لكن لم يجرِ العثور على أي دليل على وجود أسلحة الدمار الشامل.

ولا يحتفل العراق رسمياً بهذا اليوم، رغم أن أعضاء في مجلس الحكم المؤقت دعوا إلى عدِّه «عيداً رسمياً»، كما أن الاهتمام الشعبي والسياسي بهذه المناسبة تراجع كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية.

ورأت نخبة من صناع القرار السياسي في البلاد، تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، أن 21 عاماً بعد التغيير لم تكن كافية لإنجاح التجربة الديمقراطية، بسبب «التنافس بين الزعامات السياسية والتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي».

صورة أيقونية لجندي أميركي يلف رأس تمثال صدام حسين بعلم بلاده في بغداد عام 2003 (أرشيفية - رويترز)

اجتثاث العراق

وقال وزير الكهرباء الأسبق كريم حسن وحيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «واشنطن كانت تهدف من غزو العراق إلى اجتثاثه من منظومة الدفاع القومي العربي، وإحداث اختلال في التوازن الإقليمي بزرع نظام جديد تتولاه قيادات ساذجة».

ورأى وحيد، الذي شغل منصباً وزارياً ضمن كابينة رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري، أن الخلل في تركيبة النظام السياسي الجديد بدأت حينما تولت قيادات سياسية صناعة القرار تحت تأثير الرغبة في الانتقام»، وأشار إلى أن «هذه الطريقة لن يُكتب لها النجاح بعد عقود من الشمولية التي عبثت بالبلاد في مستويات مختلفة».

وخلال العقدين الماضيين، ضربت العراق أزمات أمنية وسياسية مركبة، بدأت بالعنف الطائفي عام 2005، والأعمال الإرهابية منذ نشوء تنظيمي «القاعدة»، و«داعش» لاحقاً، إلى جانب تفشي الفساد، وتعاظم التدخل الإقليمي وبروز ميليشيات تحظى بنفوذ سياسي واسع في البرلمان والحكومة.

جندي أميركي قرب صورة لصدام حسين على أحد جسور بغداد عام 2003 (رويترز)

وفي مارس (آذار) 2023، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إن حكومته تعمل على معالجة الفساد الذي تغلغل إلى أغلب مؤسساته بعد أن أصبح العراق في المرتبة 157 من بين 180 دولة من أكثر الدول فساداً في العالم، وفقاً لمنظمة الشفافية الدولية.

وقال النائب في البرلمان حسين عرب، وهو من الجيل السياسي الثاني، إن «ما حدث بعد عام 2003 احتلال بضريبة لا تزال تُدفع حتى اليوم»، وأوضح أن «الوصول إلى ديمقراطية راسخة يحتاج إلى وقت أطول».

وتابع عرب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «أحزاب الإسلام السياسي حولت الديمقراطية إلى شكل مشوه يعتمد على الابتزاز والثراء غير القانوني».

ورجّح عرب أن «يخرج الجيل الأول الذي أسس عراق ما بعد صدام عن الخدمة في غضون دورة برلمانية واحدة»، على ما يقول.

حصيلة التغيير

وقال رئيس مركز «كلواذا للدراسات»، باسل حسين، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحصيلة النهائية لتغيير النظام متواضعة، ولا تصب في صالح الأميركيين ومن جاء معهم»، كما أنها «أفسحت المجال للتدخل الإقليمي في العراق».

وأضاف حسين أن «المنطقة أصبحت أكثر اضطراباً الآن، بحالة لا يقين طاغية»، بينما «تزداد الأمور سوءاً مع التمدد الإيراني أكثر في العراق».

وقال حسين، إن «العراق تحول بعد الغزو الأميركي من دولة ند لإيران إلى تابع لها، وأداة في صراعها مع الغرب والمحيط العربي».

وبشأن مستقبل الديمقراطية في العراق، أوضح حسين، أن «النظام السياسي يترنح أمام أنماط سياسية وقانونية واجتماعية مناقضة ومتقاطعة، كما أن الصندوق الانتخابي أفرز نوعاً من الاستبدادية التنافسية الخالية من المضمون الديمقراطي المتعارف عليه في الدول الراشدة».

أعضاء في مجلس الحكم العراقي مع الحاكم المدني الأميركي بول بريمر 2004 (أ.ب)

منجز مهم

مع ذلك، رأى الباحث والأكاديمي عقيل عباس أن «المنجز الأهم المتحقق عام 2003 هو إنهاء الدولة الشمولية والاحتكار الحزبي للسلطة، وتحويل المجتمع إلى تابع وخائف».

وباستثناء ذلك، كما يقول عباس، فإن «النظام الجديد في فشل مستدام بسبب المنظومة السياسية - الحزبية الحاكمة التي اهتمت بمصالح أحزابها على حساب مصالح المجتمع، وأعادت تشكيل الدولة وأعرافها السياسية على هذا الأساس الخطأ وقصير النظر».

وكان ينبغي أن تهتم الطبقة السياسية التي تولت العراق بعد صدام حسين بتثبيت الفصل بين السلطات والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، على حد وصف أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد إحسان الشمري.

وقال الشمري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «النظام السياسي انتقل على مدى السنوات الماضية من ديمقراطية توافقية إلى زعاماتية، ما نسف جوهر التغيير».

ووفقاً للشمري، فإن «الحديث عن إصلاح النظام وتعديل الدستور بات مطلباً لكثير من القوى الوطنية»، لكن «هذه السلبيات لا تلغي أن العراق اكتسب بعد صدام حسين مبدأ الانتقال السلمي للسلطة الذي يجب أن يُنظر إليه بوصفه واحدة من علامات التعافي في البلاد».


مقالات ذات صلة

تحذير دولي من تصاعد وتيرة العواصف في العراق

المشرق العربي الجفاف ضرب مساحات شاسعة من سهول العراق (إكس)

تحذير دولي من تصاعد وتيرة العواصف في العراق

حذَّرت الأمم المتحدة، السبت، من تصاعد وتيرة العواصف الرملية والترابية خلال السنوات القليلة الماضية في العراق والمنطقة، ودعت إلى التعاون لما فيه مصلحة المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي البرلمان العراقي خلال إحدى جلساته في بغداد (إعلام البرلمان)

حملات حزبية تعطل برلمان العراق قبل أشهر من الانتخابات

يقترب البرلمان العراقي من نهاية عمره الدستوري مع بدء الاستعدادات للانتخابات النيابية المقبلة المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة جوية لجانب من بغداد (متداولة)

«معركة بغداد»... أبرز ساحات الانتخابات العراقية المقبلة

بعد 5 انتخابات برلمانية متباينة النتائج والأوزان، يستعد العراقيون لإجراء الانتخابات السادسة نهاية عام 2025، بعنوان بارز اسمه «معركة بغداد» الحزبية.

حمزة مصطفى (بغداد)
تحليل إخباري رئيس الحكومة محمد السوداني يتوسط رئيس «الحشد» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

تحليل إخباري «نبيه بري العراق» تذكرة السوداني إلى ولاية ثانية

يحاول رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني الحصول على غطاء من المرجع الديني علي السيستاني، إذ يواجه فصائل مسلحة تمانع حصر السلاح بيد الدولة.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي وزير التجارة العراقي السابق محمد مهدي صالح (أرشيفية)

وزير تجارة صدام حسين خارج العقوبات الأميركية

بعد مرور نحو عقدين على سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين على يد القوات الأميركية ترفع واشنطن العقوبات عن أحد أركان نظامه، وزير التجارة محمد الراوي.

حمزة مصطفى (بغداد)

تصريحات أميركية عن «بلاد الشام» تربك لبنان

وزير العدل عادل نصار خلال لقائه برئيس البرلمان نبيه بري السبت (رئاسة مجلس النواب)
وزير العدل عادل نصار خلال لقائه برئيس البرلمان نبيه بري السبت (رئاسة مجلس النواب)
TT

تصريحات أميركية عن «بلاد الشام» تربك لبنان

وزير العدل عادل نصار خلال لقائه برئيس البرلمان نبيه بري السبت (رئاسة مجلس النواب)
وزير العدل عادل نصار خلال لقائه برئيس البرلمان نبيه بري السبت (رئاسة مجلس النواب)

سعى الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان، توماس برّاك، أمس، إلى إزالة الارتباك الذي أثارته تصريحاته حول «عودة لبنان إلى بلاد الشام»، وحذَّر فيها من أن لبنان إذا لم يُسارع إلى معالجة ملف سلاح «حزب الله» فإنه «يُواجه خطر الوقوع في قبضة القوى الإقليمية».

وكتب برّاك عبر منصة «إكس» إن تصريحاته الجمعة «لا تمثل تهديداً للبنان بل إشادة بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا»، مضيفاً: «ملتزمون دعم العلاقة بين لبنان وسوريا».

وشكَّلت تصريحات برّاك الأخيرة صدمة في الأوساط السياسية اللبنانية، وقالت مصادر نيابية إن برّاك «يدرك دقَّة الوضع اللبناني وهشاشته، والتوازنات فيه التي تختلف عن الوضع في سوريا».

في المقابل، بعث براك بـ«رسالة إغراء» إلى «حزب الله» لحثه على تسليم سلاحه، «تتمثل في الاعتراف بجناحين للحزب، (سياسي) و(عسكري)، للمرة الأولى بعدما كانت تجمع الجناحين على لوائح العقوبات».

في غضون ذلك، قال وزير العدل، عادل نصار، لـ«الشرق الأوسط»، «إننا منفتحون على حل» ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية، «من خلال النقاش مع السلطات هناك، وتوقيع معاهدة معها لتسليم المحكومين السوريين بغير قضايا قتل عسكريين لبنانيين أو قضايا إرهاب».