قبرص تسعى لإنجاز «إطار عملي» بين لبنان والاتحاد الأوروبي لضبط قوارب الهجرة

رئيسها في بيروت ويعلن تفهّمه لأهمية الحل النهائي

رئيس قبرص يتوسط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون (أ.ف.ب)
رئيس قبرص يتوسط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون (أ.ف.ب)
TT

قبرص تسعى لإنجاز «إطار عملي» بين لبنان والاتحاد الأوروبي لضبط قوارب الهجرة

رئيس قبرص يتوسط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون (أ.ف.ب)
رئيس قبرص يتوسط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون (أ.ف.ب)

تقود قبرص مسعى لدى الاتحاد الأوروبي لوضع «إطار عملي» مع لبنان، ويقوم على منح الحكومة اللبنانية مزيداً من المساعدات الضرورية وإعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة إلى بلدهم، يشبه الإطار الأوروبي مع تونس ومصر.

وأثار ملف هجرة السوريين غير الشرعية من لبنان باتجاه قبرص والشواطئ الأوروبية الأخرى، أزمة بين لبنان وقبرص، دفعت الصحافة القبرصية لتوجيه اتهامات للبنان، وردت عليها الحكومة اللبنانية في الأسبوع الماضي، بالتأكيد أن النازحين «يدخلون إلى لبنان خلسة، ولا أحد من الدول يساعدنا في ضبط الحدود، فإذا قررنا ترحيل السوري إلى بلاده نواجه بمسألة حقوق الإنسان، وبالنسبة للحدود البحرية فنحن نعمل على ضبطها قدر استطاعتنا».

وتحرك الملف على مستوى عالٍ مطلع هذا الأسبوع، حيث حطّ رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس في بيروت، والتقى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري.

استقبال رسمي لرئيس قبرص وإلى جانبه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري (أ.ف.ب)

وأكد خريستودوليدس وميقاتي «حرص لبنان وقبرص على العلاقات التاريخية والأخوية بينهما، وسعيهما المشترك للحفاظ على أمن الدولتين وشرق البحر المتوسط»، حسبما أعلنت رئاسة الحكومة اللبنانية، وشددا على «أهمية إيجاد حل شامل ومستدام لأزمة النازحين السوريين وما تتركه من انعكاسات على دول المنطقة، وفي مقدمتها لبنان وقبرص».

وأفادت رئاسة الحكومة بأنه «بنتيجة المحادثات، تم التوافق على أن تقوم قبرص بمسعى لدى الاتحاد الأوروبي لوضع (إطار عملي) مع لبنان، على غرار ما حصل بين الاتحاد الأوروبي وكل من مصر وتونس، ومن شأن هذه الخطوة المرتقبة منح الحكومة اللبنانية مزيداً من المساعدات الضرورية وإعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة إلى بلدهم».

وكان الرئيس القبرصي والرئيس ميقاتي قد عقدا اجتماعاً ثنائياً في السرايا، بعيد وصول الرئيس القبرصي إلى لبنان في زيارة رسمية ليوم واحد، أعقبتها محادثات موسعة، شاركت فيها قادة الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية. وبعد لقاء منفصل مع رئيس البرلمان نبيه بري، قال بري: «اللقاء مع الرئيس القبرصي كان جيداً، وليس هناك عتب من قبرص على لبنان؛ بل تعاون مثمر».

رئيس قبرص ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (إ.ب.أ)

وقال ميقاتي: «أنا حريص على الدخول في حوار مثمر وبناء خلال فترة وجودكم ببلادنا من أجل توثيق العلاقات المشتركة وإيجاد حل مستدام لملف النازحين من لبنان وإليه»، وأضاف: «لدى لبنان وقبرص مصلحة مشتركة في معالجة التحديات التي يواجهانها بفعل الهجرة غير الشرعية، وهناك إمكانية للتعاون في تمكين المؤسسات المختصة من ضبط الحدود البحرية»، لافتاً إلى أن «لبنان وقبرص عضوان فاعلان في المنظمات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، حيث سيرفعان الصوت للمساعدة في بلورة الحلول المطلوبة للقضايا المشتركة».

أعباء متعددة

وقال ميقاتي: «باعتباره أحد أكبر البلدان المضيفة للاجئين من حيث عدد السكان، يتحمل لبنان أعباء متعددة ليس لها تأثير فوري على أمنه واستقراره فحسب، بل على وجوده المستقبلي. فواقعنا الديموغرافي فريد من نوعه، ولبنان لا يستطيع تحمل أي تغيير في هذا الواقع». وأضاف: «على مدى السنوات الماضية، استقبل لبنان النازحين السوريين الهاربين من الحرب والتزم بالمبادئ والأعراف الدولية، ومن الضروري أن يتخذ الاتحاد الأوروبي وسائر المجتمع الدولي اليوم خطوات جديدة ويعيدوا النظر في سياساتهم بشأن أمن سوريا، لأن معظم مناطق سوريا أصبحت آمنة لعودة النازحين إليها».

ولفت ميقاتي إلى أن الجيش والقوى الأمنية اللبنانية «يبذلان قصارى جهدهما لوقف الهجرة غير الشرعية، ولكن لا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال عودة أولئك الذين يبحثون عن الأمان إلى المناطق الآمنة في سوريا أو تأمين إقامتهم في بلد ثالث»، مضيفاً: «من الضروري أيضاً بذل مزيد من الجهود لمعالجة الأسباب الجذرية لأزمات اللاجئين. وسيعمل البلدان عبر المنظمات الدولية لدعم سياسات منع عمليات النزوح في المستقبل وتعزز السلام والاستقرار الدائمين في شرق البحر الأبيض المتوسط». وقال: «تتطلب هذه الأزمة تعاوناً ومسؤولية مشتركة بين الدول المضيفة والمجتمع الدولي. من خلال العمل معاً، يمكننا إحداث تأثير مفيد وتوفير الأمل لهم».

رئيس البرلمان نبيه بري يرحب بالرئيس القبرصي (أ.ف.ب)

بدوره، قال الرئيس القبرصي: «إن زيارتي للبنان هي الأولى بعد تولي رئاسة الجمهورية، وتأتي في أعقاب التطورات الأخيرة الحاصلة من جراء الأعداد الكبيرة للنازحين والمهاجرين السوريين غير الشرعيين، الذين ينطلقون من السواحل السورية أو عبر الساحل اللبناني والمراكب غير الشرعية التي تنطلق من السواحل اللبنانية إلى دولة قبرص».

قبرص تتفهم

وتابع: «تتفهم قبرص الأوضاع اللبنانية وحساسية الموضوع بالنسبة إلى لبنان وأهمية الحل النهائي والشامل لهذا الموضوع، عبر الضغط على الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية لاستيعابهم التحديات التي يواجهها لبنان، وفي الوقت نفسه نحن نتفهم موقف لبنان الرسمي بأن الحل النهائي لن يتم إلا عبر عودتهم إلى أراضيهم، خصوصاً أن هناك مناطق معينة أصبحت آمنة في سوريا، وأكثرية النازحين هم نازحون اقتصاديون، وعلى المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العمل لتمويل مشروعات إنمائية في سوريا وتحفيز عودتهم إلى بلادهم لحل هذه الأزمة التي لا تضرب أمن لبنان وقبرص فقط، بل أمن البحر المتوسط».

وشدد الرئيس القبرصي على أن بلاده تدعم لبنان في كل المحافل الدولية عبر زيادة الدعم التقني والمادي لمؤسسات الدولة اللبنانية، بما فيها الجيش اللبناني.


مقالات ذات صلة

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي خلال زيارته وزارة الدفاع (حسابه عبر منصة إكس)

ميقاتي: اللبنانيون مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن «اللبنانيين مصرون رغم كل الظروف على إحياء ذكرى استقلالهم لإيمانهم بما تحمل لهم من معاني الحرية والسيادة»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
المشرق العربي مسيّرة إسرائيليّة من نوع (هرمز 450)

«حزب الله» يعلن إسقاط مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمز 450» فوق الطيبة

أعلنت جماعة حزب الله اللبنانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء، أنها أسقطت مسيرة إسرائيلية بصاروخ أرض-جو في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (هرمز 450)
المشرق العربي عناصر من خدمة الطوارئ الإسرائيلية في مكان سقوط مقذوف في حيفا أطلق من لبنان (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: سقوط صواريخ أطلقها «حزب الله» على حيفا وتضرر كنيس

أعلن الجيش الإسرائيلي تضرر كنيس في «هجوم صاروخي كبير» شنه «حزب الله» اللبناني على مدينة حيفا (شمال غرب)؛ ما أسفر عن إصابة شخصين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
TT

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)
دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف مجرى نهر الليطاني، في محاولة لفصل النبطية عن قضاء مرجعيون.

وفيما انتقل هوكستين إلى واشنطن من دون الإدلاء بتصريحات حول زيارته إسرائيل، أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أنَّ الموفد الأميركي «بقيَ على تواصل مع المفاوضين اللبنانيين»، مشيرة إلى أنَّ المحادثات لوقف النار «تتقدم ببطء، لكن بثبات في اتجاه إيجابي».

ميدانياً، وصلت القوات الإسرائيلية إلى بلدة ديرميماس، انطلاقاً من بلدة كفركلا، ما يعني أنَّها سارت على طريق لنحو 5 كيلومترات في العمق اللبناني، لتصل إلى مشارف الليطاني، بعد تمهيد ناري بالمدفعية وغارات جوية نفذتها طائرات حربية ومسيّرات. وقال «حزب الله»، في المقابل، إنَّه استهدف تلك القوات في النقاط التي وصلت إليها.

بالموازاة، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على ضاحية بيروت الجنوبية، واستهدفت الأحياء المسيحية المقابلة للضاحية في عين الرمانة والحدت، وهي خطوط التماس السابقة في الحرب اللبنانية، وذلك عقب إنذارات وجهها الجيش للسكان بإخلاء الأبنية.