لبنان يربح «الوقت الإضافي» لاستكمال التزاماته مع صندوق النقد

التواصل مستمر بعد انقضاء سنتين على الاتفاق الأولي… وشكوك في جدية المسؤولين

خلال اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين (موقع رئاسة الحكومة)
خلال اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين (موقع رئاسة الحكومة)
TT

لبنان يربح «الوقت الإضافي» لاستكمال التزاماته مع صندوق النقد

خلال اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين (موقع رئاسة الحكومة)
خلال اللقاء الذي جمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين (موقع رئاسة الحكومة)

اقتصر الاحتفاء بمرور سنتين على توقيع الاتفاق الأولي بين لبنان وصندوق النقد الدولي على النفي الرسمي من قبل الطرفين لوضعه «قيد الإلغاء»، فيما تترسخ القناعة المشتركة بتعذر الاستجابة اللبنانية، على المستويات التشريعية والتنفيذية والإجرائية، لكامل شروط الصندوق بشأن الإصلاحات الهيكلية والسياسات الاقتصادية الشاملة، التي تفضي إلى اتفاق يتيح الاستحصال على «تسهيل الصندوق الممدّد»، وبتمويل يقارب 3 مليارات دولار.

وبدت لافتة في المناسبة، جولة المدير التنفيذي للصندوق، محمود محيي الدين، في بيروت، والحرص على دحض «ما يشاع عن إبطال للاتفاق الأولي»، مؤكداً «ثباته واستمراريته وتطويره تماشياً مع الضرورات المحلية».

وشمل جدول اجتماعاته خلال اليومين الماضيين، رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير المال يوسف الخليل، فضلاً عن مسؤولين كبار في القطاعين المالي والنقدي.

شكوك في قبول منظومة الحكم الشروط الدولية

ورغم هذه الإيجابيات الشكلية، لاحظ مسؤول مالي معني، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن الاتفاق عالق بالفعل في محطته الأولى، وما من إشارات جديّة تشي بتجديد انطلاقته في وقت قريب، لا سيما بعد توسع الفراغات في الدولة، من رئاسة الجمهورية إلى مراكز قيادية في مؤسسات حيوية، وتكريس اقتصار مهام الحكومة على «تصريف الأعمال»، والشلل المستحكم في أنشطة الإدارات العامة، ثم دخول تعقيدات مضافة جراء اندلاع حرب غزّة وتمدّد المواجهات العسكرية إلى الحدود الجنوبية.

ويسود اعتقاد عام يقارب اليقين، حسب المسؤول المالي، بأن السلطات المحلية، أو ما اصطلح على تسميته «منظومة الحكم»، ليست أساسا في وارد القبول بأغلب الشروط الدولية المدرجة في الاتفاق الأولي. وبالتالي، فإن الانتظار سيطول إلى أمد غير محدّد لالتزام استراتيجية الإصلاح المستهدفة لاستعادة النمو والاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على إعادة الإعمار، والمشروطة مسبقا بإعادة هيكلة الدين العام الخارجي، التي ستؤدي إلى مشاركة كافية من الدائنين لإعادة الدين إلى حدود مستدامة وسد فجوات التمويل.

تقدم في المجال النقدي

ومع ذلك، رصد المسؤول المالي تقدماً واضحاً في الميدان النقدي، ونجاعة السياسات الجديدة التي تعتمدها القيادة الجديدة للبنك المركزي برئاسة الحاكم بالإنابة وسيم منصوري، وخصوصاً لجهة إرساء استقرار في سعر الصرف، والسعي الصريح لتعميمه في الموازنة العامة وفي مجمل موازنات القطاع المالي، وإعادة تعزيز الاحتياطات النقدية السائلة عبر آليات متاحة في قانون النقد والتسليف، ما يمهد فعلياً لإقامة نظام للنقد والصرف يتسم بالموثوقية والشفافية، ويستجيب لشرط قيام مصرف لبنان بتوحيد أسعار الصرف لمعاملات الحساب الجاري المصرح بها، وهو أمر بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي، واستعادة المصداقية وسلامة الوضع الخارجي.

وإلى جانب إطلاق عملية إصلاح إداري داخلي، يتماهى التقدم النقدي المحقق مع التوصية الدولية بضرورة استرشاد البنك المركزي بالأهداف الكلية المؤدية إلى خلق ظروف تسمح بتراجع التضخم، بما في ذلك عن طريق اعتماد نظام نقدي جديد، وكذلك التركيز على إعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي والحفاظ على سعر صرف موحد يحدده السوق، ما سيساعد القطاع المالي على العمل، ويسهم في تحسين توزيع الموارد في الاقتصاد، ويسمح باستيعاب الصدمات الخارجية.

تحسن في إدارة المالية العامة

وبرز تقدم مماثل، وإن كان غير كاف، في إدارة المالية العامة، أفضى شكلياً إلى التوازن النسبي بين موارد الخزينة والإنفاق العام، بعد امتناع البنك المركزي عن ضخ أي تمويل جديد للقطاع العام، والاستمرار بالعزل غير الإيجابي لموجبات الدين العام في قوانين الموازنة النافذة للسنوات الأخيرة، ما يؤخر موجبات إعادة هيكلة الدين العام الخارجي، ويحجب تلقائياً مشاركة كافية من الدائنين لإعادة الدين إلى حدود مستدامة وسد فجوات التمويل.

وجرى إعلام الموفد الدولي بملامح مشروع موازنة العام المقبل، والإجراءات المقترحة التي تستهدف تعزيز الاستقرار المالي وتنشيط العجلة الاقتصادية، بعدما نوّه بالتطور الإيجابي الملحوظ على الصعيد التمويلي للخزينة، والذي أفضى إلى استقرار مالي ونقدي رغم الظروف القاهرة التي تمرّ بها البلاد على الصعد المؤسساتية والإقليمية، ليلاحظ، وفق البيان الرسمي لوزارة المال، أن التعافي المالي أصبح على المسار المرجو إلى حدّ ما.

هيكلة المصارف ومشكلة الودائع

لكنه أكد في المقابل أن لا نهوض بالاقتصاد ما دامت التشريعات في ما خصّ إعادة هيكلة المصارف وحلّ موضوع الودائع بطريقة مستدامة لم تتم، مشيراً إلى أن عدم التوافق والبتّ في هذه الأمور سيُلحق كلفة باهظة بالنسبة للمودع وللاقتصاد، ومبدياً بالتالي «استعداد الصندوق لدعم الجهود التي تبذلها وزارة المالية في هذا السياق، واستعداده لتأمين كافة المساعدات التقنية المطلوبة لدعم لبنان في هذه المرحلة الحساسة».

ويظل في سجل أبرز الالتزامات اللبنانية غير المنفذّة، الشروع جدياً بإعادة هيكلة القطاع المالي، لكي تستعيد البنوك مقومات الاستمرار وقدرتها على تخصيص الموارد بكفاءة لدعم التعافي، حيث يتعثر التوافق الداخلي على توحيد المقاربات الخاصة بتوزيع أثقال الفجوة المالية المقدرة بنحو 73 مليار دولار، كما تتباين الطروحات إلى حد التناقض بين الشطب والاقتطاع والإيفاء في طروحات معالجة حقوق المودعين في البنوك التي تتعدى حالياً 90 مليار دولار.

ويتعيّن، حسب الموجبات التي التزمها الجانب اللبناني، استعادة صحة القطاع المالي والمقومات اللازمة لاستمراره، حتى يتمكن لبنان من تبديد عدم اليقين الحالي وتهيئة الظروف المواتية لتحقيق نمو اقتصادي قوي، حيث تبرز عقبة الاحتياجات الضخمة لإعادة الرسملة الكلية في الجهاز المصرفي، والتي تتطلب الاعتراف بالخسائر في البداية والعمل على توزيعها.

تأخر في إصلاح القطاع العام

كما تتأخر، وبشكل ملحوظ، كل حزمات الإصلاحات الهيكلية في القطاع العام المترهل، واستطراداً إصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، لا سيما قطاع الطاقة، لتقديم خدمات ذات جودة دون استنزاف الموارد العامة. كذلك، لم يتم تسجيل أي جهود آيلة إلى تعزيز أطر الحوكمة ومكافحة الفساد بغية تدعيم الشفافية والمساءلة، باستثناء العمل لتطوير الاستجابة في حصر مكامن الخلل القانوني والإجرائي في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ورغم موافقة البرلمان على تعديل قانون السرية المصرفية لمواءمته مع المعايير الدولية لمكافحة الفساد، والإزالة الفعالة للعقبات أمام إعادة هيكلة القطاع المصرفي والرقابة عليه، فإن التأخير مستمر في إقرار تشريع طارئ ملائم لتسوية الأوضاع المصرفية على النحو اللازم لتنفيذ استراتيجية إعادة هيكلة البنوك والبدء في استعادة صحة القطاع المالي.

كذلك، لم يلتزم الجانب اللبناني حتى الساعة، بالشروع في تقييم أكبر 14 بنكاً، كل على حدة، بمساعدة خارجية، من خلال التوقيع على نطاق التكليف مع شركة دولية مرموقة.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان... بالدبلوماسية أو بالقوة

المشرق العربي تسعى إسرائيل من خلال عمليات التدمير الممنهج لقرى جنوب لبنان إلى خلق منطقة عازلة خالية من السكان والمسلحين (أ.ف.ب)

إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان... بالدبلوماسية أو بالقوة

تُحمِّل إسرائيل كل الموفدين الدوليين إلى لبنان شرطاً أساسياً لعودة الاستقرار إلى جنوب البلاد، يقول بإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح وخالية من المسلحين.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي منزل مدمر في بلدة كفرشوبا الحدودية في جنوب لبنان بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي ينفذ محاكاة لعملية هجومية على الجبهة الشمالية

في تطوّر مفاجئ، نفذ الجيش الإسرائيلي محاكاة لعملية هجومية على الجبهة الشمالية في وقت استمر فيه القصف المتقطع على جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري مستقبلاً رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس الخميس في بيروت (د.ب.أ)

عدم ارتياح لبناني للمساعدات الأوروبية وتحذير من «رشوة» لإبقاء اللاجئين السوريين

لم تترك زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، والرئيس القبرصي نيكوس خريستو دوليدس، ارتياحاً في لبنان بما يتعلق بعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي دورية لقوى الأمن الداخلي في بيروت (إعلام قوى الأمن)

لبنان: عصابة «تيكتوكرز» تفضح الاستغلال الإجرامي لوسائل التواصل الاجتماعي

أعلنت «قوى الأمن الداخلي» في لبنان توقيف عصابة من الناشطين بتطبيق «تيك توك» تستدرج الأطفال لاغتصابهم ما سلّط الضوء على شبكات إجرامية بوسائل التواصل.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يعرض خريطة تُظهر الهجمات الإسرائيلية على لبنان على وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه خلال اجتماعهما الأخير في بيروت (إ.ب.أ)

بري: الورقة الفرنسية تتضمن بنوداً مقبولة وأخرى تتطلب تعديلاً

أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه سيجيب، بين الجمعة والسبت، على الورقة الفرنسية، موضحاً أنها تتضمن نقاطاً مقبولة وأخرى غير مقبولة لا بد من تعديلها.

محمد شقير (بيروت)

تقرير: إسرائيل أبلغت واشنطن بخطتها لبدء نقل السكان من رفح تمهيداً لاجتياحها

فلسطينيون يقفون على أنقاض منزل في رفح (أ.ب)
فلسطينيون يقفون على أنقاض منزل في رفح (أ.ب)
TT

تقرير: إسرائيل أبلغت واشنطن بخطتها لبدء نقل السكان من رفح تمهيداً لاجتياحها

فلسطينيون يقفون على أنقاض منزل في رفح (أ.ب)
فلسطينيون يقفون على أنقاض منزل في رفح (أ.ب)

نقل موقع «بوليتيكو»، الجمعة، عن مسؤول أميركي ومصدرين وصفهما بالمطلعين أن إسرائيل أبلغت الحكومة الأميركية ومنظمات إغاثة بخطّتها لبدء نقل السكان من مدينة رفح الفلسطينية تمهيداً لاجتياحها.

وذكر الموقع أنّ الخطة الإسرائيلية تقضي بنقل السكان من رفح إلى منطقة المواصي على ساحل جنوب غربي قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ الجيش الإسرائيلي أرسل خريطة بالمنطقة للعاملين في مجال الإغاثة هذا الأسبوع حصل الموقع على نسخة منها.

وفي وقت سابق من اليوم، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أيّ عمليّة عسكريّة إسرائيليّة في رفح «قد تؤدي إلى مذبحة»، وتصيب العمل الإنساني في جميع أنحاء قطاع غزة بالشلل.

وقال المتحدث باسم المكتب يانس لاركيه في مؤتمر صحافي عقده في جنيف، إن أي عملية برية «ستعني مزيداً من المعاناة والموت» بالنسبة للسكان المدنيين والنازحين البالغ عددهم 1.2 مليون فلسطيني في رفح ومحيطها.


الصحة العالمية: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى حمام دم

الصحة العالمية: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى حمام دم
TT

الصحة العالمية: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى حمام دم

الصحة العالمية: الهجوم الإسرائيلي على رفح قد يؤدي إلى حمام دم

حذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، من أن هجوماً عسكرياً إسرائيلياً على مدينة رفح في جنوب قطاع غزة «قد يؤدي إلى حمام دم»، ودعا إلى وقف إطلاق النار، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال تيدروس أدهانوم غيبرييسوس عبر منصة «إكس»: «تشعر منظمة الصحة العالمية بقلق عميق من أن عملية عسكرية واسعة النطاق في رفح بغزة، قد تؤدي إلى حمام دم، وتزيد إضعاف النظام الصحي المعطوب أصلاً».

وتوعدت إسرائيل بتنفيذ عملية ضد حركة «حماس» في رفح بجنوب القطاع الذي يؤوي نحو مليون نازح فرّوا من القتال في الشمال وتكدّسوا في ملاجئ ومخيمات مؤقتة.

وقال المتحدث باسم مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ينس لايركه ، في وقت سابق من اليوم، إن أي توغل إسرائيلي في رفح سيعرّض أرواح مئات الآلاف من سكان غزة إلى الخطر، وسيكون ضربة هائلة للعمليات الإنسانية في القطاع بأكمله.

وأضاف: «قد تكون مذبحة للمدنيين وضربة هائلة لعملية الإغاثة الإنسانية في القطاع بأسره؛ لأنها تدار بشكل رئيسي من رفح».


بسبب سوء الأحوال الجوية... واشنطن تغير مكان تجميع رصيف غزة العائم

الرصيف البحري الذي بدأت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بنائه قبالة ساحل غزة
الرصيف البحري الذي بدأت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بنائه قبالة ساحل غزة
TT

بسبب سوء الأحوال الجوية... واشنطن تغير مكان تجميع رصيف غزة العائم

الرصيف البحري الذي بدأت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بنائه قبالة ساحل غزة
الرصيف البحري الذي بدأت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بنائه قبالة ساحل غزة

أعلن الجيش الأميركي، اليوم (الجمعة)، أن قواته نقلت موقع بناء رصيف عائم لإيصال المساعدات إلى غزة من منطقة في عرض البحر إلى ميناء أسدود الإسرائيلي بسبب الأمواج والرياح القوية، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في 25 أبريل (نيسان) عن بدء بناء الرصيف الذي سيكلف 320 مليون دولار على الأقل، وقالت في وقت سابق من هذا الأسبوع إن أكثر من 50 في المائة منه قد اكتمل.

وقال الجيش في بيان: «أمس، أوقفت القيادة المركزية الأميركية مؤقتاً التجميع البحري للرصيف العائم في جوار غزة لاعتبارات الحالة البحرية».

وأضاف أن «الرياح العاتية المتوقعة وأمواج البحر العالية تسببتا في ظروف غير آمنة للجنود الذين يعملون على سطح الرصيف الذي تم تشييد جزء منه».

وتابع: «تم نقل الرصيف الذي تم بناؤه جزئياً والسفن العسكرية المشاركة في بنائه إلى ميناء أسدود، حيث سيستمر التجميع، وسيتم الانتهاء منه قبل وضع الرصيف في موقعه المقصود عندما تهدأ حالة البحر».

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن لأول مرة عن خطط إنشاء الرصيف في أوائل مارس (آذار)، في ظل تعطيل إسرائيل تسليم المساعدات عن طريق البر.

ولا يزال الوضع الإنساني في غزة سيئاً في ظل الدمار بعد أكثر من ستة أشهر من العمليات الإسرائيلية ضد حماس، وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية الأسبوع الماضي إن جميع سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يواجهون انعدام الأمن الغذائي.

اندلعت الحرب إثر الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على جنوب إسرائيل وأدى إلى مقتل أكثر من 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها «وكالة الصحافة الفرنسية» استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وأدى الهجوم الانتقامي الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 34600 شخص في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة في القطاع الذي تديره «حماس».


قادة الحرب على غزة يكافَأون بترقيات في الجيش الإسرائيلي

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي (د.ب.أ)
TT

قادة الحرب على غزة يكافَأون بترقيات في الجيش الإسرائيلي

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي (د.ب.أ)

في خطوة وصفت بأنها تهدف إلى تغيير هيئة ورئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، في أعقاب الإخفاق في رصد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، كوفئ خمسة من قادة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بترقيات رفيعة، من عميد إلى لواء، ومن عقيد إلى عميد، وتسليمهم مفاتيح أساسية في القيادة للمستقبل.

ومع أن هذه التغييرات ليست نهائية، وستعقبها موجة تعيينات أخرى، إلا أنها تعطي صورة عن توجه قيادة الجيش بأن يظل مهيمناً على «مملكته»، ويصد محاولات اليمين المتطرف السيطرة عليه أو إحداث انقلاب في صفوفه.

وفور الإعلان عن قرار وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، هذه التعيينات بشكل مفاجئ، والكشف عن أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أُبلغ بها فقط في اللحظة الأخيرة، ثارت موجة انتقادات في الحكومة وبشكل خاص في أوساط اليمين.

إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش (رويترز)

تعيينات حساسة

وادعى اليمين بأنه لا يجوز أن يقوم غالانت وهليفي بفرض تعيينات حساسة كهذه لمستقبل الجيش، وهما متهمان بالمسؤولية مع آخرين عن الفشل في منع هجوم 7 أكتوبر الماضي. وشن وزيرا الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، هجوماً حاداً على غالانت وهليفي، وعدّا التعيينات «غير الشرعية».

وقال بن غفير، في بيان، إن «غالانت، أحد قادة التوجه الانهزامي وأحد الشخصيات البارزة المسؤولة عن فشل السابع من أكتوبر، ليس لديه تفويض للمصادقة على تعيينات القيادات العسكرية وتحديد تشكيلة هيئة الأركان العامة المستقبلية في الجيش الإسرائيلي».

وتابع: «التعيينات التي أقرها غالانت مع رئيس الأركان تظهر أنه يستهزئ بالجماهير. ولا علاقة لذلك بهوية الضباط المعينين الذين قد يكون بعضهم جديرين جداً، ولكن بقرار غالانت نفسه بالاستمرار في النهج القديم نفسه. وكأن الفشل الأكبر في تاريخ الدولة لم يحدث تحت مسؤوليته بصفته وزيراً للأمن». وأضاف: «على ضوء ذلك، أدعو رئيس الحكومة نتنياهو إلى إقالة غالانت من منصبه، فهو لا يصلح لمواصلة العمل وزيراً للأمن».

آليات للجيش الإسرائيلي في طولكرم (رويترز)

التقصير العسكري

بدوره، قال سموتريتش، إن «تعيين الجنرالات الذين سيقودون عملية التصحيح داخل الجيش بعد التقصير في السابع من أكتوبر الماضي، لا يمكن أن يتم بواسطة رئيس الأركان الذي وقّع بنفسه على التقصير العسكري. هذه التعيينات ليست شرعية، ما هكذا يتم الإصلاح، وما هكذا تُستعاد الثقة». واقترح إقالة هيرتسي هليفي أيضاً.

من جانبه، قال زعيم المعارضة يائير لبيد، في بيان، إن «تعيين الجنرالات في الجيش الإسرائيلي هو دور وواجب رئيس الأركان ووزير الأمن. إن المحاولة غير الشرعية التي يقوم بها بن غفير وسموتريتش، النصابان اللذان لم يخدما عملياً في صفوف الجيش، بهدف السيطرة على الجيش الإسرائيلي، لن تنجح».

وتابع «إذا كان هناك من يجب عليه الاستقالة، فهو هذه الحكومة الفاسدة والمدمرة التي تعرضنا خلال حكمها لأفظع مذبحة في تاريخ البلاد، ومنذ ذلك الحين وهي تدير معركة سياسية فاشلة وخطيرة. أتمنى للجنرالات الجدد التوفيق في مهامهم. ستعرف كل أم عبرية أن مصير أبنائها ليس بيد متطرفين غير مسؤولين، بل بيد ضباط ذوي خبرة سيحمون شعب إسرائيل».

بلينكن مع غالانت عند معبر كرم أبو سالم الحدودي (رويترز)

هيئة أركان مستقرة

وأما غالانت فقال إن هذه التعيينات ضرورية لأن إسرائيل لم تنهِ الحرب بعد، وهناك خطر لأن تتسع إلى الشمال، ولذلك نحتاج إلى هيئة أركان مستقرة لا يكون فيه الجنرالات مؤقتين. وبحسب بيان الجيش الإسرائيلي الرسمي، شملت التعيينات الجديدة: رئيساً جديداً لوحدة الاستخبارات العسكرية «أمان»، مكان أهرون حليوة، وهو شلومي بيندر الذي كان يشغل منصب رئيس شعبة العمليات خلال هجوم «كتائب القسام»، ويحمّله البعض مسؤولية الاستجابة العملية السيئة للجيش على هجوم «حماس»، والفشل في صد مقاتلي «كتائب القسام» الذين شاركوا في الهجوم.

وشملت التعيينات الجديدة أيضاً تعيين آفي بلوط قائداً لقيادة المنطقة الوسطى، خلفاً ليهودا فوكس الذي كان قد أعلن عزمه الاستقالة من منصبه في أغسطس (آب) المقبل. وكان بلوط قد شغل في السابق منصب المستشار العسكري لرئيس الحكومة نتنياهو، وكان قائداً لفرقة الضفة الغربية التابعة للجيش.

وبلوط مستوطن في الضفة الغربية ويعتمر «كيباه» (قلنسوة اليهود المتدينين)، ومشجع للاستيطان ومقرب من قادة المستوطنين. ويأتي تعيينه ضمن رغبة غالانت وهليفي في مسايرة اليمين.

جنود إسرائيليون يفحصون المعدات العسكرية في موقع على الحدود الجنوبية مع قطاع غزة قرب رفح (إ.ب.أ)

تعيينات إضافية

كما جرى تعيين دان غولدفوس قائداً للفيلق الشمالي وتشكيلات المناورة البرية في الذراع البرية، وهو الذي قاد الاجتياح البري لقطاع غزة. وجاء تعيينه في الشمال لتولي مسؤولية الإعداد لعملية اجتياح في لبنان، خلال أي حرب مقبلة ضد «حزب الله»، والتي لا يستبعد أن تنشب في حال فشل مفاوضات الهدنة مع «حماس».

وجرى تعيين بار خليف قائداً لمديرية القوى العاملة في الجيش الإسرائيلي، وأفيعاد دغان رئيساً لشعبة الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، وكلاهما أمضى 7 شهور في غزة. وذكر بيان الجيش أن تعيينات أخرى في قيادة الجيش «ستُجرى بشكل تدريجي خلال الأشهر المقبلة»، وسط توقعات بموجة استقالات في المؤسسة العسكرية على وقع التحقيقات في هجوم 7 أكتوبر.

ومع أن اليمين المتطرف يعارض هذه التعيينات، إلا أنها تشير إلى مدى تأثير سياسته أيضاً على الجيش، فبالإضافة إلى بلوط، هناك 3 جنرالات متدينون ينضمون إلى رئاسة الأركان، لكن اليمين كان يريد المزيد؛ لأنه يراها فرصة له لتغيير مسار الجيش لصالحه.


ارتفاع عدد الموقوفين من عصابة «تيكتوكرز» في لبنان إلى 8 أشخاص... آخرهم طبيب أسنان

خلال ندوة لتوعية الطلاب بجرائم الإنترنت أو ما يعرف بالأمن السيبراني (موقع قوى الأمن الداخلي)
خلال ندوة لتوعية الطلاب بجرائم الإنترنت أو ما يعرف بالأمن السيبراني (موقع قوى الأمن الداخلي)
TT

ارتفاع عدد الموقوفين من عصابة «تيكتوكرز» في لبنان إلى 8 أشخاص... آخرهم طبيب أسنان

خلال ندوة لتوعية الطلاب بجرائم الإنترنت أو ما يعرف بالأمن السيبراني (موقع قوى الأمن الداخلي)
خلال ندوة لتوعية الطلاب بجرائم الإنترنت أو ما يعرف بالأمن السيبراني (موقع قوى الأمن الداخلي)

ارتفع عدد الموقوفين في قضيّة عصابة ما باتت تعرف بـ«تيكتوكرز» في لبنان (مجموعة من الناشطين على تطبيق «تيك توك»)، التي تم الكشف عنها قبل أيام في لبنان، إلى ثمانية أشخاص كان آخرهم طبيب أسنان، من أصل نحو ثلاثين شخصاً.

وكانت «قوى الأمن الداخلي» قد أعلنت في بيان لها الأربعاء، أنها أوقفت 6 أشخاص ضمن عصابة ترتكب اعتداءات جنسية بحق أطفال، ومن بين الموقوفين ثلاثة قصّر من ذائعي الصّيت على التطبيق، وهم من جنسيّات لبنانيّة، وسورية، وتركيّة.

وقال مصدر قضائي متابع بدقّة لسير التحقيقات الأولية، إن القضية «تحوّلت إلى كرة ثلج تكبر ساعة بعد أخرى»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «التحقيقات الأولية تكشف فصولاً جديدة، وتفيد بأن عدد المعتدين والمعتدى عليهم أكبر من الأرقام المتداولة». وأوضح أن «مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية أوقف مساء يوم الخميس أحد أبرز الناشطين في استدراج الأطفال وتسليمهم لقادة الشبكة، وأن الأخير أنكر دوره في العملية، لكنه عاد وأدلى باعترافات مفصّلة عمّن كان يكلفه بهذه المهمة، وأنه يعمل لصالح أكثر من شخص، وهذا ما أدى إلى كشف أسماء جديدة».

وكشف المصدر القضائي أن «آخر الموقوفين في هذه القضية طبيب أسنان يدعى (علي. ع)، وذلك بناء على اعترافات قاصرين اثنين، أفادا بأنه تحرّش بهما داخل عيادته في منطقة مار مخايل، في ضاحية بيروت الجنوبية، مقابل وعده لهما بعلاج أسنانهما دون مقابل»، لافتاً إلى أنه في حين تشير المعلومات إلى أنه مجرّد متحرّش، هناك من يقول إنه أحد رؤوس العصابة التي تستغلّ الأطفال في هذه الأفعال المشينة، مع تأكيده أن التحقيقات لا تزال مستمرة.

وأظهرت التحقيقات في هذه القضية أن هذه الظاهرة ليست حديثة العهد في لبنان، بل تعود إلى أشهر طويلة، لكن بروز عوامل معينة ساعد في كشفها، في حين لا تتجاوز أعمار الضحايا الذين أدلوا بإفاداتهم حتى اليوم الـ16 عاماً.

ويعمل أفراد العصابة الذين يختارون ضحاياهم من الأطفال على استدراجهم بطرق عدة، على غرار عروض هدايا من محل للملابس وإيهامهم بتصوير دعايات، أو عبر صالون مصفّف شعر، أو حسابات مزيّفة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعمدون إلى تخديرهم، ومن ثم الاعتداء عليهم وتصويرهم وهم عراة من أجل ابتزازهم لاحقاً بنشر الفيديوهات وإرغامهم على تنفيذ مطالبهم.

وكانت «وكالة الصحافة الفرنسية» قد نقلت عن مصدر قضائي قوله، الخميس، إنه «جرى حتى الآن التعرّف على 28 شخصاً على الأقل (ستة منهم موقوفون) من أفراد العصابة المتعددة الرؤوس، والتي جنّدت مراهقين محترفين من خارج لبنان لاستدراج الأطفال عبر (تيك توك)».


إسرائيل تجتاح 17 بلدة فلسطينية في الضفة الغربية

جندي إسرائيلي قرب مستوطنين في أحد شوارع الضفة الغربية (أرشيفية - وكالة «وفا»)
جندي إسرائيلي قرب مستوطنين في أحد شوارع الضفة الغربية (أرشيفية - وكالة «وفا»)
TT

إسرائيل تجتاح 17 بلدة فلسطينية في الضفة الغربية

جندي إسرائيلي قرب مستوطنين في أحد شوارع الضفة الغربية (أرشيفية - وكالة «وفا»)
جندي إسرائيلي قرب مستوطنين في أحد شوارع الضفة الغربية (أرشيفية - وكالة «وفا»)

تعرضت 17 بلدة فلسطينية بالضفة الغربية إلى عمليات اقتحام واجتياح، الجمعة، بغرض تنفيذ اعتقالات أو عمليات بطش وتنكيل بالمواطنين بلا تفسير، وبعضها تستهدف الترهيب لمنع المقاومة أو للسيطرة على أراض لصالح الاستيطان.

والبلدات هي: الخليل، وبلدتا بيت أمر وحلحول في الجنوب، ويعبد وعرابة وقرية جلبون في قضاء جنين بالشمال، وسالم، شرق نابلس، وكفر قليل، ومادما، ويتما، وبيتا، وعصيرة القبلية جنوباً، وتل جنوب غرب نابلس، وبيت أمرين غرباً، وبرقة وسبسطية شمال غربي نابلس.

وأفاد شهود عيان في الخليل بأن قوات الاحتلال اقتحمت مدينة الخليل من المدخل الجنوبي باتجاه منطقة وادي الهرية، وصولاً إلى جبل الرحمة، ودوار التحرير، وضاحية الزيتون، وجبل أبو رمان، وانتشرت في محيط منازل المواطنين، وداهمت عدداً منها، دون أن يُبلغ عن مداهمات أو اعتقالات. كما اقتحمت القوات منطقة الظهر في بيت أمر، وبلدة حلحول، شمال الخليل، وسط إطلاق قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع، دون أن يبلغ عن إصابات أو اعتقالات. وفي بلدتيْ يعبد وعرابة، وقرية جلبون في قضاء جنين، اقتحمت القوات الإسرائيلية عدة أحياء، وشنّت حملة تفتيش، ونصبت حاجزاً عسكرياً بين البلدتين، وآخر على مفترق قرية كفيرت، حيث أوقف الجنود المواطنين وفتّشوهم ومركباتهم، كما اقتحمت قوات الاحتلال قرية جلبون، بالتزامن مع مواصلتها الاستيلاء لليوم الـ12 على التوالي، على منزل المواطن رافع رفيق أبو الرب، والمحاذي لمدرسة البنات الأساسية.

وفي مدينة نابلس، اعتقلت القوات، صباح الجمعة، ثلاثة مواطنين، ثم اقتحمت عدةُ آليات للاحتلال أحياء عدة من المدينة، وداهمت منازل في أحياء شارع 24 وشارع التعاون، وقامت بتفتيشها، واعتقلت المواطنيْن عيد الدردوك، ومحمد العقروق. وأضافت مصادر محلية أن قوات احتلالية اقتحمت فجراً وصباحاً قرى سالم، شرق نابلس، وكفر قليل، ومادما، ويتما، وبيتا، وعصيرة القبلية جنوباً، وتل جنوب غربي نابلس، وبيت أمرين غرباً، وبرقة وسبسطية شمال غربي نابلس، وفتشت بعض المنازل فيها، ودارت مواجهات في بعض القرى ولم يُبلغ عن اعتقالات أو إصابات.

وصرح عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، د. رمزي خوري، بأن الاعتداءات التي ينفذها المستعمرون المستمرة على أرض عائلة نصار، والمعروفة باسم «خيمة الأمم»، في بلدة نحالين جنوب غربي بيت لحم، تأتي ضمن العمل المنهجي والمخطط الإسرائيلي للاستيلاء عليها.

وفي لقاء خوري مع المطران منيب يونان، وعائلة نصار، بحضور قائد المنطقة ناصر عمر، ومدير شرطة محافظة بيت لحم محمد أبو الرب، وعضو اللجنة الرئاسية جهاد خير، ومدير العلاقات العامة والإعلام رائد حنانيا، شدد على أن الحفاظ على كل الأراضي مسؤولية وطنية تقع على عاتق جميع مكونات شعبنا الفلسطيني، وحمايتها واجب وطني، مثمناً تمسك العائلة بحقها في الأرض، وصمودها رغم تعدد التحديات التي تواجهها.

وكان عشرات المستوطنين قد احتلوا، الجمعة، قمة جبل العرمة في بلدة بيتا جنوب نابلس. وأفاد شهود عيان بأن عدة مركبات شوهدت تقلّ مستعمرين إلى جبل العرمة، الواقع بين بلدتيْ بيتا وعقربا. ودوت صفارات الإنذار في البلدة؛ تحسباً لهجوم المستعمرين على المواطنين ومنازلهم، فحضرت قوات من الجيش لحمايتهم.


إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان... بالدبلوماسية أو بالقوة

تسعى إسرائيل من خلال عمليات التدمير الممنهج لقرى جنوب لبنان إلى خلق منطقة عازلة خالية من السكان والمسلحين (أ.ف.ب)
تسعى إسرائيل من خلال عمليات التدمير الممنهج لقرى جنوب لبنان إلى خلق منطقة عازلة خالية من السكان والمسلحين (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان... بالدبلوماسية أو بالقوة

تسعى إسرائيل من خلال عمليات التدمير الممنهج لقرى جنوب لبنان إلى خلق منطقة عازلة خالية من السكان والمسلحين (أ.ف.ب)
تسعى إسرائيل من خلال عمليات التدمير الممنهج لقرى جنوب لبنان إلى خلق منطقة عازلة خالية من السكان والمسلحين (أ.ف.ب)

تُحمِّل إسرائيل كل الموفدين الدوليين إلى لبنان شرطاً أساسياً لعودة الاستقرار إلى جنوب البلاد، يقول بإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح وخالية من المسلحين، غير أن خطوة مماثلة قد تعني حرباً طويلة المدى في ضوء تجربة الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من جنوب لبنان عام 1982 واضطرار تل أبيب إلى الانسحاب عام 2000 بعد حرب استنزاف طويلة خاضها «حزب الله» ضد جيشها.

وبالرغم من توكيل «حزب الله» رئيس المجلس النيابي نبيه بري التفاوض باسمه مع الفرنسيين والأميركيين وغيرهم من المبعوثين الدوليين، وتأكيد بري التمسك بالقرار 1701، فإن الحزب يرفض إعلان أي موقف بخصوص الوضع في الجنوب قبل وقف إطلاق النار في غزة، حيث يبدو أنه سيبني على النتائج هناك ليقرر وضعيته في الجنوب. علماً أن مطلعين على جو الحزب يقولون لـ«الشرق الأوسط» إنه «حتى القرار 1701 قد لا يكون محسوماً العودة لتطبيقه، باعتبار أن هناك معادلات جديدة قامت بعد 7 أكتوبر في لبنان والمنطقة»، والحزب يعدّ أنه «قادر اليوم على أن يحرر المناطق اللبنانية التي لا تزال محتلة بإطار أي تفاهم جديد، لذلك هو لن يُقدّم أي أجوبة مجانية للعدو في هذه المرحلة».

فبالرغم من أن القرار 1701، الذي أنهى حرباً استمرت 33 يوماً بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006، نصّ في جزء منه على إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني (عُرفت بمنطقة جنوب الليطاني) تكون خالية من أيّ مسلّحين ومعدات حربية وأسلحة، عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات «يونيفيل»، فإن «حزب الله» حافظ بطريقة أو بأخرى على وجوده في هذه المنطقة، رداً على ما يقول إنها خروقات متواصلة تقوم بها اسرائيل للقرار الدولي، براً وبحراً وجواً.

وتنصّ الورقة الفرنسية لمعالجة الوضع في الجنوب، التي وصلت نسخة معدلة منها أخيراً إلى رئيسي الحكومة والمجلس النيابي اللبنانيين، ويتم العمل على إدخال تعديلات إضافية عليها، على تطبيق القرار 1701 وإعادة تموضع «حزب الله»، بعدما كانت تلحظ في نسخة أولية مصطلح «انسحاب» عناصر الحزب. لكن رفض الحزب المطلق لانسحاب عناصره من منطلق أنهم أبناء القرى الواقعة على الحدود مع إسرائيل، قاد إلى محاولة التوصل إلى صيغ جديدة يوافق عليها طرفا الصراع.

سحب للسلاح والمسلحين

وتقول مصادر رسمية لبنانية مطلعة على المساعي التي يقوم بها الموفد الأميركي، آموس هوكستين، لمنع تدهور الوضع جنوباً، إن «النقاط التي وضعها الأخير تلحظ العودة إلى تطبيق القرار 1701، ولا تتحدث عن انسحاب (حزب الله) من جنوب الليطاني»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القرار الدولي لا يتحدث أصلاً عن انسحاب، وإنما عن سحب المسلحين والمظاهر المسلحة».

وفي إطار بحث القوى الدولية عن حلول للأزمة على الحدود الجنوبية بعد قرار «حزب الله» فتح هذه الجبهة لمساندة ودعم غزة، أشار دبلوماسيون في «الأمم المتحدة»، في مارس (آذار) الماضي، إلى وجود اقتراحات لـ«توسيع نطاق المنطقة العازلة» بين لبنان وإسرائيل، كإجراء لوقف دوامة التصعيد الحالية. وورد الكلام عن هذه الاقتراحات والمخاوف خلال جلسة مغلقة عقدها مجلس الأمن، حيث تم البحث عن «طريقة ما لتوسيع المنطقة العازلة (بهدف) حماية إسرائيل من الهجمات التي تتعرض لها من الجانب اللبناني، فتقوم القوات المسلحة اللبنانية بضبط الوضع الأمني في الجنوب، في استكمال للجهود التي تقوم بها منذ عام 2006».

وتختلف الطروحات حول المنطقة العازلة بين من يدعو إلى منطقة تبعد عن الحدود 10 أو 12 كيلومتراً، وصولاً إلى طروحات لمنطقة تمتد حتى جنوب الليطاني، أي لمسافة تصل إلى حدود 30 كيلومتراً، إذ إن ما تخشاه إسرائيل هو تكرار سيناريو «طوفان الأقصى» من جبهة لبنان، لذلك تسعى لاتخاذ كل الإجراءات التي قد تحول دون ذلك.

بالدبلوماسية أو بالقوة

ويوضح العميد المتقاعد جورج نادر أن المنطقة العازلة التي نصّ عليها القرار 1701 هي منطقة خالية من السلاح، وليس من الناس، خاصة أن مقاتلي «حزب الله» هم في نهاية المطاف أبناء القرى في جنوب وشمال الليطاني، ولن يكون منطقياً دفعهم لمغادرة قراهم، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القرار الدولي لم ينفذ أصلاً، لا من إسرائيل، ولا من الحزب».

ويشدد نادر على أن «إسرائيل تريد إقامة منطقة عازلة بالدبلوماسية أو بالقوة، وطالما أن الحزب يربط أي نقاش بانتهاء الحرب في غزة، فالمساعي الدبلوماسية فشلت، أقله حتى الساعة»، مضيفاً: «أما خيار القوة فيكون من خلال تدمير منطقة جنوب الليطاني ومنع أهلها من العودة، ولكن هذا التدمير يعني البقاء في حالة حرب دائمة، وهذا السيناريو لا يناسب إسرائيل ولا سكان المستوطنات المتاخمة لحدودها مع لبنان». ويرجح نادر ألا يقبل الحزب بالمنطقة العازلة «لأنها ستعني انسحابه إلى شمال الليطاني وسحب عناصره أبناء القرى الموجودة جنوب الخط، ما يعدّ هزيمة له ونكسة أمام الرأي العام ومناصريه، إلا إذا تم ذلك بإطار صفقة إيرانية أميركية أجبرته على ذلك».

قرار نهائي

من جهته، يتحدث أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، الدكتور هلال خشان، عن وجود «قرار إسرائيلي نهائي بإقامة منطقة عازلة في جنوب لبنان، وتل أبيب لا تهول حين تقول لـ(حزب الله): تنسحبون بالدبلوماسية أو نخرجكم بالقوة»، لافتاً إلى أن «حديث الورقة الفرنسية عن إعادة انتشار لعناصر (حزب الله) يعني عملياً انسحابهم، وهذا الأمر سيضعف الحزب ويحجمه، سواء انسحب مسافة 8 أو 10 أو 12 كيلومتراً، فهذا سيكون هزيمة له ولجمهوره».

ويهزأ خشان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من الطرح الذي يطالب بأن تكون هناك منطقة عازلة مماثلة من جهة إسرائيل، مؤكداً أن «الإسرائيليين لا يمكن أن يقبلوا بصيغة كهذه للحل، لأن شروط اللعبة يحددها توازن القوى، ويبدو واضحاً تماماً أنه لمصلحة إسرائيل». ويضيف: «(حزب الله) في وضع لا يُحسد عليه على الإطلاق. فالانسحاب لإقامة منطقة عازلة سينعكس سلباً عليه شعبياً وفي وضعيته في الداخل اللبناني، كما أنه إذا أصرّ على عدم التجاوب مع الجهود الدبلوماسية فسيضطر للانسحاب بالقوة، مع ترجيح خيار الاجتياح البري».


أغلبية إسرائيلية تؤيد اتفاقاً مع «حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
TT

أغلبية إسرائيلية تؤيد اتفاقاً مع «حماس»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

دلت نتائج استطلاع للرأي أن غالبية 54 في المائة من المجتمع الإسرائيلي تؤيد إبرام صفقة مع حركة «حماس» لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، فيما 38 في المائة فقط يفضلون اجتياح مدينة رفح في جنوب غزة، أولاً. لكن رغم ذلك، فإن 73 في المائة من مصوتي اليمين يقفون ضد هذا التوجه.

وبموجب استطلاع الرأي الأسبوعي الذي تنشره صحيفة «معاريف»، فإن نسبة المؤيدين من مجموع مصوتي أحزاب اليسار والليبراليين والعرب تصل إلى 81 في المائة، ما يشير إلى استقطاب شديد يتيح لكل طرف أن يحارب لأجل موقفه. وبما أن مؤيدي الصفقة يقيمون مظاهرات كبيرة ضد الحكومة مطالبين بإسقاطها، فإن أحزاب اليمين تناشد جماهيرها أيضاً النزول إلى الشوارع، وهو ما يثير قلقاً من خطر صدامات دامية بين الجانبين، بل عاد كثيرون إلى التحذير من خطر نشوب حرب أهلية.

وزير المال بتسلئيل سموتريتش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أغسطس الماضي (رويترز)

الائتلاف الحكومي

وسألت الصحيفة المستطلعة آراؤهم كيف سيصوتون في حال تبكير موعد الانتخابات، فجاءت النتائج شبيهة بالنتائج التي ظهرت في كل الاستطلاعات تنبئ بسقوط الائتلاف الحكومي برئاسة بنيامين نتنياهو. فقد هبط هذا المعسكر من 64 مقعداً له حالياً، إلى 50 مقعداً، بينما ارتفعت أحزاب المعارضة من 56 إلى 70 مقعداً، من ضمنها 10 مقاعد للأحزاب العربية، يتقاسمها مناصفة تكتل «الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة» برئاسة النائبين أيمن عودة وأحمد الطيبي، اللذين يرفضان دخول أي ائتلاف حكومي، لكنهما يقفان ضد أي ائتلاف يميني، و«القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية» برئاسة النائب منصور عباس الذي يوافق على دخول الائتلاف.

ويشير الاستطلاع، الذي أجراه معهد «لازار» برئاسة مناحم لازار، إلى أن حزب «المعسكر الرسمي» برئاسة بيني غانتس، وبعد أسابيع طويلة من الهبوط في الاستطلاعات، يعود إلى تعزيز قوته ليكون أكبر الأحزاب برصيد 31 مقعداً (له حالياً 8 مقاعد فقط)، بينما يتراجع «الليكود» من 32 مقعداً اليوم إلى 19 مقعداً.

ولا ينجح حزب «يوجد مستقبل» بقيادة يائير لبيد، زعيم المعارضة، في الارتفاع، ويواصل التقوقع في حدود 13 مقعداً (له اليوم 24 مقعداً). يليه حزب اليهود الروس «يسرايل بيتينو»، بقيادة أفغدور ليبرمان الذي يرتفع من 6 إلى 11 مقعداً.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير يرافق الشرطة في مواجهة احتجاجات قرب مقر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالقدس تطالب بالإفراج عن الرهائن في غزة (أ.ف.ب)

الاستقطاب الشديد

وفي إطار الدلائل على الاستقطاب الشديد فإن حزبي اليمين المتطرف «الصهيونية الجديدة» برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، و«عظمة يهودية» برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، يزدادان قوة بمقعد إضافي، من 14 مقعداً حالياً إلى 15 مقعداً في الانتخابات المقبلة (بن غفير يرتفع من 6 إلى 10، وسموتريتش يهبط من 8 إلى 5 مقاعد).

وتخسر الأحزاب الدينية مقعداً واحداً، من 17 إلى 16 (اليهود الشرقيون يهبطون من 10 إلى 9، واليهود الأشكناز يحافظون على قوتهم بـ7 مقاعد).

وتشير النتائج إلى أن حزب «العمل» مؤسس الحركة الصهيونية الذي قاد إسرائيل عبر عشرات السنوات سيختفي من الخريطة الحزبية، وكذلك حزب «الأمل الصهيوني» برئاسة جدعون ساعر، الذي انسحب من التحالف مع غانتس، وحزب «التجمع الوطني الديمقراطي العربي»، فكلها لا تتجاوز نسبة الحسم. ويفوز حزب «ميرتس» الصهيوني اليساري بأربعة مقاعد.


الجيش الإسرائيلي ينفذ محاكاة لعملية هجومية على الجبهة الشمالية

منزل مدمر في بلدة كفرشوبا الحدودية في جنوب لبنان بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
منزل مدمر في بلدة كفرشوبا الحدودية في جنوب لبنان بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
TT

الجيش الإسرائيلي ينفذ محاكاة لعملية هجومية على الجبهة الشمالية

منزل مدمر في بلدة كفرشوبا الحدودية في جنوب لبنان بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
منزل مدمر في بلدة كفرشوبا الحدودية في جنوب لبنان بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أ.ف.ب)

في تطوّر مفاجئ، نفذ الجيش الإسرائيلي محاكاة لعملية هجومية على الجبهة الشمالية في وقت استمر فيه القصف المتقطع على جنوب لبنان.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي عن العملية، قائلاً عبر حسابه على منصة «إكس» أن «قوات لواء 282 تقوم بمهام دفاعية وهجومية على الحدود الشمالية منذ 3 أشهر بعد قتالهم على الجبهة الجنوبية».

وبينما أرفق الخبر مع صور وفيديو للعملية أوضح «خلال الأسبوع الأخير أُجْرِي تمرين مباغت جرى خلالها التدرب على سيناريوهات متنوعة حيث شمل التمرين نشر سريع للمدافع لأغراض هجومية؛ وذلك بهدف محاكاة القتال في سيناريوهات قتالية مختلفة على الحدود اللبنانية في مواجهة (حزب الله)».

وأضاف: «منذ نشوب الحرب أطلقت قوات المدفعية على الحدود الشمالية آلاف أنواع الذخيرة صوب آلاف الأهداف الإرهابية كجزء من سلسلة متواصلة من عمليات استهداف خلايا تخريبية والهجمات المخطط لها على بنى تحتية وأهداف تابعة لـ(حزب الله) في المنطقة الحدودية».

أتى ذلك في موازاة استمرار المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» وقال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن «منظومة الدفاع الجوي التابعة له اعترضت طائرة مسيرة تسللت من لبنان إلى شمال إسرائيل»، مشيراً إلى تسجيل أضرار طفيفة وقعت في قرية جولس بشمال إسرائيل جراء الشظايا الناتجة عن عملية اعتراض المسيرة.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعترض «هدفاً جوياً تسلل من لبنان تسبب بأضرار طفيفة في قرية جولس بالجليل الأعلى»، وكانت صفارات الإنذار قد دوت في بلدات عدة غرب نهاريا وعكا في الجليل الأعلى، بعدما كانت قناة «الميادين» القريبة من إيران قد أفادت بـ«إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه هدف إسرائيلي في عمق الجليل الغربي».

وفي المقابل، استمر القصف المتقطع على بلدات عدة في جنوب لبنان، وأعلن «حزب الله» عن تنفيذه عملية مساء الخميس، استهدفت مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت ‏بالأسلحة الصاروخية.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بسقوط عدد من القذائف المدفعية على بلدة الخيام، كما تعرضت أطراف بلدة الناقورة، وأطراف بلدة مجدل زون وجبل بلاط لقصف مدفعي إسرائيلي، واستهدفت غارة إسرائيلية أطراف بلدة مركبا في القطاع الشرقي.

وبعد الظهر، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مدفعية الجيش الإسرائيلي قصفت المنطقة الحدودية من جهة بلدة علما الشعب بعدد من القذائف، بالتزامن مع تحليق لطيران إسرائيلي استطلاعي في الأجواء، لا سيما فوف علما الشعب والناقورة.

وكان الطيران الإسرائيلي قد نفذ قرابة منتصف الليل غارات على بلدتي عيتا الشعب وأطراف الضهيرة، ما أدى إلى أضرار مادية بالممتلكات والمزروعات والمنازل المجاورة.

وأطلقت المدفعية الإسرائيلية بعيد منتصف الليل عدداً من القذائف الثقيلة على أطراف بلدات حانيين وعيتا الشعب ورامية، وصباحاً أطلق الجيش الإسرائيلي القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق، وحلق الطيران الاستطلاعي فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط وصولاً حتى مشارف مدينة صور، وحلق فجراً الطيران الحربي فوق الجنوب.

وأظهر فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي دماراً كبيراً في عيتا الشعب إثر القصف الذي استهدف البلدة.


قتلى وجرحى بقصف على رفح... و«حماس» تحضّر ردّها على مقترح الهدنة

فلسطينيون يتفقدون أضرار القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون أضرار القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)
TT

قتلى وجرحى بقصف على رفح... و«حماس» تحضّر ردّها على مقترح الهدنة

فلسطينيون يتفقدون أضرار القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتفقدون أضرار القصف الإسرائيلي على رفح في جنوب قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

تعرّضت مدينة رفح، اليوم (الجمعة)، لقصف إسرائيلي، ما أوقع مزيداً من الضحايا في القطاع الفلسطيني المحاصر الذي تثير الحرب فيه تعبئة طالبية في عدد من الجامعات في العالم تطالب بوقف الحرب التي خلّفت «دماراً غير مسبوق»، وفق الأمم المتحدة.

ولم تسلّم حركة «حماس» بعد ردّها على مقترح الهدنة الذي نقله لها الوسطاء، بعد أن أعلنت الخميس أنها تدرسه بـ«روح إيجابية»، علماً أن الحركة تتمسّك بوقف إطلاق نار دائم في حربها مع إسرائيل، بينما تؤكد الدولة العبرية أنها لن تنهي الحرب قبل دخول رفح و«القضاء» على ما تبقى من كتائب حركة «حماس».

وأفادت مصادر طبية في قطاع غزة، الجمعة، بوقوع ضربات إسرائيلية في رفح قرب الحدود مع مصر.

تظهر بقع الدم على الحائط بينما يقوم رجل بكنس الأنقاض في مبنى أصيب بالقصف الإسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأكدت وزارة الصحة في القطاع في بيان سقوط 6 قتلى و51 إصابة خلال 24 ساعة حتى صباح الجمعة، مشيرة الى أن إجمالي عدد المصابين في الحرب وصل إلى 77867 منذ بدء المعارك قبل زهاء سبعة أشهر. فيما ارتفعت حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34622 شخصاً غالبيتهم من المدنيين منذ اندلاع الحرب، وفق الوزارة التابعة لحماس.

وتنتظر دول الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة، ردّ حركة «حماس» على اقتراح هدنة لمدة أربعين يوماً يشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة وفلسطينيين في سجون إسرائيلية وزيادة المساعدات إلى القطاع.

وأعلنت الحركة الخميس أنها تدرس بـ«روح إيجابية» المقترح المطروح حالياً، على ما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية بعد اتصال هاتفي مع وزير المخابرات المصرية، عباس كامل.

وخلال الاتصال، أكد هنية أن وفداً من «حماس» سيزور مصر «في أقرب وقت لاستكمال المباحثات الجارية بهدف إنضاج اتفاق يحقّق مطالب شعبنا بوقف العدوان».

وحصل أيضاً اتصال هاتفي بين هنية ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن آل ثاني، مؤكداً له الاستعداد للتوصل إلى اتفاق.

وتمّ التوصل إلى هدنة أولى في الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) أفرج بموجبها عن 105 رهائن في مقابل 240 فلسطينياً معتقلاً في السجون الإسرائيلية.

رجل فلسطيني يقف وسط أنقاض مبنى دمره القصف الإسرائيلي في رفح (أ.ف.ب)

«بذل كل الجهود»

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن دعا خلال زيارته إسرائيل، الأربعاء، حركة «حماس» إلى القبول بالمقترح «السخي جداً»، في رأيه، من جانب الدولة العبرية.

وحضّ إسرائيل على التخلّي عن فكرة شنّ هجوم برّي على رفح، آخر معاقل حركة «حماس» بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي يقيم فيها حالياً 1.2 مليون شخص غالبيتهم من النازحين جراء الحرب. وكان العدد أكبر من ذلك، لكن غادرها الآلاف خلال الأسابيع الماضية في ضوء التصريحات الإسرائيلية المتتالية حول التحضير لعملية عسكرية في المدينة.

وقال نتنياهو، الخميس، مجدداً: «سنفعل ما هو ضروري للانتصار والتغلّب على عدوّنا، بما في ذلك في رفح»، بعدما توعّد سابقاً بشن هجوم بري «مع اتفاق أو من دونه»، في إشارة إلى الهدنة.

تجمُّع الفلسطينيين حول أقاربهم وأحبائهم القتلى الذين قتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية (د.ب.أ)

وعبّرت عواصم عدّة غربية وعربية ومنظمات دولية وإنسانية عن مخاوف من وقوع خسائر فادحة في صفوف المدنيين في رفح لغياب خطّة ذات مصداقية لحماية السكّان.

وتقول إسرائيل إنها ستجلي المدنيين من رفح قبل الهجوم.

في هذا الوقت، تزداد الضغوط في العالم على إسرائيل لوقف الحرب.

وتتوسّع التعبئة الطلابية في جامعات في عدد من الدول تضامناً مع قطاع غزة، غداة دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن يسود النظام في الجامعات الأميركية.

وتشهد جامعات في فرنسا وكندا وسويسرا وأستراليا والمكسيك اعتصامات وتحركات تطالب بوقف الحرب.

في فرنسا، تدخلّت قوات الشرطة، الجمعة، في معهد العلوم السياسية العريق في باريس لإخراج عشرات الناشطين المؤيدين للفلسطينيين يحتلون بعض أرجائه منذ الخميس.

وأكدت الحكومة الفرنسية أن «الحزم كامل وسيبقى كاملاً».

وأعلنت كولومبيا، الأربعاء، قطع علاقاتها بإسرائيل، فيما علّقت تركيا الخميس علاقاتها التجارية معها.

وشنّت حركة «حماس» هجوماً غير مسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وخطفت أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين، كان آخرهم درور أور، أحد سكان كيبوتس بئيري، وقد أعلنت إسرائيل وفاته الجمعة.

وأفرج خلال هدنة نوفمبر (تشرين الثاني) عن اثنين من أبناء أور كانا خطفا أيضاً في الهجوم الذي قتلت فيه والدتهما.

وقال منتدى عائلات الرهائن: «على الحكومة الإسرائيلية بذل كل الجهود لإعادة درور والرهائن الآخرين المقتولين لكي يدفنوا بكرامة في إسرائيل».

تحسن «طفيف»

من جهة أخرى، أعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، الخميس، أن اثنين من المعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة، أحدهما طبيب في مستشفى الشفاء، لقيا حتفهما خلف قضبان السجون الإسرائيلية، مؤكدة أنهما تعرضا لـ«التعذيب» وحرما من الرعاية الصحية. وهما من بين المئات الذين اعتقلتهم القوات الإسرائيلية في القطاع منذ بدء عملياتها البرية في 27 أكتوبر.

وكان الدكتور عدنان أحمد عطية البرش (50 عاماً) رئيس قسم العظام في مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة.

وقال بيان مشترك لهيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، إن البرش «اعتقل على يد جيش الاحتلال في شهر ديسمبر (كانون الأول) 2023 خلال وجوده في مستشفى العودة إلى جانب مجموعة من الأطباء»، ولقي حتفه في سجن عوفر و«ما يزال جثمانه محتجزاً».

وردّاً على استفسارات «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي: «نحن حالياً لسنا على دراية بالحادثة».

وإضافة إلى الحصيلة البشرية الهائلة، هناك دمار هائل في قطاع غزة وأزمة إنسانية حادة وجوع.

ويتوقّع أن يكلّف إعمار القطاع بين 30 و40 مليار دولار، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.

وقال الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عبد الله الدردري، في مؤتمر صحافي بعمّان الخميس، إن «حجم الدمار هائل وغير مسبوق»، مشيراً إلى أنّ هذه المهمّة «لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية».

وأوضح أن الاعتماد على «الأطر التقليدية لإعادة البناء يعني أن الأمر قد يستغرق عقوداً من الزمن والشعب الفلسطيني لا يملك رفاهية عقود من الزمن. لذلك من المهم أن نقوم بسرعة بإسكان الناس في سكن كريم وإعادة حياتهم الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية (...) خلال السنوات الثلاث الأولى بعد وقف إطلاق النار».

وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، أنّ الوضع الغذائي في قطاع غزة يشهد تحسّناً «طفيفاً» مع توافر مزيد من المواد، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنّ خطر المجاعة لا يزال قائماً.

وسمحت إسرائيل خلال الأسابيع الماضية بدخول مزيد من شاحنات المساعدات إلى القطاع.